ألفريد آدلر (Alfred W. Adler)
ألفريد ادلر
اقدم لكم تقريري عن احد علماء النفس الفريد الدر
وللامانة الاكثر منقول
يعتبر آدلر واحدًا من الثلاثة العظام – مع كل من سيجموند فرويد وكارل جوستاف يونج- الذين كان لهم فضل تأسيس علم النفس الحديث.
وقد ولد ألفريد أدلر في عام 1870 في إحدى ضواحي مدينة فيينا عاصمة النمسا، لأب يهودي يعمل في تجارة الحبوب، وكان ترتيبه الثاني في عائلة من ستة أطفال، وعندما كان آدلر في الثالثة من عمره توفي أخوه الأصغر – بسبب الدفتريا- في الفراش المجاور له، وقد عاني هو نفسه من الكساح وغيره، كما أنه أصيب – في الرابعة من عمره – إصابه خطيرة بداء الرئة Pneumonia كادت ان تودي بحياته، وكان لكل هذا أكبر الأثر فيه فقبل بلوغه سن الخامسة كان قد اتخذ قراره بأن يصبح طبيبا بشريًا حتى يتمكن من محاربة الموت على حد تعبيره.
ولقد أصبح أدلر طبيبًا بشريا بعد تخرج في كلية الطب جامعة فيينا عام 1894، وفي البداية تخصص في طب العيون، ولكنه أصبح ممارسًا عامًا فيما بعد، قبل أن يتحول اهتمامه إلى علم النفس، وكان من أول من اهتموا بنظريات سيجموند فرويد كما أنه اعترف بأن هذه النظريات قد فتحت له طريقًا جديدًا لتحديث وتطوير علم النفس.
وبدأ آدلر يهتم بالتحليل النفسي وانضم إلى جماعة المناقشة التي أنشأها فرويد في عام 1902، وفي عام 1910 أصبح آدلر رئيسًا لمجتمع التحليل النفسي بفيينا وبتزكية من فرويد نفسه، فقد كان فرويد يأمل في أن يكون تعيين آدلر – في هذا المنصب- كفيلا بتقريب الفوارق الفكرية بينهما، لكن العكس هو الذي حدث فإن الخلافات سرعان ما تفاقمت، وأصبح الخلاف من وجهة نظره ووجهة نظر كل من فرويد ويونج أكبر من أن يتغاضى عنه، مما أدى إلى استقالته في عام 1911، ولم يكن هذا الانفصال سلميا بل كان هناك الكثير من المرارة من كلا الجانبين، فنعته فرويد بأنه "غير طبيعي" وأن طموحه الشديد قاده نحو الجنون، ولم يكن آدلر أفضل منه بكثير فقد وصف أفكار فرويد بالقذارة والفحش ونعته بالمخادع المحتال، ثم كون آدلر – مع بعض زملائه- جماعة "البحث الحر في التحليل النفسي"، وغير اسمها في العام التالي إلى جماعة "علم النفس الفردي".
إنه من الواضح أن كل أعمال آدلر تدين بالكثير لزملائه السابقين، ولكنه كان يحمل في داخله – ومنذ البداية- طريقة مختلفة ومستقلة في وصف وعلاج مشاكل البشر.
كما قلنا فإن آدلر قد شكل جماعة "علم النفس الفردي" في عام 1912 والتي أكدت على أهمية النظرة الشاملة لشخصية الفرد، وكلمة "فردي" قد استخدمت للتأكيد على تميز واختلاف كل شخصية عن الأخرى، وعن عدم إمكانية تقسيم أو تجزئة الشخصية، بل وجوب النظر إلى الشخصية على أنها وحدة لا تتجزأ.
خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، خدم أدلر في جيش بلاده كطبيب في قسم الأمراض النفسية والعصبية في إحدى المستشفيات العسكرية، وقد جعلته فترة الخدمة العسكرية أكثر إدراكًا لأهمية وضرورة نشر أفكاره
وقد تميزت فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى بإنتاجه الوفير. حيث كتب ونشر خلالها معظم كتبه، ومنه "دراسة عن دونية الأعضاء والتعويض النفسي" في عام 1917، و"نظرية علم النفس الفردي وكيفية تطبيقها" في عام 1929، و"علم الحياة" في عام 1929، و"حالة الآنسة ر" في عام 1929، و"نمط الحياة" في عام "1930"، و"ماذا تعني الحياة بالنسبة لك" في عام 1931، وكتاب "الميل الاجتماعي: تحدٍ للإنسان" وقد نشر بعد وفاته.
لكن مع تولي هتلر حكم ألمانيا بدأت فترة عصيبة في حياة ألفرد آدلر وغيره من اليهود، ولكن لحسن الحظ لم تستمر هذه الفترة طويلا لأنه في عام 1935 ذهب إلى الولايات المتحدة واستقر هناك، وكانت شهرته قد ذاعت هناك أيضًا فتم خلق منصب جديد –خصيصًا له- في كلية الطب بلونج أيلاند حيث تولى أستاذية قسم علم النفس الطبي، وفي العام نفسه (1935) بدأت مدرسة ألفريد آدلر في إصدار مجلتها " الجريدة الدولية لعلم النفس الفردي" (International journal for individual psychology ).
وفي سن السابعة والستين كان آدلر ما زال يعمل بجد واحتهاد ويعود مرضاه ويستقبلهم ويؤلف الكتب ويحاضر، حتى أنه كان عليه أن يلقي 59 محاضرة في أربع دول مختلفة خلال شهر واحد في ذلك العام، ولقد توفي في 28 مايو عام 1937 متأثرًا بأزمة قلبية مفاجئة خلال رياضته الصباحية –المشي- وبعد أن ألقى محاضرة واحدة على طلبة جامعة أبردين سكوتلاندا.
ولعل من المهم أن نكشف هنا أحد مواقف "فرويد" لأنه مثير جدًا للاهتمام وذو دلالة خاصة، فعندما أرسل له أحد الأصدقاء خطابًا يتعاطف فيه مع آدلر – بسبب وفاة الأخير- كان رد فرويد بالغ الفظاظة وفيه كثير من الخروج عن اللياقة، وفيما يلي ترجمة دقيقة لجزء من نص خطاب فرويد للرد على هذا الصديق: "أنا لا أفهم تعاطفك ومشاعرك نحو وفاة آدلر، فآدلر هذا صبيٌ يهوديٌ ولد في ضاحية صغيرة في ضواحي فيينا. وها هو الآن يموت في أبردين وهو يلقي محاضرة في جامعتها، إن هذا أمر لم يسمع به من قبل، ويعتبر – في حد ذاته- نقلة وظيفية عظمى، وإثباتًا للتقدم الهائل الذي حققه، وفي رأيي أن العالم قد كافأة بسخاء شديد على ما فعله عندما عارض التحليل النفسي".
واليوم بعد مرور أكثر من 65 عامًا على وفاته فإن هناك مستشارين نفسيين تم تدريبهم على استخدام طرق علم النفس الفردي في الكثير من دول العالم: من الولايات المتحدة وكندا، إلى إنجلترا وألمانيا والنمسا وسويسرا، وحتى أستراليا وغيرها من دول العالم. من الحالات التي ذكرها آدلر أنه عرف جنديين خلال الحرب أصابت كل منهما قذيفة أطاحت بذراعه، وبرئ كلاهما من الجراحة، فلما انتهت الحرب ومضت سنوات عديدة لقيهما آدلر مصادفة، كلا على حد ولكن في وقت متقارب، فقال أحدهما عندما رآه:
- "إني يا دكتور آدلر عاجز عن الاستمرار في الحياة، وأجر جسدي كما لو كان عبئا ثقيلا لا خلاص منه، لأن بتر ذراعي قد حال بيني وبين القيام بأي عمل نافع، وليتني كنت مت بدلا من الحياة في هذه الحالة"
كان هذا الجندي شابًا ولكنه استنام إلى كارثته وارتضى العجز والاستسلام. في الأسبوع نفسه زاره الجندي الآخر الذي تعرض لحادثة مشابهة وبترت الذراع نفسها وقال له: - "أنا يا دكتور في أحسن حال؛ فقد وجدت عملا أرتزق منه وهذا العمل أحسن بكثير من العمل الذي كنت أقوم به قبل الحرب، حين كانت لي ذراعان، وقد تزوجت وأنجبت وأنا قانع وسعيد بزوجتي وأولادي، وأكاد أتساءل لماذا خلق الله لنا ذراعين مع أن ذراعًا واحدة تكفي؟"
دفع التناقض الواضح – بين تصرفات الجنديين- آدلر إلى التمعن والتفكير وأخذ يقارن بين سلوكيهما، وبرر التناقض من خلال الشجاعة التي تحلى بها الجندي الثاني في مجابهة الحياة وما تحمله من كوارث ومحن، ويعزو آدلر هذا الفارق العظيم بين الشابين إلى أن أحدهما (الجندي الثاني) قد اعتاد منذ الطفولة -خلال السنوات الأربع أو الخمس الأولى من عمره- أن يكون شجاعًا يتحدى ويتصدى في حين اعتاد الآخر (الجندي الأول) منذ طفولته –خلال السنوات الأربع أو الخمس الأولى من عمر- على أن يجبن ويفر ويستكين. إن "الشجاعة هي صحة النفس"، هذه هي إحدى الكلمات المأثورة عن آدلر، ذلك أن جميع الأمراض النفسية تقريبًا تعود إلى الخوف خاصة الخوف الذي ليس له ما يبرره من العوامل الخارجية؛ فهو حالة نفسية تعسة تجعل صاحبها يخاف كل شيء، وتنبع هذه الحالة من داخل الفرد وتتسبب في زعزعة نفسه.
ولكن يجب ألا يكون النقص في التربية عذرًا لأن نجبن ونستكين للكوارث التي تقع بنا، فإذا لم نكن قد تعلمنا الشجاعة، وتعودناها خلال مرحلة الطفولة؛ فإنه يجب علينا أن نتعلمها ونشرع في التعود عليها، وأن نغالب المشاكل والصعوبات والكوارث ولا نعترف بالهزيمة أبدًا، مثل ذلك القائد العسكري الذي قال:
- "إن الجيش لا يهزم ما دام لا يعترف بالهزيمة".
وكتاب "الطبيعة البشرية" واحد من أهم كتب ألفريد آدلر الخالدة. في هذا المجلد الفريد يقوم ألفريد آدلر – الخصم العنيد لسيجموند فرويد والزميل والشريك السابق له في نظرية التحليل النفسي- بشرح وجهة نظر علم النفس الفردي في الطبيعة البشرية، وقد قسم الكتاب إلى جزأين: الجزء الأول، وفيه شرح أساسيات نمو وتطور شخصية الفرد؛ أما الجزء الثاني فقد تناول فيه المؤلف دراسة علم شخصية الفرد، وقسم الشخصية إلى نوعين أساسيين: شخصية هجومية وأخرى غير هجومية، وشرح السلوك الخاطئ للفرد والذي يؤثر على التناغم الذي يجب أن يسود حياتنا الاجتماعية والكيفية التي يمكن للفرد بها أن يطور من نفسه حتى يتأقلم مع المجتمع المحيط به، كما حدثنا عن المشكلات الأساسية الثلاث التي تواجه الفرد في حياته، ألا وهي: العمل، والعلاقة مع باقي أفراد المجتمع، والزواج، كما أخبرنا بطريقته العلمية الفذة والمنظمة عن أهمية التعاون والشعور الاجتماعي في مواجهة هذه المشكلات الثلاث، ولا يخلو الكتاب بالطبع من النقد الصريح والمستتر لنظريات فرويد في التحليل النفسي مع ما هو معروف عن الخلافات بينهما.
ارجو ان يكون التقرير ذو فائدة