06-23-2013, 08:19 AM
|
|
الفصل الاول الحان رقيقة... مشاعر شجية... انبعثت من علبة موسيقية قديمة رقص على مسرحها الضيق عروسا الدمى... رقصة منتظمة دائرية ترقبتهما عيناها الذابلتين بخضارهما الباهت من خلف دموع ساخنة تحكي عن ماض جميل قد خلى وعن مستقبل مجهول ات لا تتأمل منه خيرا... وكيف تفعل وهي ستبتعد عن احبتها... عائلتها... لتنضم الى عالم لم تعرفهم يوما... سكتت دموعها لوهلة ليأخذ القلب دور الكلام ليحكي عن الآمه الملتهبة... " رحمك الله زوجي العزيز... يوم ادخلتني هذا البيت معززة مكرمة... اليوم اخرج منه كما تخرج اي قطعة اثاث... وجودي هنا لم يعد ذا قيمة... بل اصبح عبئا على البعض... عائلتي التي افنيت عمري لأجلها، اليوم تعتبري مجرد عبء مجرد عائق امام انشغالاتهم اليومية..."
انسابت هذه الافكار الاليمة من قلبها لمخيلتها مع الحان الموسيقى التي تذكرها بأجمل ايامها...
قطع سيل هذه الافكار طرقا على الباب...
بيدها الهزيلة المجعدة اغلقت العلبة الموسيقية لتضعها في حقيبة وضعت فيها اهم ممتلكاتها استعدادا للرحيل ثم مسحت دموعها لتسمح للطارق بالدخول فٌتِحَ الباب لتدخل منه سيدة بلباس بسيط مسدلة شعرها البني على كتفيها وقالت بعجلة: - هل انتهيت امي؟ لقد حان وقت الرحيل... جالت العجوز بنظرة حزينة متعبة حول الغرفة الصناديق تملى ارض تلك الغرفة الخاوية التي لم يتبقى فيها الا الذكريات في زواياها الفارغة رغما عن الجدة نزلت دمعة وداع تلتها اخرى حتى امتلئ خدها بالدموع نظرت اليها ابنتها بحزن واسى، اقتربت منها لتربت على كتفها محاولة مواساتها قائلة: - لا تقلقي... سنمر عليك كل نهاية اسبوع للاطمئنان عليك كما نفعل حاليا، لكني لا اريد ان تبقي وحيدة في المنزل - انت لا تعرفين ما يعنيه لي هذا المنزل... لقد قضيت فيه معظم ايام حياتي... لا استطيع مفارقته بهذه السهولة... - امي... هنا لا يوجد من يهتم بك... وان حدث لك مكروه انت هنا وحيدة... بينما هناك العديد من الممرضات سيعتنون بك كما يجب، كما ان كل من هناك من جيلك ستتفقين معهم جيدا، الان هيا لنمضي... دخل زوج ابنتها الغرفة، سلم على حماته، حمل حقيبتها وخرج من الغرفة متجها الى سيارته منتظرا وصول زوجته مع امها، ما ان وصلا، ركبا وانطلقوا... توقفت السيارة امام دار العجزة، نزلت منها الجدة مع ابنتها تفحصت البناء من الخارج بنظرة سريعة بينما كانت ابنتها تودع زوجها بعدما طلبت منه ان يأتي لاصطحابها بعدما تتصل به دخلا المبنى، جلست الجدة في مقعد تتأمل من حولها ريثما تكون ابنتها قد انتهت من التحدث مع عاملة الاستقبال... كان الاغلبية من العجائز، البعض الاخر من الممرضات والعاملات هناك، والفئة الاقل تواجدا هم من زوار القانتين...
توجهت الابنة نحو امها ما ان انتهت واتت برفقة احدى العاملات لترشدها الى غرفتها
سرن سوية في ممر بين الغرف وكلما تمر بقرب احد المسنين تلاحظ بنظراته الحزن والاشفاق اللذان يخبرانها عن الاسى الذي عانوا منه هنا والذي ستعاني منه هي ابتداء من اليوم
اخفضت بصرها محاولة تجاهل نظرات من تتجاوز اثناء سيرها الى ان وصلت الغرفة
فتحتها العاملة لتدخل منها العجوز وابنتها وضعت حقيبتها بالقرب من السرير وجلسا بالقرب من بعضهما نظرت الابنة الى امها بحزن محاولة توديعها بعينيها ثم عانقتها لمدة لا تتجاوز عدة ثوان لتبتعد عنها قائلة: ان احتجت شيء لا تتواري عن الاتصال بنا، سنأتيك عن فورنا" همت بالنهوض للرحيل لولا ان استوقفتها يد امها الباردة مرتجفة بين حالتها الجسدية الهرمة وحالتها النفسية التعبة... قالت بصوتٍ قطّعه جوى حنين قلبها من خوف ابتعاد ابنتها عنها: - ابقي... ابقي معي ولو قليلاً - نظرت اليها ابنتها باسى وحرج ثم قالت: امي... انا منشغلة الان...ساراك فيما بعد... - ارجوك دارلين... فقط قليلا... تنهدت دارلين باستسلام معلنة تلبيتها لرغبة تلك العجوز...
مر الوقت سريعا حتى انقضت ساعة، دخلت الغرفة امرأة عجوز تبدو لطيفة، سلمت عليها دارلين وقالت لها: - اظنك شريكة امي بالغرفة بدى الحزن على وجه العجوز لتقول باسى: - اذن اخيرا اتت جارتي الجديدة... ابتسمت دارلين وقالت لها: انا دارلين وهذه امي تيريزا، اتمنى ان تصبحان صديقتان بادلتها العجوز الابتسام وقالت لها: - انا جوزيفين ، كما يسرني ان نكون صديقتين، لكن اتمنى ان تطول مدة اقامتك معي اكثر ممن سبقك استغرب كل من تريزا وابنتها لتقول دارلين: - لما! ما الذي حدث باللاتي سبقنها؟ اصدرت جوزيفين ضحكة قصيرة ساخرة وقالت: - انت في دار العجزة، فما تتوقعين ان يحدث معهم؟ اتسعت عينا دارلين وامها لتقول جوزفين: - يبدو انكما توصلتما للمقصود، فلا داعي لأكثر الكلام اطرق الجميع نظره للأرض بحزن واسى ثم اتجهت جوفين الى سريرها، جلست بالسرعة التي يسمح لها عمرها ثم زفرت بتعب كأنها كانت تحمل شيئا ثقيلا ربتت دارلين على ذراع امها وقالت لها: - اسفة امي، تعلمين انني لا استطيع البقاء اكثر من هذه المدة، اولادي سيصلون من المدرسة ولن يجدوني بالبيت، الى اللقاء...
قامت وخرجت قبل ان تستوقفها امها وتقطع قلبها بدموعها لتبقى معها اكثر
خرجت من الغرفة مخرجة هاتفها النقال لتتصل بزوجها كي يأتي لاصطحابها
بينما تيريزا تودع مثوى ابنتها التي احتوها منذ لحظات...
مررت يدها على الفراش حيث كانت تجلس فيه لتلتمس دفئه لكن سرعان ما برد... نظرت الى جوزيفين التي كانت مستلقية على الفراش دون ان يؤثر عليها المشهد من كثرة ما مر امامها سابقا ردت جوزفين دون ان تنظر اليها: - لا بأس... هي ايام وستعتادين الامر انكست تيريزا برأسها بحزن، نزل دمعتها التي حاولت جاهدة احتجازها على المصير الذي اضحت فيه... بين بعدها عن احب مكان الى قلبها وبعد احبتها عنها وبين جارتها الجديدة الباردة والمملة، انكبت على الفراش تبكي بحرقة هي تتمنى ان يكون اليوم اخر يوم من حياتها...
انتهى الفصل الاول
ارائكم :madry:
انتقاداتكم
توقعات ^^ |
التعديل الأخير تم بواسطة العجوزة زوزو ; 06-23-2013 الساعة 01:23 PM |