القاهرة 02 يوليو 2012 الساعة 01:24 م

ترجمة :أحمد هريدى

(وليم سارويان)

فى إحدى السنوات ،قدر عمى" ميليك"السفر بالقطار من فريسنوإلى نيويورك،وقبل موعد الرحيل،زاره عمه العجوز "جارو"ليحذره من أخطار السفر.
وقال: اختر مقعدك فى القطار بعناية،واجلس دون أن تنظر حولك ،
وأجابه عمى :نعم يا سيدى .

تابع العم العجوز نصيحته :وبعد لحظات من تحرك القطار ،سيقترب منك رجلان يرتديان زيا رسميا ليسألانك عن تذكرتك ،تجاهلهما لأنهما محتلان .

_كيف لى أن أعرف ؟
_سوف تعرف ،فلم تكن طفلا صغيرا _نعم يا سيدى
أضاف العم العجوز :وقبل أن يقطع القطار عشرين ميلا سيدنو منك شاب لطيف ويحيك بسجارة .أخبره أنك لا تدخن ،ولك أن تعلم أن السجارة بها مادة مخدرة .

_نعم يا سيدى
وأنت فى طريقك لتناول الغداء سترتطم بك عن عمد امرأة جميلة شابة ،ستعتذر لك بطريقة جذابة وتأسرك لأن تسعى لكسب صداقتها .قاوم مشاعرك واستمر فى سيرك إلى عربة الطعام لتناول غدائك،وتجاهل تماما تلك المرأة ،وإذا كابت عربة الطعام مزدحمة ورأيت المرأة الجميلة تجلس فى مواجهتك إلى منضدة الطعام ، لاتنظر فى عينيها ،وإذا تحدثت تظاهر بأنك أصم .

_نعم ياسيدى
_لقد سبقتك فى السفر وأعلم جيدا ما اقوله .
_نعم ياسيدى
وفى طريق عودتك إلى مقعدك بعد الانتهاء من طعامك،ستجد مقصورة التدخين التى يجلس فيها مجموعة من المدخنين يلعبون الورق .ثلاثة من الأعبين فى منتصف العمر يرتدون فى أصابعهم خواتم ذهبية ثمينة سيحيونك فى ود بهزة من رؤوسهم وسيبادر أحدهم بدعوتك لمشاركتهم اللعب ،أخبرهم أنك لا تتحدث الإنجلزية .
_نعم يا سيدى
_هذا كل شىء
_شكرا جزيلا
وفى شىء من الحماس قال العم العجوز:هناك شىء أخر.عندما تذهب إلى سريرك فى الليل،أخرج نقودك التى تحتفظ بها عن جيبك وضعها داخل حذائك ،ثم ضع الحذاء أسفل الوسادة التى تريم رأسك عليها طوال الليل ،واحرص على عدم النوم .
_نعم يا سيدى
_هذا كل شىء
غادر الرجل العجوز منزل ابن أخيه ،وفى اليوم التالى استقل عمى "ميليك"القطار الذى يعبر أمريكا عن طريقه إلى نيويورك .بعد لحظات من تحرك القطار ،لم يكن الرجلان اللذان يرتديان زيا رسميا محتالين ،وبعد أكثر من عشرين ميلا كان قد قطعها القطار ،لم يصل الرجل الشاب صاحب السجارة المخدرة ،ولم تجلس أمامه على منضدة الغذاء المرأة الشابة الجميلة ،كذلك لم تكن فى مقصورة المدخنين مبارة فى لعب الورق .
وضع عمى "ميليك نقوده داخل الحذاء الذى وضعه تحت وسادته التى أراح رأسه عليها ،ولم ينم طوال الليلة الاولى ،
لكن فى الليلة الثانية تخلى تماما عن تعليمات عمه العجوز .
وفى اليوم التالى ،قدم عمى "ميليك "سجارة على سبيل التحية إلى رجل شاب قبلها شاكرا ،وعند الغداء حرص عمى على الجلوس إلى منضدة تجلس عليها سيدة شابة جميلة ،وبدأعمى نفسه لعبة البوكر فى مقصورة التدخين ،وقبل وقت طويل من وصولالقطار نيويورك ،تعرف عمى على كل المسافرين وتعرفوا عليه،وبينما كان القطار يعبر ولاية أوهايو ،اشترك عمى مع الرجل الشاب الذى قبل سجارته ومع سيدتين شابتين جميلتين كانتا فى طريقهما إلى مدينة
"فاسار"فى غناء بعض أغانى الجاز والبلوز .
كانت رحلة من أمتع الرحلات التى قام بها عمى ،فورعودة عمى من نيويورك ،قام عمه العجوز "جارو"بزيارته مرة ثانية ،وبادره بقوله :أراك فى حالة طيبة ،فهل أتبعت تعليماتى جيدا .
_نعم يا سيدى
ألقى الرجل العجوز ببصره فى الفضاء ،وقال :أنا مسرور لأن أحدا قد استفاد من خبرتى فى الحياة .