تَرَكْت كِين فِي البَهو رُفْقَة ياماتو و يومي اللذان أجْرَيَا تَحْقيقًا مَعَه،
وَ سِرْت بَيْن الغُرَف بَاحِثَة عن العَمَة هَارُو،
وَصَلْت إِلَى المَطْبَخ لتَسْتَوْقِفَنِي
تلك الرَائحة الجَمِيلَة الفاتِنَة!
لَم أسْتَطِع مُقَاومَةعَصَافِير بَطْنِي!وَلَجت المَطْبَخ
دُون شُعُور وَ بِحَرَكَة تِلْقَائيَة، وَجَدْت قِدْرًا كَبِيرًا عَلَى النَار،
آه!إنَّها رَائِحة لَحْم و خُضَرو الكَثِير مِن الأرُز بالكَاري!
رَفَعت الغِطَاء لأجد..مَعْكَرُونَة مَغْلِيَّة!
تَبًا..تٍلْك الرَوائٍح قَادِمَة مِن بَيْت الجِيرَان!شَعَرْت بإحْبَاط شَدِيد
نَزَل عَلَيَّ و عَلَى بَطْنِي كالصَاعقة!جَلَسْت عَلَى كُرْسِيِّ
بالمَطْبَخ وَ أخَذْت أَقْضِم قِطْعَة خُبْز كَانت عَلَى الطَاوِلَة بِمَلَل و إحْبَاط..
-آه..عَزِيزتي يورا،أَنْت هُنَا،أَيْن كُنْت قَلِقْت عَلَيك بُنَيَتِي.
قَالت العَمة هارو اللطيفَة مُسْتَفْسِرَة،إنَّها امْرَأة رائٍعَة وَدِيعَة،
بِجَسَدَ قَصِير سَمِين و وَجْهِ بَشُوش طَيِّب،وَشَعْر قَد
تَلَوَّنتبَعْضُ خُصُلَاته بِلَون أبْيَض مُعْلِنَة عَن كُهُولَتِهَا،
اِبْتسَمت لَها وَ قُلْت مُطَمْئنة إيَّاها:
-لَا شَيْء مُهم عمتي، لَا تَقْلَقِي فأنا بِخَيْر لَولا هَذَا الجُوع!
-لا بأس يورا،سَوْف نتَناول العَشَاء مَعًا!
-أأنت جَادة بأننا سَنَأكُل هَذِه المَعكَرُونة؟
-أجَل و لمَ لا بٌنَيَتي؟أَنْت تَعْلَمِين أنَّنا بآخر الشَهْر
و لَم يَدْفع لٍي أحَدٌ الإِيجَار،فَلَم أجِد مَا أطْبُخُه
إلَّا هَذِه المَعْكَرُونة،ثم إنَّها دَافِئة و لَذيذَة فِي هَذَا الصَقِيع!
قَالت بِمَرَح،يَا إلَهي ! مَا هَذا الطَعام؟أنَا جَائِعَة جِدًا الآن
و لَن يُسْكَت هَذَا جُوعِي!آه..كِدْت أن أَنْسَى أمْرَ كِين!
-عمَة هَارو،أظُّن أَنَّ هَنَاك مُسْتأجِرًا َجدِيدا مُزْعِجًا بالأسْفَل،
ارْفُضِي طَلَبُه مِن أجْلِي..رَجَاءً!
قلت بِلُطْف وَ بَراءة شَدِيدة،اِبْتَسَمت العمة و نَزَلَت دون أن تَرُّد عَلَي،
فَلَحَقتُها مُسْرِعَة نَحْوَ البَهو حَيْث كَان كِين،
اِبتَسَمَت مُرَحِبَةً بِه و قَالت:
-أهْلًا بِك فِي مَنْزِلِي بُنَي!أَنَا هَارو صاحِبَة المَنْزِل،
أخْبَرَتْنِي يورا أنَّك تُرِيد الاستئجار هُنَا،أهَذَا صَحِيح؟
انْحَنَى كِين باحْترَام شَدِيد و قَال بِلَهْجَة مُهذَبَة لَطِيفَة :
-تَشَرَفت بِمَعْرِفَتك سَيِّدتي،أنا كِين تَاكيغامي،
وَ يُشَرِفُنِي أن أَقْطُن بِمَنْزِلك الرَائع.
-يا لَك من فَتَى مُهَذَب!سَعِيدة بمَعْرِفَتك،
وَ هَذَا المَنْزِل مَنْزِلك من الآن بُنَي!
-مَاذا؟لا تُصَدِقِيه عَمَة هارو..إنَّه مُخَادِع،إنَّه دِيك رومي مُزْعِج،
مِن أجْلِي لا تَقْبَلي أرجُوك!
قُلْت بانْفِعَال مُتَرَجِيَة العمة هَارو ،التي قَالت لي:
-لا يَجُوز هذَا يورا،كِين طيب و هَذا وَاضِح،وأنا قَبَلْته فِي مَنْزِلي
و انتهى الأمر!كما أنَّه عَلَى عكسِكم جَمِيعًا،
أوَّل مسْتأجِرِ مُهذَب أتَى إلَى هُنَا!
-لا..لا يُمْكِن!لمَاذا عمَتِي ..لِمَاذا تُسَاعِدينَ هَذا الدِيك
المُجرَم فِي تَحْطِيم حَيَاتِي!
قُلْت مُمسِكَة بِثَوبها بِطُفُولِيَة،لِيَقُول كين ساخِرًا مِنِي:
-أنت تَظْلِمينني آنِسَة يورا!أنا وَ أنت سَنَكُون أعَزَّ الأصْدِقَاء..أعِدُك!
لِيبْتَسِم ابتِسَامة مَاكِرَة شِرِيرَة،اِقْتَرَبْت منه بِغَضَب
وَ دُسْت عَلَى قَدَمِه قَائٍلَة:
-اُصْمت و اغْرُب عَنْ وَجْهِي الآن أيُّها الدِيك!
-آآآآآآآآآآآآي!مُتَوَحِشَة!أنت تَغَارِين مِنِي!
-وَ لِمَاذَا أغارُ مِنْك؟أنت الآن بِحَالَة مُزْرِيَة أكْثَرَ مِنِي!
أشَاح وَجْهه للجِهَة الأُخْرَى وَ قَال بِغُرُور:
-هه.. المميز يَبْقَى مُمَيَّزًا مَهمَا حَصَل!
-أنظر إلَيَّ جَيِدًا !لا تُزْعِجْنِي فَأنا جَائِعَة وَ غَاضِبَة!!
قلْت بِحَنق شَدِيد،لأَرْتَقِي الدَرَج و أنَا أَضْرِب قَدَمَيَّ بِعُنْف
عَلَى الأَرْض،دَخَلْت غُرْفَتِي الصَغِيرَة المَوْجُودَة آخِر الممر،
وَ أغْلَقْت الباب جَالِسَة عَلى الأرْض،لأَسْمَع صَوْت بَطْنِي الصَارِخ!
أشْعُر بالجُوع و الحُزن و الغَضَب و الألَم!
لَقَد حَدَث ما كُنْت أخْشَاه و طُرِدْت من العَمَل،
و هَا قَدْ عًدْت لِنُقْطَة البِدَايَة،إنَّها الوَظِيفَة العَاشِرة
الذِي فَقَدْتُها خِلَال سَنَة!يَا لِي مِن فَاشِلَة!
لَقَد مَلِلت مِن حَيَاتِي التِي لَم أعْرِف فِيهَا طَعْمَ السَعَادة،
أُرِيد حَقًا أنْ أُغَيِرَّهَا لَكِن لَا أسْتَطِيع،أَنَا أَعْمَل بِكُل طَاقتِي
وَ لَكِنَّ الأُمُورَ تَأْبَى أن تَكُون فِي صَفِّي!جَلَسْت فِي غُرْفَتِي
المُخَرَبَة المُظْلِمَة وَحِيدَة بَاكِيَة مُدَة طَوِيلَة لَم أشْعُر بِمُرُورهَا،
إلَى أن سَمِعت طَرْقًا عَلَى الباب و صَوْت هِيكَارِي المُزعِجَة:
-انزلي لِتَنَاوُل عَشَائِك،أمْ تَنْتَظِرِين بِطَاقَة َدَعْوَة آنِسَة فَاشِلَة؟
فَتَحْت البَاب بِغَضَبٍ وَ عَيْنَاي مُتَوَرِمَتَان
مِن شِدَة البُكَاء،لأقُول بِحَنْق:
-مَا الذِي تُرِيدينَه أنت الأخرَى ؟اُتْرُكينِي و شَأنِي هيكَاري.
-إذن لَنْ تتنَاولِي عَشَائك؟
لَحْظَة وَاحِدَة!عَشَائِي العَزِيز!اسْتَيْقَظت عَصَافِير بَطْنِي مُجَدَدًا
و عَادت لِنَشَاطهَا!دَفَعْت هيكاري الغبِيَة مُبْعدَة إيَّاها عَن طَرِيقي،
لٍأنْزِلَ الدَرَجَ نَحْو غرفَة الطَعَام،الجَمِيع كان هُناك:
يومي و ريو،ياماتو، الجدَة يُوكو ،العمة هارو ، ومَعَهُم كِين الأحْمق
الذِي كَان مَحَطَّ اهْتمام الجَمِيع،آه..نسيت أن أعَرِفَكم
عَلَى جَدَتِي يوكو،و جَدَّة الجَمِيع هُنَا!إنَّهَا أكْبَرُنَا سِنًا،
حَيْثَ أنَّ عُمْرَها يُنَاهِز الثَمَانين سَنَة!وَهِي أوَّل مَن قَطَن
هَذَا المَنْزِل حَيْثُ كَانت صَدِيقَة وَالِدَة العَمَة هَارُو،
عَجُوز غَرِيبةالأطْوار،خَرِفَة لَكِنَهَا دَاهِيَة!
لَا طَالَما وَصَفَت نَفْسَهَابأنَّها جَمِيلَة الجَمِيلَات
بَيْنَمَا هِي عَجُوز هَرِمَة،طَوِيلَة اللِسَان،ثَرْثَارَة و حِشَرِيَة
و الأَغْرَب هُوَ أنَّهَا و رَغْم كِبَرِ سِنِهَا تظَلُ تَعْتَنِي بِنَفْسِهَا
و تَضَعُ كُلَّ أنْوَاع مَسَاحِيق التَجْمِيل!
و دَوْمًا ما تُوَبِخُنِي لأنَني لَا أُجَمِّلُ نَفْسِي
قَبْلَ خُرُوجِي مِن البَيْت نَحْوَ العَمَل!الجدَّة يوكو امرَأة
جِدُ حَكِيمَةرَغْم كُلِ شَيْء،و لَديهاَ
تَجْرِبَة عَمِيقَة فِي الحَيَاة،وَلَكِنَهَّا عَجُوز مُضْحِكَة جِدًا!
نَزَلْت بابتسامة زائفة لأخفي خلفها حُزنِي و ألَمِي،
كان الجَمِيع مُهتَمِين بكين،ذاك الشَاب اللطيف المُؤدَب
فِي نَظَرَهِم،لَم أُرِد الخَوض فِي الحَدِيث مَعَهم لأنِي
كنت مُتَيَقِنَة مِن أنِّي سَأتشَاَجرُ مع الجَمِيع
و لن يتسَنَى لٍي إكمال طَعَامِي،فَجَلَست إلَى الطَاوٍلة
وأمسكت عِصِيَ الطَعَام و شَرَعْت فِي تنَاول المعكَرُونَة
بِشَرَاهة رغم أنَّها لَم تكن لَذِيذة بل كَانت بلا مٍلْح أصلًا!
أكمَلْت صَحْنِي فِي دَقَائق و صِحْت
و فَمِي مَمْلُوءٌ عَلَى آخِره رَافِعة الصَحن لأعْلَى:
-رُوَيْدَك يُورا!سَتُصَابين بِألَم بِبَطْنِك بُنَيَتِي!
قالت العَمَة هَارُو بِلُطْفٍ،لِتَرُدَ عَلَيْهَا هيكَارِي سَاخِرَةً:
-إنَّها لَا تَمْلِك مَعِدَة بَشَرٍ أمِي،بَل مَعِدَة ثُعْبَان،
لا دَاعِي للخَوفِ!
قلت بِغَضَبٍ و دُون أن أنزَعَ عِصِيَّ الطَعَام مِن فَمِي،
اِبْتَسَم كِين و قَال:
-أمْرُك غَرِيب يورا،فَرَغم شَرَاهتك هَذِه
أنت تَمْلِكِين جَسَدًا نَحِيلًا و قَصِيرًا هَكَذَا!
نَظَرْت إلِيْه و قَد اِحْمَرَت وَجْنَتَاي مِمَّا قَاله أمَام الجَمِيع،
شَعَرْت بِخَجَلٍ شَدِيد و لَم أسْتَطِع التَفَوُّه بِكَلِمة،
فقد كَان الجَمِيع يَضْحَكُون و يَتَغامَزون ساخِرِين مِنِي،
أمَّا الجدَّة يوكو فقد قَالت:
-هَذَا أفّْضَل لهَا،إن ازدَاد وَزْنُهَا فَلَن يتَقدمَ احد لِخِطْبَتِهَا!
-مَعَك حَقٌ يَا جَدَة،ومن يُرِيد الزَوَاج مِن قِرْدَة مِثْلِهَا..
أرْدَفَت يُومي بسُخْرِيَة لِيَنفَجِر الجَميع ضَاحِكِين،
لَم احْتَمِل هذَه السُخْرِيَة أكثر،فانْتَفَضْت من مكانِي
و ضَرَبْت الطاوِلة بِكِلْتا يَديَّ بِحَنْق لأضِيف:
-أنتم!مَن تَظُنُون أنْفُسَكُم؟أنتم لَسْتُم سِوَى أسْوَء النَاس
باليَابَان جُمعْتُم و سُلْطتم عَلَيَّ بِهَذَا البَيْت اللعِين!
وَهَا قد اِنْضَم السَيِد ديك إلَى المَجْمُوعَة لِتَكْتمِل عِصَابَتُكم الإجْرَامِية!
الْتَفَتُ إلى يُومِي و قلت وأنا أشِير بإصْبَعي نَحْوها قَائِلَة:
-وَأنت!مَاذَا تَظُنِين نَفْسَك؟مَلِكَة جَمَال العَالم أم مَاذَا
؟لَسْت سِوَى مُهَرِبَة مُخَدِرَات تَدَعِين القُوَّة،أنت القِرْدَة بعَيْنها،
أظُن أنَّك من سُلَالَة الغوريلا!
نَهَضَت يُومِي من مَكَانِهَا و هي تستشيط غَضَبًا،لتَقُول:
-سَتَنْدَمِين أيَّتها الـــ...
قال رِيو محاوِلاً كَبْح زَوْجَتِه العَصَبْيَّة التِي كادَت تَنْفَجِرُ غَضَبًا،
أمَّا أنا فَقَد فَرَرْت بْجِلْدِي قَبْلَ أن تمْسِكَنِي ،
فمِن قَوَاعِد هَذَا المَنْزِل أنَّه يَجِب التَأكد من كَوْنِك حَفَرْت قَبْرَك
قَبْل التَفْكِير فِي إزعاج يُومِي،يا إلَهي لَقَد وَرَطْت نَفْسِي!
و لِحُسْن الحَظْ جَاء مُنْقِذِي المَجْهُول لِيَطْرُق البَاب!
لَمْ أكُن أعْلَم مَن يَكُون،لَكِنَنِي شَكَرْتُه مِن أعْمَاقِ قلْبْي
لأنَّه أنْقَذَنِي مِن بَرَاثٍن يومِي المُتوَحِشَة!
نهَضَت العمة هارو مِن مَكَانِها لِتَفْتح الباب قَائِلَة بِحَيْرَة:
-مَن يَا تُرى يُمْكِن أن يَأتِي الآن؟
فَتَحت الباب لِيَدْخُلَ شَخْصٌ لمْ أكُن أتَوَقَع قُدومه أبَدًا ،
لَقَد كَان تسوبَاكِي!دَخَل بِلُطْفٍ وَقَال مُسَلِمًا عَلَى الجَمِيع:
-مَسَاء الخَيْرِ جَميعًا!
نَبَضَ قَلْبِي بِقُوَّة حِين رُؤيَتِه،شَعَرْت أنَّ جِبَلًا مِن الحُزْن زَالت
مِن عَلَى قَلْبِي بِمُجَرَد دُخُولِه و سَمَاعِ صَوْته،
نَزَلْت بِسُرْعَة دُون وَعْيٍ وَقُلْت بِسَعَادَة مُفْرِطَة:
-تسُوباكِي،سَعِيدَة جِدًا لِمَجِيئك!
نَظَر الجمِع إلَيَّ مُتعَجِبين مِن هَذِه الطَرِيقَة التِي اِسْتَقْبَلْته بِهَا،
أمَّا كِين فَرَمَقَه بِنَظْرَة غَيْرِ مُرَحِبَة،لِيُشيح نَظَرَه عَنه
و يَهْتم بْتنَاوِل طَعَامه،اِبْتَسم تسوباكي لِي بِرَحابَة كَعَادَته و قَال:
-وأنا سَعِيد جِدًا لأنك بِخَيْر،لَقَد أتيت إلَى هُنَا خِصِيصًا لِرُؤيَتِك،
قَلِقت عَلَيْك كَثِيًرًا عِنْدَمَا ذهَبْت بالصَبَاح!
أنْزَلْت رأسِي و قُلْت بِصَوت مُنْخَفِضٍ حَزِين:
-لَقَد طُرِدْت مِن عَمَلِي اليَوم.
-حَسَنًا يورا،لا بَأس،لَقْد تخَلصت مِن ذَلِك العَمِل،
فأنت لَم تكُونِي تُحِبِينه البَتَة،
سَوف تجِدِين عملا آخر أفضل منه!
قال مُواسِيًا إيَّاي،ابتسمت له و قلت:
-انسَ الأمر،أدخل لا تبق واقفًا هكذا هنا.
دَخَل تسُوبَاكي وجَلَس بِجِوار الجدَّة يوكو،ليَقول لها بِلُطف :
-جَدَّة يوكو،كيف حالكِ؟اشْتقت إليك كثيرًا.
-وأنا اشْتقت إلَيك أيُّها الوَسِيم..أذْكر أنِّي عِندما كنت صغِيرة
لم يكن زوجي بِوسامتك،ما رأيك أن نتزوج أنا وأنت؟
-لا جدَّة يوكو،أنت شَدِيدة الجمال و أنا لا أسْتَحق الزواج
بامرأة فاتنة مثلك!
-آه..أخجلتني..ليس هنالك شخص غيرك يعترف بجمالي هنا!
قالت الجدَّة يوكو بِخجل،لِيضحك الجمِيع
ما عدا كين الذي أكمل صحنه و نهض مغادرًا المكان بِصَمت،
أزعجه قدوم تسوباكي بشدّة و هذا واضح،لا اعلم لماذا لا يحبه
رغم أنه لم يفعل له شيئا،وإنَّما هو المخطئ و ليس تسوباكي!
فهو الذي لم يرد مصافحته منذ البداية و تكبّر عليه!
ارتقى كين الدرج مولجًا يديه بجيوبه،إلا أن صوت
تسوباكي استوقفه قائلًا:
-لا لشيء..أردت الاطمئنان عليك فحسب!
-شكرا للاهتمام..أيها السيد!
قال كين بازدراء ليتابع طريقه،لكن تسوباكي قال بجدية:
-إذن..لقد طردت يورا من العمل.
توقف كين و نظر إلَى تسوباكي نظرة غريبة
تحمل شيئا من التضايق،ليرد تسوباكي:
-لقد طردت بسببك..على ما أظن.
قالت العمة هارو متسائلة،نظر الجميع إلي
بتساؤل و استغراب، أمّا كين فقد قال:
-لم تطرد بسببي،بل بسبب حماقتها! إنها خرقاء
و هذه الحقيقة،و غباؤها هو السبب الوحيد بطردها،
لا علاقة لي بها.
-أصمت!لن أسمح لك بالحديث عن يورا هكذا.
-سأفعل ذلك إن اضطرني الأمر.
_جميل،إذن ستلعب دور الفارس الشجاع
الذي يدافع عن الأميرة،أرنا ما عندك أيها البطل!
قال كين بابتسامة استهزاء و تحدٍ
نازلا إلى تسوباكي، الذي اقترب منه و أمسكه
من ياقة قميصه بغضب و قال:
-إياك و مضايقة يورا..أفهمت.
-توقفا!لماذا تفعلان هذا؟أنا حمقاء..و غبية..
و لا أجيد فعل شيء..أجل أنا هكذا،فقط اتركوني و شأني،
لا أريد لأحد أن يتدخل في حياتي،ابتعدوا عني فحسب،
كل ما في الأمر أنَّني أنا السبب بكل شيء،
أنا السبب بطردي من العمل،و السبب في كَونِي فاشلة،
و السبب في عيْشِي يَتِيمة،و السبب بوحدَتي،
بل و أنا السبب بوجودي أيْضًا!لا أريد أن تتشاجرا،
ولا أن تحفلا بأمري!
قلت مفرغة كل تلك المشاعر التي كانت تعصر قلبي عصْرًا،
و ذلك الألم الذي كان يلتهمني،لٍماذا يَحدث هذا معِي،
لا أريد سوى أن أكون مثل أي إنسان أعيش بطريقة عادية،
لا أريد مشاكل أكثر،تعبت حقا،و تألمت بما فيه الكفاية،
ركضت و دموعي تنهمل من عيناي غزيرة،
دلفت غرفتي و صفعت الباب بقوة،لأجلس على سريري
القرفصاء ،وحيدة في الظلام،هكذا أجد نفسي دائما
في نهاية المطاف،ولا طالما إنتهى بي الأمر باكية،
فكرت في أنني يجب أن أحل الكثير من الأمور العالقة بيني
و بين نفسي،الوظيفة التي فقدتها،حالتي المزرية الآن،
أمر تسوباكي الذي يضايقني كثيرًا،آه..ما الذي فعلته بي تسوباكي،
لقد جعلتني لا أصدق مشاعري و لا افهم نفسي،أأحبه؟
لا..لا يمكن حدوث هذا،لكن لماذا أشعر أن قلبي يطير فرحًا
حين رؤيته؟و أحس براحة شديدة عند سماع نغمات صوته؟
ما هذا إلا ضرب من ضروب وباء الحب!يا لي من حمقاء!
ألم أكتف من المتاعب بعد؟!و ها أنا أعجب بتسوباكي
و أورط نفسي بأمر آخر،و العمل،لقد فقدت وظيفتي مرَّة أخرَى،
والآن لا املك حتى مبلغ إيجار البيت!من الآن سيقبل
بفتاة خرقاء مثلي كموظفة؟و كين!إنَّه آخر شيء توقعت أن يحدث،
إنه يعيش معي،و تسببت في شجاره مع عمه من دون قصد،
والآن لقد كاد يتشاجر مع تسوباكي بسببي كذلك!
إنَّهما لا يطيقان بعضهما البتة،ولا ادري ما السبب،
أهو أنا مرة أخرى؟أأنا السبب في جميع المشاكل من حولي؟آه..رأسي يكاد ينفجر حَقًا!
لم أكن أعلم ما الذي يحدث بينهما،
لكن لا يهمني،قلبي ممتلئ إلى أقصى درجة،
أريد فقط أن أنام،أنام بعمق و أريح نَفسي..
اِستيقظت من نومي المريح عطشَانة و جائعَة،
نظرت إلى نفسي فوجدت أنني لا أزال أرتدي الثوب الذي
أعطانِي إياه كين،فمرَّت علي الأحداث التي عشتها
اليومين الآخرين كشريط وثائقي بدقائق معدودة،
الساعة تشير إلى الثانية صباحًا،و الجميع يغطون بنوم عميق،
اتجهت نحو خزانتي و ارتديت ملابس نومي الوردية الطفولية
،نزلت الدرج نحو المطبخ بخطوات متثاقلة متعبة،
ولجت و أنا أتثاؤب بنعاس شديد،يا إلهي!من ملئ الثلاجة
بهذه الأصناف من الطعام؟؟زال كل ذلك النعاس و التعب
و تحول إلى نشاط و حيوية!حملت أكبر قدر من الطعام و الحلوى
و ركضت نحو غرفة الجلوس ،تذكرت أن هذا هو وقت إعادة
الرسوم المتحركة المفضلة لدي!أشعلت التلفاز
جلست على الأرض أتابع بشغف و آكل بكل طاقتي!
و هاقد حان وقتي المفضل،أغنية بطل المسلسل الجميلة!
وقفت و أخذت أقلد رقص البطل أردد الأغنية ورائه:
أجل!يا لها من أغنية جميلة و رقصة أجمل!
أنا متعلقة جدا بهذا المسلسل الرائع!لكن..سمعت تصفيق
أحد من خلفي،استدرت بخوف من أن يكون ما ظننته،
إنَّه كين!يا إلهي لماذا يلاحقني هذا الطفيلي أينما ذهبت؟؟
-جميل جدًا!يا لك من مغنية موهوبة!
ثم انفجر ضاحكًا بهستيرية كعادته!
آه..أكرهه أكرهه أكرهه!نظرت إليه بغضب و قلت:
-ما الذي جاء بك إلى هنا!لا أريد التحدث معك!
أنا لا أعرفك و أنت لا تعرفني!دعني أشاهد مسلسلي المفضل
الآن و لا تنغص علي سعادتي!
-ليس خطأي حقًا!ذلك الجرذ تسوباكي هو من بدأ و أنت تعلمين.
-تسوباكي أفضل منك أيها الديك!
قلت بحنق دون وعي مني،ابتسم كين ابتسامة ماكرة و أردف:
-إذن!ل المؤشرات تقول أنك "تحبينه"!
-و لماذا تنكرين؟بل ولماذا تحبين ذلك الجرذ
؟أنا أفضل منه و أوسم منه ،لماذا لا تحبينني أنا؟
قال كين بجدية،شعرت بالغرابة بحديثه حقًا!
لماذا يقول هذا؟هل يريدني أن أحبه أم ماذا؟
هذا هو الأمر الوحيد الذي لم و لن يحدث
و لو كنت على حبل المشنقة!
-أنا لا أحبك و لا أحبه ولا أحب أحدًا!اتركني فلن أتحمل شيئًا آخر!
-و لكنني..كنت أظن انك معجبة بي!
قال كين و هو يمط شفتيه كطفل صغير بطريقة مضحكة،
أدرت رأسي للجهة الأخرى و قلت بغرور:
-من سابع المستحيلات أن أعجب بشخص مثلك!
-ولو قليلا؟
أنظري إلى عيني الجميلتان و شعري الجذاب ألا أعجبك ؟؟
-لا..الحقيقة هي أنني أحسدك عليهما و أحلم لو امتلك مثلهما
لأصبِح عارضة أزياء مشهورة و أرتاح من البحث عن عمل!
قال كين دون شعور منه،لكنه سرعان ما أشاح نظره و قد احمرَّ
وجهه حياءً،خجلت أنا الاخرى و طأطأت رأسي
متفادية النظر إلَيه،لكنه سرعان ما غير الموضوع قائلا بسخرية:
-أأنتِ جادة في مُشاهدتك للرسُوم المتحركة؟
-ولم لا؟و من قال أنَّها مخصصة للأطفال؟؟
-آه..نسيت أنك طفلة كبيرة ابنتي!
قلت ذلك بغضب و جلست متجاهلة إياه لأكمل متابعة المسلسل،
جلس بجواري و أخذ يأكل من صحن الفشار
الذي كان بيدي و قال:
-يبدو أن "أوكامي "لديه خطة شريرة هذه المرَّة للقضاء على"
شين العجيب"!
-أنت!أنت تعرِف المسلسل و تتابعه ثم تسخر مني!
-و ما العيب بهذا؟من قال أنٍّي لست طفلا..أمي؟
قال بطفولية و أخذ يتابع الرسوم المتحركة بشغف،في النهاية،
كين ليس شخصًا سيئًا البتة،إنَّه يشبهني إلى حد كبير،
ابتسمت له و تابعت مشاهدة المسلسل معه،إٍلَى أن تناهى
إلى سمعنا صوت طرق عنيف على البوابة الخشبية،
نظرت إلى كين باستغراب و قلت:
-من يمكن أن يأتي بهذا الوقت؟
-لا اعلم..ربما هو ذلك الجرذ عاد لرؤية فأرته..
سأحطم وجهه إن كان هو.
-من الفأرة أيها الديك الرومي؟؟
-لست فأرته بتاتا،لأنك بطتي الخاصة
-احترم نفسك..لست حيوان أحدكم الأليف.
ابتسم كين دون أن يعقب عَلَى كلامي..
و توجه نحو الباب ليفتحه..مرَّت ثَوانِ عَلى ذهابه
لأسمع صوتا مألوفا نوعًا ما
يقول بخشونة:
-أين تلك الخرقاء؟؟لدي حساب معك فلتخرجي إلَى هنا.
شعرت برعب شديد و لم أجد ما أفعله..إنَّها هي..
لقد أتت لتنتقم مني..
^*^
هَذَا كل شيْء..
لدَي شعُور أن الفصْل لم يكن بالمسْتوَىح2،،
لكن الظروف لا تسمح،،
آسِفَة إن لم أوفيكم حقكم أعزائي،،
الآن شوية أسئلة:
1/هل البارت بالمستوى؟؟
2/يورا واقعة بحب تسوباكي..أهذه حقيقة أم" مجرد إعجاب"؟
3/من الذي جاء بهذا الوقت التأخر يا ترى>> واضحة وضوح الشمس هههههههه؟
4/أرجو إنتقادي بدون مجاملة و بدون خجل هنا او على الخاص لأني متيقنة ان الفصل لم يكن جيدًا حتمًا
هذا كل شيء،،