المسلم والقرآن




الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
اما بعد ..

ألا إن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم


حديثنا أخواتي اليوم عن القرآن الكريم ،كتاب الله الخالد، ومعجزة نبيه الكبرى وجامعة الإسلام العظمى

وصفه الذي أنزله

بالعلم: لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً (166) النساء.

وبالحكمة: يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) يس.

وبالكرم:إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) الواقعة،

وبالمجد: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) ق،

وبالعزة: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) فصلت،

وبالعظمة: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) الحجر،

وبالبركة: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ص 29،

وبالتذكير: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) ص.

وبالوضوح والتبيين: حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) الدخان.


وبين آثاره

في الهداية والبشرى إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (9) الإسراء.

وفي الشفاء والرحمة: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ الإسراء 82،

وفي التذكير والتقوى: وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
(27) قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) الزمر،

وفي الثبات على الحق: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102) النحل،

وفي زيادة الإيمان: وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) التوبة.


وقد أمر الله تعالى بتلاوته ووعد عليها الخير الجزيل
(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ
(29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ )
(30) فاطر.


كما أمر النبي بتلاوته وبيّن ما أعد الله سبحانه وتعالى لمن قرأه من أجر عظيم

منها شفاعته به فقال اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه رواه مسلم.

ومنها نيله شهادة نبوية بتقليده أعلى وسام إلهي: إن لله أهلين من الناس،
قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته. رواه النسائي وابن ماجه


اللهم نور بالقرآن بصائرنا وأطلق به ألسنتنا واجعلنا من أهله الذين هم أهلك وخاصتك

إنه كتاب الله تعالى الدستور الجامع لأحكام الإسلام، والمنبع الصافي للعلم والخير والحكمة والنور والوسيلة المختصرة لمعرفة الله تعالى وقربه ورضاه والوصول الى حقائق التقوى ومعادن الإيمان.


عن جبير أن رسول الله قال: أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبدا ...رواه الألباني.

ولقد بوأ الله به المسلمين عندما تمسكوا به، وأخلصوا في تطبيق أوامره، وتنفيذ أحكامه ووصاياه،
وانتهوا عن كل ما نه عنه، بوأهم مكانة الصدارة بين الأمم، وجعلهم مخلّصي الشعوب ومعلمي الأمم،
وناشري الحضارة التي ما عرف التاريخ لها مثيلا، فكانوا بحق خير أمة أخرجت للناس.

وهذا كتاب الله تعالى تكفل بحفظه، وسخر عباده لتوثيقه،
ليكون الدستور الخالد الى يوم القيامة
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) الحجر.

وصدق رسول الله إذ يقول: خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه رواه البخاري

أفضل ما في الأرض القرآن العظيم وأفضل من في الأرض أهل القرآن

يتفاضل الناس في نعيم الجنة حسب منزلتهم من القرآن

يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص............ صحيح الترمذي -



أخواتي
إنه كتاب الله، منزلته كمنزلة منزّله، وتعظيمه من تعظيم قائله ، والأدب معه أدب مع الله سبحانه وحري بالمسلم أن يتعلم هذه الآداب ليلتزمها مع كتاب الله الكريم.


_ كأن يقصد بقراءته وجه الله تعالى، وتعلم أحكام كتابه، وتنفيذ أمر ربه بتلاوة القرآن الكريم

قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ .......البينة 5

أخواتي علينا
المداومة على قراءة القرآن، بالتزام ورد يومي وإن قلّ، وتجنب هجران القرآن ونسيان تلاوته.


قال تعالى: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) الفرقان.

وعلينا ايضاً
الإقبال بشغف وشوق ومحبة على كلام الله تعالى حتى يتملك علينا مشاعرنا وأحاسيسنا، وقلبنا وفكرنا وروحنا

قال تعالى:
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ الزمر 23.

عن ابن مسعود قال: قال رسول الله :
من أحبّ أن يحبّه الله ورسوله فلينظر فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله رواه الطبراني.

ولا يخفى علينا أن
قراءة القرآن حسب قواعد التجويد، وترتيله على النحو الذي وضعه علماء القرآن من غير استعجال بتأديته حرفا حرفا هو استجابة لدعوة ربنا القائل
وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4) المزمل


وعن عائشة قالت: قال رسول الله :
الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران متفق عليه.


أخواتي التدبر شيء ضروري للوصول إلى الغاية المنشودة من القراءة
فالقرآن لم ينزل للقراءة فقط إنما هو
رسالة الله العلي القدير، لهذا الإنسان الضعيف الجهول الفقير، لتأخذ بيده وتدله على سبيل النجاة، وتهديه الى صراط الله، وتمنحه السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة.


قال تعالى: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29) (ص)

وقال ابن مسعود : من أراد علم الأولين والآخرين، فليتدبر القرآن

ومن تدبر القرآن خشع قلبه وسكنت جوارحه واستحضر عظمة القرآن وبكى من خشية الله
وقال سبحانه: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً (58) مريم


وعن سعد قال: سمعت رسول الله يقول: ( إن هذا القرآن نزل بحزن،
فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنّوا به فمن لم يتغنّ بالقرآن فليس منا )رواه ابن ماجه

الحزن هو ان يقرأ القرآن متأسفاً على ما وقع من التقصير
متلهفاً لما يقربه من الرب تبارك وتعالى فإذا تألم القلب وتوجع حزن الصوت وسال الدمع

أخواتي
العمل بالقرآن، إئتمارا بأمره، وانتهاء عن نواهيه، وتنفيذا لوصاياه، ووقوفا عند حدوده.
هو الخطوة التي تلي تدبر القرآن

قال تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ )البقرة
121.

وعن أبي ذر قال:
قال لي رسول الله : يا أبا ذر، لأن تغدو فتتعلم آية من كتاب الله خير من أن تصلي مائة ركعة..

أختي العزيزة
لن تأتي إلى الله تعالى بشيء أحب إليه مما يتنزل منه
كلما ازداد حبك لله فإنك تزدادين حباً لكلام الله


وإن من أعظم النعم الإلهية أن
جعل الله تعالى قلوب عباده المؤمنين أوعية لكلامه،
وصدورهم خزائن لآياته، يتلونها آناء الليل وأطراف النهار

قال تعالى بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) العنكبوت 49. ،

وعن عبد الله بن عباس قال: قال النبي : إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب رواه الترمذي


وقال ابن مسعود: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون،
وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون،
وينبغي لحامل القرآن أن يكون هينا لينا، ولا ينبغي له أن يكون جافيا ولا مماريا ولا صياحا ولا صخابا


ويجب علينا غالياتي أن نتجنب المعاصي قدر الأمكان لأنها تذهب نور القرآن

خير ما أختم به حديث رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم إذ قال:
إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين
المصدر: صحيح مسلم -

منزلتك أُخيه مرتبطة بمدى حبك وتعلقك بالقرآن
تارك القرآن محروم من عطائه

أسأله تعالى أن يكرمنا ويعزنا بالقرآن


وفي الختام ..

اللهم إنا أمسينا بك مؤمنات ، عليك متوكلات ، وإليك راغبات فتول امرنا ما أبقيتنا واكتبنا من الذاكرات
اللهم اجعل خير اعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا

اللهم إنا نستعين بك اليوم فأعنا ونستجير بك فأجرنا ونستعذ بك اليوم فأعذنا ........اللهم إنا تبرأنا من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك ......
اللهم إنك تعلم حالنا وترى مكاننا وتسمع نداءنا ولا يخفى عليك شيء من أمرنا

اللهم إنا نسألك أن تغيث قلوبنا بحبك وقربك وأن تطلق ألسنتنا بذكرك والقرآن وحسن الثناء عليك
اللهم آمين

هذا وما كان من صواب فــ من الله وحدهـ وماكان من خطأ فمني ومن الشيطان

وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به في جهنم ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه ,,,

.والصلاة والسلام على أفضل مبعوث للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

داعيات منتدى بداية الهداية النسائي