|
الحياة الأسرية القسم يهتم بشؤون الأسرة المسلمة والعلاقات الاسرية والزوجية وطرح الافكار الناجحة لحياة أجمل |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
رسالةٌ إلى كُلِّ أُسـرة:فِقـهُ التَّعامُـل بين الزَّوجين وقَبَسَاتٌ مِن بيتِ النّبوة تأليف : أبي عبدالله مصطفى بن العدويّ بِسْـمِ اللهِ الرَّحمَـنِ الرَّحِيـم المُقـدِّمـــة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضلل فلا هاديَ له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، وبعـد . فإن الخير كل الخير ، والتوفيق غاية التوفيق ، والنجاة والسلامة والرشاد في اتباع كتاب الله وسنة رسول الله ، لا يشك في ذلك مُسلمٌ ، ولا يرتابُ في ذلك عاقل ، ولا يتردد في ذلك مُؤمِنٌ بالله واليوم الآخر، ورَبُّ العِزَّةِ سُبحانه يقول في كتابه : ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾الأنعام/38 . ويقولُ سُبحانه عن كتابه : ﴿ هَذَا هُدًى ﴾ الجاثية/11 ، ويقول عز وجل : ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ الجاثية/20 . وسنة رسول الله مُبيِّنة لكتاب الله ، وقوله وحُي ، كما قال تعالى : ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾النجم/3-5 . فلَمَّا كان الأمر كذلك ، لَزِمَ كُلِّ حَريصٍ على الخير أن يُلِمَّ بأكبر قدر ممكن من كتاب الله ومن سنة رسول الله ، وتأتي بعد ذلك مرحلةُ الفقه في الدين ، فيَعمَدُ الشخصُ إلى الفِقه في كتاب الله وسنة رسوله ، فينزل كل نصًّ منزلته اللائقة به ، وحينئذٍ يظهر له جليًّا مدى أهمية قول الله عز وجل : ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ البقرة/269 ، ومدى أهمية قول رسول الله : (( مَن يُرِد اللهُ به خيرًا يُفقهه في الدين )) (1) . فإذا رَزَقَ اللهُ العبدَ تَعَلُّمَ الكتاب والسُّنَّة ، وعلم صحيح السُّنَّة من السقيم الذي لم يثبت منها ، ورَزَقَهُ اللهَ الفِقهَ في الكتاب والسُّنَّة ، ومع ذلك رُزِقَ الإخلاصَ ، فقد حاز كل الخير ووُفِّقَ في دُنياه وأخراه كل التوفيق ، ونجح في معاملاته مع الخَلْقِ ، فالفِقهُ في كتاب الله وسُنَّةِ رسول الله أصلٌ في نجاح كل شأنٍ مِن شئون الحياة مِمَّا يُتَقَرَّبُ به إلى الله عز وجل . هذا وبين أيدينا موضوعٌ مِن الأهمية بمكان ، يحتاجُ إلى التفقه فيه كُلُّ شخصٍ ، فهو موضوع يهم الوالد والولد , ويهم الأم والبنت , ويهم الزوجة والزوج , ويهم الطفل والجارية ، فكُلٌّ له فيه نصيب ، وكُلٌّ قائمٌ فيه بدور ، ألا وهو موضوع فقه التعامل الأسري ، أردتُ طَرْقَ هـذا الموضوع حتى يَعرِفَ كُلٌّ الذي له والذي عليه , وكيف يتعاملُ مع غيره على ضوء كتاب الله وسنة رسول الله ، وسيرة سلفنا الصالح رحمهم الله ، فيسيرُ في حياته سيرًا رشيدًا سالكًا السبيل المُثلى والصراط السويّ المستقيم المُوصل إلى جنَّاتِ النعيم . وبدايةً أَحُثُّ نفسي وكُلَّ قارئٍ أن يُكثِرَ مِن الاستغفار ؛ فإن الذنب يَحولُ بين العبد والفهم ، فالمعصيةُ والذنبُ يُرسبان على القلب طبقةً ، وينكتان على القلب نكتًا كما قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم (2) : (( إن المؤمنَ إذا أذنب كانت نُكتةٌ سوداء في قلبه ، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبُه ، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبَه ذاك الرَّيْن الذي ذكر الله عز وجل في القرآن : ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾المطففين/14 )) . وهـذه الذنوب والمعاصي جالبةٌ للمصائب ومُزيلةٌ للنعم ، قال تعالى : ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ... ﴾ الشورى/30 . وقال تعالى : ﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ﴾ النساء/160 . وعدم الفهم لكتاب الله وسنة رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - مُصيبةٌ مِن المصائب ، وتقوى الله سببٌ لتحصيل العِلم وجلب الفهم ، كما قال تعالى : ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ البقرة/282 . وجديرٌ بكُلِّ مَن جَالَسَ هـذا الكتاب هـذه الدقائق أو السّويعات أن يُكثِرَ مِن الصلاةِ على النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - وخاصة كلما مر بذكره عليه الصلاة والسلام ، وكلما قرأ قولَه صلواتُ الله وسلامُه عليه , فلله ملائكةٌ تُبلِّغُ نبيَّنا مِنَّا السلام , والنبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يقول :(( من صلَّى عليَّ واحدةً ، صلَّى اللهُ عليه عشرًا )) (3) . هـذا وأُلْفِتُ النظرَ إلى أنَّ موضوعَ هـذا الكتاب كان مُحاضرةً أُلْقِيَت بمدينةِ المنصورة بجمهورية مصر , ثم طُلِبَ مِنِّي إعادتُها في عِـدَّةِ مُحافظات , ثم قُمتُ بتنقيحها وتحقيق أحاديثِها مع التخريج المُختصَر المؤدِّي للغرض ؛ خشيةَ المَلَل وإلحاق بعض الإضافات عليها لطبعِها . فإلـى الرسالــة ، أسألُ اللهَ أن ينفعنا بها والمسلمين ، وأن يُصلِحَ بها بين أسرهم ، ويُضمد بها جُروحَهم ، واللهُ مِن وراءِ القَصْدِ مُحيط ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ . وصَلِّ الَّلهم على سيِّدِنا مُحمدٍ وعلى آلهِ وصَحبِهِ وسلِّم . كتبـــــه : أبوعبدالله / مصطفى بن العدوي شلباية مصـر – الدقهلية – مِنية سَمنُّـود ______________________________ (1) أخرجه البخاري حديث (71) ، ومسلم حديث (1037) من حديث معاوية ( مرفوعًا ) . (2) أخرجه أحمد حديث (2/ 297) بإسناد حسن من حديث أبي هريرة . (3) أخرجه مسلم (4/ 127) من حديث أبي هريرة ( مرفوعًا ) . يتبع
__________________
|
#2
| ||
| ||
قِوامة الرجل على المرأة قال الله تعالى : ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾ النساء/34 . كل بيتٍ يلزمه قيمُ يقوم عليه ويُدبر أَمره ويسوسه (1) ويحفظه ويرعاه , وهذا القيم ينبغي أن يُسمع له ويُطاع ما لم يأمر بمعصية الله - سبحانه وتعالى - ، وهذا القيمُ على البيت هو الرجل ، وتنصيبُه قيمًا على البيت إنما هو من الله - سبحانه وتعالى - ، قال الله سبحانه : ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ النساء/34 . وقوامةُ الرجل على المرأة- كما ذكر الله سبحانه وتعالى - بشيئين : أولهما : بما فضل الله بعضهم على بعض ، أي : بما فضل الله به الرجال على النساء في أصل خِلقتهم من قوة الرجل ورجحان عقله وجلادته وصبره ، وبما خص اللهُ به الرجال على النساء من جعل النبوة فيهم (2) ، وكذلك الخلافة (3) ، وجعل الله شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين , وجعل له من الميراث ضعف المرأة ، وجعل له الحق في أن يجمع بين أربع نسوة ، ولا يحق للمرأة إلا أن تكون تحت زوجٍ واحد ، وجعل الله الطلاق والنكاح والرجعة بيد الرجل ، وكذلك انتساب الأولاد إلى أبيهم دون أمهم (4) ، وجعل الجهاد على الرجال دون النساء ، وكذلك كثير (5)من مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتعلق بالرجال دون النساء إلى غير ذلك من الأمور المتعلقة بالرجال دون النساء . الثاني : في بيان سبب قوامة الرجل على المرأة هو الإنفاق المذكور في قوله تعالى : ﴿ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ النساء/34 ، فالرجل ينفق على المرأة منذ بداية عقده عليها (6) فيجب لها عليه مهر ، ويجب لها عليه إطعام وكسوة ومسكن وسائر أوجه الإنفاق الواجبة للنساء على الرجال ، وحتى إذا طلَّقها يجب لها في ماله والنفقة والسكنى إلى غير ذلك . • فالرجل قيم على المرأة لهذين السببين الذين ذكرهما الله في كتابه : ﴿ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ النساء/34. • ويتأكد هـذا بقول الله سبحانه وتعالى : ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ البقرة/228 . • ويزداد هـذا المعنى تأكدًا بقول النبي : (( لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها )) (7) . • وبما ورد بإسناد حسن من حديث أبي سعيد الخدري (8) أن رجلاً أتى بابنةٍ له إلى النبي - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فقال : إن ابنتي هذه أبَتْ أن تزوَّج ، قال فقال لها : (( أطيعي أباك )) , قال قالت : لا حتى تُخبرني ما حق الزوج على زوجته ؟ فرددت عليه مقالتها ، قال فقال : (( حق الزوج على زوجته أن لو كان به قرحة فلحستها أو ابتدر منخراه صديدًا أو لحسته ما أدت حقه )) , قال فقالت : والذي بعثك بالحق لا أتزوَّج أبدًا قال فقال : (( لا تنكحوهن إلا بإذنهن )) . • وبقول النبي - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - لَمَّا سُئِلَ أيّ النساء خير ؟ قال : (( التي تَسُرُّه إذا نظر , وتُطيعه إذا أمر , ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله )) (9) . • وكذلك فالمرأة لا تصوم (10) وزوجها شاهد إلا بإذنه . • ولا تأذن لأحدٍ في بيته إلا بإذنه (11) . • ولا تخرج إلى المسجد إلا بإذنه (12) . • وإذا دعاها إلى فراشه وجب عليها طاعته , فإن أبت لعنتها الملائكة حتى تصبح (13) ، وكان الذي في السماء ساخطًا عليها (14) إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على قوامة الرجل على المرأة , وليس للمرأة أن تعترض على ذلك فهي قسمة الله سبحانه وتعالى الحكيم العليم اللطيف الخبير، وقد قال سبحانه: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ النساء/32 . ______________________________ (1) من السياسة كما قال النبيُّ : (( كانت بنو إسرائيل تسوسهم أنبياؤهم )) . (2) كما قال تعالى : (( وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم )) الأنبياء/7 . (3) وقد قال النبي : (( لن يُفلح قوم ولوا أمرهم امرأة )) . (4) إلَّا في حالاتٍ مُستثناة نادرة . (5) ويجوز للنساء في بعض الأحيان تغيير المنكر إذا كان تغييرهن له لا يؤدي إلى فساد أكبر ، وقد ثبت في (( صحيح البخاريّ )) وغيره أن امرأة قالت للقوم الذين كانوا يقدمون عمرو بن سلمة يصلي بهم ويظهر استه إذا سجد ... : ألا تغطون عنَّا است صاحبكم . (6) تلاحظ أن المرأة التي تُدخل على زوجها مالاً والمرأة التي تنفق على زوجها لهما نوع تسلط في البيت ؛ وذلك لأن القوامة بشيئين كما ذكرنا أولهما خلقة الرجل , وثانيهما الإنفاق ، فإذا كانت المرأة هي المنفقة نازعت الزوج القِوامة فلينتبه لذلك . (7) أخرجه الترمذي حديث (1159) ، وابن حبان ((موارد الظمآن)) حديث (1291) ، والبيهقي حديث (7/ 291) ، وعند البيهقي وابن حبان من الزيادة : « لما عظم الله من حقه عليها » وهي زيادة ثابتة أيضًا من حديث أبي هريرة ( بإسناد صحيح بمجموع طرقه ) . (8) أخرجه ابن أبي شيبة (((المصنف)) 4/ 303) ، والبيهقي (((السنن الكبرى)) 7/ 291) ، والنسائي في ((السنن الكبرى)) حديث (3/ 383) وغيرهم . (9) أخرجه أحمد حديث (2/ 251) بإسناد صحيح لشواهده . (10) صوم التطوع ، والحديث أخرجه البخاري حديث (5192) ، ومسلم (11) من حديث أبي هريرة عن النبي قال : (( لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه )) . (11) أخرجه البخاري حديث (5195) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا . (12) أخرجه البخاري حديث (5238) ، ومسلم (26) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال : (( إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها )) . (13) أخرجه البخاري حديث (5193) ، ومسلم حديث (1060) من حديث أبي هريرة ، عن النبي قال : (( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح )) . (14) وأخرج مسلم حديث (3/ 611) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله : (( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها )) . وفي رواية للبخاري (5194) , ومسلم (059) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع )) . يتبع
__________________
|
#3
| ||
| ||
تعليمُ الرجــل أهلَــه وينبغي أن يقوم الرجلُ بتعليم أهله ما ينفعها في أمور دينها ودنياها فقد قال الله سبحانه : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ التحريم/6 . وقال النبي - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - لمالك بن الحويرث (1) ومن معه : (( ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلِّموهم ومروهم )) . قِـوامــةُ الرجـل على عُمـومِ البيت وليست قوامة الرجل في البيت على المرأة فحسب ، بل هو مسئول أيضًا عن أولاده وبناته . • قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ التحريم/6 . • وقال النبي : (( كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته ، فالأمير الذي على الناس فهو راعٍ عليهم وهو مسئولٌ عنهم ، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم ، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسئول عنه ، ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته )) (2) . الوصاةُ بالنساءِ واحتياجُ القِوامـة إلى رِفْـق وليس من معاني القوامة أن يكون الرجل فظًا غليظًا وجلفًا جافيًا في بيته ، وإنما ينبغي له أن يتحلَّى بالخلق الحسن والرفق واللين ، فهذا نبينا محمد - خير البشر عليه أفضل صلاةٍ وأتم تسليم - صاحب الخلق الكريم القويم مع كوننا أُمِرنا بطاعته وامتثال أمره واجتناب نهيه ، فقد رَزَقَهُ اللهُ عز وجل الِّلين وأمره بخفض الجناح للمؤمنين ، قال الله سبحانه : ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ آل عمران/159 . وقال سبحانه : ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ الشعراء/215 . وأمر صلوات الله وسلامه عليه بالرفق فقال : (( عليك بالرفق )) (3) . وحث عليه بقوله : (( إنَّ الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه ، ولا يُنزَعُ من شيء إلا شانه )) (4) ، وقال عليه الصلاة والسلام : (( إنَّ الله يُحب الرفق في الأمر كله )) (5) (( ويُعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف وما لا يعطي على سواه )) (6) . • فإذا كان الله - عز وجل - أمر الزوجة بطاعة زوجها ، فيلزم الزوج - كما أسلفنا - أن يكون سهلاً لينًا رفيقًا حليمًا كذلك . • وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- الزوجة سكنًا لزوجها فليكن رحيمًا بها وعلى مودةٍ معها . • قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ الروم/21 ، وقال سبحانه : ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ... ﴾ الأعراف/189 . والمرأةُ إذا كانت صالحةً فهي خير متاع يكتنزه الزوج ، قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة .. )) (7) . فحَرِيٌّ بالرجل أن يكون خيِّرًا كريمًا مع أهله ، قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقًا ، وخياركم خياركم لنسائهم )) (8) . • والمرأةُ أسيرةٌ عند الرجل كما قال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( إنما هُنَّ عَوانٌ عندكم )) (9) أي : أُسارى عندكم . فلهذا - مع غيره - جاءت وصايا رسول الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - بالنساء ، فقد أخرج البخاري ومسلم (10) من حديث أبي هريرة - رضيَ اللهُ عنه - عن النبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - قال : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ... واستوصوا بالنساء خيرًا ؛ فإنهن خُلقن من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذَهبتَ تُقيمه كسرتَه ، وإن تركتَه لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرًا )) . وفي ((صحيح ابن حبان)) من حديث سمرة بن جندب ( قال قال رسول الله : ((المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها)) (11) . • وأمر اللهُ - سبحانه وتعالى - بإحسان معاشرة النساء في جملة آياتٍ ، قال سبحانه : ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ النساء/19 ، وقال سبحانه : ﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ البقرة/229 ، وقال سبحانه : ﴿ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ النساء/34 . فيا تسوَّل لك نفسك أن تظلم أهلَكَ وهُنَّ لَكَ مُطيعات ؛ لأنَّكَ أعلى منها وأقوى تذكَّر أن الله - عز وجل - عليُّ كبيرٌ قادِرٌ على أن ينتقمَ مِنكَ والانتصار لها ودفع الظلم عنها . • وقد قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية ـ : أي إذا أطاعت المرأةُ زوجَها في جميع ما يُريدُه منها مِمَّا أباحه اللهُ له منها فلا سبيل له عليها بعد ذلك ، وليس له ضربَها ولا هجرانها ، وقوله : ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ تهديدُ للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب , فإنَّ اللهَ العَلِيَّ الكبيرَ وَلِيُّهُنَّ ، وهو مُنتقمٌ مِمَّن ظلمهن وبغى عليهن . وبنحو ذلك قال ابن جرير الطبري ، ولكنَّه زاد ما حاصِلُه : أنَّ المرأةَ إذا أطاعت زوجها وكانت لا تحبه فلا يُكَلِّفها حُبَّه ويُؤذيها على ذلك ؛ فإنَّ ذلك ليس بأيديهن . والله أعلم . ______________________________ (1) أخرجه البخاري (مع «الفتح» 13/ 231) ، ومسلم حديث (674) . (2) أخرجه البخاري حديث (2554) ، ومسلم حديث (1829) ، وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر عن النبي . (3) مسلم حديث (2594) من حديث عائشة رضي الله عنها . (4) مسلم حديث (2594) أيضًا . (5) البخاري (6024) . (6) مسلم (2593) ، وفي رواية لمسلم (2592) من حديث جرير عن النبي : (( مَن يُحرَم الرفق يُحرَم الخير )) . (7) أخرجه مسلم (3/ 656) . (8) أخرجه الإمام أحمد بإسنادٍ صحيح بمجموع طُرقه (2/ 472) . (9) أخرجه الترمذي (1163) من حديث عمرو بن الأحوص مرفوعًا . وسيأتي إن شاء الله . (10) أخرجه البخاري (مع ((الفتح)) 9/ 252) ، ومسلم (091) . (11) أخرجه ابن حبان بإسناد صحيح (( موارد الظمآن )) حديث (1308) .
__________________
|
#4
| ||
| ||
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موضوع جميل أختى فهو ما يحتاحه أى رجل وامرأة فى الزمان داه أحسنتى الإختيار أختى
__________________ لا أقبل صداقة الذكــــــــــــــــــــــــــــــــور أبى ♡ الغائب الذي لن يعود وأنا المشتاق الذى لم يجف عينه
|
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ | حمزه عمر | نور الإسلام - | 10 | 01-26-2016 02:09 AM |
قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ | حمزه عمر | نور الإسلام - | 6 | 08-24-2010 10:45 PM |