ألقى بجسده المضرج بالدماء على الأريكة الحمراء المتربعة وسط غرفة الجلوس.تأمل بعينيه الخضراوين اللألئ اللامعة من سقف منزله المنهار.اعتاد على هذا الوضع فلم تتركه الوحوش يعيش يوماً واحداً دون قتالها.أصبح قتالهم بالنسبة له وظيفة تتلذذ روحه الملعونة بالعمل فيها طوال حياته المشؤومة.لم يجد هواية في هذا العالم أكثر متعة من ذبح تلك الشياطين المخيفة.

رسم فمه الصغير ابتسامة على وجهه الأبيض المستدير.بفي دون حراك على أريكته المفضلة لبضع دقائق حتى يقوم جزءه الشيطاني بشفاء جراحه بالكامل.

نهض بجسمه الذي لم يذق طعماً للنوم منذ أسبوع تقريبا.اخرج سره الصغير الذي يحاول جاهداً اخفاءه عن تلك الفضولية.هو آخر تذكار يذكره بعائلته.أحس بشعور فقده منذ بلوغه سن السابعة.سقطت بعض الدموع على وجوه الأشخاص الذين لم يعرفهم حق المعرفة.أجبر نفسه على الابتسام مشجعاً لها ببضع كلمات هي وعودٌ حققها بعد ستة عشر عاماً.

أبحر في ذكرياته القليلة معهم يذكر عندما كان وشقيقه يتشاجران على البيتزا التي تعدها أمهما وانه دائماً ما يكون الخاسر.تذكر أياماً لم يعرف للسعادة معنىً بعدها لكنه فضل العودة إلى الشاطىء بعدما شعر باقتراب ذات العيون الرمادية والشعر الاسود الذي يصل إلى منتصف عنقها الطويل.ارتبك حينما اقتربت منه وحاول جاهداً أن يخفي ما تبقى له من عائلته عن الفتاة التي اعتاد أن يهزأ بها كلما ذكرت كلمة العائلة أمامه.كعادتها قامت باللعب بشعره الأشقر الناعم

قالها وهو يرمقها بنظرات اللامبالاة التي اعتادت رؤيتها منه كلما تحدثا عن هذا الموضوع
نظرت إليه بيأسٍ ثم جلست على طرف الأريكة

صعد الدرج الخشبي المؤدي إلى الطابق العلوي بحذرٍ شديد فقد يسقط معلنا ً نهايته في أي لحظة.وضع يديه البيضاويتين على الحائط لتصتبغا بالدم الأحمر المزين للمنزل.

-تستغلين الوضع إذاً.حسناً بما أنك ستنظفين أبدأي بأريكتي وأسلحتي وأعدي لي بعض المقرمشات كي آكلها بعد نزولي من فوق

بقيت تراقبه وهو صاعد إلى الأعلى.انتظرت أن تسمع صوت قطرات الماء لتعلمها بأنه لا يراها.اتجهت مسرعة نحو الوسادة المزركشة التي اتخذها ذلك الطفل مخبأً ليضع فيه ورقة مهترئة ملطخة بدمائه

*****************

نظر بعينيه العسليتين إلى المنزل الذي يوشك على الانهيار باحثاً عن الشاب الذي تسبب بدخوله المشفى مدة لا تقل عن شهر كامل.لم يستطع العثور عليه من تلك الفتحة التي تتوسط السقف.تنهد من شدة يأسه وفقدانه الأمل بالانتقام لكنها ضربت ضربات خفيفة على ظهره المحدب من كثرة الانحناء ضربات خفيفة تشجيعاً له على الاستمرار زارعةً الأمل في نفسه المستسلمة.أظهر ابتسامة على وجهه ليخبرها أنها قد حققت ما تسعى إليه لكن سرعان ما عادت مشاعر الحزن تسيطر على وجهه الشاحب

نظرت إليه بعينيها البنيتين وابتسمت له

التفت إلى المنازل المجاورة ليجد ان الضحك قد اختار أن يقيم معهم.ابتس ابتسامة لم يلقها وجهه منذ زمن طويل