عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة

روايات طويلة روايات عالمية طويلة, روايات محلية طويلة, روايات عربية طويلة, روايات رومانسية طويلة.

Like Tree2Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-07-2012, 03:17 PM
 
مِنْ رِوآيَآتْ ' عَبِيْرْ ' آلحِّصْنُ آلمَّرصوودْ ! ♥'

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم جميعًا ؟
إن شاء الله بخير :glb:
قررت ولأول أن أنزل رواية طويلة جدًا :rose:
طبعًا ليس من تأليفي بل رواية من سلسلة روايات عبير الشهيرة :glb:
سأنقلها لكم من كتاب عندى

اسم الرواية : الحصن الموصود

المؤلفة : سارة كريفن

عدد الفصول : 9

غلاف القصة :



أتمنى أن تعجبكم الرواية يا أحبائى
أترككم مع الفصل الأول :rose:



1 - التفتيش عن حل

" أرجوكِ يا أندريا يجب أن تساعدينى ، فليس لى سواكِ "


" أنا لا أعرف شيئًا عما تتكلمين ، ولا أريد أن أعرف . فنحن لم نعد أطفالا ، ربما كان بإمكانى انقاذكِ فى الماضى من مشاكلك مع نانى والأخت بنيديكت غير أنكِ الآن فتاة ناضجة وعليكِ أن تتدبرى أموركِ بنفسك "


" لا تقسي علىّ يا آندى "

قالت كلير بانكسار .

" حان الوقت لكن يقسو عليكِ أحد ، أفسدكِ عمى ماكس من فرط التدليل وأنتِ تدركين هذا "


امتلأت عينا كلير الكبيرتان بالدموع وأحنت رأسها وتمتمت : " أعلم هذا ، ولكنكِ أملى الوحيد وعليكِ أن تساعدينى "


" هراء ! "

صرخت أندريا بصوت أرادته معبرًا وتابعت : " ومهما يكن من أمر ، نصيحتى إليكِ أن تذهبى إلى بيتر وتخبريه بالأمر . فأنتِ ستزفين إليه بعد ستة أسابيع ولن يمكنكِ اخفاء أى شئ عنه عندئذ "
انقطع صوت أندريا فجأة عندما رأت كلير تغطى وجهها بيديها وتجهش بالبكاء واجتاحها شعور بالقلق وقامت من مقعدها واتجهت إلى المقعج الذى تجلس عليه كلير وأحاطتها بذراعيها وقالت : " ليس الأمر بهذا السوء عزيزتى "

" بل إنه كذلك ، أنا فى ورطة رهيبة ! وقد لا يكون هناك زواج وهذا سيجعل أبى فريسة للمرض مرة أخرى ، أنا متأكدة من ذلك "


" يحسن أن تخبرينى بالأمر اذًا "


كانت كلير تتمتع بجمالٍ باهر تصعب مقاومته كما كانت على اقتناع تام من أن بيتر وحده قادر على اسعادها . وكان هذا هو المهم فى نظر أندريا ولو أنها على يقين من أن بيتر ما تقدم طالبًا الزواج من كلير لو لم تكن ابنه ماكسويل ويتسون بالذات .


" حسنًا ماذا يجرى اذًا ؟ "


فتنهدت كلير من أعماقها وهى تقول : " هناك شخص آخر "


لم تصدق أندريا أذنها اذ كانت متأكدة من اخلاص كلير لبيتر برغم ما عرفته عن نزواتها الكبيرة ومغامراتها التى لا تحصى .


" هل أعرفه ؟ "


" كلا إنه فرنسي "


" أحسب أنكِ التقتيه عندما كنا عند مارتين فى باريس "

قالت أندريا وهى تحاول عبثًا أن تسترجع فى ذاكرتها ما كانت تذكره لها كلير فى رسائلها القليلة ثم تابعت : " إنه ليس جاك يا كلير . أم إنه جاك ؟ "

سارعت كلير تنفى هذا ثم قالت وفى صوتها وعينيها امتعاض شديد : " غير أنه السبب فى ما حصل ، لو لم أكن مأخوذة به آنذاك ما كنت لأتورط مع هذا الوفالييه "


" اسمه لوفالييه اذًا وكيف التقيتِ به ؟ "


" لم ألتقه بعد "

أجابتها كلير ورمتها نظرة شفافة جعلتها تغمض عينيها وتطلب من الله أن يهبها نعمة الصبر .

ثم قالت : " لا يعقل أن يقع الانسان فى حب شخص لا يعرفه . "


" أنا لا أحبه قلت لكِ أنى لم أره أبدًا ، ولكن عندما تخلى عنى جاك من أجل هذه اللعينة جانى ، شعرت برغبة فى الموت ولم يبقَ لأى شئ معنى ، وعندما عرض علىّ لوفالييه الزواج ، خُيل إلىّ أن الله أرسل لى ما يصون كبريائى ويحفظ كرامتى "


" وكيف يعرض عليكِ الزواج شخص غريب لا تعرفينه ؟ "


" ليس هذا ما حصل بالضبط تراسلنا قبل ذلك ، إنه أحد أقرباء مارتين ، ولكن عائلتها لا تتحدث عنه كثيرًا ويعتبرونه كالخروف الضال ، كان يقيم فى مكان ما فى الخارج وعندما ورث هذا القصر فى أوفيرن حاملا غصن الزيتون على ما أعتقد ، لكنهم تجاهلوا بادرته ، وعندما لم يجبه أحد قررنا أنا ومارتين أن نبعث له برسالة على سبيل المزاح ، ولكنه لم يتأخر فى الاجابة اذ وصلت رسالته فى البريد التالى ، كانت رسالته لطيفة وبدا واضحًا أنه وجد الأمر مسليًا ، وكأنه أدرك ما كنا نرمى إليه ، ولكن مارتين لم تعد تجسر على متابعة المراسلة فتوقفت عن الكتابة خوفًا من أن تكتشف عائلتها هذا الأمر وتحرمها من العطلة الرياضية التى كانت موعودة بها ، فكتبت الرسالة الثانية بنفسي وأرسلتها له ، وهكذا ابتدأنا نتبادل الرسائل وأخبرته أمورًا كثيرًا حتى إنى أخبرته عن جاك وشعرت براحة كبرى بعد أن أفضيت له بما فى نفسي ، كان هذا سهلاً لأنى لم أكن أعرفه ولم أشعر بأى حرج ... وبعد هذا عرض علىّ الزواج "


" لكن لماذا ؟ هل ذكر لكِ سببًا ؟ أم أشفق عليكِ ؟ "

سألتها أندريا مستفسرة .

أجابت كلير ببرود : " كلا ، ولقد أوضح هذا الأمر جيدصا وجاء عرضه أقرب إلى عرض عمل ، قال إنه بحاجة إلى زوجة وذلك لتسوية قضية قانونية ، لم يذكر نوع القضية ولكنه قال أن بوسع أحدنا أن يساعد الآخر فهو بحاجة إلى زوجة وأنا بحاجة إلى من ينتشلنى من حالة اليأس والضياع التى كنت أتخبط فيها ، وقد ألمح بأننى أنا التى أوحت له هذا التدبير "


" كان عليكِ أن تضعى حدًا لهذه القضية بطريقةٍ ما "


خيم صمت ثقيل قطعته كلير بقولها " لقد قبلت عرضه ! "


ولم تسمح لعينيها أن تلتقيا عينى أندريا الكستنائتين .

" ماذا فعلتِ يا كلير ؟ "

" لا تنظرى إلىّ هكذا ، قلت لكِ أننى كنت فى حالة يأس كان هذا الحل الوحيد أمامى ، وكيف أثبت لجاك بأننى لم أعد أكترث لأمره "

وبعد صمتٍ قصيرٍ تابعت : " إنها الحقيقة ليتنى فقط أدركتها آنذاك "

" هذا جنون ! "


" شعرت بطمأنينة غريبة بعد ذلك وكنت بالفعل عازمة على المضى فى هذا الأمر إلى النهاية وبدا لى أن زواج العقل هو أفضل زواج ، ثم أرسل لى بعض الأوراق لأوقعها وبعض المال أيضًا لشراء جهاز العرس ، لم أكن قد أخبرته أى شئ عن والدى وظن أننى أقيم مع عائلة مارتين على ما أعتقد "


" وماذا فعلتِ بالمال ؟ "

سألتها أندريا وهى تحاول أن تستوعب القصة .

" لم أنفقه بالطبع ... أعترف بأنى كنت على وشك انفاقه لولا النوبة القلبية التى أصابت والدى فى هذا الوقت ، وعندما أرسلت والدتى فى طلبي نسيت كل شئ آخر "

قامت كلير من مقعدها واتجهت إلى مكتب صغير من طراز ريجنسي كان فى زاوية الغرفة ودلت إليه بيدها وقالت : " المال كله هنا ، يمكنكِ أن تعديه اذا شئتِ "

" لا داعى لذلك دعينا من المال والآن أخبرينى باقى القصة ، لابد أن هناك المزيد "


" ولكنكِ تعرفين القصة ، التقيت بيتر بعد ذلك وفى الحال وقع أحدنا فى غرام الآخر وتبخير بليز من رأسى تمامًا ولم يعد يخطر ببالى إلا كحلم مزعج "


" ومتى أفقتِ من هذا الحلم ؟ "

سألتها أندريا بتهكم .

تناولت كلير حقيبة يدها البيضاء وأخرجت منها رزمة من الأوراق والرسائل وقالت : " وعندما وصلتنى هذه ! وصلنى الظرف الأول بواسطة مارتين ، كان يحتوى على كل التفاصيل المتعلقة بالزواج ، لم أجبه بالطبع واعتقدت أن عدم اجابتى ستجعله يتخلى عن الأمر ظنًا منه بأن الرسالة لم تصلنى "


" وهذا لم يحصل بالطبع . "


" كلا وصلتنى الرسالة الثانية فورًا وليس بواسطة مارتين ، ولابد أنه قام ببعض التحريات واكتشف عنوانى بطريقةٍ ما ، كان فى الرسالة مبلغ من المال قال إنه ثمن تذكرة السفر وطلب منى أن أخبره بموعد وصولى إلى باريس لكي تقوم ببعض الترتيبات لاستقبالى ويرسل سيارة تقلنى إلى سان جان دى روش حيث يوجد قصره كان علىّ أن اجيبه بالطبع .... أدعيت المرض ومرت عدة أسابيع بدون أن أتلقى منه أى شئ وراودنى أمل بأنه تخلى عن الفكرة وكنت فى ذلك الوقت قد أعلنت خطوبتى إلى بيتر وكان كل شئٍ رائعاً ، لكن لم يدم هذا النعيم طويلًا اذ وصلتنى رسالة أخرى ، كانت مختلفة عن رسائله السابقة ، كانت بغيضة ، ذكر فيها بأنه واثق بأننى تماثلت إلى الشفاء وأن الزواج يجب أن يُعقد فى أقرب وقت "

أحنت كلير رأسها قليلًا وتنهدت قبل أن تتابع : " لم يكن بوسعى أن أتجاهل هذه الرسالة ، كان علىّ أن أجيب فكتبت له بأننى غيرت رأيي وأننى لم أعد راغبة فى الزواج منه "

" هل أتيتِ على ذكر بيتر ؟ "


" كلا لم أخبره لحسن الحظ "

قال ذلك وتجهمت ملامحها وأخذت من بين الرسائل واحدة ناولتها لأندريا وهى تقول : " لأنى تلقيت هذه منه ، لابد أنه أرسلها حالما استلم رسالتى "

فتحت أندريا الرسالة وراحت تقرأ :


يؤسفنى يا آنسة هذا التراجع المفاجئ فى موقفكِ وعدم رغبتكِ فى تنفيذ العقد الذى بيننا ، وعلىّ أن أخبركِ الآن أنه لم يعد بامكانى التراجع وأرانى مضطرًا لاتخاذ الاجراءات القانونية ضدكِ لأنكِ نكثتِ بالوعد ولم تنفذى الاتفاق الذى بيننا وأرى من المناسب تذكيرك بأن بين يدىّ وثيقة تحمل توقيعك وتظهر موافقتكِ


طوت أندريا الرسالة وهى تشعر بانقباض شديد وبعد تفكير قالت : " أعتقد أنه يعنى ما يقول "

وتوقفت عن الكلام عندما رأت النظرة المتألمة فى عينىّ ابنة عمها لكنها عادت وسألتها : " وهل يستطيع أن يقاضيكِ لمجرد النكوث بوعد ؟ "

" لا أدرى ، لكنه بالتأكيد قادر على اثارة فضيحة كبرى حتى لو لم يكن فى نيته أن يرفع الأمر إلى القضاء ، وأنتِ تعلمين أن أصحاب الصحف لن يترددوا فى نشر مثل هذه الأخبار خاصة لأنها تتعلق بوالدى ، ولا يجوز يا آندى أن أعرض لأبى مثل هذا الأمر ، اذا تسرب أى شئ من هذا للصحف فإن أبى سيُصاب بنوبة قلبية أخرى تكون القاضية هذه المرة ، ولطالما حذرنا الطبيب بوجوب تجنيبه الانفعال والغضب . "

وما أن انهت كلير كلامها هذا حتى انفجرت ببكاءٍ مرير تقطر له قلب أندريا التى راحت تهون عليها الأمر وتواسيها .
" هل ستساعديننى يا آندى ؟ "

" لا أدرى ماذا بامكانى فعله ، ولكنى لن أضنّ عليكِ بالمساعدة "


" يجب قبل كل شئ أن تسعيد الرسالة التى أقول فيها أننى موافقة على الزواج منه "

قالت كلير وهى تستوى فى مقعدها ويعود إليها تفاؤلها ثم أضافت : " وهذا العقد ! كيف وقعته ؟ لابد أننى لم أكن وقتها فى كامل قواى العقلية "

" بالتأكيد "

أجابتها أندريا بنبرة جافة وأضافت : " وما عساكِ أن تفعلى ؟ هل ستطلبين اليه أن يعيد اليكِ رسائلكِ لتتحققى اذا كانت بالفعل تشكل رابطًا قانونيًا ، أؤكد لكِ أنه لن يتقبل هذا "

" لن يتقبل هذا بالطبع لذلك يجب أن تذهبى بنفسكِ إلى سان جان دى روش وتسرقيها منه ، لابد أنه يحتفظ بها فى مكان ما فى قصره ؟ "


فغرت أندريا فمها مصعوقة وصرخت : " لقد جننتِ ، لن أذهب "


" ولكنه الحل الوحيد ، هل تريديننى أن أذهب بنفسي ؟ قد يرغمنى عندئذ على أى شئ . "


" ولكنه بالتأكيد سيفرش الأرض سجاد لاستقبالى أنا ! "

أجابتها أندريا بتهكم .

" ربما فعل ذلك اذا اعتقد أنكِ أنا "


" إنكِ فعلًا مجنونة ! "

قالت لها أندريا وأضافت بعد تفكير : " وهل تظنين بأنى سأهرع إلى فرنسا لمجرد سرقة بعض الرسائل من شخص أنتِ فرشتِ دربه بالورود وقطعتِ له الوعود الكاذبة ؟ أنتِ ذاتكِ تقولين بأنكِ اذا ذهبتِ إلى هناك قد يرغمكِ على أى شئ ، وماذا عنى أنا ؟ ألن يرغمنى أنا على أشاء ظنًا منه أننى أنتِ ؟ "

" كلا كلا ! "

أجابتها كلير مهدئة وكأنها تطلعها على تفاصيل خطة موضوعة : " اذا حصل هذا فما عليكِ إلا أن تطلعيه على الحقيقة وتقولى له من أنتِ "

حملقت أندريا فى وجهها مدهوشة ثم قالت : " لقد وضعتِ الخطة بحذافيرها "


" بالفعل استحوذت هذه القضية على كل تفكيرى ولم أكن لأفكر بشئ سواها ، وفى أى حال لن يمكننى الذهاب بنفسي ، كيف سأبرر غيابى لبيتر ؟ أصبح زواجنا وشيكًا وعلىّ أن أقوم ببعض التحضيرات ، لم تعد القضية تتحمل أى تأخير فقد يحضر هذا اللوفالييه إلى لندن وعندها سيعلم الجميع ويقع ما كنا نخشاه ! "

أنهت كلير كلامها وهى ترتجف كمن تذكر أمرًا كان غائبًا عن ذهنه ، أدارت إلى أندريا عينين متوسلتين وقالت : " سوت يتخلى عنى بيتر إن عرف هو بالأمر ، وسوف تشجعه أمه على تركى فهى تكرهنى ، آه يا آندى سوف أنتحر ان أنا خسرت بيتر "

نظرت إليها أندريا ببرود وقالت : " بدل أن تنتحرى يمكنكِ عندئذ أن تتزوجى من هذا اللوفالييه ، ألم تراودكِ فكرة الزواج منه فى الماضى ؟ "


" ظننتكِ ستقدرين موقفى لكنكِ بدون قلب ! "


" أنا أقدر وضعكِ لكن الأمر ليس بهذه البساطة ، فأنتِ تطلبين منى اقتراف جريمة ، السرقة جريمة يا عزيزتى "


" لكن هذه الرسال تخصنى أنا ، إنها لى كيف يكون استرجاع ش يخصنى سرقة ؟ "


" حبذا لو كان الأمر كذلك بنظر القانون "


لوحت كلير بيدها وكأن جميع الأنظمة والقوانين ببريطانيا وفرنسا يجب أن تخضع لمنطقها هى وقالت باصرار : " أنا كتبت هذه الرسال وأنا أبغى استرجاعها ، وأنتِ وحدكِ تستطيعين أن تقومى بهذا العمل "


" وكيف بالله عليكِ توصلتِ إلى هذه النتيجة ؟ وهل فى العالة نزعة كامنة إلى الجريمة لم تظهر حتى الآن ؟ "


" كلا ، كلا ، ولكنكِ يا أندريا خبيرة فى حقل العلاقات العامة ولكِ دراية فى معاملة الأشخاص ذوى المراس الصعب ، وسمعتكِ تقولين لوالدتى الاسبوع الفات بأنكِ لكِ الحق فى العطلة "

قالت هذا وهى تتفرس فى وجه ابنة عمها ولما وجدت أن ملامحها ظلت جامدة لا تلين تابعت تقول : " افعلى هذا من أجل أبى ان لم يكن من اجلى أنا . أنتِ تعلمين أنه يعتبركِ كابنته تماماً ... "

قاطعتها أندريا والاحمرار يكسو وجهها : " لا أنسى أبدًا فضل والدكِ على مصاريف دراستى ، لم يكن عليكِ أن تذكرينى بذلك ولكن الابتزاز على ما يبدو مرض ينتقل بالعدوى ! "

ونهضت أندريا من مكانها وتناولت معطفها وحقيبة يدها وهمت بالانصراف .

" لقد أغضبتكِ "

قالت لها كلير ثم أضافت معتذرة : " لم يكن ذلك قصدى ولكنى قلقة جدا يا آندى "

" أعلم ذلك لابد أن نجد حلاً ، وأعدكِ بأن أعمل ما بوسعى "


" هناك حل ، بوسعى أن أطلب إليه الذهاب إلى الجحيم ، ولكن تصورى يا آندى ماذا سيحصل ، لن يتردد غى اقامة الدعوى أمام المحاكم وسيصل هذا الخبر إلى الصحف وهذا سوف يدمر أبي وهو الحريص على ابقاء حياتنا الخاصة بعيدة عن الفضوليين "

وازادات عينا كلير اتساعًا عندما خطرت لها فكرة لم تكن فى حسابها وصرخت : " وحتى جاك سيصيبه بعض الرذاذ اذا ما اختار هذا اللوفالييه أن ينشر رسالى على الملأ "

كانت أندريا مضطربة وهى تهبط الدرج المؤدى إلى قاعة الاستقبال فى الطابق السفلى ، لقد صفعتها الحقيقة فى كلام كلير ، كان والدها قد توفى وهى فى سن صغيرة وما لبثت أمها أن تبعته فاحتضنها عمها وجعل من منزله منزلا لها لم تعرف سواه منذ وفاة والديها .


وكان عمها ماكس وزوجته ماريان بمثابة الأب والأم لها ولم يدعاها تحتاج إلى شئ .


وقفت أندريا عند أسفل الدرج وراحت تفتش فى حقيبتها عن مفاتيح سيارتها ، وراحت الأفكار تدور فى رأسها ، كانت فى لندن عندما أصابت عمها النوبة الألى وكانت قريبة منه ومن زوجته التى لازمته طوال فترة مرضه ، ولذلك تدرك خطورة وضعه الصحى أكثر من كلير ولطالما سمعت الأطباء ينصحونه عن كل من شأنه أن يعكر صفاءه .


وجدت مفاتيحها وراحت تنقلها من يد إلى أخرى بصورة آلية وعيناها متسمرتان على الأرض لا تريان شيئًا ، لو أن بيتر كان شخصًا مختلفًا لذهبت إليه طالبة منه النصح واكنه بما عُرف عنه من تزمت وتمسك بالتقاليد ستصدمه أخبار كلير هذه وتجعله يصدق تلميحات أمه عن عدم صلاح كلير كزوجة له ، وكانت أندريا تعلم فى قرارة نفسها أن الليدى كريجي لم تكن متحاملة على كلير بل حماقات كلير العديدة لافتة للنظر وقصتها مع جاك واحدة من عشرات القصص ، ولم يكن عمها ماكس ولا زوجته ماريان على علم بمغامرات كلير .


قطع عليها تفكيرها صوت باب انفتح ، رفعت أندريا عينيها ورأت امرأة عمها ماريان تخرج منه ، توقفت عندما رأتها وقالت : " ها أنتِ هنا يا عزيزتى ـ كم هى أنانية ابنتى كلير لأنها تستأثر بكِ طوال الوقت ، أوى عمكِ ماكس إلى الفراش مبكرًا وأنا وحدى ، ابقى معى بعض الوقت ريثما نتناول معًا شراب الشوكولا الساخن "


نزلت أندريا على طلب امرأة عمها رغمًا عنها ، كانت تعلم كم هى متوقدة الذكاء وشديدة الملاحظة وكان على أندريا أن تتقن دورها جيدًا لئلا تلاحظ ما كان يعتريها من مشاعر وقلق ، تناولت من يدها فنجان الشوكولا وراحت تشربه ببطئ وسمعتها تسألها .


" هل كنتما تتحدثان عن العرس ، كنا أنا وعمكِ ماكس فى حديث طويل اليوم ، قال لى إنه سعيد جدًا لكون كلير ابنتنا الوحيدة ، فلن يكون من السهل عليه أن يواجه مرة أخرى ما يرافق الأعراس من صخب وتحضير "

توقفت امرأة عمها عن الكلام ونظرت إليها بشغف وابتسمت وهى تقول بتحبب : " أنتِ وحدكِ مستثناه من هذا يا عزيزتى وعلى فكرة ، متى سيصل الدور إليكِ ؟ "

أجابت أندريا بارتباك وتعلثم : " ليس فى الأفق أحدٌ الآن ، بوسع العم ماكس أن يطمئن ، فأمامه سنوات طويلة من الهدوء على ما يبدو "


أمعنت ماريان النظر فى أندريا ولم تملك إلا أن تلاحظ القوام الرشيق والخصر الناحل والبشرة الناعمة والشفتين الممتلئتين وقالت : " أنا لا أفهم شباب هذا العصر ، عندما كنت فى سنكِ كان الشباب يتلقفون الفتيات الجميلات أمثالكِ "


" لكنى لا أريد أن يتلقفنى أحد ! فأنا لا أنوى التخلى عن وظيفتى "


" أحمد الله على أن كلير سوف تستقر أخيرًا ، كنا قلقين عليها ، لم نكن نريد أن نتدخل فى حياتها ولكنها كانت دائمًا تجعلنا نقلق ، لكن شعرنا بالراحة عندما وقع اختيارها على بيتر ، أنا أعرف رأيكِ فيه يا عزيزتى ولكنه يناسبها تماماً ، صدقينى . "


" أنا على يقين من هذا الأمر ، غير أننى أتمنى أحيانًا لو أنه كان أكثر ... ماذا أقول ... "


" تعبيرًا "


أسعفتها امرأة عمها بالكلمة التى كانت تبحث عنها ثم تابعت : " كنت فى بادئ الأمر أشاطركِ نفس تفكيركِ ولكننى الآن أصبحت أتسائل عن جدوى اظهار العواطف ، المهم أن كلير فى غاية السعادة وهى تقول عن بيتر أنه خجول وقد تكون على حق ، وفى أى حال هذا يفسر سلوكه المتحفظ أحيانًا "


" ربما معكِ حق "

قالت أندريا وهى تضع الكوب من يدها ، ثم استفسرت عن صحة عمها قائلة : " وكيف هو عمى اليوم ؟ "

" بخير يمكننى أن أمنحه شهادة حسن سلوك ، فهو يحاول جاهدًا أن يبتعد عن كل ما من شأنه أن يثير عواطفه ويشغل باله "

توقفت ماريان عن الكلام برهة وأخفضت صوتها وكأنها على وشك أن تبوح بسر خطير ثن تابعت : " ليس من المفترض أن أبوح بهذا الأمر ولكننى سأقول لكِ شيئًا أتمنى أن يبقى سرًا بيننا ، هناك كلام عن منحه لقب فارس فى الدورة المقبلة وهذا أمر طالما حلم به وتمناه "

" هذا رائع "

صرخت أندريا بفرح ، وكان فرحها صادقًا وعارمًا .
ثم توجهت إلى امرأة عمها تطمئنها أن سرها فى مأمن وقالت : " اطمئنى فلن أنبس ببنت شفة ولكن هل هذا القرار نهائى ؟ "

" تقريبًا "

قالت لها ماريان وتابعت : " هذا إن لم يحدث ما يفسد عليه الأمر وهذا أحد الأسباب التى من أجلها رحبت بفكرة زواج كلير من بيتر أنت تعلمين كم عمكِ محافظ وكم هى آراؤه حول الشرف صارمة ، إنه لا يساوم أبدًا فى مواضيع الأخلاق والأصول والأدب ولا يمكن أن يرضى عن أى سلوك منافٍ للأخلاق ، كنت أخشى دائمًا أن تقدم كلير على عمل فضائحى وتصل أخبارها إلى الصحف ، الصحف لا ترحم كما تعلمين ولن يفوت أصحابها فرصة نشر أى مادة مثيرة ، وعندئذ سوف يضطر عمكِ ماكس إلى رفض اللقب "

" غير معقول ! "

قالت أندريا بقناعة ثم تابعت : " لا يجوز أن يستمر عمى ماكس فى اعتبار نفسه مسؤولًا عن حماقات الآخرين ، كلير امرأة ناضجة ومسؤؤلة عن أعمالها "

" كلير هى كلير وستظل كما هى حتى لو أصبحت جدة ، وماكس متشدد جدًا فى هذه الناحية وهو يؤمن بأن الأفراد فى المراكز العامة عليهم أن يكونوا المثل الصالح "


نظرت أندريا إلى امرأة عمها مليًا وقررت بينها وبين نفسها أن تعمل المستحيل لتحميها من كل ما يمكن أن يؤدى من حرمانها من هذا الصفاء الذى كانت تتمتع به ، ابتسمت أندريا وهى تنهض من مكانها مستأذنة امرأة عنها بالانصراف

***


حمدت أندريا ربها ألف مرة لأن المسافة التى قطعتها من باريس إلى هذا المكان كانت كافية لتعتاد قيادة السيارة فى مثل هذه الطريق الضيقة والوعرة ، كانت يداها تتشبثان بالمقود باصرار وهى تصعد فى السيارة منعطف بعد آخر .


رفعت بصرها إلى السماء ورأت الغيوم السوداء تتجمع فيها عاكسة على الأرض جوًا مكفهرًا يقبض الصدر ، كان الطقس رائعًا وهى فى طريقها من باريس ، وأنستها شمس الخريف الذهبية ما كانت تسمعه عن طقس أوفيرن العاصف ، وكانت قد قرأت فى مكان ما وصفًا يقول أن الطبيعة فى أوفيرن كانت فى حرب دائم مع نفسها وأوحى لأندريا منظر السماء فى تلك اللحظة بأن الحرب كانت وشيكة .


انقبضت أساريرها وهى تنظر إلى خريطة الطريق ، وأدركت أن بليز لوفالييه لم يكن ينوى تقديم أى تسهيلات ! وتنازلات لزوجة المستقبل ، وإلا لما طلب منها المجئ بمفردها إلى هذا المكان المقفر .


اعتبرت أندريا هذا الأمر بمثابة انذار، فكم يلزمها من الشجاعة والثقة بالنفس لتستطيع العيش فى هذه المنطقة الجبلية ذات البراكين الخامدة ، والتى بجت بيوتها وكأنها شُيدت من الحمم الطبيعية من حولها تنطق بالقساوة والبأس وكان عليها أن تذكر نفسها بأنها لن تعيش فى هذا المكان كل حياتها ، وعلت شفتيها ابتسامة ماكرة وهى تتخيل كلير فى مكانها ، ماذا كانت ستفعل وهى ترى هذا الوادى السحيق وهذه الطريق الضيقة الوعرة ؟ ، كانت بدون شكٍ ستفقد أعصابها وتحزن فى وسط الطريق رافضة التقدم ، أعادتها الخريطة إلى الواقع المؤلم ، كان أمامها بضع كيلومترات قبل أن تصل إلى حيث تقصد ، علا صوت فى داخلها يطلب اليها العودة من حيث أتت ، يمكنها أن تترك السيارة فى كليرمون فران وتستقل القطار إلى باريس ، ولكن ماذا سيحل بعمها ماكس وبامرأة عمها ماريان ؟ أمن أجل كلير وحدها أقدمت على هذه المغامرة ؟ .


حبذا لو استطاعت أن تشاطر كلير رأيها فيما يتعلق بالأوراق ، اذ كانت على قناعة تامة بأن أندريا سوف تعثر عليها حالما تصل ، ولكن لم يكن هذا شعور أندريا أبدًَا ، ولم تميك أندريا إلا التسليم بما قالت كلير ، كانت تحقظ كلمات رسالة لوفالييه الأخيرة عن ظهر قلب لكثرة ما قرأتها ، من يظن نفسه هذا الرجل ؟ هل كان يعتقد بأن سعادة الناس واستقرارهم هى ملكه يفعل بها ما يشاء ؟ وهل كان ليرضى أن تشاطره الحياة زوجة لا تكن له أى عاطفة ولا يربطها به إلا وعد سخيف قطعته على نفسها فى لحظة طيش ؟ لم تكن تذكر الا أنه بحاجة إلى زوجة من أجل تسوية قانونية ، كانت كلير قد اتلفت جميع رسائله الأولى ولم تحتفظ إلا ببعضها وكانت هذه خالية من أى ذكر لهذا الموضوع كما انه لم يأتِ فيها على ذكر مارتين وعائلتها أبدًا .

وفى أى حال كيف يرضون عنه وهو لا يتورع عن الابتزاز ؟ .

كانت أندريا كلما تقدمت شبرًا يزداد قلقها ويشتد الاضطراب فى نفسها ، انه ضرب من الجنون هذا العمل الذى كانت مقدمة عليه ، انها لا تعرف شيئًا عن هذا الرجل الذى كان بانتظارها ، ربما كان مجرمًا فارًا اختار هذا المكان النائى للابتعاد عن الناس ، وان لم يكن كذلك فهو بالتأكيد شخص منبوذ لا يقوى على مواجهة الناس ولذلك فضل العزلة فى هذه الأرض المقفرة والا لماذا يرضى بزواج بالمراسلة ، لقد قال هو ذاته لكلير بأنه يكتفى بزواج صورى ، فلماذا يا ترى ؟


بدأ المطر يتساقط ويحجب الرؤية أمامها ولم تكن المساحات لتساعد كثيرًا واكتمل المشهد : طقس عاصف وسماء ممطرة وطريق مجهولة ! .


حاولت أندريا أن تتصور ردة فعل بليز لوفالييه عندما وصلته رسالة كلير الأخيرة التى تعلمه فيها بعزمها على المضى فى الأمر وتخبره عن موعد وصولها ، توقعت كلير وأندريا أن تصلهما رسالة منه ربما فيها تبجح وشماتة ، لكنه خيب ظنهما ولم يبعث بأى رسالة ولذلك راود أندريا أمل بأن يكون قد أهمل أيضًا ارسال السيارة وفى تلك الحالة ستجد أندريا العذر المقبول لتعود من حيث أتت ، خاب ظنها للمرة الثانية ، ربما أهمل بليز لوفالييه الاجابة على رسالة تلقاها ولكن ترتيباته كانت بدون ريب فى غاية الدقة .


اكفهر الجو فجأة وغابت الشمس وراء الغيوم واسودت السماء وأرعدت ولو كانت أندريا تؤمن بالخرافات لاعتبرت ذلك نذير شؤم .


عندما وصلت أخيرًا إلى سان جان دى روش كان المطر ينهمر بغزارة وهى تشعر بألم فى كتفيها وتشنج فى عنقها وساعديعا من قيادة السيارة على تلك الطريق الكثيرة الانحناءات والانعطافات الغير مألوفة .

لم تكن القرية تختلف عن غيرها من القرى التى مرت بها فى طريقها ، مجموعة من البيوت شُيدت حول ساحة مربعة فى وسطها ينبوع ماء ، واستوقف نظر أندريا برج أبيض ارتفع بشموخ فوق كل البيوت وبدا كأنه يناطح السحاب ، وكانت الطريق من الساحة تتجه صعودًا بشكل حاد ، لم يخطأ من أطلق على هذه القرية اسمها ، قالت أندريا فى نفسها ، اذا بدت وكأنها نُحتت فى الصخر ورأت فى خيالها صورة القصر كجسم كبير جائم فوق أعلى قمة ، تحته البيوت كلها .

تابعت طريقها وألف فكرة فى رأسها وفجأة رأت فى الضوء المنبعث من سيارتها بناءً متداعيًا ، تمهلت قليلًا ومدت رأسها من النافذة اتتبين المشهد بوضوح أكثر ، بدا كأحد البيوت التى شُيدت عادة قرب بوابات القصور وتخصص لحرس وخُيل لأندريا أنها لمحت وجهًا فى احدى النوافذ .

لكن ما لها ولهذا البناء المتداعى ، تابعت تقدمها وفجأة أوقفت السيارة وأطفأت المحرك وحدقت مدهوشة بالمشهد التى ارتسم أمامها .
قصر فى أوفيرن !
هذا ما قالته كلير ، ولم تكن الصورة التى رسمتها أندريا فى ذهنها لتطابق فى أى شئ هذه الخربة المتداعية التى ينطق كل حجر فيها بسنوات من الاهمال .

كان البناء ضخمًا ومؤلفًا من عدة أجنحة وفى وسطها برج جميل ، وكان المشهد أشبه بصورة فى احدى أساطير القرون الوسطى ، وبدت جميع الأجنحة ماعدا واحدًا مهدمة وفى حالة يرثى لها ، حتى ذاك الجناح الوحيد الذى بدا صالحًا نوعًا ما للسكن كانت أبوابه مخهلعة وسطحه تنقصه الحجارة ونوافذه مكسرة ، بدا المكان مهجورًا تمامًا وأوشكت أندريا أن تعود بسيارتها لولا انها رأت خيطا من الدخان يتصاعد من احدى مداخن القصر .

غمرها شعور بالأسف ، كيف وصل هذا القصر المصيب الى هذه الدرجة من الاهمال ؟ وهل كان يظن بليز لوفالييه أن ترضى كلير وهى من اعتادت حياة الرفاهية والعز أن تمضى فصل الشتاء فى هذه المنطقة وفى هذا القصر بالذات ؟ ، سوف تكون بدون شك كزهرة الأوكارديا التى انتقلت فجأة من خط الاستواء إلى القطب الشمالى ، اطفأت أندريا أضواء السيارة على أمل أن يُبدد الظلام صورة واقعها الأليم .

استرسلت فى تأملاتها وهى جالسة داخل السيارة ، هل كان يعلم يا ترة بليز لوفالييه بأن كلير كانت الوريثة الوحيدة لماكسويل ويتسون ولذلك كان يصر على الزواج منها بأى ثمن ؟ لعله كان يحسب أن الأموال التى ستؤول إلى كلير يوم من الأيام سوف ترد له المجد الذى غاب ؟ اجتاحتها موجة من الغضب هزت كيانها ، ستعرف كيف تتغلب على هذا الرجل الذى كان يهدد استقرار آل ويتسون ، ضغطت بيدها على بوق السيارة واخترق السكون صوت الزمور معلنًا قدومها .

انفتح الباب الكبير وظهرت على العتبة امرأة تحمل مظلة سوداء كبيرة ، تأملتها أندريا وهى تجتاز الساحة المفروشة بأوراق الخريف وتسرع لملاقاتها ، رفعت أندريا رأسها بشموخ وتناولت حقيبة يدها ، تقدمت المرأة من الباب وفتحته ، وما ان وطئت قدما أندريا الأرض ، حتى حمل الريح الوشاح الذى كانت تلف به عنقها وشعرها وكان عليها أن تتمسك بباب السيارة لئلا تقع .

" أهلًا بكِ فى سان جان دى روش "

قالت المرأة مرحبة وهى تحاول أن تقيها بمظلتهامن المطر المتساقط بغزارة ، شكرتها أندريا بصوت خافت وكانت قد وصلتا قرب الباب عندما تذكرت أندريا فجأة حقيبتها فهتفت : " نسيت حقيبة ملابسي "
أرادت أندريا العودة إلى السيارة لاحضارها لكن المرأة أوقفتها وأفهمتها أن شخصًا اسمه غاستون يحضرها فى وقتٍ لاحق وأن " السيد " هو الآن فى انتظارها .

" وهذا بالطبع أمر فظيع أن ينتظر السيد "
هذا ما قالته أندريا فى نفسها وهى تعبر الباب .

كان حدس أندريا فى محله اذ كانت القاعة التى دخلتها أسوء حلًا من منظر البناء الخارجى ، فى الصدر موقد كبير بدا خامدًا لا نار فيه ولا دفء ينبعث منه ، وفى الجهة المقابلة استرعى انتباه أندريا قنديل قديم فوق من خشب السنديان وعلى الحائط فوق الطاولة رأت أندريا صفوفًا من الرفوف على شكل خزانة عرضت فيها مجموعة من البنادق المتخلفة الأنواع ، وعلى الأرض بضع قطع من السجاد لم تغب جودتها عن أندريا برغم القدم الذى اعتراها .

وضعت المرأة المظلة فى مشجب قرب الباب فيه عدد من العصى القديمة ثم استدارت الى أندريا وعلى وجهها ابتسامة عريضة وقدمت نفسها على أنها السيدة بريسون مديرة المنزل ، جالت بعينيها فى أرجاء المكان وكأنها تعتذر عن حالته العامة ، لاحظت أندريا بتهكمانها لم تكن خير دعاية لمقدرتها على ادارة شؤون البيت ، ولكن تابعت أندريا تفكيرها ، هل كانت مديرة منزل بمفردها لتجترح المعجزات ؟ كان هذا المكان بحاجة إلى جيش من مديرات المنزل .

توقفت المرأتان أمام باب ضخم بدا أن الدهر أكل عليه وشرب وترك عليه أثارًا لا تمحى من الخدوش والنقر ، طرقت السيدة بريسون الباب طرقات خفيفة ومتلاحقة ودفعته بيدها وهى تتنحى جانبًا مفسحة المجال لأندريا أن تتقدمها .

دخلت أندريا الغرفة بحلق جاف وقلب واجف .
بدت الغرفة الصغيرة بجدرانها المغطاة بالستائر من السقف إلى الأرض مريحة إلى حد ما ، وكان فى وسطها طاولة كبيرة عليها مفرش ناصع البياض وفوقه بعض اوانى المائدة الفضية ، وكانت النار المشتعلة فى الموقد تبعث فى الغرفة دفئًا مريحًا ، بجانب الموقد وقف رجل طويل القامة نحيل إلى دردة الهزال تقريبًا .
كانت ينتعل جزمة سوداء لماعة من النوع الذى يُستعمل فى ركوب الخيل . شعره الأسود أطول بليل من الزى السائد ، وبدا بأنفه الأقنى وفمه القاسي ووجهه المتكبر مختلفًا تماماً عن ذاك الخصم الذى كانت قد رسمت له صورة فى ذهنها لا تمت إلى هذا الموقف هناك بأى صلة .
شعرت بارتباك واختلطت مشاعرها ، فالخصم الذى رسمت صورته فى رأسها رجل متقدم فى السن غليظ القامة وجلف بخلاف هذا الرجل الواقف أمامها الذى بدا فى الثلاثين من عمره وعلى قدر لا يُستهان به من الجاذبية .

أدار الرجل رأسه فكتمت أندريا شهقة كادت أن تفلت من شفتيها . كانت فوق خده الأيسر آثار جرح عميق امتد من أسفل العين إلى منتصف الفك ، لم تكن كلير قد ذكرت أى شئ عن ندبة فوق وجهه وكيف لها أن تعلم بها ؟ .

هل كان هذا السيي الذى جعله يختار زواجًا بالمراسلة ؟ مسكين هو اذًا ، أوقفت نفسها عن الاسترسال فى هذا الشعور فالشفقة لرجل مثله مذلة .

ظهرت على وجهه ابتسامة ساخرة وكأنه قرأ ما كان يدور فى رأسها من أفكار وما كان يتخلج فى نفسها من مشاعر ، شعرت بعينيه الثاقبتين تخترقانها اختراقًا وتنفذان إلى أعماقها ، وبصوتٍ عميق وأجش قال : " وصلتِ أخيرًا يا حبي "
ولم تغب عن أندريا رنة الاستهزاء فى صوته .
وفى لحظة كانت بين ذراعيه وكأنها فى حلم ولم تجد نفسها القوة على دفعه عنها أو الابتعاد عنه .



يتبع
آميوليت likes this.
__________________


  #2  
قديم 12-07-2012, 03:19 PM
 
أخيرًا نتهى الفصل الأول
آسفة حقًا أعرف انه طويل جدًا وأتمنى ألا تملوا منه
وأتمنى أيضًا أن أجد ردود مشجعة لأنى فعلًا تعبت فيه ^^

الأسئلة :

1 - ما رأيكم بالفضل الأول :looove:

2 - ما هو أفضل مقطع آثار اعجابكم ؟

3 - ما رأيكم بالشخصيات : أندريا - كلير - ماريان - لوفاليييه ؟

4 - ما هى توقعاتكم للقادم ؟
__________________



التعديل الأخير تم بواسطة ღAngεl~Mennaღ ; 12-07-2012 الساعة 03:34 PM
  #3  
قديم 12-07-2012, 03:25 PM
 
حجز 1 ^^
__________________
σηℓу Qυєєη•








  #4  
قديم 12-07-2012, 03:30 PM
 
My place ^0^
__________________




-لا أقبل طلبات التصميم على الخاص-


مِـرآة بـلا إطـار\مُدونتـي|الحـبٌ لـا يستَعبِــدُ أحـداً \روايتـي|القـرآن الكريم|إمح ذنـوبك
  #5  
قديم 12-07-2012, 04:08 PM
 
حجززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززز
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هام جداً♥♥ تنبيه الأخوات عن الخضوع بالقول في المنتديات♥♥نسأل الله العافية♥♥ أحلى صحبة خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية 21 07-02-2017 04:52 PM
♥♥♥آلآنمي بآبهى صوره ومختلف وضعيآته }}~~ مشترك * ♥♥♥ ╝◄♥ سهم الحب ♥►╚ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 38 08-12-2012 07:18 AM
[ الْوِحْدَه شُعُورْ يَجْعَلْ الْقَلْبْ خَائِفَا مِنْ كُلْ حُبْ يَطْرِقْ بَابَهْ ] رمزيات + تواقيع من تصميمي .. ♥ sησω ωhité مِكس ديزاين 17 04-26-2012 10:43 PM


الساعة الآن 06:17 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011