قررّ ميسي أنّه لم يحن وقت المغادرة بعد، فتأهلت الأرجنتين إلى ربع النهائي.
نسج أليخاندرو سابيلا ولاعبوه على منوال الدور الأوّل، مع صعوبة أكبر، فحققوا فوزاً رابعاً عسيراً حملهم إلى ربع النهائي حيث تنتظرهم مواهب بلجيكية ذكرتنا أمام الولايات المتحدة أن كرة القدم لعبة جماعية بامتياز، أمر نكاد ننساه في كل مرة نشاهد الأرجنتين في مونديال البرازيل.

فبعد أن انتظرنا استفاقة فنيّة أمام سويسرا تليق ببطل العالم مرتين، وجدنا أنفسنا نحضر مجموعة من اللاعبين موحدة اللباس تتشارك الهمّ والهوية واللغة وما بعد ذلك لا قنوات اتصال تعنى بالكرة، فكل يغني على هواه باستثناء صوت ليونيل الشجي يطرب الذواقة وأيناء بلده في كل مرة ينشد واحدة من معزوفات الـ"سولو" الشهير بها، وما أكثرها.

صحيح أن الإحصاءات تصب في مصلحة الأرجنتين بفارق شاسع لكنّ من شاهد أبناء سابيلا كيف بلعبون لحزن لرؤية منتخب يضم ميسي ودي ماريا وهيغوايين ولافيتزي وماسكيرانو وأغويرو (تواجد احتياطياً بعد الإصابة) بهذه الحال، أسماء يفترض أن تهز كيان أي منافس مجرّد لفظها فإذ بها تهز ثقة محبيها بها.

خرج ميسي من ظل مارادونا على المستوى الدولي بعد انتشاله المنتخب للمرة الرابعة

إذاً أعاجيب ميسي الكرويّة تجعل الأرجنتيين يحارون بين الفرح والحزن. فرح لرؤية أسطورتهم الآنية تتألق وحزن أنها وحيدة دون مساندة: "منتخبنا يعتمد فقط على ميسي، الجميع ينتظر منه العجائب في الوقت يبدو الأمر مستحيلاً دوماً، طبعاً لا يمكننا الحديث عن مجموعة، فما من لعب جماعي والمستوى غير مقنع، ما يسعدنا مستوى ميسي والانتصارات فقط." كلام قالته لنا المتخصصة ماريا غابريلا بريفيتيرا من قناة TVP الأرجنتينية بعيد العبور لربع النهائي.

وأضافت غابرييلا: "الجميع خائف وتعب لأنه في كل مباراة نخرج مرهقون من الضغط العصبي. ننتظر ميسي أن يبدع ويحقق لنا الفوز. صحيح اننا سعيدون بالنتيجة لكن في الوقت ذاته نحن بحاجة لمستوى أفضل ومطمئن أكثر".

وفي كل مرة تلعب الأرجنتين يتكرر طرح الأسئلة ذاتها تقريباً، والأجوبة دائماً ما تتشابه: "سابيلا هو السبب في ضعف المنتخب"، قالت لنا الزميلة الأرجنتينية وتابعت: "عقليتة (المدرّب) لا تخدم نوعية لاعبينا الهجومية. نحن نملك هجوماً من الأسرع في العالم إن أحسن استثماره، لكن نرى تفككا كبيراً ولا جماعية وفي الوقت ذاته الوسط ليس جيداً لأنّ المدرّب غيّر وتردد في خططه بين التراجع أو التقدّم، ولم ينجح في إيجاد الانسجام".

وبينما مدح سابيلا فريقه بعد اللقاء: "أريد أن أهنئ اللاعبين على الانضباط التكتيكي لقد استحققنا الفوز"، قالت لنا الإعلامية الأرجنتينية "استحق منتخبنا الفوز لكن لم نستحق للحين التهنئة على الأداء"، وتابعت: "نحن لسنا منتخباً حتى اللحظة، نعتمد في كل شيء على ميسي فيما بقية الفريق غير فعالة. إن واجهنا ألمانيا أو هولندا من المؤكد سنخسر بهكذا أداء.".

"يرى الأرجنتينيون أن دييغو سيميوني هو الشخص المناسب لقيادة المنتخب"

وفيما ينال ميسي المديح ووسام الخروج من ظل مارادونا على مستوى المنتخب حتى دون لقب ينال هيغوايين قسطه من الانتقادات على مستواه الهزيل ووزنه الثقيل: "هيغوايين يعاني من السمنة الزائدة وهو بطيء في الحركة، والمشكلة أنه والوسط لا يساعدان بعضهما، أي أنه (هيغوايين) لا يتحرّك بفعالية فيما الوسط بطيء في بناء الهجمات ولا يصنع الفرص الكثيرة، رأينا كرة واحدة بالرأس من هيغوايين، أعتقد أنهّ من الافضل أن يلعب لافيتزي مهاجماً لأنّه أسرع وأكثر دينامكيّة".

ورغم تسجيله لهدف الفوز في وقت قاتل، كان دي ماريا غير ذي فعالية لا يمنة ولا يسرة، فالرجل الثاني أهمية في الفريق بعد ميسي نشط كثيراً لكن معظم كراته العرضية صدها الدفاع وحين توغل في المنطقة أراد الاستعراض فعكس كرة خارج الملعب بيمناه "دي ماريا يجتهد في ظل غياب الحلول الجماعية ويسدد كرات خطرة، لكنه ليس ميسي الجميع يعرف ذلك، لقد ترجم مجهوده (لميسي) لكنه بدوره ليس كما عهدناه مع ريال مدريد".

ورأت غابرييلا أن مشاكل الفريق الأساسية تكمن في عجز الوسط عن أداء مهامه وليس في الدفاع كما يظن البعض: الفريق يعاني من وسط عاجزعن التناغم وربط جيد مع الدفاع خصوصاً ماسكيرانو وغاغو، في المقابل الدفاع تراه مكشوفاً لسوء التغطية من نصف الميدان"، وعقبت: "في العموم المنتخب يحتاج لمدرّب آخر ينتشله ويعزز الربط والتفاهم بين سائر اللاعبين، وهو أمر مفقود حالياً.. أرى دييغو سيميوني الأمثل لقيادة الفريق وهذا اعتقاد عام في الأرجنتين".

انتظرت الجماهير طويلاً أن ترى ميسي نجماً في المنتخب فإذ به وحيداً على موعد تخلّف عنه زملاؤه، لكن القطار لم يفت فعودتهم ممكنة حتى الخامس من تموز/يوليو، ودون شك أتوّجت الأرجنتين ببطولة العالم أو لم تفعل، نجم برشلونة أدّى قسطه للعلى.