عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الصحية والإجتماعية > الحياة الأسرية

الحياة الأسرية القسم يهتم بشؤون الأسرة المسلمة والعلاقات الاسرية والزوجية وطرح الافكار الناجحة لحياة أجمل

Like Tree3Likes
  • 1 Post By نسمة قلب
  • 1 Post By نسمة قلب
  • 1 Post By نسمة قلب
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-27-2014, 01:09 PM
 
رسالةٌ إلى كُلِّ أُسـرة:فِقـهُ التَّعامُـل بين الزَّوجين وقَبَسَاتٌ مِن بيتِ النّبوة




تأليف : أبي عبدالله مصطفى بن العدويّ





بِسْـمِ اللهِ الرَّحمَـنِ الرَّحِيـم


المُقـدِّمـــة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضلل فلا هاديَ له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، وبعـد .

فإن الخير كل الخير ، والتوفيق غاية التوفيق ، والنجاة والسلامة والرشاد في اتباع كتاب الله وسنة رسول الله ، لا يشك في ذلك مُسلمٌ ، ولا يرتابُ في ذلك عاقل ، ولا يتردد في ذلك مُؤمِنٌ بالله واليوم الآخر، ورَبُّ العِزَّةِ سُبحانه يقول في كتابه : ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾الأنعام/38 .

ويقولُ سُبحانه عن كتابه : ﴿ هَذَا هُدًى الجاثية/11 ، ويقول عز وجل : ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ الجاثية/20 .

وسنة رسول الله مُبيِّنة لكتاب الله ، وقوله وحُي ، كما قال تعالى : ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى النجم/3-5 .

فلَمَّا كان الأمر كذلك ، لَزِمَ كُلِّ حَريصٍ على الخير أن يُلِمَّ بأكبر قدر ممكن من كتاب الله ومن سنة رسول الله ، وتأتي بعد ذلك مرحلةُ الفقه في الدين ، فيَعمَدُ الشخصُ إلى الفِقه في كتاب الله وسنة رسوله ، فينزل كل نصًّ منزلته اللائقة به ، وحينئذٍ يظهر له جليًّا مدى أهمية قول الله عز وجل : ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا البقرة/269 ، ومدى أهمية قول رسول الله : (( مَن يُرِد اللهُ به خيرًا يُفقهه في الدين )) (1) .

فإذا رَزَقَ اللهُ العبدَ تَعَلُّمَ الكتاب والسُّنَّة ، وعلم صحيح السُّنَّة من السقيم الذي لم يثبت منها ، ورَزَقَهُ اللهَ الفِقهَ في الكتاب والسُّنَّة ، ومع ذلك رُزِقَ الإخلاصَ ، فقد حاز كل الخير ووُفِّقَ في دُنياه وأخراه كل التوفيق ، ونجح في معاملاته مع الخَلْقِ ، فالفِقهُ في كتاب الله وسُنَّةِ رسول الله أصلٌ في نجاح كل شأنٍ مِن شئون الحياة مِمَّا يُتَقَرَّبُ به إلى الله عز وجل .

هذا وبين أيدينا موضوعٌ مِن الأهمية بمكان ، يحتاجُ إلى التفقه فيه كُلُّ شخصٍ ، فهو موضوع يهم الوالد والولد , ويهم الأم والبنت , ويهم الزوجة والزوج , ويهم الطفل والجارية ، فكُلٌّ له فيه نصيب ، وكُلٌّ قائمٌ فيه بدور ، ألا وهو موضوع فقه التعامل الأسري ، أردتُ طَرْقَ هـذا الموضوع حتى يَعرِفَ كُلٌّ الذي له والذي عليه , وكيف يتعاملُ مع غيره على ضوء كتاب الله وسنة رسول الله ، وسيرة سلفنا الصالح رحمهم الله ، فيسيرُ في حياته سيرًا رشيدًا سالكًا السبيل المُثلى والصراط السويّ المستقيم المُوصل إلى جنَّاتِ النعيم .

وبدايةً أَحُثُّ نفسي وكُلَّ قارئٍ أن يُكثِرَ مِن الاستغفار ؛ فإن الذنب يَحولُ بين العبد والفهم ، فالمعصيةُ والذنبُ يُرسبان على القلب طبقةً ، وينكتان على القلب نكتًا كما قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم (2) : (( إن المؤمنَ إذا أذنب كانت نُكتةٌ سوداء في قلبه ، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبُه ، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبَه ذاك الرَّيْن الذي ذكر الله عز وجل في القرآن : ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ المطففين/14 )) .

وهـذه الذنوب والمعاصي جالبةٌ للمصائب ومُزيلةٌ للنعم ، قال تعالى : ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ... الشورى/30 .



وقال تعالى : ﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ النساء/160 . وعدم الفهم لكتاب الله وسنة رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - مُصيبةٌ مِن المصائب ، وتقوى الله سببٌ لتحصيل العِلم وجلب الفهم ، كما قال تعالى : ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ البقرة/282 .


وجديرٌ بكُلِّ مَن جَالَسَ هـذا الكتاب هـذه الدقائق أو السّويعات أن يُكثِرَ مِن الصلاةِ على النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - وخاصة كلما مر بذكره عليه الصلاة والسلام ، وكلما قرأ قولَه صلواتُ الله وسلامُه عليه , فلله ملائكةٌ تُبلِّغُ نبيَّنا مِنَّا السلام , والنبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يقول :(( من صلَّى عليَّ واحدةً ، صلَّى اللهُ عليه عشرًا )) (3) .

هـذا وأُلْفِتُ النظرَ إلى أنَّ موضوعَ هـذا الكتاب كان مُحاضرةً أُلْقِيَت بمدينةِ المنصورة بجمهورية مصر , ثم طُلِبَ مِنِّي إعادتُها في عِـدَّةِ مُحافظات , ثم قُمتُ بتنقيحها وتحقيق أحاديثِها مع التخريج المُختصَر المؤدِّي للغرض ؛ خشيةَ المَلَل وإلحاق بعض الإضافات عليها لطبعِها .

فإلـى الرسالــة ، أسألُ اللهَ أن ينفعنا بها والمسلمين ، وأن يُصلِحَ بها بين أسرهم ، ويُضمد بها جُروحَهم ، واللهُ مِن وراءِ القَصْدِ مُحيط ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ .

وصَلِّ الَّلهم على سيِّدِنا مُحمدٍ وعلى آلهِ وصَحبِهِ وسلِّم .


كتبـــــه :
أبوعبدالله / مصطفى بن العدوي شلباية
مصـر – الدقهلية – مِنية سَمنُّـود






______________________________


(1) أخرجه البخاري حديث (71) ، ومسلم حديث (1037) من حديث معاوية ( مرفوعًا ) .

(2) أخرجه أحمد حديث (2/ 297) بإسناد حسن من حديث أبي هريرة .

(3) أخرجه مسلم (4/ 127) من حديث أبي هريرة ( مرفوعًا ) .


يتبع
WhiteـSnow likes this.
__________________
ليلى
  #2  
قديم 01-27-2014, 01:25 PM
 






قِوامة الرجل على المرأة

قال الله تعالى : ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ النساء/34 .


كل بيتٍ يلزمه قيمُ يقوم عليه ويُدبر أَمره ويسوسه (1) ويحفظه ويرعاه , وهذا القيم ينبغي أن يُسمع له ويُطاع ما لم يأمر بمعصية الله - سبحانه وتعالى - ، وهذا القيمُ على البيت هو الرجل ، وتنصيبُه قيمًا على البيت إنما هو من الله - سبحانه وتعالى - ، قال الله سبحانه : ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ النساء/34 .


وقوامةُ الرجل على المرأة- كما ذكر الله سبحانه وتعالى - بشيئين :

أولهما : بما فضل الله بعضهم على بعض ، أي : بما فضل الله به الرجال على النساء في أصل خِلقتهم من قوة الرجل ورجحان عقله وجلادته وصبره ، وبما خص اللهُ به الرجال على النساء من جعل النبوة فيهم (2) ، وكذلك الخلافة (3) ، وجعل الله شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين , وجعل له من الميراث ضعف المرأة ، وجعل له الحق في أن يجمع بين أربع نسوة ، ولا يحق للمرأة إلا أن تكون تحت زوجٍ واحد ، وجعل الله الطلاق والنكاح والرجعة بيد الرجل ، وكذلك انتساب الأولاد إلى أبيهم دون أمهم (4) ، وجعل الجهاد على الرجال دون النساء ، وكذلك كثير (5)من مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتعلق بالرجال دون النساء إلى غير ذلك من الأمور المتعلقة بالرجال دون النساء .


الثاني : في بيان سبب قوامة الرجل على المرأة هو الإنفاق المذكور في قوله تعالى : ﴿ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ النساء/34 ، فالرجل ينفق على المرأة منذ بداية عقده عليها (6) فيجب لها عليه مهر ، ويجب لها عليه إطعام وكسوة ومسكن وسائر أوجه الإنفاق الواجبة للنساء على الرجال ، وحتى إذا طلَّقها يجب لها في ماله والنفقة والسكنى إلى غير ذلك .


فالرجل قيم على المرأة لهذين السببين الذين ذكرهما الله في كتابه : ﴿ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْالنساء/34.


ويتأكد هـذا بقول الله سبحانه وتعالى : ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ البقرة/228 .


ويزداد هـذا المعنى تأكدًا بقول النبي : (( لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها )) (7) .


وبما ورد بإسناد حسن من حديث أبي سعيد الخدري (8) أن رجلاً أتى بابنةٍ له إلى النبي - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فقال : إن ابنتي هذه أبَتْ أن تزوَّج ، قال فقال لها : (( أطيعي أباك )) , قال قالت : لا حتى تُخبرني ما حق الزوج على زوجته ؟ فرددت عليه مقالتها ، قال فقال : (( حق الزوج على زوجته أن لو كان به قرحة فلحستها أو ابتدر منخراه صديدًا أو لحسته ما أدت حقه )) , قال فقالت : والذي بعثك بالحق لا أتزوَّج أبدًا قال فقال : (( لا تنكحوهن إلا بإذنهن )) .
وبقول النبي - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - لَمَّا سُئِلَ أيّ النساء خير ؟ قال : (( التي تَسُرُّه إذا نظر , وتُطيعه إذا أمر , ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله )) (9) .


وكذلك فالمرأة لا تصوم (10) وزوجها شاهد إلا بإذنه .


ولا تأذن لأحدٍ في بيته إلا بإذنه (11) .


ولا تخرج إلى المسجد إلا بإذنه (12) .


وإذا دعاها إلى فراشه وجب عليها طاعته , فإن أبت لعنتها الملائكة حتى تصبح (13) ، وكان الذي في السماء ساخطًا عليها (14) إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على قوامة الرجل على المرأة , وليس للمرأة أن تعترض على ذلك فهي قسمة الله سبحانه وتعالى الحكيم العليم اللطيف الخبير، وقد قال سبحانه: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا النساء/32 .




______________________________


(1) من السياسة كما قال النبيُّ : (( كانت بنو إسرائيل تسوسهم أنبياؤهم )) .


(2) كما قال تعالى : (( وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم )) الأنبياء/7 .


(3) وقد قال النبي : (( لن يُفلح قوم ولوا أمرهم امرأة )) .


(4) إلَّا في حالاتٍ مُستثناة نادرة .


(5) ويجوز للنساء في بعض الأحيان تغيير المنكر إذا كان تغييرهن له لا يؤدي إلى فساد أكبر ، وقد ثبت في (( صحيح البخاريّ )) وغيره أن امرأة قالت للقوم الذين كانوا يقدمون عمرو بن سلمة يصلي بهم ويظهر استه إذا سجد ... : ألا تغطون عنَّا است صاحبكم .


(6) تلاحظ أن المرأة التي تُدخل على زوجها مالاً والمرأة التي تنفق على زوجها لهما نوع تسلط في البيت ؛ وذلك لأن القوامة بشيئين كما ذكرنا أولهما خلقة الرجل , وثانيهما الإنفاق ، فإذا كانت المرأة هي المنفقة نازعت الزوج القِوامة فلينتبه لذلك .


(7) أخرجه الترمذي حديث (1159) ، وابن حبان ((موارد الظمآن)) حديث (1291) ، والبيهقي حديث (7/ 291) ، وعند البيهقي وابن حبان من الزيادة : « لما عظم الله من حقه عليها » وهي زيادة ثابتة أيضًا من حديث أبي هريرة ( بإسناد صحيح بمجموع طرقه ) .


(8) أخرجه ابن أبي شيبة (((المصنف)) 4/ 303) ، والبيهقي (((السنن الكبرى)) 7/ 291) ، والنسائي في ((السنن الكبرى)) حديث (3/ 383) وغيرهم .


(9) أخرجه أحمد حديث (2/ 251) بإسناد صحيح لشواهده .


(10) صوم التطوع ، والحديث أخرجه البخاري حديث (5192) ، ومسلم (11) من حديث أبي هريرة عن النبي قال : (( لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه )) .


(11) أخرجه البخاري حديث (5195) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا .


(12) أخرجه البخاري حديث (5238) ، ومسلم (26) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال : (( إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها )) .


(13) أخرجه البخاري حديث (5193) ، ومسلم حديث (1060) من حديث أبي هريرة ، عن النبي قال : (( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح )) .


(14) وأخرج مسلم حديث (3/ 611) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله : (( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها )) .

وفي رواية للبخاري (5194) , ومسلم (059) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع )) .








يتبع
WhiteـSnow likes this.
__________________
ليلى
  #3  
قديم 01-28-2014, 11:04 PM
 
تعليمُ الرجــل أهلَــه

وينبغي أن يقوم الرجلُ بتعليم أهله ما ينفعها في أمور دينها ودنياها فقد قال الله سبحانه : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ التحريم/6 .


وقال النبي - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - لمالك بن الحويرث (1) ومن معه : (( ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلِّموهم ومروهم )) .


قِـوامــةُ الرجـل على عُمـومِ البيت





وليست قوامة الرجل في البيت على المرأة فحسب ، بل هو مسئول أيضًا عن أولاده وبناته .

قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَالتحريم/6 .





وقال النبي : (( كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته ، فالأمير الذي على الناس فهو راعٍ عليهم وهو مسئولٌ عنهم ، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم ، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسئول عنه ، ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته )) (2) .


الوصاةُ بالنساءِ واحتياجُ القِوامـة إلى رِفْـق





وليس من معاني القوامة أن يكون الرجل فظًا غليظًا وجلفًا جافيًا في بيته ، وإنما ينبغي له أن يتحلَّى بالخلق الحسن والرفق واللين ، فهذا نبينا محمد - خير البشر عليه أفضل صلاةٍ وأتم تسليم - صاحب الخلق الكريم القويم مع كوننا أُمِرنا بطاعته وامتثال أمره واجتناب نهيه ، فقد رَزَقَهُ اللهُ عز وجل الِّلين وأمره بخفض الجناح للمؤمنين ، قال الله سبحانه : ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ آل عمران/159 .

وقال سبحانه : ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ الشعراء/215 .


وأمر صلوات الله وسلامه عليه بالرفق فقال : (( عليك بالرفق )) (3) .


وحث عليه بقوله : (( إنَّ الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه ، ولا يُنزَعُ من شيء إلا شانه )) (4) ، وقال عليه الصلاة والسلام : (( إنَّ الله يُحب الرفق في الأمر كله )) (5) (( ويُعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف وما لا يعطي على سواه )) (6) .


فإذا كان الله - عز وجل - أمر الزوجة بطاعة زوجها ، فيلزم الزوج - كما أسلفنا - أن يكون سهلاً لينًا رفيقًا حليمًا كذلك .


وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- الزوجة سكنًا لزوجها فليكن رحيمًا بها وعلى مودةٍ معها .


قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً الروم/21 ، وقال سبحانه : ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ... الأعراف/189 .


والمرأةُ إذا كانت صالحةً فهي خير متاع يكتنزه الزوج ، قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة .. )) (7) .


فحَرِيٌّ بالرجل أن يكون خيِّرًا كريمًا مع أهله ، قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقًا ، وخياركم خياركم لنسائهم )) (8) .


والمرأةُ أسيرةٌ عند الرجل كما قال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( إنما هُنَّ عَوانٌ عندكم )) (9) أي : أُسارى عندكم . فلهذا - مع غيره - جاءت وصايا رسول الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - بالنساء ، فقد أخرج البخاري ومسلم (10) من حديث أبي هريرة - رضيَ اللهُ عنه - عن النبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - قال : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ... واستوصوا بالنساء خيرًا ؛ فإنهن خُلقن من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذَهبتَ تُقيمه كسرتَه ، وإن تركتَه لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرًا )) .
وفي ((صحيح ابن حبان)) من حديث سمرة بن جندب ( قال قال رسول الله : ((المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها)) (11) .


وأمر اللهُ - سبحانه وتعالى - بإحسان معاشرة النساء في جملة آياتٍ ، قال سبحانه : ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ النساء/19 ، وقال سبحانه : ﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ البقرة/229 ، وقال سبحانه : ﴿ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا النساء/34 . فيا تسوَّل لك نفسك أن تظلم أهلَكَ وهُنَّ لَكَ مُطيعات ؛ لأنَّكَ أعلى منها وأقوى تذكَّر أن الله - عز وجل - عليُّ كبيرٌ قادِرٌ على أن ينتقمَ مِنكَ والانتصار لها ودفع الظلم عنها .


وقد قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية ـ : أي إذا أطاعت المرأةُ زوجَها في جميع ما يُريدُه منها مِمَّا أباحه اللهُ له منها فلا سبيل له عليها بعد ذلك ، وليس له ضربَها ولا هجرانها ، وقوله : ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا تهديدُ للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب , فإنَّ اللهَ العَلِيَّ الكبيرَ وَلِيُّهُنَّ ، وهو مُنتقمٌ مِمَّن ظلمهن وبغى عليهن .


وبنحو ذلك قال ابن جرير الطبري ، ولكنَّه زاد ما حاصِلُه : أنَّ المرأةَ إذا أطاعت زوجها وكانت لا تحبه فلا يُكَلِّفها حُبَّه ويُؤذيها على ذلك ؛ فإنَّ ذلك ليس بأيديهن . والله أعلم .




______________________________



(1) أخرجه البخاري (مع «الفتح» 13/ 231) ، ومسلم حديث (674) .



(2) أخرجه البخاري حديث (2554) ، ومسلم حديث (1829) ، وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر عن النبي .



(3) مسلم حديث (2594) من حديث عائشة رضي الله عنها .



(4) مسلم حديث (2594) أيضًا .



(5) البخاري (6024) .



(6) مسلم (2593) ، وفي رواية لمسلم (2592) من حديث جرير عن النبي : (( مَن يُحرَم الرفق يُحرَم الخير )) .



(7) أخرجه مسلم (3/ 656) .



(8) أخرجه الإمام أحمد بإسنادٍ صحيح بمجموع طُرقه (2/ 472) .



(9) أخرجه الترمذي (1163) من حديث عمرو بن الأحوص مرفوعًا . وسيأتي إن شاء الله .



(10) أخرجه البخاري (مع ((الفتح)) 9/ 252) ، ومسلم (091) .



(11) أخرجه ابن حبان بإسناد صحيح (( موارد الظمآن )) حديث (1308) .



WhiteـSnow likes this.
__________________
ليلى
  #4  
قديم 03-03-2014, 12:58 AM
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع جميل أختى
فهو ما يحتاحه أى رجل وامرأة فى الزمان داه
أحسنتى الإختيار أختى

__________________
لا أقبل صداقة الذكــــــــــــــــــــــــــــــــور
أبى ♡
الغائب الذي لن يعود
وأنا المشتاق
الذى لم يجف عينه
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ حمزه عمر نور الإسلام - 10 01-26-2016 02:09 AM
قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ حمزه عمر نور الإسلام - 6 08-24-2010 10:45 PM


الساعة الآن 02:32 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011