جفت الدموع من زمن و قد ابتسمت بشوق لجدتهـا الفقيدة . . الدوقة الفرنسية ستيفاني أيرسون . . .
أخذت تشهق و تزفر لتستنشق هواء . . . و تسرق قسطاً من هذا الهواء المنعش . . . لكن سرعان ما عادت لها ذكرى أمس . . ليلة الهالوين البائسة . . . التي فجرت فيها أرسين قوتها الكامنة و جن جنونها . . . لكن لم ينبسط هذا الشر على أكثر من منزلين . . . ضمن المنطقة التي يحظر التجوال بها في جنح الظلام القاسى بمارسيليا . . .
((ثلاثة . . . إثنان . . . واحد . . . و . . هههه بدأت ليلة الهالوين . . ليلتى الأخيرة في جسدك . . لكن طيفى و شرى سيكمنان بك إلى الأبد . . و ليالىّ القاسية الممتعة ستحفر بذاكرتك . . . و الأن . . لأستمتع بليلتى الأخيرة قبل أن تطلع الشمس المزعجة . . ))
أغلقت عينيهـا و إبتسمت إبتسامة هيستيرية . . بينما فتحت عينيها و قد برق اللون الأحمر على غير عادته و إنجرفت مع الهواء لترمى بنفسها من فوق برج الساعة . . لكن في لحظة أخرجت السيف من غمده و بمجرد أن لمست سطح إحدى المباني حتى . . . قفزت و حلقت لمسافة بعيدة . . مذهلة الوصول لمأربها تلك الــ !!
أرسين في نفس مارسيلا : ترى . . هل أطرق على الباب و أقتلهم برسمية أم . . أقتلهم كالفأران هه إذاً الطريقة الأخرى أكثر متعة . .
هبطت على الأرض . . و قد أغلقت عينيها لتستخلص من الظلام . . روح جامحة تطوق لكل شيء . . . و قد شدت على سيفها أكثر . . . و المذهل هو . . نمو خصلات مارسيلا كى تصل أطرافه إلى ركبتيها و قد نمت الخصلات القصيرة التي تغطى جبهتها قليلاً . . .
كذلك ذادت قامتها بضع إنشات . . . توهجت بشرتها البيضاء و برقت عينيها . . . وهنا . . . تجسدت الروح الجامح بجسد القاتلة . . .
المنزل الأول !! أرسين : ومع ذلك . . ما قيمة عمرى الباقى و قد إستمتعت و زهدت بكل الدنيا ؟
هه لا شيء
قفزت من على أرض الفناء الخلفى لتقتحم إحدى الغرف بالطابق العلوى . . لم يخفى صوت الزجاج الذى تحطم و تناثر بقوة . . . إستيقظت صاحبة الغرفة من نومها . . وقد إرتجف بؤبؤ عينيها واشياً بخوفها . . ورددت في رعب (( من . . أنــ . . ــت ؟))
أرسين : قدرك !!
وقطعت رأسها في لمح البصر بمجرد أن حركت يدها . . تلطخت الحوائط بدمها البارد . . لم تكتفى أرسين . . إقتربت و قد برزت في ذاك الحين بالذات . . أظافر حادة . . غرزت يدها بجسهدها . . و أخرجت القلب من مكانه . . ومن ثم شدته كى تقطع بقية العروق . . و من ثم سحقته . . و رفعت يدها لتقطر قطرات الدم البارد و تأوى إلى لسان أرسين . .
هنا . . إهتزت روح مارسيلا من الداخل . . فأحست أرسين بالإطراب . . وقد بدى هذا . . حينما إهتز و إضطرب اللون الأحمر بعينها اليمنى . . العين ما بين اللونين . .
لقد تذوقت أرسين دماً بشرى . . إلى ما تتعطش تلك القذرة ؟؟
المنزل الثانى !!
لوثت يد أرسين بالدماء . . حتى أختفى لون بشرتها تماماً . . بينما . . لطخ فم أرسين بالدماء . . و أشطاراً متناثرة حول فمها . . من الجلد البشرى !!!!!؟
أرسين : أه ، يال تلك الوجبة الخفيفة . . أتضور جوعاً للمنزل التالى . .
رحلت أرسين إلى المنزل المجاور . . فقررت هذه المرة أن تقتحم البيت من باب المطبخ الخلفى . . سارت ببطئ إلى هناك و في كل خطوة . . تضحك بخفوت . . بغنج و دلال . . على صراخ مارسيلا . . !
ضربت الباب بقدمها . . فتكسر إلى مائة قطعة . . رأته في المطبخ . . شاب في الثلاثين تقريباً . . يشرب بعض اللبن من العلبة و الثلاجة مفتوحة . . ما إن نظر لها حتى فزع و هرب إلى الطابق العلوى . . أيقنت أرسين أن هناك مزيد من الضحايا في هذا المنزل إذ أنه لو كان يريد الهرب منها . . كان سيخرج من باب المنزل و ينجو بحياته و جسده و دمائه . . .
تبعته إلى فوق ببطئ . . إلى أن رأت باب لغرفتين . . فضحكت بهيستيرية . . إذ أن صوت بكاء طفل رضيع يصدر من الباب الأيسر . . كسرته بقدمها . . فرأت . . . :-
أرسين : أوه ، يالكم من عائلة رائعة . . لكن أتعرف أيها الوسيم إمرأتك الشابة ليست بجمال من قتلتها قبل قليل . . لذا فالنبدأ . . بك ثم بها . . لكن إن كنت تريد أن أرحم طفلكما . . أتركه على السرير . . و لن أمسه . . !
تقدم الأب بينما مد كلتا ذراعيه ليحمى إبنه و حبيبته الفزعة . . نعم إنه يدرك مدى بؤس الموقف . . لكنه يدرك أكثر أنه خلق لهذه الليلة فقط . . و لن تهمه روحه . . أو جسده و دمائه . . إذا كانت بمقابل حبيبته و طفله الرضيع . . . :-
((هيا يا حبيبتى . . أهربى و بسرعة . . . ))
هكذا أمر إمرأته . . وقد تحركت و أسرعت لتهرب لكن . . أرسين أشاحت بالسيف إلى رقبتها لتتوقف فزعة . . . . :-
(( أوه ، أيها الدنيئ . . ))
هربت الشابة إلى ما يمكنها أن تذهب إليه . . وراء حبيبها الشاب . . فتقدم بكلتا عينيه المليئتان بالجرئة . . . لكن مصيره لن يتغير . . قتلت كلا الوالدين و إلتهمت قطع صغيرة من قلبيهما أمام الطفل الرضيع . . . :-
(( إذاً لم يبقى غيرك أيها البريئ . . لم تنضج فاكهتى بعد لكنك بالذات . . الذ منهم بكثير . . .
تأهبت لمد يدها صوب الطفل لكن ما إن إقتربت حتى . . . إخترقت رصاصة مثيرة الزجاج . . ويدها التي نزفت دماء إنسالت على وجه الطفل . . لتحتم عليه قدره بدون والدين . .
لم تشعر بالألم بتاتاً . . بل لم تشعر بشيء . . إكتفت بأن تنظر بعينين باردتين صوب النافذة . .
أربعة فتية !!
الغرفة مظلمة فلا تغدوا الرؤية واضحة . . . لكن ضوء القمر كافى ليعى المرء بما حوله . . .
نظرت إلى كل واحد منهم . . فإذا بـ شاب يمتلك عينين حمراوين طبيعيتين يزهوا بهما المرح . . بشرته بيضاء لكن منطفئتان وشاحبتان كثيراً ذو خصلات بيضاء متناثرة طويلة . . يمسك بيده ذاك المسدس المثير الذى أطلق الرصاصة . . لكنه كان مسدساً ذو شكلاً مختلف و يبدوا حجمه كبير و ثقيل . . .
أما الشخص الثانى . . . فكان هيلبرت أكوانت . . يحدق بها بعينين تمتلئ بالمشاعر و الأسف . . يحاول إخفائها لكن أكوانت هو أكثر المخلوقات ضعفاً في إخفاء ما يدور بعينيه عن مارسيلا على ظهر الأرض . . . مارسيلا الوحيدة التي لها تأثير على ذاك الشاب . . تستطيع أن تكشف ما يدور برأسه من خلال عينيه بثقة . . أيضاً لم يكن ذلك صعباً على أرسين خصوصاً أن مشاعره هذه المرة في هيجان تام . . . يحدق بفمها الملطخ و الدماء بملابسها . . . يتمالك نفسه كلياً لكن بصعوبة أمام هول المنظر . . .
أما الفتى بجانبه . . فكان . . . توأم ستيل !!
إنه شديد الشبه بماتيوس ستيل . . لكن فيه شيئ خاطئ ما فصله عن ماتيوس بشدة . . . قسماته تشبهه لكنها تختلف . . خصلاته الشقراء المتناثرة بحرية تشبهه لكنها تختلف . . أما عينىّ السماء الصافية تلك . . كانت هي ولم تختلف . . إلا أن هذا الفتى ذو قامة أطول من ماتيوس بقليل . . و خصلاته أطول من خصلات ماتيوس لا سيما السوالف . . و قسماته تشى بسنه . . إنه في العشرين من عمره وفى أوج شبابه و معرفته . . .
إبتسمت أرسين له بمكر شديد . . . إذ أن العين تخطئ لكن القلب لا يخون . . . لكن هذا من المستحيل وبشدة أن يكون بن ستيل . . .
لكن في عينيه شيئ غير طبيعى . . وشفتيه تشى بهذا أكثر . . .
إقتربت من الفتى ذو الخصلات البيضاء الذى أطلق عليها الرصاصة . . . بعيون تبرق بشدة . . ومخالبها بدأت تنموا بينما نمت خصلاتها إلى أن لامست الأرض و غطت خصلات جبهتها تماماً . . لكن البريق لم يختفى . . .:-
((أرسين : أتريد اللعب ؟ ))
((لكنى أخشى أن تتذمرى علىّ . . كحال كل الأطفال الحمقى ))
((أرسين : لا تقلق . . فلم أُهزم في لعبة قط . . نم نومة بلا أحلام أيها السافل ))
إبتسم بمرح بغيض و حدق بتحدى في كلتا عينيها . . لم يلاحَظ أبداً القرب بينهما . . . وهذا ما جعل شدة التحدى في أوجها . . رفعت يدها . . لتقتلع رأسه من جذورها و ترمى بها بعيداً . . و بيدها المصابة . . لكن ما إن نوت و كادت أن تفعلها . . أمسك الأخير بيدها . . ليستنزف حيوية هذا الجسد المتوهج . . . خانتها عينيها . . لذلك رحلت أرسين . . . و أختفت تماماً لكن طيفها كما وعدت . . لا يزال كامناً بداخل مارسيلا . . لم تعد تحملها قدميها. . لذلك أخذها الأخير الفتى الرابع إلى صدره البارد نوعاً ما . . . وبمجرد أن رفعت عينيها اللتان تصارع الجفون الثقيلتان كى تبقى مفتوحة . . . تأملته تحاول التركيز و إبعاد هذا التشويش عن ذهنها و الضباب الذى يرتجف بعينيها العسليتين . . .
تأملته وقد بدت في أعظم حالات فيضان المشاعر . . و الوهن و . . .الصدق . . . فإذا بصدره يدفئ . . وتلك البلورتين الحمراوتين المشعتان وسط وجه أبيض متوهج مثلها . . تتأثران . . لها فقط . . .
هكذا لن تنسى تلك العينين اللتان تنظران إليها . . مدى العمر . . وستبقى تميزها كما تميز هذا الشعور الذى تسلل بين الفوضى في قلبها في هذا الأن . . .
وكذلك تردد صوت هيلبرت أكوانت بذهنها في حين لم تشعر إلا بالدفئ يتخلل جسدها تدريجياً . . . وعينيها قد رحلتا عن الدنيا . . .
((في النهاية . . كيث أيرسون مصيرك . . إما أن تهربى إلى مصيرك . . أو أن تحاولى تحمل الأهوال و الخطايا التي فيك طول العمر . . مارسيلا أيرسون . . . لا تدعى مشاعرك السلبية تجاه والديك تحدد مستقبلك و حاضرك . . . إن كنتى تريدين المساعدة ورؤية مرآتك الخفية فعودى لكيث أيرسون وإن أردتى أن تأكلى بنى جنسك . . فلا تعودى ولكن إنتظرى أن نأتى لنقتلك بدون شفقة ))
تحولت الشمس لبرتقالة تخمد قسطاً من لهيبها تحت مياه البحر . . بينما القت النباتات ظلالاً تشبه العمالقة على الأرض المكسوة بالصدف و العشب . .
أخذت الرياح خصلات شعرهـا إلى مجراها . . . بينما كان قلبها في هذا الأن . . مرتعاً لتسعة مشاعر . . الدفئ ، الإشمئزاز ، الكراهية ، اللهفة ، الحيرة ، الغضب ، الضعف ، الصدق ، الألم
تتسأل عدة أسئلة تعرف أن إجاباتها . . ليس بيدها أن تعرفها . . . لماذا توهجت عيون أرسين بهذا الشر ؟ ، بل لماذا أحست بأن قوة عظيمة تفجرت بخلايا جسدها ؟ ، وكيف نمت خصلات شعرها بهذه السرعة و إلى هذا الحد ؟ ، ولماذا جن جنون وشم الفراشة برقبتها عندما تذوقت أرسين الدماء لأول مرة ؟ ، لماذا كان مؤلماً إلى هذا الحد أثناء وهجه ؟ ، ماذا حدث للرضيع ؟ ، من هؤلاء ؟ ، بل من الأشقر وذو العيون التي تأسر كل من ينظر إليهما ؟ ، ومن الذى أطلق عليها الرصاصة ؟ ، وكيف لم تشعر أرسين بالألم ؟ ، بل كيف . . . إستيقظت مارسيلا صباح اليوم التالى فوجدت خصلاتها لم تتجاوز وسطها وأظافرها كما كانت . . وطولهـا طبيعى لم يتاثر بل كيف أستيقظت وقد رأت يدها سليمة ، لكن شعورها بالخوف لم يتبدد مطلقاً . . كذلك . . كان أغرب ما شاهدته . . هو وشم محفور أسفل رقبتها عند الصدر . . مؤلم أن تلمسه . . لكن كان شكله غريب جداً . . وقد كان كبيراً . . فألتزمت مارسيلا بأن ترتدى غداً في المدرسة . . البستها السوداء . . لكن بدون قبعة تخفى عينيها . . ستكتفى بأن ترتديها لأنها إعتادت عليها . . . ما أسوء أن تعود هكذا مرة أخرى . . . و أن تشعر بأن ماتيوس قد إختفى من العالم . . و أن تشعر بإشتياق للتحديق بتلك العينين مرة أخرى . . بل تشتاق أكثر لسماع موسيقاها في ذلك الوقت . . و خاصة . . معزوفة عازف الكمان المفتون . . دوار الشمس الذهبى !!
مرت عدة أيام . . عادت فيها مارسيلا للإنطواء في المدرسة . . . لكنها هذه المرة لم تخفى عينيها بل تحدق بأعين من حولها ربما . . تجد تلك العينين الحمراء التي أسرت بهما تلك الليلة . . . كان الخبر الصادم . . . هو إنتقال ماتيوس إلى إحدى المدارس الداخلية العليا في باريس . . . من دون حتى . . . أي شيء . . !!
زادت الدنيا صخباً هذه الأيام . . لم تجد سبيلاً كى تهدء أعصابها ولو قليلاً بل . . تغزوها الكوابيس المفزعة كل ليلة . . تظهر أرسين في أحلام تلك الشابة . . أصبح لا فرق بين وجودها و إختفائها في نفس مارسيلا . . . لكن في الحقيقة . . بدأت الحكومة بإتخاذ إجراءات بشأن إختفاء القاتل المجهول . . لم تكن مندفعة . . بل أخرت ساعة حظر التجول و كثفت قوات الجيش بمارسيليا بأكملها . . حتى أستمر هذا الحال إلى أن مضت السنة الدراسية وإلغى حظر التجوال . . . قضت مارسيلا نصف الصيف في القصر . . وحدها برفقة الظلمة . . في نظرها الدنيا ليست سوى سجّان صامت يضيق عليها الخناق . . . تفكر بأشخاص كثيرون . . لكن أكثر ما تفكر به . . . عينين أسرتها أثناء دفئ تخللها بنعومة . . . وعينين شاهدت بهما طيف حبيبها المفقود . . وحبيبها المفقود نفسه . . لا تعرف إليه سبيلاً . . إلى أين ذهب ؟ ولماذا ؟ ولماذا لم يخبرها بل لماذا يفعل هذا ؟ و كان السؤال الأكبر . . من هو ماتيوس ستيل . . ؟
تذكرت تلك الليلة حينما لاحقته أرسين لتقتله . . تذكرت بعض الهمسات التي دارت في إحدى خيم الجيش بينه و بين الطبيب . . تذكرت حينما كشفت أنه من عائلة ثرية مثل عائلة أيرسون . . تذكرت نظراته . . إنها مختلفة . . عينيه . . إنهما غريبتان . . وممتلئتان بالأسرار المغلقة . . تذكرت ذاك الشعور . . .
جزء منه غامض وأخر عقلانى و جدى و أخر منحرف . . . ما أثار في نفسها الفضول . . إبتسامته ليست عادية . .
لم تعرف له نسباً . . ولا حتى والدين . . . ربما تظن أن حبه لها أيضاً كان غريباً . . . كانا في نظر بعضهما البعض يتواعدان مظهراً ويدركان هذا لكن . . هناك عبث في هذه العلاقة لم يكن الحب الذى يعرفه البشر . . لكن في كلا قلبيهما كان هناك . . .شعور متبادل . . له معنى خفى . . . كشعورها تجاه سمفونية عازف الكمان . . و شعورها تجاه خضوع هيلبرت . . و شعورها تجاه تلك العينين . . . تتذكر بوجنتين التفاح و قلب متلهف . . حينما كان يصيدوها و تهرب منه و عينيه . .لكن في تلك المرة في الممر حينما كانت تريد أن تهرب من المدرسة . . حينما غرقت بذرقة سمائه الواسعة . . تأكدت من هذا الشعور . . ظل خفياً حتى بعد أن نطق حبيبى و نطق حبيبتى . . كان مثيراً للشك دائماً يتظاه ر كأنه مراهق عادى في الثانوية مرح ذو صفات عادية و نبيلة لا سيما في تلك المرة حينما كانت مع مارجى عند الينبوع حينما أخبرتها بشأن صلتها بالقاتل المجهول حينما ألقى عليهما التحية مرتين كى يصل صوته لسمعهما . . .
بدى عادياً وكذلك حينما جلس معها قليلاً لكن حينما أخبرها أن مارسلين أخبرته بما يزعج مارسيلا . . كانت ستهم لتتشاجر معها بجدية لكن حينما لمس يدها . . لم تكن لمسة عادية ليست مجرد لمسة حبيبين . . بل كانت كذلك لكن لمسته كعينيه يسجن فيهما الأسرار بشدة
وقد شعرت بإختلافه أكثر حينما حدقت بعينيه . . جزء عقلانى يشبهها تماماً و أخر منحرف قليلاً . . . تتذكر ما دار بخواطرها . . .
ماتيوس ستيل . . . ليس مجرد حبيب . . . بل أكبر . . . به شبه كبير بي . . . به عدة جوانب تشتتني و تخجلني نظراته الرقيقة . . . بل تدفئ يداه جلدي البارد من قسوة الخوف . . .
هنا . . بدأت صوره تطغى على رأسها . . . لم يتحمل قلبها أبداً . . يال ألم الفراق !!
لكن بهذه الغرابة يذهب . . تتذكر فقط أخر لقاء بينهما عند الغروب . . قبل ليلة الهالوين . .
شعرت بصدق و شعور أخر جامح يفرض عليها أن تعرف . . من هو ستيل ؟
لماذا تشعر أن هناك شيء خطأ في حياتها . . . ؟
إنها لا تتذكر أي شيء غير . . العشرة سنوات الماضية . . . و الباقى . . . شبه محذوف . . لا تتذكر الكثير حينما كانت بعمر السادسة . . لكن ما تذكرته وقد صدمها كثيراً . . .
((الذكرة ناقوس يدق بعالم النسيان . . ))
إنها كلمات الذئب الأزرق . . . تلك الفتاة التي تظهر في أحلامها . . . حينما . . . ذلك الحلم . . . رأت فتى يشبهها . . . يدعى بـ سكوت !! ورأت نفسها حينما كانت في سن الستة سنوات . .
صدمت و أحست بسهماً غرز بقلبها . . . تحاول تذكر ماضيها . . . الماضى غير واضح . . فقط وجه جدتها و عمتها الشقيقة الكبرة لكيث أيرسون . . هيذر أيرسون . . .
تتذكر أنهما كانا يعتنيان بها دائماً . . . منذ طفولتها . . لكن عن والديها . . فإنها لا تتذكر شيء والدتها أما والدها فهناك بعض الصور المحفوظة لكنها غير واضحة . . . أغربها حينما إحتجزها بمكان مليئ بالحواسيب . . كان في هذا المكان يتواجد الكثير من الناس المرعبون في نظرها . . لكن فتى أقرب لعمرها كان هناك . . عينيه السوداوين تشبهان عينى سكوت الصغير . . ينظر لها بهدوء . . هدوء . . هدوء غريب للغاية . . يسبق العاصفة . . ما أخافها أكثر لكنها لا تتذكر من كان هذا الفتى الصبى . . .
لكن ما بعد الستة سنوات كانت تعيش معظم أيامها عند جدتها . . لم تتذكر إلا أياماً قليلة جداً . . . . لكنها تتذكر أنهما إنفصلا عندما بلغت الحادية عشر عاماً . . لكن تلك الذكرى كانت تتأرجح في فكرها . . . أحياناً لا تثق في ذاكرتها فقلبها يخبرها بأشياء أخرى غير ما يريها قلبها . . . وتتذكر أيضاً . . . هيلبرت أكوانت . . الشاب الذى خضعت عينيه لها حتى منذ أن كانت صغيرة . . . لم تعرف ماذا يريد وما تلك النظرات . . و الإبتسامة الغريبة لكنه كان شخصاً عادياً جداً في حياتها . . بإستثناء شكوكها أنه يعرف شيء . . . وبعدها . . تلك التميمة التي أهداها إياها ومازالت تحتفظ بها لتتذكر أكوانت غريب الأطوار . . ثم ذاك الحديث بين جدتها و جارتهما العزيزة في اليوم التالى بعد إهدائها التميمة الفاتنة مباشرة . . . عرفت منه أنه ذهب ليعمل . . . مع والدها بمؤسساته . . . شيء ما تحرك بها . . . شعرت بأنها إفتقدته لكنها لم تصدق هذا الشعور أبداً . . لقد كانت فتاة صغيرة وهو شاب ناضج . . لكن في غرابته ما أعجبها ولا سيما أنها تخيلته يهديها التميمة لتتذكره حتى تكبر بدلاً أن يقول لفتاة صغيرة أحبك !!
وبعدها . . وفاة جدتها و إغلاق قصر أيرسون . . وأخذها إلى قصر تتريثون أيرسون الذى عاش به هو و إبنه و حفيده كيث ثم حفيدته مارسيلا . . . لكنه كان قصراً مع أنه كبير لكن كل ركن فيه . . . يشعرها بدفئ غريب . . . بالرغم من أن الجو بداخله بارد . . . ومع أنه مظلم . . لكنها حينما تتمشى و تتحرك بداخله . . . كأنما النور مضاء و كل الأثاث جديدة من دون مفارش بيضاء عليها غبار . . وقد عرفت بسرعة و من أول يوم لها بالقصر . . . كل مكان به عدا . . ما يحويه القبو . . . لكن ما أثار الفضول فيها ه و عدم وجود مفاتيح للغرف و القاعات المغلقة به !!
هذا كان في السنة الماضية أما هذه السنة . . . فقد عاشتها كما هي مع أرسين . . .
كل شيء غريب ! كل شيء يشعرها بالغرابة !؟
أناس غريبون . . . و أعين تحوى مشاعر غريبة . . . وماضى غريب لا تتذكر بدايته . . . خفايا وأسرار بكل شيء . . . حتى بالقصر . . وبوالدها . . و بأرسين ذات نفسها . . . الإنفصال . . إنه جنون و حسب . . . وليس تحكم أثنين أحياء بجسد واحد !!
قواها غريبة . .
وليالى باردة مخيفة . . .
كل شيء . . . بدى لها بارد . . مخيف . . . حتى هي ذات نفسها . . . أصبحت تخاف من نفسها . . . حتى بعد إختفاء أرسين و للأبد . . لسبب مجهول . . . وغـــــــــريـــب
إنها محاطة بواقع غريب يحوى أسرار لا حصر لها . . . أصبحت الأن . . . تشك أن مصيرها مع كيث أيرسون ليس بقرار صائب . . . !!
أيقنت بعد عدة مرات من التفكير . . . أنها يجب أن تذهب إليه ربما تعرف أي شيء . . و تعرف من هؤلاء الشبان اللذين رأتهم ليلة الهالوين . . . وتعرف سر الوشم . . . و القوى الغريبة . . . ربما لن تعرفها منه بسهولة . . وربما لن تستطيع لكن . . . هيلبرت أكوانت . . . بقلبه بعضاً من الــ . . . حب !!
ماذا تفعــل . . . أتعيش هكذا لبقية حياتها . . . في قصر مظلم . . تستمع للموسيقى . . . ترتدى ملابس مظلمة . . .وحيدة بدون ماتيوس ذو الأسرار . . .كل ما يحيط بها غريب . . أم تخوض في ما تتصور أنه سيساعدها . . فقد بدأت تشعر بأنها بأكملها مرتبطة بشيء ما . . .شخص غير كل هؤلاء . . . ربما كان عازف الكمان المفتون !!
لكن في النهاية . . .
هناك أسرار تنتظرها . . . فماذا ستقرر . . . مارسيليا . . . أم . .
كيث أيرسون ؟؟