_جيسكا بفضول : ماهو سبب رحيلك؟؟
كانت ليزا تنظر الى النافذة .. كأنها تتذكر شيئا ما ..
_ليزا : كان ذلك منذ سنين ليست ببعيدة ، كنت أنا و جين نسكن في
شقة صغيرة لوالدي مأجرة طبعا ، كان والدي لا يبالي بنا ، فقط كان
يريح قلبه بأننا نحصل على الغذاء والكساء ، كان يخرج صباحًا ثم يعود
ليلُا ، أما والدتي هجرتنا عندما كنت بالسابعة ، لازلت أذكر ذلك
اليوم عندما كانت تحمل حقائبها وأنا الاحقها متسائلة : الى أين يا
أمي ؟؟ ، لم تجبني لكنها التفتت الي و عينيها مملؤة بالدموع ،
انخفضت لمستواي تأملتني لبرهة، ثم أمسكت وجهي طبعت قبلة
على جبيني ، وعندها دخل والدي المنزل فأسرعت هي بالمغادرة ،
اعتدنا العيش معتمدين على أنفسنا ، عندما بلغت الـ 18 من عمري ، انقطع معاش والدي بسبب ديونه الكثيرة التي لم يسددها ، لذلك
قررت الجهة التي يعمل لديها أبي بقطع ماشه مقابل الغاء جميع
ديونه ، فوافق والدي لأنه كان منقذا له من السجن ، على ما يبدوا انه كان مهربا له منا ايضا حزم حقائبه كأمي ورحل في تلك الليلة
الثلجية الباردة ، كان علينا ان ندبر مالا للايجار و لكننا لم نستطع بالكاد
كان مالنا يكفينا لنسد جوعنا ، مرت ستة شهور لم ندفع فيها الايجار
فلذلك طردنا صاحب المبنى بقسوة ، و كان يشتم أبي لتركه لنا ،
أصبحنا مشردتين أنا وجين ، بينما كنا نسير في تلك الطرقات المظلمة
المخيفة ، و كاد الجوع أن يقطع أمعائنا ،و كان البرد يزيد من جوعنا ،
التقينا برالف .. ذلك الشخص الرائع .. عندما رآنا نتهاوى من الجوع ..
وجهونا شاحبة .. أعيننا الكئيبة و الخائفة تفضح أسرار أفئدتنا .. اقترب
منا سألنا ... اشفقت على جين التي كادت أن تسقط من الجوع
فأفصحت له عن الذي حدث .. أخبرنا بأنه سيوفر لنا المأوى مقابل
العمل لديه ، فوافقت بدون أي تردد ، فعلا أعطانا مكانا نسكن فيه ،
بدأت اعمل في المطعم ، صدمت عندما علمت عندما علمت أنه كان
يسكننا على حسابه ، و كان يوفر لنا الطعام على حسابه ايضا .. ،
شعرت بالاحراج و الخزي .. ففتاة في الـ18 من عمرها لا تستطيع
توفير مال لها ولأختها فقط !! .. صارحت رالف ثم طلبت منه أن ارحل و
أكمل تعليمي لأحصل على وظيفة جيدة أستطيع من خلالها توفير
المال لي و لأختي .. فهو لن يكون موجودا للأبد .. ، وافق على
مساعدتي بشرط أن يرعى أختي ليحين عودتي ..، ها أنا قد عدت
ولدي عمل .. بجانب منزل نستطيع العيش فيه .. صمتت قم أردفت
بصوت مبحوح بالألم مع الحزن بالاضافة للبكاء : لم لا تريد أن تكون
معي فعلت كل ذلك من أجلها هي فقط .. سنوات عمري التي
قضيتها في الدراسة والعمل .. ادرس بجانب العمل في نفس الوقت
حتى أوفر لها عيشة كريمة لما تكرهني لما؟؟!!
لم تستطع أن تكمل فشرعت بالبكاء بشدة ..
ترقرت الدموع من عيني جيسيكا ، لم تستطع التحمل أكثر .. اجتاحها الغضب..
خرجت على الفور .. كانت تركض و هي تبكي .. تصطدم بالناس في
الطرقات .. تصدم رجليها بالأرض المبلولة بالمياه التي خلفتها الأمطار..
كانت تقول في نفسها " لم نؤذي دائما من نحب .. لا نقدرهم .. هناك أشخاص يتمنون أحدا يحبهم .. يخاف عليهم .. يسعى من أجلهم .. وجين لديها ذلك الشخص لم لا تستمع اليها ؟؟ "
نوقفت عند باب المطعم .. انها وقت استراحة المططعم ظهرًا .. جين
كانت تمسح الطاولات .. رفعت عينيها رأت جيسيكا و حذائها مبلل ..
تلاصقت خصلاتها على وجهها بسبب الدموع ..
قالت في نفسها " ما بها!!؟؟" ،
اقتربت جيسيكا من جين وهي تمسح دموعها
_ قالت جيسيكا بغضب و حزن : أي نوع من الأشخاص أنتي ؟ ، كيف تفرطين بأخت..
حتى سمعت جين الى كلمة أخت تحولت ملامحها و نظرة عينيها الى الكراهية
_ قالت جين بغضب : من أنت لكي تتحدثي عن أختي .. أنتي لا تعرفين .. لا تشعرين .. من ثم لا دخل لك .
عندما همت جين بالمغادرة .. أمسكتها جيسيكا من يدها ..
_ قالت جيسيكا بهدوء و الدموع تترقرق من عينيها : أنت لم تستمعي لها حتى .. لا تعرفين سبب مغادرتها .. فهي لم تتركك للتخلص منك .. لكنها سافرت من أجلك لتدرس ثم تعمل و تجعلك تعيشين كالأميرات ، أنا أتمنى أن تكون لدي أخت .. انتي لديك .. و هي رائعة و حنونة .. لكن أتعلمين حظها عثر لأنها حظيت بأخت مثك .. ، ناكرة للجمبل لم أرى أسوء منك..
أنهت جيسيكا كلماتها ثم رحلت .. لتترك جين خلفها التي احتشدت
الدموع في عينيها كالجنود التي تحاول النزول .. لكنها تقاومها .. لكنها
بالأخير تساقطت ، جلست جين على أحد الكراسي .. و ضعت رأسها
على الطاولة بينما هي تبكي و تبكي .. لأنها علمت بأنها مخطئة ..
فهي تحب أختها كثيرا و هي خجلة منها ..
قالت في نفسها " كم أنا غبية .. أنا اسفة يا أختى فأنا أحبك كثيرا " ،
وقفت .. مسحت دموعها .. ثم هرعت الى بيت أختها .
أشرقت الشمس معلنة بداية يوم جديد ، كان الهواء البارد يهب على تلك المدينة ،
ليحرك أوراق الأشجار فتصدر صوت حفيف
كأنما هو لحن لزقزقة العصافير ، الدخان يتصاعد من المداخن
، البعض احتمى في منزله بعيدا عن الثلج ، أما الآخر اضطر للخروج
بحثا عن لقمة العيش ، بينما جيسيكا اضطرت للخروج لتلحق بالقطار
، حملت أمتعتها مهلا ليس لديها أي امتعة !! .. بل انها أمتعة من نوع
آخر .. انها ثقيلة جدا ، انها الحزن .. المرارة .. كل شعور سيء في هذا
العالم .. لكنها استمعت بالاقامة هنا ، قالت في نفسها " حقا ان الوداع
صعب و الاخفاق ايضا .. لم أنجح في جمعهما جين و ليزا" .. ، فهم
رالف ما تفكر فيه .. ، فاقترب منها .. وضغ يديه على كتفها .
.
_بابتسامة قال رالف : يكفي أنك حاولت ، صحيح ؟؟
اومأت جيسيكا رأسها بابتسامة مصطنعه ..
من ثم خرجت من المطعم وقفت تتأمله ..
تقدم الزوجان مارسيل و ماريا ليسلماها ظرفا في راتبها..
_قال مارسيل : لقد سررت بالتعرف اليك..
_أكمات ماريا بحنان : انتبهي لنفسك..
من ثم ضمتها هولي بقوة..
_ قالت بحزن : سنشتاق اليك يا فتاة ..
_ جيسيكا : و أنا اكثر .. ابتعدت عن هولي .. اردفت و الدموع تكاد تقفز من عينيها : أنتم اشخاص رائعين سررت بالتعرف اليكم.. سأشتاق لكم كثيرا .. أشكركم على كل ما قدمتموه لي .
لوحت لهم بابتسامة .. حين التفتت اختفت الابتسامة من شفتيها .
. فتحت عينيها و هي مستغربة ..
الى ان صرخت القادمتان : جيسيكا .. فعادت الى وعيها .. ابتسمت
ابتسامة كبيرة من قلب .. كأنها تخلصت من تلك الأمتعه التي
ترهقها .. فركضت اليهما و ضمتهما ..
_ قالت جيسيكا بفرح كبير : لا اصدق.. عندها قفزت وهي تصرخ : لقد نجحت !!..
فسقطت و أسقطت جين وليزا معها .. تعالت الضحكات ..
_قالت جين : ابتعدي ايتها الخرقاء لقد افسدتي الطعام .
حينها شكرت جين و ليزا .. جيسيكا .. على كل شيء فعلته .. أخبراها
كم هما سعيدتان و حزينتان في نفس الوقت ، الفراق ليس بالأمر
الجميل .. وعدتهما بأنها ستزورهما مجددا .. قدمتا لجيسيكا سلة
طعام .. ثم ابتعدت جيسيكا .. اسرعت خطاها لكي تصل الى القطار
بأسرع وقت .. كلما خطت خطوة للأمام .. كلما اختف المطعم اكثر .
كانت جالسة على مقعدها في القطار .. الابتسامة تزين وجهها ..
تركت عينيها تودعان تلك المدينة الرائعة الجميلة ..
قالت في نفسها " لكم أشعر بالامتنان لجين فمنها تعلمت أشياء كثيرة أولها و أهمها .. أن لا احكم على اي خص قبل ان اعرف ما هي ظروفه .. علينا ان لا نتردد في مساعدة الأخرين ابدا .. و نبني جسور محبة و تواصل اينما ذهبنا "..