08-06-2013, 05:24 PM
|
|
ويبقى لنا البحر يبقى لنا البحــــــر وقفنا على البحر تحت الظهيرة طفلين منفعلين و روحى يسبح عبر مروجك في نهر عينين مغدقتين و قلبى يركض خلف سؤالِ حملت براعمه عطر مرعىً على شفتيك سؤالك فيه عذوبة ريح الشمالِ و روعة أغنية سكبتها كمنجات شوق مخبأة في يديك سؤالك لون سماء على برك و دوالي سألتَ عن البحر هل تتغير ألوانهُ؟ و هل تتلون أمواجه؟ هل تُرى تتبدل شطآنهُ؟ سألت و عيناك واسعتان اتساع الرؤى و وجهك نجم نأى و سفن مضيعة لم تجد مرفأَ سألتَ و هدبك دهشة طفلِ و رعشة سنبلة, و تموُّج حقلِ و كانت يداك شراعين منهمرين على زورقين وراء المدى و الرؤى شاردين و قلتُ, نعم, يا حبيبي يغيّر ألوانَه البحرُ تعبر فيه سفائن خضرُ و تطلع منه مدائن شقرُ و يشرب حينا دماء الغروبِ و يصبح حينا بلون الفضاء يلملم زرقته يا حبيبي و يحلم, يرنو بعينين شذْريَّتين سماويّتين إلى اللانهاية, يأخذ لون الضياء صباحا و يطفىء كل ثريَّاته في المساء سألتَ عن البحر, هل تتغير ألوانهُ؟ و هل تتلون أمواجه؟ هل تُرى تتبدل شطآنهُ؟ نعم يا حبيبي و بحر يلاطم وديان نفسي و يرحل عبر موانىء لون و شمسِ و عبر حقول مغيبِ و يغتسل الغسق القمرىّ بأمواجه و يبلل شَعره و يلقي إليه سماء و فكرة نعم يا حبيبي, نعم, و يلون خلجانهُ نعم و يغير ألوانهُ فيشرب صفرة شكى و ظنى و يصبح أزرق في لون لحني و تبحر في شذر أمواجه أغنياتي و سفني و يصبح أبيض, تصبح لجته ياسمينة و يصبح أخضر, مثل اخضرار العيون الحزينة و مثل زبرجد نهر النهاوند في قعر حزني سألت عن البحر, هل تتغير ألوانهُ؟ و عيناك بحر ترامى و ضاعت حدود مداهُ و شطآنُهُ نعم يا حبيبي, يغير ألوانهُ و يصير بلون الرماد له كل طعم ليالي السهاد رمادية كل أسماكه, و رماد لآليه, إسفنجهُ, أخطبوتاتهُ, و رماد مدائنه الغارقات القباب و لون الرماد جبين غريق طفا و توسّد أمواجهَ الملح, مغمىً عليه و يبتلع الماء, و الملح عوسجة و رماد على شفتيه و بحري و بحرك, بحر الرماد حنون الفؤاد له قسوة تلثم الجرح, تفرش لين وساد و بحري و بحرك شاكس جسمَ الغريق الرمادى أرسل موجته القاسية لتلطمه, و عروس بحور لتحمله, للرمال النبيذية الناسية و يرقد من دون وعى على الجرف, مغمىً عليه و بحر الرماد يرشرش إغماءه, و الشبابُ الغريق تغازل خديه, موجة حب, و تغسل جبهته و تريق عليه المحبة و الملح و الرغو, حينا يغطي الجسد و حينا يعود, و يرتد عنه, و يتركه لذهول الأبد و يا من تسائلنى هل يُغير بحري و بحرك ألوانهُ؟ و مثل الغيوم يلون, يرسم, يالزيت و الفحم شطآنهُ؟ حبيبي لقد كان لي في الطفولة جدُّ طويل كمثل جدائل شعر ربيع وريف و كان لجدىَ عمقٌ و ظلٌّ و بُعدُ له عنف عاصفة في خريف و كان مدىً في بحار مطلسمة لا تُحدُّ و جدىَ كان قويا كموجة بحر مخيف و في ذات يوم سرَتْ ألسن النار في بيتنا مضت تمضغ الباب, تشعل لين الستائر يدور اللهيب دوائر يزمجر في شرفات مُنانا و يضحك من رعبنا يهدد ان يتوسع, يركض في حينا و ينذر أن يتغدى خدودا, شفاها, ظفائر و يغتال حتى شباب البيادر و أقبل جدىَ مندفعا مثل موجة بحرِ و أرسل صيحة هول و ذعرِ تحدّر في عنف إعصار نوء, يسب و يلعن شتائمه مطر و حنان, شراسته بيت شِعر ملحن و نجمة فجرِ و زورق عطرِ و مدُّ السباب على شفتيه غدير ملون و أطفأ جدى الحريق, و أنقذ هدبي و شَعرى حبيبي, و جدىَ قد كان بحرا يُغيّر ألوانه و تصير محاجر عينيه سودا و خضرا يبدّل أمواجه, يترامى, يصوغ لآلىء يُسيل ينابيع, يرسي شواطىء و يبدع مدّا, و يصنع جذرا يبعثر عبر ازرقاق الخليج جزائر شقرا و كانت جرادله و هْى تلعن, كانت قماقم بلسم تكسّر أسورة النار, عن ساعد لين و ذراع و معصم و قسوة أمواج بحرىَ صارت أكفا و صدرا لتحمل جسم الغريق الرمادى تمطره قبلات و زهرا و ترميه فوق ضفاف السلامة رفيف جناح حمامة و تعطيه عمرا جديدا و تزرع إغماءه حلما و سنابل ذكرى و برد غمامة عن اللون و البحر تسألني يا حبيبي و أنت شراعي وألوان بحري و غيبوبة الحلم في مقلتي و أنت ضباب دروبي و أنت قلوعي و أنت ذرى موجتى و وردة حزني, و عطر شحوبي عن اللون و البحر تسألني يا حبيبي و أنت بحاري و مرجانتي و محاري و وجهك داري فخذ زورقي فوق موجة شوق مغلفة, خافية إلى شاطىء مبهم مستحيل فلا فيه سهل و لا رابية إلى غسق قمرىّ المدار عميق القرار و ليس له في الظهيرة لونُ و ليس له في الكثافة غصنُ و لا فيه هولٌ, و لا فيه أمنُ هنالك سوف نضيع و نأكل دفء الشتاء, و نقطف ثلج الربيع و نغزل صوف الصقيع هناك لا طول للظل في حلمنا, لا قِصَر و لا شىء يمكن أن يرتقيه النظر سوى موجة أغنية تتحدّر عبر جبال القمر و نضحك, نبكي, و عيناك تعكس لون البَحَر و يبقى لنا اللون و البحر و الأبد المنتظَر اتمنى القصيدة نالت على اعجابكم |
__________________
امللك ..لا املك غير اسرار
بارعة في اختلاق اعذار
يطلقون علي لقب غريبة اطوار
اجيد كتابة الاشعار
لكن ما بين الكلام والصمت
توجد لغة اسمها الهمس |