عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree97Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 02-26-2014, 09:15 PM
 

حجز ^^
ميـآر likes this.
__________________
ربِ هب لي مِن لدُنك رحمة



شظايا سنين | مدونة
  #12  
قديم 02-28-2014, 11:02 PM
 
*,


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف الحال ؟ وكيف الأخبار ؟
اتمنى ان تكوني بألفِ صحةٍ وعافية .. (:


ومرةً اخرى وبعدَ مضي فترةٍ من الزمن ، قد تفتحت عيناي على شيء تشهقُ في الانفس
وتتوسعُ لهُ الأعين ، ويسكتُ عن الكلامِ اللسان ..

لحظاتُ الليل ويا لها من لحظاتْ ، تحملُ في طياتها رعباً مخيفاً وانتباهاً شديداً
في أي لحظة قد يجعل المرء يقفز من مكانه ويكاد ان يطير ..
رعبُ ذلكَ اليل ليس مأخوذاً من فراغ ، بل هو لما يحمله من وحوشٍ وذئابٍ تتوق لأكل كُلِ ما تراه ,
في ظلمات الليل ورعبه ابتدأت رواية اسرتني والجمت عباراتي !

اسرتني الكلمات والجملُ والعبارات ،
لحظاتُ الظلامِ ، لحظات الموت ، لحظاتُ اليأس .. كلها عُرضتْ بأبهى حلة وكلامْ ..
لا ادري إنّ كُنتُ سأفي روايتك حقها بكلاماتي وطولِ عباراتي ,
فمهما حاولت لم ولن يمكنني ان اصل لهذا المستوى من الأبداع ..
انا اجزم وبقوة انّ من امامي هو احد المبدعين في الكتابة !
لا اعلم ما حصل لي وقتها ،
جلست بكُلِ هدوء اقرأ قصتك ، ومن ثم دخلتُ عالماً اشكُ انني يمكنُ ان اراه في المسلسلات والأفلام
الكلمات كالجواهر المنتقاة من عالمِ اللغة العربية ..
كُلُ كلمةٍ تأخذي لعالم ما وتأسرني فيه ، اجلس اتأملها واتمعنُ فيها
ومع كُلِ مقطعٍ وعبارةٍ تجدينني ابحر في بحرٍ من الخيال ..

ما كتبتيه يفوق الوصف والكلام ،
روايتك هي احدى الروايات التي عجزت عباراتي عن وصفها
لم اعلم كيف سأبدأ بكتابة الدر ، وحتى هذه اللحظة اشكُ انني بدأت بدايةً صحيحة !



هناكَ من الكلامِ الكثير في عقلي ، عباراتي تتزاحم وتريد الخروج
احاول تنظيمها وترتبيها حتى لا انسى ذكرَ اي شيء ..
بعضُ الكلام اعجاب وبعضُ الكلام سحر وبعضُ الكلامِ نقد وبعضُ الكلام عشقْ


بدايتك لم تكنْ كأي بدايةِ رأيتها ، وقصتكْ ليستْ كأي قصة رأيتها ،
وسأبدأ الأن بالكلام المفصل عن الأحادث والشخصيات وكُلِ ما يخظرُ في بالي

حسناً ، لأولِ وهلة اظن ان الكسيوس البرتين هو بطل القصة ،
ولقد اعطاني انطباع بأنه شخصية طبية وحنونة ويحب اخته ووالده كثيراً
وايضاً اظن انه هو نفسه الذي قتل ذلك الرجل المرموق ..
وانتِ تعرضينَ في النصفِ الثاني من الفصل قصته في الماضي ،
فبحسبِ توقعي ، اظن ربما ان اخته ووالده ماتا امامه وذلك الرجل الذي قابله الكيسوس ما هو الإ مخادع
وبعدها ربما حصلَ امر ما وحوله الى ذلك السفاح المجرم ..

وايضاً لا اخفي عليكِ لقد وقعت في حبِ ذلك المجرم xD
شخصيته اثارت الرعبَ في داخلي ، وصفكِ له جعلني انبهر به رغم اجرامه
وتعامله مع المقتول جعلني ارتعبُ حقاً ،
إنها شخصية تتمتع بهيبة وكاريزما كبيرة جداً
رغم شره ورغم ما فعله ، فلقد احببته حقاً


وايضاً هناكَ احتمال بألا يكون القاتل هو نفسه الكيسوس فأنا ما قلته مجرد احتمال ..
ولكن اتمنى ان يكون توقعي صحيحاً *-*
وانتِ اعلم xD

وايضاً لا انسى ، ذلك الرجل الذي كلمه القاتل
اظنُ انه ينتمي لمنظمة ما وهو زعيم تلك المنظمة
وربما تلك المنظمة تقتل المجرمين والطماعين الأغنياء :/
اظنُ انكِ تقولين الأن بماذا تهذي هذه الفتاة xD
اعذريني ولكن قصتكِ تأخذ خيالي الى مدى واسع .

الأحادث حماسية جداً جداً واريد البارت القادم بسرعة *^*

والأن سأعلق على اكثر ما اعجبني بالفصل وسأذكر في النهاية بعض نقاط النقد ^.*



×
×
×





بداية الأحداث ، وبداية الإبداع ..
من هنا عرفتُ انّ روايتك تستحقُ افضلَ ما املكُ من كلماتٍ في عقلي
فقلَّ ان اجدَ قلماً روائياً موهوباً هكذا ..
وصفُ الليل كان قمةً في الإبداع ، وصفُ رهبة الليل اصابتني بقليلٍ من العرشة في جسدي
وكأنني ارى المشهد امامي لا اقرأه .
العبارات مختارة بعناية فائقة حتى تناسبَ كُلِ كلمةٍ موضعها وتحمل في نفس الوقتِ الفُ معنى ومعنى .






وصفُ مشهدِ الجريمة ، وايُ مشهدٍ هذا ..
لو انني رأيته في فلمٍ لما اثرَّ فيني هكذا ،
ربما هذه اكثرُ جريمةِ قتلٍ عشقتُ عباراتها بشكلٍ كبير

وايضاً هذا المقطع اوحى لي بأنّ القاتل حقاً شخصٌ بلا رحمة ، ")






اه اه ويا له من مشهدٍ تقشعرُ له الأبدان ..
لحظاتُ تمسكه بخيطِ الحياة ،
ولكن لا مفر ، فلا مهربض من الموتِ ابداً ، ولا مهربَ من انفصالِ روحكَ عن جسدك
كانَ في القمةِ يوماً ، وهو اليوم على الأرضِ ممدود
يا لها من سخرية للقدر !






هنا للحظاتٍ بداتُ اشكُ بأن الآمرَ بالقتلِ إما رئيسُ منظمة ،
او شخصٌ يريد الانتقام فقط من ذلك الغني
ولكنْ بعد تفكير اصبحت اظنّ ولعى الإغلبْ انه إما شخصْ يتزعمُ منظمةً ما ،
او هو شخصٌ يريد ان يصلَ للقمةِ فقط >> وهذا لا ارجحه كثيراً :/

#





هذا المقطع في البداية ، لم افهمه وكنتُ اشكُ ان ورائه قصة ما ..
فمن كلامك يبدو انه كان في حالٍ واصبحَ في حال ، فلقد كان في حالٍ ضعيفة ومهتزة ، وهو الان اصبحَ ثابتاً قوياً
لذلك بعد نهاية البارت ، شككت بأنه ولربما الكيسوس هو نفسه القتال !








هذا المقطع اخافني حقاً :"(
اصبت بصدمة ، حقاً مسكينة اليسا ! "(
والكسيوس لا يدي بشيء ، مسكينٌ حقاً لا يعلم ما حصلْ
ولكن الصدمة بأنتظاره .. للنتظر ونرى ماذا سيحدث !

وهذا المقطع لفتَ انتباهي كثيراً فلقد احزنني وارعبني واخافني وحمسني جداً جداً .







هنا لا اعلم ما حصلَ لي :'(
احسست بالشفقة الكبيرة على الكسيوس
موقف اليأس والحزن والتساؤل ذاك ، كان محزناً جداً ..
احببت هذا الموقف كثيراً رغم انني حزنت جداً عليه








هنا كانت لحظةُ فرج للفتى ، ولكنْ فرجٌ سيتبعه الكثير من الألم
وسيفضل لو أنه بقي على تلك الحالة السابقةِ من اليأس بدلَ ان يعلمَ ما حصل

وانا لا الومه عندما اجابَ مباشرة عندما سأله عن كونه الكسيوس ..
فهو اراد التمسك ولو بقشة من الأمل ..

اردتُ حقاً من ابداعك في عرض الموقف ان اكون معه وان اشهد الحدث امامي ..








وبعد لهفة ذالك الفتى بأنه واخيراً قد يجد ما فقد الامل بإجاده ، هاهو سيصطدم بشيء لم يتوقعه
فذلك الرجل ليسَ بشخصٍ جيد ابداً ، بل يحدثني قلبي بأنه من اسوأ ما يكون ..
وكُلُ ما املكه هو ان اتمنى بالا يحدث ما هو اسوأ من معرفة الفتى بما حصل بمن يحب
رغم فداعة هذا الموقف ايضاً ولكن ان يحدث ما هو اسوأ منه ،
هو امرٌ لا يمكنني تخيله ><


لقد اصبحتُ متحمسة جداً جداً للفصل القادم ،

والأن سأنتقل لذكر بعض النقاط في روايتك احببت ذكرها ونقدها :

المقطع :






وصفكِ هنا جعلني اجوع *-*
معدتي اصبحتْ تقرقر حتى انني بعد ان انهيت القراءة قمتُ لتناول الطعام xD
ولكنْ لأنبهك لشيء ..
وصفكِ رغم انه كان جميلاً جداً هنا ، الإ انه كان زائداً عن الحاجة !
فبحسب رؤيتي له ، اظنُ انكِ وضعتي كلاماً لا فائدة منه فهو ليسَ بحدثٍ مهم ولن يفيد القارىء في شيء
فأنصحكِ نصيحة ، بأنَّ المواقف المهمة والاحادث الفاصلة هي ما عليكِ ان تسهبي في شرحه ووصفه
واما المواقف العابرة والعادية لا اخبذ الإسهاب في وصفها كثيراً
وربما يكون لغيري وجهة نظر اخرى ، وانا قلتُ فقط ما اظن (;


وهنا جملة :

- ما الأمر .. ؟ .. لم يصلا بعد ؟!

هنا اظن من الأفضل ان تقولي " لما لم يصلا بعد ؟ "
وليسَ "لم يصلا بعد ؟ "



وايضاً لاحظت بعض الأخطاء في الهمزات ، مما جعلني اتلعثم قليلاً في القراءة
لذلك حاولي ان تنتبهي مجدداً لها ,

وأما علامات الترقيم والتشكيل فلا يعاب عليها شيء اطلاقاً ، ^.*


وايضاً كنصيحة ، حاولي ان تكثري من الأحداث في البارت
فالبارت طويل ولكن الأحداث اغلبها اقتصرت على قتل ذلك الرجل ، وموقف انتظار الكيسوس ، وخطف والده واخته
فلأول وهلة من طول البارت ظننت انه سيكون مليلاً بالأحداث ،
ولكن اغلبه كان وصفاً وهناك اشياء كان يمكنكِ ان تختصريها ولا تضعيها
ولا اقول لكِ انها اضافت عيباً على الفصل ، لا ابداً .. لم تؤثر
وهي جعلتني اندمج مع الأحداث حقاً ، وخاصةً الفصل الأول من
الجيد ان تكثري في الوصف لأثارة الخيال و التأثير في القارىء
ولكن في المسقبل قد تصيب القارىء بالتشويش لذلك عندما
ندخل في صلب الأحداث حاولي الا تسهبي في الوصف الأ بالمواقف المهمة ^_^


وطبعاً هذا لا ينفي انَّ الفصل الأول والبداية سحرتني بكُل ما للكلمة من معنى
فأسلوبكِ مميز حقاً ، وانتِ موهوبة
واتوقعَ اذا استمريتي على هذا المستوى ، ربما سنرى
رواية لكِ في المكتبات مستقبلاً ^_^
انتِ مميزة حقاً

وانا لم اكتب النقد الإ من بابِ سعي بأن تكون روايتك متكاملة ..
وانا عرضت نقاط قد يختلف معي فيها غيري ^^"


واتمنى ان يكون ردي قد وفى روايتك حق وفاء ..
واعتذر جداً جداً على الإطالة ، ح4
ولكن روايتك تستحق هذا واكثر

تقبلي مروري
في امان الله ~
.
.

__________________


Ask.fm | Sayat | Twitter | My list anime | my record | Tumblr

^
اتشرف بزيارتكم


  #13  
قديم 03-01-2014, 02:01 AM
 
الفَصلْ الثاني ~



وأنبلج الصمت نذير شؤم .. ! ، يحرّض هاجساً متطرفاً مثلّته الأحرف المبهمة،
وأستبطئت عيناه حركة المحيط الدائر حوله ، يسترسل في قوقعتها النظر بإستبعادٍ مشكوك قد أفرغته خيالات عقله اللاعبة بأفكاره الصغيرة .. أجل ! ، ربما ذلك ما اعتقده حين تاه في صورة تلك العينان الراقدتان في جمود .. تبعتها ابتسامة أسدلت الغرابة على محياه .. شيءٌ من التعجّب فقط دون أن يعطي له مجالاً للأهمية داخله ، فجلّ مطلبه الآن ينصب في رؤيتهما وحسب .. ! ، ذلك فقط كل ما في الأمر من مهم .. سوى انهما تأخرا ، وإن دلّ وجهتهما فيجدر به الذهاب دون أي تردد .. !!

وذلك كان ما يهتف به في سرّه بسرعة جنونية .. ،
لذا خط آخر لحظة في الوقوف على قدميه حازماً مستبشراً رغم طغيان التعب ، وقاوم نفسه مستجمعاً كلماته .. ،

- سيدي من فضلك ، دلني على مكانهما كي أستطيع الذهاب .. فالقلق لم يتركني أهدأ طرفة عين أبدا !

وتراءئ أصراره الذي فاض بهيئة قلقة .. ولكن ذلك لم يكن بالمهم للرجل، لقد أنصبت سعادته حين أستصاخ الجواب المنتظر .. جواباً يسلطّه ناحية المخطط التكاملي الذي سيشق بواسطته أول خطوة رسمية تسبقها علامات النتيجة الحتمية التي تستجلبها ذاكرته .. ليمتص شعوراً ضئيلاً من التلهف .. وهو يزيد على ابتسامته الحذقة بعاطفة تمحق الشكوك .. !!

وأخذه من كتفه يقرّبه ، يربت عليه ليبعث موجات الطمأنينة الى قلب الصغير الذي يصبو الى مراده.. ويردد بعنفوان منصاع لعاطفةٍ جياشة ،
- أجل ! عليك الذهاب .. فهم بإنتظارك الآن وأنا قد أنهيت دوري في إيصال الرسالة وبقي أن أوصلك أليهم .. بالتأكيد هم يتهامسون سراً فيما بينهم والبسمة تأخذ حيّزها على وجوههم في آمان ، وأشعر بهم متلهفين لمفاجئتك !

رقصت كلماته بحذافيرها علي نبض قلبه .. فجعل ينفض ملابسه من ما علق في قماشها من غبار ليتقدمّ مع السيّد ،
وأمسك الثاني كفّه لتتشبث أصابعه الصغيرة داخل يده ، وتعتليه بسمة طيب ليحثّه على السير ، فأخذا مجراهما يمشيان معاً بيسر ..،
لكن الكسيوس الصغير ما لبث لبرهة أن يخطو خطوتان حتى أفتقد إتزانه بفعل الرؤيا التي تهاوت أمام عينيه فجأة ليصيب بألم في رأسه .. ويتشتت تحكمّه بعضلات جسمه
ثم أستعصى حمل ثقله فترنح في لحظة كاد بها يسقط .. ، لولا يد السيد التي باغتته لإلتقاطة بسرعة بعد ان انتبه أليه ،وأنبسطت نهايات معطفة الجلدي الفاخر على السطح الرخامية نتيجة إتكائه بجواره .. بينما يبصر فمه النافخ لحرارة الهواء المستخرج من جوف صدره المكلل بالضعف ،وأستصغاه لوهلة حتى يتبيّن الرؤية حوله

ثم أنكشف صوته وهو يراه بحذر،

- أنت مريض بسبب ضعف المناعة لديك ، لم تتناول دوائك اليوم ؟
- لست بحاجة أليه فأنا بخير ..
عجيبةُ تلك العبارة التي سقطت على نفسه الهامسة ، كم يستطيع هذا الصغير فرد قدراته على التحمّل الثقيل كي يلازم قراراته كالرجل الشهم ! ، هكذا كان تساؤله وأحداقه وقفت تدقق رؤياها .. تساؤل فقط طرأ على فكره بدهاء .. !

كما سمّاه والده منذ حديث ولادته بذلك اللقب ، وكان أول لقبٍ بعد تسميته عندما ضمّه بين ذراعيه وهو في المهد صغيرا .. !
وانحنى ألكسيوس ينفض غبار أوجاعه بتنهداتٍ بسيطة ألقاها منكساً رأسه ، مخفياً عيناه خلف ستارٍ كونتها خصل غرّته ،

قال مظهراً إبتسامته بصعوبة وهو يضغط على نفسه ، وجهه يستطرد الشحوب.. ،
- فقط أوصلني وسأتعافى في الطريق

وأستقر يأخذ نفساً ليكتسب الهدوء حتى وقف من جديد ،
فساندته ذراع السيد التي احاطت به .. ،
ثم سارا بإتجاه القطار .. !



[السادس من يوليو ، 2012م ،فرنسا ، الساعة الحادية عشر ليلاً ]

لاح القمر بدراً منكفئاً على وحدته .. يهيم وسط السماء ، برفقة صغاره من حبّات النجوم المتناثرة حوله .. ،
لقد أمسى العنان صفحة متحركة .. كلما أويت معها وأنت تسير ، رافقك وجه البدر في خطواتك مشيراً أليك إلى غشاوة الدنيا المحمّلة بالاكدار والهموم .. وغربة الناشدين دعاء الصمت فجراً ما بين جنباتها المهجورة ، وطرقها المقفّرة الغائبة تحت مستنقعات ضغائن النفس المنعقدة بتدنيس نقاءِ الروح ،و التي إن نطقت .. لكأنها ستخبر العالم عن رغبتها في الفناء السرمدي دون وطئة رقعة من الأرض ، وتحررها من توابيت الهياكل الفانية.. بلا إبصار سر الوجود الاوليّ .. !!
ورغم إشتداد عتمة خلَّفها غياب الشمس ، أضحى سناه يزداد تألقاً كلما احتضن جوف الظلام .. !!
الريح كانت تغدو كل حينٍ هنا وهناك .. تلقي على الطرقات هبات عشوائية باردة ، والشارع العام يجاهد وسط إزدحام معتاد في هذه الساعة من الوقت .. تسطع أضواء مختلف السيارات في اصطفاف منتظم تجزء الى ثلاثة ، وكل صفٍ ترتفع منه أصوات أبواقها حتى مُلأت المنطقة بضجيجها المتوالي الذي لا ينتهي إلا بعد إنقضاء مدة زمنية تختلي فيها الطرقات من أكثرية الناس بعد إغلاق المتاجر .. !
وعلى بعد مسافة منها في احدى الأسواق ، يُفتح مطعم صغير حتى منتصف الليل .. ،

بداخله.. وبين طاولاته الدائرية المستديرة ، يجلس الناس .. رائحة الشواء تنبعث من قسم الطهي ، حيث يقف الطبّاخ بإزاره الأبيض وقبعته الطويلة يقلّب أصناف الطعام على الفرن بنشاطه المعهود .. ! ، فينشر رائحة البهار الشهّية في أرجاء المطعم..!!
البعض منفرداً يتناول وجبة عشائه على عجل ، والبعض يجتمعون تحت كؤوس الشراب التي لا تنفذ .. !
تستصيخ أصوات ضحكات من جانب وحديثاً مختلطاً يبرز من ثنائيات متفرقة .. ،

ومن بينهم .. بزغ رجلٌ ذا هيبة ، يرتدي بدلة راقية وخواتم ذهبية تلمع بين أصابعه العريضة النافرة عروقها .. ،يربض في كرسي يحاذي أحدى النوافذ المطلة على الشارع ، ينقر بسبباته .. ويراقب الخارج بنظرة هادئة .. ،

ينجلي في قسمات وجهه ثراء فاحش.. و تجبُّر تخفيه سكينة ثائرة .. !

بدى ينتظر أحداً ما ، وقد أستوضح ذلك من الكأسان الفاخران المعدّان بترتيب على قماش الطاولة الأحمر ، وعليها أستقامت زجاجة داكنة اللون ..بارزة يبان بجوفها سائلٌ أحمر ، ويقطن بجوارها منديل أبيض مطوي .. ،
وفعلاً ، ما تعدّت عقارب الساعة طريقاً من الدقائق المتلاحقة حتى دُفِعَ باب المطعم الزجاجي ..لتتحرك مجموعة المدليّات المعلقة فوقه مصدرةً رنيناً واضحاً .. ويدخل شابٌّ في مقتبل عمره .. قوام ممشوقة ، وشعرٌ أسود يغطي عنقه وينسدل حتى شحمه أذنيه .. ،
ملبسه كان من قميص أزرق قصير الكم ، و بنطال أسود ،

خطى ناحية طاولة معينة .. الى أن وصل أليها كان الأول الجالس لايزال يرمق عبر الزجاج وهو عالمٌ بأن ضيفه قد وصل في ميعاده .. !
ودنى منها حتى جلس على الكرسي المقابل له بآلية دون النطق بتحية أو كلمة عابرة ،ثم أخذهما الصمت للحظات حتى أنجلى صوته الرخيم منخفضاً .. بإذعان ،
- طلبتني ، سيدي ..

أدار المعني رأسه ليلتقي وجهه أماماً به ، ويمعن ناظريه في عينا الشاب المنصتة بركود ..

نطق مبتهجاً يحيّه،
- أهلاً بك ، جأت في موعدك القياسي !

وأخذ يبتسم بينما الآخر هادئ في مكانه ،لم ينبس ببنت شفه ،ولم يفعل سوى أن كان ثابتاً في موضعه دونما كلام .. !
ولكن سيده يدرك تصرفاته بمهارة ، وسجيّته التي أعتاد عليها لِقدم المعرفة بينهما ، لذا أعتدل في وضعيته غير آبه لصمته الغريب ممسكاً بزجاجة النبيذ مفرغاً محتواها في كأس ضيفه أولاً ثم في كأسه .. !
ولاحت إبتسامة على محياه بينما يقرّب طرف الكأس الى فمه يرتشف قليلاً ، حتى وضعه على تقطيبة ضئيلة من حاجبيه متمتماً سؤاله،
-كيف حالك مع الحي ؟، هل أستطعت التأقلم بحرية هناك .. ؟

- كل شيء بخير ماعدا تلك الطفلة المزعجة

ورمقه بغرابة ثم أفتر عن أسنانه ضاحكاً بعلو .. وقال يهز رأسه بعنفوان و ود
- آه أجل ، تجاهلها فقط وهي في عمرها الصغير ولا تأخذها على محمل الجد

ولبرهة فقط أنحالت قسماته ، يزيل غطاء المودة الذي أختلط مع ملمحه ليتلحف بجديته البيّنة ويحيك بداية حديثه الفعلي بعد ثوانٍ من المرح القليل،
أشبك اصابعه ضاماً كفيّه ، ينظر بعينٍ ثاقبة لم ترهب الجالس الذي يراقبها عن كثب ،

- أستلمت المهمة التالية ، صحيح ؟
- أجل ، في قصر الرئيس ديفيد رجل الأعمال

وأطبق شفاهه وهو يستصيخ ما سمعه .. ، لتعبر تنهيدة داخله كغصّة أستثقلت الخضوع عنه وتربعت تهوي على صدره النافث لسعيرٍ حاقدٍ ما فتأ يتّقِدُ داخل زوبعته المترعة بالأفكار المبهمة والمخططات البعيدة المدى ،فيستخرجها من قعره مستنداً بعد لحظات في شرود ساخراً،

- ديفيد لورانس ، صديقي القديم المحبب الى قلبي ، هه ! أطلق مشروعه الخاص مع حفنة من رجاله ليصدر خبراً في الصحف عن بذائتي في مخططات سرّية داخل منطقة مجهولة لا يعلم عنها أحد .. بعد أن كسب بضعة قروش أغرته !

وأرفع بصره ناحية الشارع المطل عليهما ، مفكراً يرسل نظراتٍ متفرعة عبر الزجاج وهو يتمتم بإستياء غير مرئي ،
- متى ستبدأ ؟

أنزل المعني يده ليدخلها في جيب بنطاله الأيمن قاصداً إخراج ما حمله.. ،
فكشف عن بطاقة بيضاء أنيقة تزّين أيطارها بنقوش ذهبية مميزة ، على غلافها ظهرت بصمة ختمٍ أسود .. !
أهداها اليه واضعاً أياها على مقربة من يده التي تحركت ناحيتها ، لتمسكها .. !

ووقعت عيناه على الختم لتستضيق عابسةً، فيضغط بإبهامه وكأن به ينفض غيظه المتكدّس الذي آنت لحظته للتحرر من مخدعه .. هامساً وهو يجول برؤياه على كل زاوية منه .. يستذكر صوراً أحاطت بذاكرته تبلغ السنين! أبتلعت بشقاءٍ جزءً من راحته ليتنغص سير فكره المنشغل في كل اللحظات ، ورغم هذا بقيت في زاوية مهجورة محافظاً عليها ، حتى عادت اليه وكأنه يشاهدها حيّة تُعرض من خلال شريطٍ مر امام ناظريه بإزدراءٍ يثير تلاعباً بعصب ذاكرته .. فيستجلب شعوره بمرارة يخالطها الإنزعاج ،
- هذا الشعار ...

تجهّم وجهه ، وأخرج ما في مكنونه متلفظاً بنفاذ صبر،
- سأكون من المدعوين ضمن إحتفاله ليلة غد ، من المؤكد أنه سينشغل مع كبار رجال الاعمال والمدراء التنفيذين لذا أستغل فرصتك بما أن أسمك مسجل في قائمة الضيوف لتنهي الأمر

ولاح شبح إبتسامة ينمو في خبث ، حيث كانت تعابيره تتكهّم بهيئة ترهب قلب الناظر أليها .. وهو يضغط على أحرف عبارته وحدقتاه لاتزال متعلقة إتجاه البطاقة ..

- عندما تقتله أبعث لي برسالةٍ ما حتى أكون قادراً على الوقوف أمام جثته في الصف الأول بين الشهود

وأرتفع رأسه .. لتنجلي إبتسامة أقسى مع وقع عيناه الغارقة في ضغينة .. يوسّع من مداها ، حتى لاح بريق فارضٌ هيمنته بمتعةٍ تبتغي الأرتواء ككل مرة ،

- هل فهمت .. يا ألكسيوس ؟ .. أريد حفلة تنضح كؤوسها بالدماء .. !!



[ السابع من يوليو ، 2012م ، كليشي سو بوا ، السادسة والنصف صباحاً ]

وفي صبيحة يومٍ أشرقت شمسه بالضياء ، مرفرفة تتربع كبد السماء بين أنقشاعة الغيوم التي بدت كأكوام قطنٍ ناصعٍ تداخل مع أقرانه ثم أنسحب كقزحٍ متفرق ، أمست ألسنة النجم الذهبي تتفرع بين تفرقاته حتى تصل سطح الأرض .. وتضيء ما طمسه الليل وبين أزقته الدامسة من معالم للحي .. !
وتراءى في شرق الأحياء شارعٌ غافي ، توالت على جانبيه المباني والمنازل المصطفة ، أرضيته تكونت من قطع الحجارة المربعة المستوية كما سائر بقع أرضه ، وأختلفت المباني في طابعها الريفي الدافئ .. وأسقف منازله التي أستوطنت على أسطحها عصافير الربيع تصدح بألوان الغناء .. ويجنّح بعض منها عبر طريق السماء .. !
ومن بنيانه ، بناءٌ شيّده أحدى التجار الكبار مقيماً بداخله سلسلة من الشقق المستأجرة لمن يرغب بالنزول مقيماً فيها ، وأشتهرت عند فقراء الحي والمشردّين بأغلى مبنى يقطن فيه الأغنياء وصاحبو الطبقة المتألقة في عالم فرنسا ، بسبب حداثة نزله الكبير رغم طراز هيكله الخارجي المتخذ هيئة باقي أقرانه .. !
وتعتلي شرفة بأحدى طوابقه ، ترفرف من نافذتها حرائر الستار الأرجواني المزهر بصور الورود الصغيرة .. ،
كانت مفتوحة على مصراعيها ، يتسرب منها صيآح ذلك اللحن المعبّأ بشجى نغمات رفيعة .. من داخلها ، جوف آلة البيانو السوداء التي تستثير هائمة من فرط وقع أنامله السلسة على مفاتيحها الثائرة .. !
تنقر أصابعه .. بفكر منطلق شارد نافثٍ عبر فضاء الكون مغرقاً في السكون .. ،على أوتار ألحان معزوفة خالدة ، .. معزوفة تحيي الجماد وتقتل الروح !!
وتمتطي سفن الرياح لتعبر الآذان الحيّة .. ثم تستصيخ نوارس الشاطئ نشيجها .. !
وفي ما يصرخ داخل بوح معاني الصمت العتيق ، تنساب لوحة نسجت ملامح وجهه النائمة في سبات الهدوء وتنفسات عبق الربيع المعطّر ، يميل رأسه متبعاً حسّ الموسيقى على حركته المرنة ، منزلاً أجفانه النائمة بأريحة على حدقتيه .. !

وداخل غمرة هائجة .. ثورة ألحانٍ عذبة ، كانت تراه من بعيد .. وتنصت أليه ، .. ماكثة في الأسفل بعد ان أستوقفها لحنه عندما أنطلق من محجره ككل بداية صباح ، حتى بعد ما أستفاقت لتبتاع كم قطعة من أرغفة الخبز عند البائعة .. لابد لخطاها أن تخونها عن المضي في أوج هذه اللحظة التي أصبحت كعادة خاصة تتمسك بها وتنفرج أساريرها داخل بهجة تخفق قلبها الصغير .. لتنبلج على أثرها بسمة تتفشى فيها سعادتها وإعجابها .. حتى تمضي بقية الوقت في تريّث خروجه المعتاد بساعةٍ قياسية .. !!

طفلةٌ من اطفال الحي ، ابنة الجيران التي لم تبلغ من سنّها السابعة بعد .. ،تعيش مع أبويها وأخواها في المنزل الريفي البسيط المجاور للمبنى ،
مفعمة بالنشاط ، لذا فهي تستيقظ كل يوم في السادسة صباحاً على صيآح الديك الذي أبتاعه والدها قبل سنين وأصبح جزءً من العائلة .. ، تغتسل وتأخذ أهبة أستعدادها للخروج الى السوق،

لها عينان كلون الشهد المصفى .. وشعر طويلٌ كستنائي ينزل آخر ظهرها ،
تلفها البراءة ، وتعتليها الضحكة في كل وقت.. !

أخذت مربضها مستندةً على حائط أحدى المباني المحاذية المتقشر طلائها.. ، تطرق بقدمها الأرض ، حاملةً سلّة القش تتدلى في زندها .
وما بين تأملاتها عند كل نغمةٍ ..
توقف العزف فجأة ! ،
فظهرت التفافة منها بإدراك حتمي أنه سيخرج بعد اليسير من الزمن .. ،



داخل غرفة الجلوس، أشارت عقارب الساعة المعلقة الى السادسة وخمسٌ وثلاثون دقيقة !

كان ينحني لألتقاط معطفه المنشور على طرف الكرسي ليرتديه ،

وكانت الغرفة فسيحة ، تتوسطها جلسة أرائك خضراء نُقِشَت بزخارف داكنة ، ومنضدة زجاجية قد أستقامت عليها آنية رمادية امتلأ نصفها بالماء لتستقي منه الزهرة الأقحوانية المائلة بساقها اليانعة في دلال داخلها .. يفوح منها عطرٌ هادئ، لكن أوراقها متدليّة منكسة بهائها للأسفل ، وكأن بشموخها هُصِرَ في حزن خفي خطف بشراها .. !
وغير ذلك ، كان جهاز التلفاز الذكي يعمل على قناة الأخبار المحليّة ، حتى أغلقه بجهاز الكنترول .. ولفّ ساعته حول معصمه وهو يحدّق في فوهة مسدسه الأسود الموضوع على أحدى الرفوف قرب مفتاح السيّارة ..،
تمشى على الأرضية الرخامية المفروشة على حيّز منها سجّادة ملّونة بألوان باردة أندمجت مع الأزرق و الأرجواني لتنتج شكلاً عشوائياً مبهم .. !
وتدنى قربه ليحمله بين يديه ويعتمد زر الامان فيه ثم يخبأه داخل جيب غير مرئي في سترته ،

علت رنة هاتفه المحمول في الأرجاء لبرهة ! فأزاله من جيب بنطاله الخلفي ..،
وطغى صوته على سكون الصباح بعد أن فتح المكالمة،
وصله صوت السيد أبسالون عبر السماعة ، وخالطه سماع صوت وشوشة ضئيلة كأنه يرتشف قهوة الصباح خاصته على طاولة الأفطار الفائضة بأشهى أصناف المأكولات.. !

تكلم بادئاً ،
- نعم سيدي ..

أجابه الصوت بنشاط كفاف راحة
- أوه صباح الخير ألكسيوس ! كيف حالك اليوم؟
- انا بخير
- هل جهزّت نفسك للذهاب الى موعد تدريبك؟
- منذ لحظات ..
- جيد جيد ! أحببت أن اطمان عليك و ..

انخفض عنفوانه رابطاً آخر كلمة بقوله مهدداً،
- لا تنسى ميعادنا هذه الليلة في تمام الساعة التاسعة
- لم أنسى ..
- كن على أستعداد تام ، حظاً طيّباً !

واغلق الخط !

وبهذه الطريقة الآلية التي يتلقى فيها الآوامر دون وقت معين ، أعاد هاتفه داخل جيبه .. وخطى ليغلق النافذة قبل خروجه ، وفي حين كان يرفع ذراعيه ليحرّكها لمح أبنة الجيران واقفة مستندة على الحائط ، فشدّ حاجبيه في انقباضة صغيرة علامة على الإنزعاج والوضع الغير مرتدّ عن منواله الذي لا يحبذه .. تمعّن أليها،

أغمض عيناه، واصل إغلاقها دون مبالاة ، و أسدل الستار حاجباً المنظر البديع الذي يطل على الحيّ .. ثم خرج مقفلاً الباب ورائه بعد أن أخذ مفتاح السيارة.



كانت تتمعن في فردتا حذائها الجلدي بصمت ، وحتى بعد أن تحرّك الباب وفي إثر حركته ندّ انيناً على مصراعيه .. انتبهت ! وأدارت رأسها مع صورة إبتسامة عريضة أمتدت على ثغرها .. !
أنه هو بلا شك .. هذا ما ردده عقلها بلا تباطئ .. !
فهتفت بفرح وهي تغدو أليه بخفة خطوات جرت بلهفة

- أخي الكسيوس ! صباح الخير !

- أهلاً إنورين ، صباح الخير

ألقى الأجابة دون إلتفافة مغلقاً الباب خلفه .. ودون الإسترسال في حديثٍ عابر كما عادة الجيران ، أعتمد طريقه ناحية وجهته .. ، ورغم ذلك .. عنفوانها لم يتوقف عند هذا الحد بالطبع ! .. فقد تقدّمت أليه مع صوت وقع حذائها الصغير تناديه .. حاملة سلّتها بعناية .. فستانها الفضفاض الأبيض تحلّق اطرافه الحمراء نتيجة خطاها المتلاحقة .. بينما كان يمشي ناظراً امامه بجمودٍ وكأنّ ما من أحدٍ يتواجد معه .. !

نطقت بحبور تحادثه والبسمة ترف في موقعها .. وهي تبصر وجهه من الاعلى نتيجة طوله وصِغر قامتها .. !

- أخي الكسيوس لقد سمعت عزفك هذا الصباح أتعلم ؟
- أجل ، صحيح ..

ومن ثم ادارت ناظريها أماماً بلا أي تغيير طرأ على نفسها وهما يسيران.. إبتسامتها.. وعيناها اللتان تتقدان نشاطاً ومرحاً ، يكملان هذه اللوحة التعبيرية المتناقضة في شخوصها .
لقد أنتقل الى هذا الحي قبل ما يقارب الشهر والنصف ، لذا فإن عيناها اعتادت على رؤيته كل يوم .. وأذنها كذلك لا تفارق عزفه كل صباح !

وهي حاكت أجمل تعبير على قسماتها البهيّة لتدير رأسها مرة أخرى ناظرةً أليه من الاعلى ، تستثيره بفضولها المعهود ..
- اخبرني أخي ، ماهو نوع عملك ؟ انت تخرج مبكراً دائماً ولا تعود سوى في منتصف الليل .. هل تعمل مدرس موسيقى ؟ .. أم مهندساً معمارياً .. أممم
وصاحت بحبورها ،
- طبيب ! ، أليس كذلك ؟ ، أتعلم أن عمي يعمل طبيب أسنان ولكن عيادته في المدينة لذا فهو ينتقل الى القرية في أيام الاجـ..

قاطعها ألكسيوس بجفاءٍ متابعاً خطاه
- إلى اللقاء أنورين .

وفرهت فاهها جزءً ضئيلاً متوقفةً بينما تبصره يبتعد عنها دون أهمية ، تدقق أليه بشرود

وبعد كميّة نافذة من الوقت القصير ، عادت البسمة صديقة على محياها .. هاتفةً له ،

- حظاً موفقاً أخي ألكسيوس ، سانتظر عودتك بفارغ الصبر!

ثمأغمضت عيناها لترتوي نفسها برشفة إمتنان سعيدة على هذا اللقاء القصير الذي لم يتعدى الدقائق ، بالرغم من جفائه الدائم في معاملتها .. ، ترضى لمجرد لقائه فقط ..! فقد أستطاعت ان تحادثه اليوم أيضاً وستبذل قصارى جهدها غداً كي تتحدث معه أكثر .. !!

أنها تهتم به جداً ، رغم هالة الهدوء المهيبة التي تحيط حوله .. أعتقدته غريباً في بدايات أيام انتقاله ، كانت تخشى منه ، و كان الفضول لم يترك لها مجالاً البتة ليستريح فكرها .. جعلت تحاول التعرّف عليه رغم سطحيته مع الناس من حوله وعدم إبداء إهتمامه كما لاحظته .. ،ومع انها تخسر في كل مرّة ..

وفي يومٍ ما من أيام الشتاء المثلج ، كانت عائدة الى البيت .. تحمل بجعبتها رغيفا خبز طازجين لفطور عائلتها ..، وبينما كانت تحاول تدفئة كفّاها الباردين أستصاخت فجأة لحناً جميلاً أثار مشاعرها .. وأنساب يداعب قلبها بشعورٍ مميز ، تفاجئت عندما علمت أن الصوت نابع من نافذة شقته . وفي اليوم التالي عندما خطت على ذات الطريق سمعت ذات المقطوعة .. وكذلك الذي يليه !
حتى قررت كل صباحٍ أن تتوقف عندما تخرج الى شراء الخبز لتنصت الى عزفه .. و بعد ان زجرتها والدتها نتيجة اهمالها للخبز الذي صار بارداً عند وصولها البيت .. قررت مجدداً ان تستفيق باكراً لتحصل على فرصة سماعها الى عزفه وإلقاء التحيّة عليه .. ثم تغدو الى متجر بائعة الخبز لتبتاع ما طُلِب ،
ومع جمود سجيّته الغريبة التي لا يطرأ عليها تبدّل ما ، تمنت بين جنبات سرّها دائماً أن ترى إبتسامته .. ،
وهي بدورها تقترب منه
.. !

وشّدة أهتمامها به ، وإلى ما آلت أليها نفسها لما تراه من شخصية مبهمة شائكة تختلف عن غيرها في كثير من السلوكيات .. أو ربما لم تشهد سلوكاً كمثل سلوكه بتاتاً ! ..وحتى بعد ذلك، تبقى أمنياتها مجرد هبّة أحلامٍ وردية من قلب طفلة نابضٌ بالحياة ، لم يفقه العالم الخارجي .. بخباياه .. وواقعه !



اهتدى ليل هذا اليوم الى أمسية فاخرة أحتضنت الغالي والثمين ، وتلألأت ثريات السقف الرفيع المزخرف بالذهب الخالص ،تسطع أضواء ذلك الإحتفال البهيج الذي ضم اكبر مدراء فرنسا وخارجها من كافةة أصقاع الأرض .. إلى الأغنياء أصحاب الصفقات التجارية الغربية من طبقة البلاد الرفيعة .. !
وأجتمع جمعٌ غفير على تلك القاعة الفسيحة ، قاعة أطل زجاج نوافذها اللامع على فرودسٍ شقّت أرضه المعوشبة الخضراء زهور النرجس الفوّاح مع البنفسج و بتلات ورودٍ اكتسبت زرقةً تسطع تحت سنا القمر ، تترئسها زهور اللوتس اليانعة المطلة على بركة تتلألا بلوراتها المائية لكأنها فسيفساء تلاحمت بصناعتها جواهر الألماس والجمشت والزبرجد الأزرق .

وأعتلت الحديقة أسوار عاليا تكونت قضبانها من زبر الحديد المطلية بالفضة الخالصة ، وتشكلّت البوابة العالية هيئة ملكية مهيبة يحرسها رجلان بارزا الجثة ، قائمان موضعهما بتأهب يقظ حذر يحمي المنطقة .. !
وكانت مفتوحة على مصراعيها الضخم لإستقبال الضيوف بحفاوة تليق مقامهم ، فتستوقف السيارات الفارهة الثمن ذات الطراز الحديث مواقعها في اماكن الوقوف ، ليترجل منها ما سُجّل أسمه لشرف حضور أمسية اكبر المدراء على الصعيد المحلي والدولي .. !!

وعلى طقطقة كعب السيدات المتأنقات الى أقصى حد ، الفساتين المبهرجة ، أحمر الشفاه الفاقع، ورقصة تتفشى بخطاها خيلاء النبلاء ،مع سادة الشعب الذي لا يفقه واحد منهم عيش نصفه مهجوراً يداور الازقة مفترساً ما يؤي عيشه .
فأكتظت أرجاء القاعة المنفتحة بأصوات الكثيرين ، تتخالط السنتهم الناطقة بما يوحي عن حوارات بين رؤساء الشركات ، والتحيّات العابرة الودّية ، وضحكات مزدوجة تداخلت مع الأحاديث بنشوة فرح عامرة .فالكل كان مبتهجاً ، مطّلاً بتألقه في ليلة هذه المناسبة السعيدة ..
ومن كان على يقينٍ بأنها ستنقلب رثاءً على تشييع جنازة أحدهم بعد إنقضاء وقتٍ من الزمن !!؟

وداخل غمرة الصخب على وقع ألحان العزف من فرقة موسيقية أستخرجت نغمة كل آلة فنيّة بمهارة .. تمازجت النغمات معاً مستخلصةً لحناً مميزاً أخذ يملأ القاعة ، فتلك مجموعة تعزف على الكمان ، وتليهامجموعة على التشيلو ، وأخرى تحرّك الأكورديون ، ومع رجلٍ ناهز الخمسين ، يتخلل شعره الشيب ، كان بملمح الوقار مرتدياً الزي الرسمي الأسود كباقي زملاءه ، يعزف على البيانو الذهبي .. وأما البقية فيختلفون بآلاتهم ما بين التيوبا .. و آنساتٌ حوريات تداعب أناملهن بدلالٍ أوتار القيثارة التي بين يدي كل واحدة منهن .. !

واستمر الوضع طبيعياً يحظى الحبور متلاقياً من نفس كل فرد ،
المأدبات المتفرقة بإتساقٍ تصطك فوق شرشفها الناصع أطباق الماكولات المتعددة الأصناف ، البحرية ، البرية ، واللحوم البقرية المشوية ببهارٍ طيب المذاق مع مزيجٍ من الصلصة المحمرة التي تنقاد نحو رائحة الصوص المنكّه ، وبينها بقية الأطعمة ، أطباق خضرية ، وأخرى عالمية وأوروبية مشهورة .. ، والحلويات اللذيذة ،فإعداد كل تلك الطيّبات كان تحت إشراف فريق الطباخين المحترف الذي انجز مهمته على اكمل وجه .. !!

وبمحاذات أحدى الطاولات ، كان بوقفة إزدراء رسم عليه إبتسامة علياء خطت كبرياء وثقة لا متناهية ، يحمل كأس النبيذ بكفّه ، ويجول بعيناه الرمادية حوله ، مرتدياً بدلته البيضاء الثمينة ، واصابعه التي حٌشيت بتلك الخواتم المرصعة بأحجار الياقوت والتوباز ، كان يرتشف كل حينٍ .. يحادث بعض النبلاء قليلاً ويلقي التحية على من يعرفهم بحرارة .. !
ثم إنه جعل يدرس برؤياه الثاقبة وعقله الدقيق الذي لا تغيب عنه أصغر التفاصيل ، وجوه الحاضرين دون ادنى ريبة ، ومقدارهم التقريبي ، وتجهيزات عدّته .. ومن بعدها لمحة خاطفة ناحية ساعة معصمة ، يرى فيها تحرّكات العقربان اللذان سينطلقان بإتجاه رقمين محددين للإستعداد لصفارة البدأ .. !



وخلف بقعة الإحتفال تلك ،كما ستار الليل المسدل على هسهسات الشارع المهجور .. الذي تقنط سيارته السوداء فيه .. متلحفة بالغموض ،كان هو داخلها يفتح الحقيبة التي تشكلت بصورة خادعة ، كحقيبة كمان فضيّة ، بجوفها أصطفت عدة أسلحة مع ذخيرتها ، مسدس صغير ، مدفع رشاش ، رصاص ، وكاتم صوت !

ألتقط المسدس بيده ، أخذ يقلبه ثانيةً .. ثم أمسك بكمية من الرصاص ليحشوها داخله بتسلسلٍ عملي سريع، وما إن يفرغ منها .. سيستعمل كاتم الصوت ليغطي الفوهة به ، ثم يدخله في كيس نَيْلوني شفاف مثقوب بإتجاه رأس المسدس ..!
وذلك ما كان يتراود عبر أعصاب ذهنه الباردة بخطة محكمة معلومة تفاصيلها له ، وهو بحاله يشرع في إنهاء الخطوة الثانية بعد الاولى .. التي فيها أُمِرَ بإرتداء زي رسمي ، وقناع تنكري أسود لتخبئة ملامح وجهه حتى الوصول .. بما ان رئيسه على دراية بان هذه الليلة ستقام أيضاً حفلة تنكرية لأحد النبلاء في باريس ، فيوهم الشاهدين على درب وصوله للقصر انه من المدعوين لها ، وما ان يتراءى له بنيانه من بعيد يخلع القناع ، ويتصرف كالمدعوين للإحتفال المنشود .. !
وهناك بداية الخاتمة .. !

وأما بالنسبة لسطور ذاكرته المتصلة بالوعي الحاضر المقطوع عن أزمنته، فهو قد حظى فيها بالكثير من المعلومات التي سيستدل بها الى التمهيد على الصعود لمهتمه بيسر ، ودون نقطة فشلٍ بالتأكيد .. !!
وفقط ، ذلك ما يشغل حيّز من محيط فكره ، وبعدها يوجب فراغ اللاشيء بفرضٍ غريزي .. !
وسجيّته الفاترة التي لا تنحاز لأي تدخّل خارجي يوّلد ما يسمى بالأرتياب .. أو القلق المخيف ! ، فأستقرار مدلولاتها تمسي على جانب الطاعة لتنفيذ ما يتلقاه من أمر يعد إتصالاً بعيشه على هدفٍ دُفِن بدثار الموت منذ آلاف العقود.. في تصّور مدركاته التي لا تهيج فرط أي مادي كان او معنوي ، وتبيّنت بصيرته لامام ما يخصّه في عمله الذي يبقيه كسائر حاجات الحياة من مأكل كان، أو ملبس .. ، فليست مجموعة جوارحه تأبى الرضوخ مسترسلاً بتحكمها على الدوام في كل امرٍ يحبب فعله ، أو نشاطٍ ما يقوم به لضالة ، كل ما يتملكه عقل آلي مبرمج ناحية عمل دؤوب .. مستأصلاً من جذور الفطرة الإنسانية الحيّة .. ومفكراً عند مهامه فقط .. !!

بعد مضي الدقائق فحسب ، أعتمد زر الامان الخاص بالمسدس ، ووضعه بخفاءٍ داخل جيب سترته .. ،
وما إن فرغ بما تحتويه يداه ، اغلق الحقيبة وانزلها تحت المقعد المجاور لمقعد السائق الذي يربضه ، وأخفاها بعناية محكماً تثبيتها بحزام جلدي سميك الصنع ، حتى تلاشى أثرها المجهول داخل السيارة ، ليستند على المقعد.. رابطاً حزام الامان حوله ، يدير مفتاح السيّارة ليشغلها ، ولم تكن سوى لحظاتٍ خاطفة لمعت فيها أضواء مصابيحها البيضاء الامامية .. لتفشي وهجاً داخل جنحٍ من العتمة ، وتزحف تحت عملها حشرات الليل التي تناثرت من تجمعاتها ، تدس أجسادها الملساء في جحور دقيقة داخل الحائط .. ،
شرعت العجلات حركتها الدائرية خارجة من الزقاق .. منحرفة الى طريق الشارع العام ليوصله الى المكان المطلوب ،
وسارت السيارة تحت توهجات مصابيح الإنارة الليلية التي تتفرع على جانبي الطريق ، لتتوارى تقاسيم وجهه محجوبة خلف قناعٍ تنكري أسود .. غطى كل تفصيلٍ يكشف هويته ، وشعره الفاحم الذي يسكن الجزء العلوي من القناع ، ولم ينجلي علامة سوى محجرين حملا حدقتان اكتستا بالسواد .. وما بين دهاليز هذا اللون الأسود .. الذي أستكان به شبح هدوءٍ يتراقص بحلكته في غياهب حضيضٍ وُصِمَ بقطعة حجرية .. كانت ذات يومٍ تنبع حياة ، والآن أستفحلت بقحطٍ أيبس كل عرقٍ نابض يلتف حولها ، لتمسي قفلاً مبهماً تتمايل بثناياه شفرات مدمية .. كانت في تلك الحقبة الغابرة وقتها عضواً أولي متصل بشرايين جسده .. سُمِيَ القلب .. !!





__________________








THINKING IN OWN SPACE BETWEEN PIECES FROM ME
[ LOST BETWEEN MIRAGE AND REALITY ]



BLOG#NOTE#ART#NOVEL#

  #14  
قديم 03-01-2014, 02:06 AM
 








__________________








THINKING IN OWN SPACE BETWEEN PIECES FROM ME
[ LOST BETWEEN MIRAGE AND REALITY ]



BLOG#NOTE#ART#NOVEL#

  #15  
قديم 03-01-2014, 02:47 AM
 
الفَصلْ الثالث ~




أخفق بنبضة ! .. ثم أستسلم .. ،
أصدح من جوفك بالعويل ، حتى تدرك صمته .. ،
وأرتحل مع تموجات ماء البحر في ظلمات قيعانه ، حتى تستكفي غرقاً
و تشظف الشهقة الأخيرة بإستكانة الروح التي مرت ما بين أضلعك ،
ثم داعب المرجان و حدّث النوارس ،
عن غيهب قلبك المنكمش .. وكومة عظامك المبعزقة .. وصوتك الذي قًتِلَ مخنوق العبرات ..
ثم أخفق .. وعد سباتاً لا ينقضي .. !



[التاسعة والربع ، مساءً ]

الضيوف ما زاولوا يتوافدون الى القصر ، ولكن بصورة أخف عن سابقتها ،
وبينما كان الإحتفال قائماً بجميع أصناف التسلية ، وكان بداخل مسكن الرئيس ديفيد شارلوت الذي بدى في أحسن هندامه وحسن لبقاته ، يتصرف كالامراء .. ويرّحب بكل وافدٍ في أفخم الضيافات وأكثرها راحة ، ناطقاً بمشاريعه التطويرية للمنطقة ، متحدثاً عن نظرته المستقبلية بما حول نبؤواته الخيالية المستحيلة التحقق والتي أضحكت بعض النبلاء ، وعن خططه التي يشرع بتجهيزها لتكون موقع العمل والجهد الكبيرين .. !
وما بين تأشيرات يديه ، يحاور مجموعة من زملاء بعض الشركات التي يتعامل معها بعنفوان يخالطه التبختر ، والإطراء على ذاته بما ينجزه ، وهو في حقيقته لا يفعل سوى أدناه !!

وكان السيد أبسالون يرمقه على بعد مسافة بنظرة يدفنها الحقد ، وإلى أن وضع طبقه المحتوي على شريحة لحم فوق الطاولة ، وأستدار خاطياً بحذائه اللامع ، وهو ينصت الى جهازٍ ألكتروني صغير يشبه سماعة الأذن الخفية ، مثبتة على أذنه ، ومحجوبة من قبل خصلات شعره التي غطت اذنيه بالكامل لشدة كثافتها .. !
وكان يستمع بإنتباه دون خلق أي صورة على وجهه تدلل ذلك ، وبين موجاتها الصوتية تتراءى ذبذبة ضئيلة ينجلي فيها صوت الكسيوس قائلاً " البوابة الرئيسية المطلّة على حديقة القمر الفضي ، أمشي مع بعض المدعوين ، تمت عملية التفتيش من قبل أحد الحرّاس ، المسدس داخل جيب قاعدة الحذاء ، ستتم إلقاء كلمة الرئيس ديفيد بعد ما يقارب الخمسة عشر دقيقة ، أكون فيها حاضراً في القاعة ، وقبل إنتهائه سأتوجه الى دورة المياه لاخرج السلاح بينما تحواره عن مشروعك الجديد المشترك معه ، ثم تبقى الخطوة الاخيرة لإتمام مهمة أغتياله "

تفشت إبتسامة تتسرطن بمكنونها نشوة النجاح و الحصول على المبتغى بعد طول صبرٍ كاد يستنزفه التريّث اطول ، وماجت عيناه تحتدان في مخلبٍ ماكر .. لمعت حدقتاه ! ، ثم اقتاد كأساً يرتشف منه بحرارة ، وأمسكه بعناية بينما يستدير بعرضه ليحشر نفسه بين المدعوين ، ويحجز مقعده من الصفوف الامامية .. وهو يبصر عجرفة ديفيد بوعيد إنتقام .. !


[ داخل القاعة التاسعة والنصف ، مساءً ]

الامسية أبتدأت للتو ، بكلمة الرئيس ديفيد صاحب هذا الأحتفال الكبير ،
ما كان ما سبق سوى مقدمة بسيطة يكتمل بها الجميع ، فلا ينقص سيد ، أو سيده .. إلا وحضروا هذه الإفتتاحية الضخمة لمشروعه وليد نهضة متطورة .. !
أعتلى خشبة منصبة المسرح الواقع في نهاية القاعة ، بخطى واثقة .. وبسمة تشق محياه المبتهج في اجمل لحظاته التاريخية ،
وكان يرتدي بدلة رسمية تشع لمعاناً نتيجة جزيئات الكريستال الأرجوانية التي أصطكت على القماش السندسي .. وتلألات على سترته التي علّقت حول ياقتها ربطة عنق بيضاء تتمثل بصورة شريطة عريضة ، وبنطاله الذي يحاول إتساع كرشه الطافح و يُحجز دوماً بقيد حزام جلدي شديد ، حتى لا يشظف من تحرره .. !
و حين صطعت الأضواء عليه .. رفع كفّه يجيب الحاضرين سلاما ، ثم وقف خلف جهاز المايكرفون .. ليتلفظ مفصحاً أولى مقدمات الكلمة التي سيعلن عنها الليلة ،
وعلى وقع تصفيق الجميع اللذين احاطوا بالموائد .. يرتقبونها على أفخم المقاعد .. مع إفصاحه عن كنه ذلك المشروع الذي يجري فيه العمل المتواصل والذي حاز على فضول الكثيرين ، بالإضافة الى ترقياته .. !

السيد أبسالون ، يضع ساقاً على الاخرى ، يرتشف الشراب مع رؤياه المتمعنة بعمق ،
هادئاً ، بلا ريبة .. ومن داخله يحصي زحف العقارب على وجه الساعة ، بينما يحيك خياله صورة ديفيد مضجراً بدمائه .. !
أنطلقت بعض الكلمات من السماعة المجسّمة ، وهو يرقب وجوه الحاضرين المتلهفة التي تستمع ، ادار رأسه لبرهة مرسلاً إشارة مبهمة الى الواقف المستند على حائطٍ قريب .. من ممرٍ صغير يؤدي الى دورة المياة .. ،
وأستيقن المعني العبارة التي لم تُلفظ ، حتى خطى عابراً الممر .. !


[ داخل القاعة العاشرة والنصف ، مساءً ]

- لتستمتعوا بليلتكم هذه كيفما شأتم ، فأنا ساكون حاضراً وفي خدمة كل عزيز منكم أيها السادة !

تعالى تصفيقٌ جماهريّ يحي ديفيد متخطياً درجات السلم .. نازلاً من على خشبة المسرح ،
وأعتلى ضحكه سقف القاعة وهو يلتهم عبارات الثناء والإمتنان بنشوة سعادة تغمره من اعلى رأسه قليل الشعر الى أخمص قدميه ، وهكذا كان يشاور بعضاً من الأصدقاء القدامى وهم يتبادلون معاً الضحكات .. رافعين الكؤوس محييةً علم النجاح .. !
وبينما هو يرتوي في أوج نشاطه ، دنى منه أحد الخدم هامساً في أذنه .. !

علته الدهشة ونظر الى خادمه ، ثم أستطرد تلك الغرابة في سرّه هاتفاً بإهتمام ،
- الرئيس أبسالون ! ذلك الاحمق .. صديقي القديم ..

وأنحنى يوقف الكأس على الطاولة ، أستأذن الحاضرين ليفسحوا له مجالاً وهم متنعمين بلذائذ الطيبات ،ومشى ديفيد خلف خادمه بإبتسامة عريضة تاركاً أصدقائه يكملون عنه سير الحديث .. ،

وبينما يقترب من صديقه الذي كان واقفاً على مقربة منه بإنتظاره باسماً ،كان يتخاطب داخل قرارة نفسه بلهفة وجموح أكسبه المزيد من المديح الذي يبيحه على نفسه كل وقت ،

من المؤكد انه بدأ يخشاني بعد أن قرأ عناوين الصحف المناشدة بأسمي إينما وجدت ، كان متعالياً على كل من يلقاه سابقاً ، أصبح الآن كلباً ألييفاً أستطيع ترويضه ، هه ! يالعظمتك يا ديفيد ، أعلى النبلاء جعلتهم خواتم بين يديك .. وشائت الأقدار بعد أن كان يبصق عليك المارة بأن تتوج رئيساً عليهم .. وتلعب بهم كيفما تشاء !!

وأستقام بقامته تشارف أشداقه ان تتقطع من عظيم الغطرسة الباسمة المائلة الى إزدراء
وهتف ابسالون بقناع حذقٍ يمتلأ وداً وطيب ، مدركاً لهيئته تلك التي تحاول إستفزازه عبثاً بغباء منقطع النظير !

- ديفيد أيها الصديق العزيز ! ، أين كنت وأنا أبحث عنك منذ امد ؟

وصافحه بحرارة مفتراً عن أسنانه ببسمة مفادها الإفتقاد والشوق ،
وضحك ديفيد مشيراً بكفه بين ذرات الهواء
- لا بأس عليك يا صديقي ، لم يكن عليك أقلاق نفسك .. كنت فقط منشغلاً ببعض البحوثات القوية التي اجريتها مؤخراً !
- أجل يبدو هذا ..

واستطرد الاخير مكملاً بإهتمام ،
- اخبرني ، كيف حالك هذه الأيام ؟ وكيف تجري امورك ؟ .. بالتاكيد حققت تفوقاً بارزاً في مجال صناعة الاعضاء الصناعية كما قرأت في الصحف !

قهقه بعلو ، ونطق بفخر ،
- هكذا إذن ، كنت تقرأ اخباري كل وقت فور موعد إنتشارها ، آه أجل ذلك صحيح ، فالعينة التي أستخدمتها ادت نتائج مبهرة جعلنا نستمر على هذا النهج في تطوير هذه التقنية ..فأنت تعلم ان الكثير يحتاج منها ..

وغمغم أبسالون بهدوء ، ثم أفصح بجدية ،
- أعجابي بفكرتك جعلني افكر في ضم مجموعتي معك لأستطيع مساعدتك بنفوذي فنكون قادرين معاً على تطوير هذا المنتج الضخم ، ما رأيك بهذا ؟

كان ديفيد يصغي بعينٍ ثاقبة ما أن أستصاخت أذناه كلمة نفوذ .. !
انه يعلم عن صديقه السابق قدرته على كسب مبالغ طائلة وتجارته المستمرة مع الهند التي اجنت أرباحها ، فجعل يحك ذقنه مفكراً بتملّك ، ولكن من ظاهر عيناه فقد كانت الحيرة تعتليه .. !
امسكه أبسالون يشدّه بود أليه وهو يحثه على المضي بخطاه معه ناحية الممر .. !
وكان يتحدث بقناع كاذب يختلق الجدية والتصميم على العمل معه لما يراه من نتائج ستعم على الجميع وتقلص الجهود والتكلفات المرتفعة إن أستقروا بتعاضدٍ معاً لتحقيق ذلك !!
وكل تلك الزينة المبهرجة التي رشّها كبذارة على عباراته التي ألهمت ديفيد عينان تجحظان كلما أحس بطعم الثروة تنساب الى حلقه الذي اصيب بحكة فجائية غريبة .. !!
أنه الطمع بأم عينه ، جعله دوماً في تغاضي عن أصغر التفاصيل وأهمها ، بل أكثر الامور التي يجب ان يحدق بها عقله متفكراً ولو بمقدارٍ ضئيل ، ولا يتمسك الحكمة المنعدمة من قاموس مصطلحاته العرفية قبل إنطلاقة قراراته المتسرعة ، فيبقى إنساناً حمقياً عجولاً عند المال ، كسولاً عند العمل! فلا يفعل شيئاً حتى بتحريك ساكن سوى لإستكشاف سير العمل بإنزعاج ينخر عظامه عند تريّت الأرباح ، ويحمد نفسه الغارقة في نعيم الدنيا بما لا يفعله ، فيخسر دون شعور .. !

وتعالى صوت أبسالون يحادثه وهو يحيطه بذراعه في حبٍ تنجلي فوقه الصفات الجمّة لرابطة الصداقة المتينة ، فنساب عقل ديفيد الى النسيان بما حوله وانجرف مع حروف صديقه المجملة التي تولد بداخله إغراءً عجيب ،

- وبالحديث عن المحصلة النهائية سيكون الفائض أكثر مما تتصوره بالإضافة الى أن مبدأك الإقتصادي الذي يعمل على زيادة تحسين عوامل الإنتاج لفترة من الزمن ، قد يؤدي ذلك الى الإستقرار في الإنتاج ولكنه سينخفض في نهاية المطاف لذا علينا أولاً توظيف شركة عمال آخرين دو أن نبتاع آلات جدد تكون زائداً ......

لمعت عيناه ،
- حسناً ، أنها فكرة سديدة ورأي بناء ولكن ماذا عن كمية الأموال ؟ كم ستدفع لي ؟

أبصر أبسالون تأججاً يشتعل داخل احداق ديفيد المتسعة ، أستمال نفسه ناحية الهدوء الداخلي أكثر كي يفلت فريسته عالقةً على شباك الموت في اللحظة المناسبة !!

أكمل مخاطباً أياه ، وذلك يستغيث إجابةً ترضيه ،
- المبلغ مقدماً سيكون .. أه ! بالحديث عن هذا .. ذكرتني ! كنت مسبقاً قد أرسلت الامر بجمعه في حقيبة كي يسلمّك أياها موظفي الخاص ، وهو بإنتظارك الآن داخل غرفة الضيوف

قاطعه بحذرٍ مستغرباً
- لماذا ؟ يمكنك أعطائي أياها بنفسك !

اخفض أبسالون صوته لكأنه يهمس له بسرٍ يخشى أن يتفشى أمام الملأ ، فتمتم بجديّة مبالغة ،
- وكيف سأعطيك أياه الآن وأنت صاحب هذه الامسية الكبيرة في حفلٍ كهذا ! تعلم أن هناك الكثير منهم قد يشاهد ما أتفقنا عليه ، لذا قررت أن يكون هذا الإتفاق سرياً لا يعمل عن خبره أحد

- آآه أجل أجل ! ، أتفهمك يا أخي !

وجعل أبسالون يتبسّم ليستنزف راحة الرجل ويذخر لنفسه الوقت ، وقال والضحكة تتبعه مازحاً .. مستخلصاً صبر ديفيد ليحرضه على المضي بلا إستكانة ،

- أتعلم أن موظفي ذاك يعاني من مشكلة في مثانته لذا تراه يقبل على دورة المياه كثيراً وفي أشد الأوقات أهمية ، أتمنى أن تتفهمه فهو مخلص دؤوب في عمله ، لذا إن لم تره داخل الغرفة ستجده هناك !!

قهقه ضاحكاً يعم كفاف راحة
- لا بأس بذلك ، لا تهتم لأني لست مستعجلاً ، ولكن أخبرني .. اهو متواجدٌ الآن في غرفة الضيوف ؟
- بالطبع ، أخبرته أن ينتظرك ريثما تنتهي الامسية
- الى ان تنتهي ! لا ،ههه لا داعي فأنا لست منشغلاً بشيء الآن ، لذا أستطيع الذهاب أليه !

خطفته بشاشة في وجهه ،
- حسناً اذاً ، أمضي لتستلم المبلغ فنعقد أول بنود الإتفاقية ، أما أنا فعلي العودة الى بعض زملاء العمل فهم على الأرجح بإنتظاري .. اعتذر بشدة !!

أومأ ديفيد رأسه مقابل بسمة تعطّش حاول كبحها ، وأستأذن مستديراً قاصداً غرفة الضيوف

أنجلى شبح ماكرٌ خط لمسات شرٍ أستوطن عيناه ، همس في سرّه ،
- عرجت الفريسة الى شباك العنكبوت لتلقى حتفها ..

بينما خطى مبتعداً عن الممر ، الذي بداخله سيكتمل سير كل شيء وفق ما خططه تماماً .. ويخلّف جثة كانت يوماً لرجل أعمال شهير أطفأ الجشع بصيرته ليحفر الى نفسه حفر التهلكة !!


يحفر برجليه خطاه على عجل ، يتقدم ناحية باب الغرفة .. ، لامعة عيناه ، يستشعر حرارة الأجواء ، ولم يأبه ! وأقدم قابضاً على الباب يفتحه بسرعة .. ويبعثر ناظريه على كل شبرٍ لعله يلحظ ذلك الموظف المعتوه ، كما يصفه في دواخله الطامعة ، أو الأشد أستحساناً إلى سجيته .. ان يرى الحقيبة فقط ليحملها بين ذراعيه .. !!

أوصد الباب مخلفاً صداه ، تذكر كلام صديقه أبسالون حين اخبره عن مرض موظفه على غفلة منه ، ليتردد صوت احرفه بين زوايا ذاكرته .. معيداً ،

(أتعلم أن موظفي ذاك يعاني من مشكلة في مثانته لذا تراه يقبل على دورة المياه كثيراً وفي أشد الأوقات أهمية ، أتمنى أن تتفهمه فهو مخلص دؤوب في عمله ، لذا إن لم تره داخل الغرفة ستجده هناك !!)

كشّر عن أنيابه ، ضاماً كفيّه لكأنهما يحتميان من بردٍ قرص أصابعه ليعمله بتبيانٍ أن المقصد الآن هناك ! ، الحقيبة معه أيضاً كي لا يسرقها من سيعبر ويجدها بلا حارس ، اجل مؤكد ذلك !
كان ما يتراود الى عقله مثل تلك الأفكار .. التي بها أحس بنفسه رفيعاً متذاكياً بفطنة دون أن يرهق فكره .. !

ولجأ الى بغيته ، ليفتح الباب ببطء .. وتطل أحداقه من ورائه مستكشفةً بصمت رهيب ، له وقع خفقان قلبه الذي بدى يضطرب في عمله لسبب مجهول .. !!
هو لم يعطي الامر ادنى ألتفافة ناحية شعوره الذي بدأ يتخبط واقعاً .. قافزاً ، يدور داخله .. فتستضيق نفسه !!
دفع الباب بكفٍ واحدة خاطرت بمجهودها أن تظهر شيئاً من الشجاعة مع وقع خطاه على الأرض الرخامية .. ،
وأستصاخت أذنه اليسرى خرير ماء متدفقٍ من أحدى الحمامات المصطفة على جانب واحد .. !
فاعتلته السعادة عندما خطفه إدراكه الصائب الاحمق إلى أمر مفاده أن الموظف المزعوم يفرغ مثانته داخل أحدى الحمامات .. !!

- هيي ! أيها الموظف ! أنا ألرئيس ديفيد أنطوان اوبيرت .. ، جأت كي أستلم المبلغ الذي أتفقنا عليه أنا و رئيسك ابسالون ، أقضي حاجتك بسرعة واخرج حالاً ، أسمعت ؟

وأصبح يناديه لسويعات حتى تقدّم وسط الحمام متوقفاً عن ندائه .. متوقفاً عن المشي .. ، يحصي بضعة دقائق خمنّها في رأسه تنقضي مدتها بخروج الشخص المنشود الذي جعل تنهداته تخرج متأففةً من ثقل الموقف .. !
ولم يمتلك إدراكاً حقيقياً يطرق رأسه الخاوي ولو بتنبيه ضئيل على أن شخصاً ما غامض واقفاً داخل أحدى الحمامات في وضعية أستعداد لإنقضاضته !!
لم يكن الباب مغلقاً عليه ، ولكنه مفتوح الى حد جزءٍ يستطيع فيه إطلاق رؤيته بعيناه السوداء الثاقبة !!

وفي لحظة مثيرة للشك ، وداخل زوبعة الصمت التي أبتلعت المكان .. لم يكن هناك سوى صدى خرير الماء الذي أنقطع فجائياً ليسثير عقل المستهدف ، ووقع الخطى السريعة التي هاجمته من ورائه .. !!،
في لمحة بصر !! .. شخصٌ ما ، أحاطت ذراعه عنقه ملتفةً من الخلف ! .. محكمةً مجرى التنفس لتوّلد أختناقاً فزعاً .. !!
تحسس عنق ديفيد المتعرّق قوة عضلية نابضة تجاثمت على صدره .. وأشتدت تلفظ فمه شهقات من دم .. !!

وجعل يحاول بجهد مؤلم أن يزحف بحدقتيه في محجريهما المتسّع فرط شيطان الوجل الذي أسره بأغلاله ، ضِعفَ الرهبة التي اطلت بإرتفاعٍ شاهق لتقذفه داخل متاهة من الحيرة.. عقله يستنبط عملاً بسرعة دورانية فرضت تحكّمها بجسمه السمين المرتعش ، وحدقتاه اللتان وصلتا في لحظتها عند أقصى منطقة تستطيع فيها بث موجات الرؤيا التي تهامدت أمام وقعها تتقلب ، وتتداخل مع بعضها .. مثيراً أمعائه الداخلية بردٍ عكسي .. !!

همسة واحدة كان قادراً على تحريرها من بين شفتيه ، يغمغم بها على وطئة جزعة ،
- مـ....مــ..ـن .. أنـ...ـت ؟

ورغم امله في العثور على شيء من الإجابة المرجوة ، وثقل أنفاسه الهابطة على سكون الحيطان .. وعلى شيء ما لربما كان بشراً .. لم يتفوه حتى بنفسٍ واحد ، وظلّ يعصر عظام عنقه لتتكثف أذرع الإختناق محتضنة أنفاسه .. حتى رئتيه .. !!
لم تصنت حاسته الى أي مدلولٍ يبرهن أن حركة ما وقعت فعلياً ، بعد إستشعاره لفوهة المسدس التي أصطكت برأسه !!

إزداد إتساع محجرا عيناه ، لكأنهما على وشك دوي تمزّق أطرافهما .. والتي بجوفهما تشعبّت عروقه الحمراء نافرةً تطلق العويل بدلاً من صوته الذي أخال انه بح متلاشياً مع إختناقاته الموشكة عبور الخطِّ الفاصل ما بين الحياة والموت .. !!

- سيدي أمرني أن أقتلك وأنثر أشلائك على مستوطن ديدانٍ تخرج من جحورها عند استنشاقها عبق نتانة الهياكل المتحللة ..كي تلتهمها

وقعت عباراته على قلبه كوقع نصل السيف قاطعاً عنق المجرم .. !
وأبى الرضوخ بوهنٍ يتوسع مداه لتضمحل قدرته وتمسي هباءً منثوراً أمام صلابة عضلات شابٍ كما أتضح بين نبرات صوته الرخيم .. !
فأخذ يجاهد إخراج صوته ، وأنساب من بين شفتاه الأنين كأنين محتضرٍ على شفى حفرةٍ من نار . !
يبتغي زفرة هواءٍ تنفخ رئتيه اللتان شارفتا على عدٍ تنازلي ينتهي بتوقفها .. !!

- لا ، أهدأ أكثر .. فمهما جاهدت لإستخراج نحيبك الصارخ لن يستمع له أحد ، فالكل منشغل في القاعة بالرقص الذي حددت ميعاده الآن ،

رمشت عيناه لحظةً ، أرتجفت أوصاله .. أحس بشفرات البرد الجارحة تخطف حرارة جسمه ،

- أنهم الآن يستمتعون بوقتهم ، ويتسائلون بين الفينة والاخرى عن خبر لصاحب هذا القصر الذي قد تأخر عن العودة أليهم ..

تكالبت عباراته كأهوالٍ تجرف بقايا وعيه داخل عقلٍ يلفظ آخر إدراكٍ له
سير الخطة تماشى مع التيار كالعادة ، وحانت اللحظة التي تنهي ما أبتدأه ..
فالضباب الذي حمل بطياته أسئلة كثيرة لا تملك الوقت للإجابة عنها ، أو على أقل تقدير .. تفسيرها ، قد تكوّن أمام رؤياه التي تعلّقت بالسقف ، وأخذت تتفاعل مع هلوسة العقل الذي أصابه الخرف بعد إنقطاع حبل رشده .. ،
فأصبح يقذف لهاثه كحيوانٍ ضامئ يتوسل أرتواء رشفة ماء زلال بارد تطفأ الجمر المتقد الذي علق بجوفه .. !!
وجعلت يهذي كهذيان المسكر من شرابٍ ما ، تتمدد معه شفتاه العريضتان عن ضحكة هستيرية جامدة متوقفة عن اتيان نشاطها .. !!
وعند الساعة العاشرة وواحدٌ وعشرون دقيقة .. زحف العقرب ، وأستوى بإتجاه رقمٍ زوجي اطلق ما بمكنونه خفاءً تحت وقع الموسيقى الصاخبة .. ، وإبتسامة المدعوين .. وبسمة أبسالون المنتصرة !

وحسمت النتيجة !

طلقة ، طلقتان .. بلا دوي !
وأنبثق شلال قرمزي أخترق مجرى الرصاص وأذنه اليمنى ، يتدفق قوياً ، ينتشر عبر حيز من الهواء ، يلفظ الدم القاني ملطخاً صفحة المرايا الضخمة المعلقة .. ورخام الأرضية الرطب ، وزي ألكسيوس الرسمي .. والذي به كان مستقيماً على قدميه ، جامداً .. يرمق الجزء المفضل لديه ، جزء المقطوعة الذي يحكي بصمت الأقلام .. وليل داجٍ أفتقد الوجدان بعزلة تسطّر لغة الضيآع .. لحن يستكين في إنصاته لصخبٍ مجلجل كان أشد من أن تحتويه نفسٌ بشرية .. تحيا بالروح .. !!

وهمد الجسد طريحاً على الأرض ، بارزة تقاسيم وجهه في رخوة جزعٍ فقدت قدرتها على التشكل ، فاره الفم ، جاحظ العينين ، تجويف شغر رأسه .. وقيحٌ يفرزه انفه ، وبها تعتلي حكاية خاتمتها ، لتولد بعدها أخرى .. حتى أجلٍ غير معلوم .. !

ويستمرون في الرقص مع أنسياب نغمات الموسيقى الرفيعة ، تملأ أرجاء القاعة ،
الأحاديث مستمرة .. والضحكات المختلطة السعيدة .. على مناسبة ، هي موت الرئيس بعد أعتلائه منصة المصقل ، التي قبضت على روحه .. وأخلته صريعاً على أرضية حمام الزائرين الذي يركن في أحدى زوايا قصره.. !

وهل كانت خطاباتهم تتفشى ما بينهم بإضطرابٍ سائلةً عن هوية الغائب ؟
إنما همساتهم تلك كانت تتناقل على ألسنتها وقوع آخر نصوص المسرحية .. التي شيعتها حفلة تصدح بنشيج الرثاء على الفاقد ، مستغنية بصراخ الأوبرا الثائر ، وهم يتابعون .. الرقص .. !



تجمدت عيناه مبعثرة النظرة .. ! ، أرتكزت ساقه ملتصقةَ بالأرض ، تتدفق بدمائها إهتزازات قاسية .. وقد بدت للناظر ذات لمعة لكأنها تفرز عرقاً ساخناً يقطر بغزارة كما يقطر بجوف رأسه حميم يجعل أعصابه المتصلبة سائلاً فوّاراً يغلي !، أي مشهد قد يكون ما يراه في وقته هذا .. ؟ أو أيّاً كان ما تصوّره سابقاً قبل خطاه .. حتميّ أشعاره ذلك بالتشوش فور دخوله الحماسيّ، فقط لأنه كان يدور في الأرجاء منقباً عن مالك القصر ، والده !!
قبل نصف ساعة من الزمن سأل والدته عنه ، لكنها أنشغلت بضيفاتها المأنقات ، لذا أرتجل بقدماه باحثاً كي لا ينصت إلى همسات القريبين منه تُنطَق من أفواههم بغرابة تقهقه كالإزدراء.. !
ثم ماذا بعد ؟ .. آه ! لابد أن آلة ذكرياته قد تعطلّت عن إرجاع شريط الأحداث الأخيرة ، ليس شيئاً أن لا يعي بإتصاله مع محيطه ذي الأبعاد التي أوشكت أن تستطيل ممتدة .. ولكن عن تصّور ما قد جال مسبباً الغثيان الشديد لتضطرب أمعائه .. على مرأى جثة والده المدماة ، إختراق دائري شق جمجمته المهشمة ، و فائض من الدماء الرطبة تحذق بجسده .. والآن ها هو ذا واقفٌ أكدّه الشلل عن إبداء حركة أمام موقفٍ وقع عليه كالصاعقة المميتة .. !!

- بابا !

لم يتردد صدى الإجابة علناً كالشواهد المنطقية التي أفرزت الواقع كالحلم الأسود في عيناه كما صدى نداءه الذي باغت الجماد المتنفس الواقف على مقربةٍ من رأس والده ، فلم يكن يصغي لإشارة تدلل على وجود بشرٍ معه .. لقد ظنّ فور دخوله أن الحمام خلا من حركة قدم وشغل شاغل حين سقط ناظريه على الجسد المطروح ، ولكن الأمر تناقض بهاجسه المفزع لمّا ضرب قلبه حائطاً من عضلاته مشيراً لشيء .. رهيب .. !!
وما كان سبب ذلك سوى صدى واحد لإرتداد زر المسدس المغلّف بالكيس النايلونيّ المدهن بالدم ،متخذاً وضعية الإطلاق الهجومي ، موجهاً امامه !!

أرتد رأس صغير والده الى مربض التهديد ، توسّعت حدقتاه .. عُقِدَ لسانه ، لم يفسّر عقله الصغير قبل إنفجاره بالدمع إجابات الوضع الصادم لمّا أستعلم أن والده ساقطٌ على أرضية الحمام والمجرم غادر المكان فور إرتكاب هذه الفعلة ، والآن ها قد أضيف صفٌ ثانٍ من حيرة طفلٍ في بدايات عمره سلبه الوجل كافة إدراكه وهو يبصر الفوهة التي ستجري بداخلها طلقة قد تؤدي بحياته الى الهلاك .. !!

- بابا ؟ بابا ؟ هل تسمعني ؟! .. ماذا حدث لك ؟ استفق أرجوك !!

أقترب ينحني صارخاً ، راجفاً وهو يهز أطراف أبيه .. !
أحمرت وجنتاه ، وأمسى يهل الدموع خائفاً من وطئة الصمت !!

- أنهض بابا ؟ الضيوف ينتظرونا منذ وقت طويــل !

الحمرة الصارخة التي لطخت أبيه والمرآة وذلك الواقف الذي لم يأبه لنحيبه ، قد لطخت كفّاه الصغيران وبذلته الغالية .. حتى صار المنظر يسقيه جرعات خوفٍ مضاعفة،
ثم أستبطئت عيناه حركاتها القافزة لتهتز عنوة ثم تتصلب .. وترتفع الى وجه ألكسيوس الشاحب !!

أخذته شهقة أبتلعت لهيثه للحظة ، جمد فيها مفزوعاً حين تمعن في السلاح الذي دهن شيء من الدم فوهته ، وراح ينكمش داخل زوبعة من الخوف .. ،
كان يبصر ملامحاً لم يسبق إن رأى مثيلها قط في حياته ، فقلبه يلتف على بعضه راهباً وجهاً خطّ هيئة شبحٍ .. كأنه متكئ بين زوايتي مخدعٍ مقفر .. غائصاً في العتمة .. يتراءى منه عينٌ صائحة لكأنها ستخترق خطوط الحياة ، وتنعدم من موتٍ تضحى بعده مولودة داخل لهيبٍ أسود .. !!
وبعد ذلك أصبح أسير فزعةٍ خاطفة أعتصرت مجرى تنفساته عندما أبصر عيناه .. التي بدتا كقطعتان أنتزعتا من رمادٍ كاحلٍ منسي وسط عاصفةٍ من الثلوج .. !

أكان ذلك هو التشبيه المناسب الذي بدى متناقضاً بين عباراته ؟ .. ام أنها كانت الدقيقة التي لحقت بها شوشرة عنيفة هاجمت اعصاب ذاكرته لينقطع عن الزمان و الوقت البطيء .. !

لم يكن يدري ، ضِعفَ الاحجيات التي نُطِقت على صوته الذي أستصاخه كفحيح أفعى سامة !

- كنت اتسائل عن الشيء المنغرس في عمق حيز من الثلوج .. صلباً معدنياً ، يقاوم لفحات الصعيق ..

ثم أخفض صوته ، و أكمل على ذات الوتيرة ،
- وقد قررت ان أدنو من رقاده لأقطع صحبة نومة أحلت عليه وجعلته كالذي أطفئت روحه بالإرتحال من مخرج هيكله ، وأمسى في سباتٍ كرقود الاموات ..

ولم أصدق توهماتي إلا بعد أن عانيت تفحصه ، وفي رؤياي اكتشفت انه قطعة عظامٍ متفحمة ، تعفنت بين الثلوج ، وأخترقها جذع متيبسٌ أعاق هجرتها الملتحقة ناحية مصير الروح ..
لقد أيقنتُ أن الهيكل غائب بلا عودة.. !

أنكمش الصغير في حالة إعياء .. ينتفض بفزع ، يتراجع زاحفاً الى الوراء .. كأنه يبتغي الخروج من سجنٍ أوصدت أبوابه المقفلة بلا مفاتيح ،
وأصطدم أثناء زحفه بباب أحدى الحمامات ..

- أخائف ؟

ضمّ ساقيه أليه .. وراح يحيط ذراعيه حولهما ووجهه يتصبب العرق ، تصطك أطرافه ببعضها !

بدى ألكسيوس ينصت الى صوت احتكاك أسنان الطفل ، ويرمقه بطرف عينيه على سكونٍ متكنّز ، حتى تحركت قدماه بإتجاه جسد الطفل الملتصق بالباب .. ،
وتراءى للغارق في وجله خطى ألكسيوس حاملاً سلاحه بكفّه .. مسنداً سبابته الملتفةً بالزناد ، حتى أتسعت عيناه وهو يرى جسده منتصباً قربه مباشرة .. يمد يده ليقبض على شعر رأسه من الخلف !

وجعل يستنجد محاولاً الصراخ باعلى ما يملك حتى تمزقت حباله الصوتية وتحسس وخزاً مؤلماً داخل حنجرته ..
عروقه نافرة ، عضلاته متشنجة ، يأن أنيناً صارخاً بينما أطرافه تعتلي الهواء بإيماءات سريعة متواصلة لكأنها ترجو الفرار وهي تتخبط ببعضها في الفراغ .. !!

لم تجدي محاولاته حتى عبثا ، وثغره الذي أمتد لأقصى زاوية وهو يواصل النحيب في بوحٍ يتعالى تارةً وينخفض تارةً أخرى

- ماما ساعديني .. ماما ..

نظر الى عينا ألكسيوس والدمع يغشيه ، شرع الاخير الى رفع سلاحه بتلقائية واضعاً فوهته بشدة ليرتد رأس الصغير الى الوراء .. منتفضاً ، يرقع عنقه ، يمد ساقيه ..
حتى .. آخر نبضة،

اخترقت رصاصة الموت ما بين عيناه العالقتان عند آخر متسّع ، ولفظ الدم لسويعات حين تحركت روحه من مضجعها وقابلته المنية شيطاناً صامتاً أنتزع حياة صغيرة ما كادت ان تضيء كشمعة حتى أنطفئت مُكرهةً في العتمة .. !

أنتشر سائل الدم من ثنايا حلقه على وجه ألكسيوس الذي اخذ يراقب .. ممسكاً جسد الطفل بلا إبداء ساكنٍ واحد ،
وأرتخى على كفّه .. تباطئت أنفاسه الشاخرة ، كان آخر صورة شهدها هي حدقتا ألكسيوس التي أبتلعت الظلمات بأسرها !!

وبها ، حُسمت المهمة ، وخطّت آخر ما فيها لتنتهي برمي الجثة الصغيرة على الأرض الرخامية بجوار جثة أبيه .. ليختلط دم الأثنان معاً .. يسيلان ببطء .. وكأنه بتلك الصورة المدماة تم إتصال باطني يحكي الحكاية ذاتها بهمسٍ خفي على تراقص القرمزي في بحيرة قانية ،
الأب قتل بطلقة في صدغه ، والإبن بطلقة في مقدمة رأسه
كلاهما ألتقيا عند صورة تقريبية متشابهة ، وكلاهما أرتحلا .. الى العالم الآخر ، على يد سفاحٍ دُرب حتى صار بالقتل هواية محببة أليه .. !!


كنت في غمرة التأمل الغريزيّ ، وعندما تسائلت ،
ماذا تراءى لذلك الصغير الواقف على عتبة باب الجريمة ..
ياترى .. ؟

( جزء من النص مفقود ! )




[السادس والعشرون من سبتمبر ،1998م ، العاشرة وأربعٌ وثلاثون دقيقة ، ليلاً]


تتسابق عيناه المتلبّثة بنظرة ناعسة إلى الطريق المعوشب الخارجيّ ، شاردة .. تحصي أعداد الشجيرات المتلاحقة التي توسّدت جوانب الشارع الذي بدى بلا نهاية تفرج عن توّهمات القلق الباطني ، وسرعة القطار قد جعلت من المنظر صوراً متحركة تمتلي بها الرؤيا ، ألتقطته من دوّامة نشاطٍ ذهني محض أداره بهبّة من رائحة الذكرى الخالدة لكأنها تتربع على محيط ذاكرته الصاخبة بعنادٍ غير معهود !
مستندٌ على المقعد المحاذي للنافذة ، بواسطة مرفقه ، يتنهد بخفاء كل ما مرّت مجموعة من الدقائق العصي نفاذها على عجلة ، لحظات تزحف فيها حدقتيه حيناً ملتقطةً مشهداً إستكشافياً يفسّر الوضع الصامت عند بقية المقاعد التي شغل بعضها ، ثم يتنفس عبق الأجواء المختلطة بمزيجٍ متناقض من روائح الأشخاص المشاركين له في ذات المقطورة ،
فيها رائحة دخان سيجارة متعلق في فم عجوز أشعث الشعر .. وعطرٍ ياسمين قويّ منبعث من معطف سيدة تتصفح مجلّة أزياء بينما تلوي شفتاها المصبوغتان بأحمرٍ شفاه صارخ ماضغة العلكة ، وطالبٌ عليه إمارات البلاهة .. يحدق في الفراغ ، ويدير وجهه الذي تزاحم ببقع حبوب تخالف لون جلده كل ألتفافتين أو ثلاث .. !

- أتتوجع من آلام صدرك .. ؟

دارت عيناه إتجاه الصوت ، صوت السيد الذي كان يربض ملاصقاً لمقعده ، صديق والده ، كان يبصره بإهتمام وذراعيه تتوسد على جانبي مقعده في راحة ،
أبتسم مصغياً ..
تفكّر الأول قبل أن ينطق مجيباً بعبارات بيّنة ،

- لم يسبق إن احببت سماع هذا ، من فضلك إن استطعت أبعد هذا الموضوع العابر جانباً وأخبرني عن الأهم ..

قهقه قليلاً على همسٍ خفيض ،
- أتحتضن عقلاً بالغاً داخل جسدك الطفوليّ ؟

قالها بإتساع ملمحٍ ذاهل .. !

تسابقت أحرف الكسيوس بوتيرة هادئة ، وبريق عيناه يتجلى تحت مصابيح المقطورة .. مشقاً الحيّز الفاصل بين وجهيهما ، موحيةً بنظرة ثاقبة أنجلت في مكنونها كبرياء أمراء ، وثقة تحمل خبر مسؤولية عاجلة .. !!

- كم تبقى عن ميعاد الوصول ؟ قبل ساعتين توقفنا عند محطة .. أخبرتني أن المنطقة تقع على أطراف مدينة أورليون ، وبالرغم من تجاوزنا قرى عديدة للوصول لازالت الوجهة مبهمة بعض الشيء .. !

- لما ؟

حدّق في الطريق عبر النافذة ، واكمل ،
- لا يستدعي الوصول إلى حدود المدينة هذا الطريق ، جدتي تسكن هناك وأنا معتاد على زيارتها مع والدي وأختي التي تصغرني بسنتان ، بالأضافة إلى أن المناطق التي تنتشر حول أورليون عن قرب ليست سوى تور وفيرزون ولومان ! ألا تعتقد أن الامر غريب حين اتعرف على هذه المناطق لاول مرة ..؟

- أتظن أن التجوّل في مساحات أورليون الشاسعة متاحة فقط لرحلة واحدة ؟

- لم أقصد هذا ، راقب الوقت جيّداً .. إن كنت معتمداً على أكثر من محطتين فإن هذا يعني أنك تقصد الآن مكاناً يبعد عن أورليون بعدة مناطق ، أي اما أن تكون كلير مون أو لافال ، أو رين ..

أنتصب ناظريه بلا طرف على وقع احتكاك العجلات بالسكة الحديدية ، مخرجاً كلماته ، رامقاً جمود وجهه ،
- إلا إذا كانت وجهتك أبعد من ذلك ، هل أنا محق سيدي ؟


وبادله السيد بعيناه حتى فرّ بهما إلى زاوية محايدة يركن فيها تنهداته ، ثم جال ببصره إلى ألكسيوس ليبتسم ،
و أخذ يضحك بخفة .. !

أستضاقت حدقتا ألكسيوس صامدةً تكدُّ بريبة وغرابة ،
- هل من خطب في كلماتي لتجعلك تضحك هكذا ؟!

أشار المعني بكفّه وسط قهقهته ،
- أنت !

وأردف بعد إنقضاء صمت المكان الذي سُرِقَ جراء متابعته بصوت منخفض في كتمان ضحكه ، قائلاً على مرحٍ إستثنائي ..

- أيها المشاكس ،و ما الذي جعلك تصل إلى هذا الإستنتاج ؟



جعل ألكسيوس يتمعن بصمتٍ ألجمته حيرة ،في حين قرّب السيد رأسه بجوار أحدى أذناه ، هامساً بأحرفٍ غامضة نفذت داخل الأول منتجةً شيئاً من الوجل الوهميّ .. !

- هل سمعت مرةً عن الكونت أبسالون أندريه صاحب منظمة ARG لإعانة الشؤون الإجتماعية ؟
- نعم

أكمل معلناً هويته ،
- انه أنا .


أستطرد كل ماتحتويه جوارحه برهبة خانتها إرادة ، وأهتزت الرؤيا في المحيط المقابل له عند ثانيةٍ لحظية ،
غادرت ..
وهو كان يحاول إنتزاع عقله من هالة الشرود التي أستولت على تفكيره الهائج،
وإبتسامة ألكونت تتراءى كالضباب أمام عيناه .






__________________








THINKING IN OWN SPACE BETWEEN PIECES FROM ME
[ LOST BETWEEN MIRAGE AND REALITY ]



BLOG#NOTE#ART#NOVEL#

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رَقْصَةُ قَلْبٍ ملْتآعْ عَلَى حُطَامِ مرْآةٍ سَوْداءْ ~/ قِصَّة قَصيرَة ميـآر روايات الأنيمي المكتملة 14 06-27-2014 04:09 PM
اللَّحْن المٌخَضَّب بالدَّم / رِوايَة قَصيرَة ~ * ميـآر أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 03-01-2014 01:59 PM


الساعة الآن 10:03 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011