السلامُ عليكم وَ رحمةٌ اللهِ تعالي و بركاتُهْ .. لا إله إلا الله ، سيدنا مُحمد رسول الله
اللهم صلّ علي سيدنا مُحمد ، و علي آل سيدنا مُحمد
سُبحآن الله - الحمدُ لله
لا إله إلا الله - الله أكبر
أستغفرُ الله الفَصلُ السآدس | 6
تركتُ ديسمبر يلهو مع والده و ركضت نحو غرفة نومي أنا و فؤاد لألقي بجسدي علي السرير و أجهش في بكاءٍ حاد ظننته لن ينتهي ، لمَ..لمَ كان يجب أن تظهر رايوتشي..لمَ تأخرت كل هذا الحدّ ؟ و بعد ثلاثة عشر عاماً..تبحث عني ؟ و أنا الذي ظننت أنني نسيتك ، سأقولها..سأعترف..أنا أحبك ، أحبك للحد الذي أتألم من قربك فيه ، و لم تغب عن عقلي و لو للحظةٍ واحدة ، شعرت بكفٍ ناعمٍ و صغير علي وجهي ، فتحت عيني اليُمني لأجده ديسمبر ينظر لي بعيونٍ دامعة .
قال بحزن : ماما..لماذا تبكين ؟
نظرت إليه بحنان و إعتدلت في جلستي و ضممته إليّ بقوة و همست : لا شيء يا عزيز أمك.. لا شيء
حملته بهدوء و ألقيت نظرة سريعة علي فؤاد الذي ينتظر رحيل ديسمبر ، إتجهتُ بـ ديسمبر نحو غرفته و وضعته علي سريره بلطف.. بدأت أغني له بتهويدته المفضلة حتي نام ، قبلت جبينه و بعدها خرجت من غرفته ، أخذت نفساً عميقاً ، إهدأي..و أرجوكِ لا تبكِ .
كنت أعلم أول سؤال سيسأله فؤاد ، لذا أحببت التهرب من الموضوع و أخذت ملابسي و إتجهت نحو دورة المياة ، و وضحت له أنني سآخذ حماماً دافئاً ، تعمدت الإطالة فيه حتي يمّل و ينام ، و حينما خرجت..فشلت خطتي ، فلقد وجدته مستيقظاً و جالساً علي الأريكة التي في غرفة نومنا .
همست : متعبة و أريد النوم من فضلك !
قال لي بنبرة هادئة : فريدة
أغمضت عيني محاولةً عدم معآودة البُكآء : نعم
تنهد قائلاً : فريدة..هل من الممكن أن أفهم سبب بكاءكِ ..؟
قلتُ ببعض الإرتباك : فقط..لا شيء .. كنت متعبة
سمعت نبرة حادة منه لأول مرة أسمعها : فريدة..أطلب منكِ الإجابة الصحيحة
أغضبتني حدته فقلت ببعض الغضب : و ها هي الإجابة ، متعبة فقط
نهض من علي الأريكةِ و صاح في حدة : لقد سئمت منكِ !
نظرت نحوه بذهول ، فؤاد ..! كانت عروق رقبته و وجهه اتخذ اللون الأحمر ، إنها تلك المرة الأولي التي أرآه هكذا !
إستطرد قائلاً بغضب : فريدة..لقد سئمتكِ حقاً ، هل تعتقدين أنني لا أسمع بكاءكِ الخافت كل يوم ؟ هل تعتقدين أن ديسمبر قد يلهيني عنكِ يوماً ؟ أنتِ لا تصارحينني بأي شيءٍ إطلاقاً ، أصبر ... و أصبر كثيراً ، و أحاول ألا أضغط عليكِ ، لكنكِ لا تخبرينني بأي شيءٍ إطلاقاً ، و تصرين علي إخفاء كل الأمور عني ، أنا أحبك.. و أخبركِ بكل ما يحدث معي ، بما أشعر..بما أكره.. و بما أحب ..
إستطرد و قد أخفض من طبقة صوته : هل تعتقدين أنني لا أعلم ما سبب تسمية إبننا هذا الإسم الغريب ؟ ديسمبر..أعتقد..أعتقد..هذا هو الشهر الذي قابلتي فيه الياباني
لم أتحدث ، فقط ..تساقطت دموعي دون شعور مني..أنا آسفة فؤاد..أقدر حبك ، لكنني ..حاولت..حاولت أن أبادلكَ هذا الحب ..لم أستطع..آسفة بشدة
تنهد قائلاً بألم : ديسمبر كان يخبرني عن هذا الرجل الذي رأيته ، كان يقول لي..أن ماما لم تكن بخير عندما رأته..و أنه سأل عن اسم يشبه إسم ماما
تابع و هو يبتسم في حسرة و سخرية : أظنني الآن عرفت من هو..أن تلقي لي ديسمبر دون إهتمام هذه المرة ، و تذهبي إلي غرفتنا لتبكِ فيها بصوتٍ حاد ، إنه ذلك الياباني اليس كذلك ؟ أنتِ و علي الرغم من ذلك لم تنسيه..لم أستطع أن أنسيكِ إياه
نظرت نحوه بذهول ، هل من الممكن أن يكون فؤاد فائق الذكاء كل هذا الحدّ..؟
أردف بتأنيب : هل ظننتي ليوم أنني لا أهتم بحديثك عن هذا الرجل..؟ و أن الأمر بالنسبة لي تافه ؟
صرخ : هل تعلمين عقوبة هذا..؟ لسنا في اليابان الان و لا تتحدثي عنهم كُلا لديه ثقافة خاصة ، لكن أن تتحدثي عن شخص غريب.. و لزوجك أيضاً ، و نحن في مجتمع شرقي ، لقد فاض بي الكيل ، كنت اقول يا فؤاد لا بأس..لا بأس ، ستفهم لاحقاً ، ستفهم مقدار الألم الذي تعانيه ، يجب أن تصمد فهي ربما لم تنتبه ، لكنكِ لا تنتبهين مطلقاً مهما حاولت أن ألمح لكِ و لو بالكثير
لمحت نظرة الحزن في عينيه : من الواضح أنني فشلت في جعلكِ تنسينه ، ما حدث أمس و سؤالي عنه..كنت أودّ أن أري ردة فعلك..هل حقاً نسيتينه يا فريدة..أم لا ؟ و ياليتني ..ياليتني يا فريدة لم أسأل ، فقط...ليتني حدثتك بأي شيء و خلدت للنوم بعدها ليتني مت قبل رؤيتك و أنتِ تبكين لأجله
اذاً..لقد كنت تتعذب يا فؤاد دون أن تشعرني بذلك ، كلماته ألجمتني تماماً ، لم أستطع الردّ عليه..إكتفيت بدموعي المتسآقطة ، بماذا أردّ عليه بالله عليكم..؟
فاجأني بسؤالٍ قائلاً : هل تحبينه يا فريدة ..؟
فتحت عيناي علي مصرعيهما ، كيف يسأل سؤالاً كهذا ..؟ ماذا يجب عليّ أن أفعل ؟
أطرق رأسه قليلاً قائلاً : آسف لأجل غضبي..لم أقصد ذلك عزيزتي.. أما عن سؤالي فتستطيعين الإجابة عنه عندما تريدين ذلك..أو..تنسينه نهائياً
لم يعجبني حاله و هو يتجه نحو السرير و يدير لي ظهره و ينام ، كنت أثق أنه مستيقظ.. و أنا كذلك كنت مستيقظة ، لم أنم إلا في السويعات القليلة التي تلي الفجر ، لأستيقظ بعدها علي صوت فؤاد و هو يوقظني ..فاليوم هو عطلتنا ، و لقد وعدني أن يذهب بي عند والدتي ، نظرت له بعيون ناعسة
قلت له : أريد النوم
إبتسم لي بلطف : لكنكِ كنتِ تودّين الذهاب إلي والدتك..؟ هيا حتي لا نتأخر
نهضت من علي الفراش و أخذت حماماً دافئاً و إرتديت ملابسي .
قلت بهدوء و أنا لا التفت له : فؤاد..فقط اوصلني و عد سريعاً حتي لا يجلس ديسمبر وحده
غمغم فؤاد : هذا ما كنت سأفعله
تمتمت : أدعو الله ألا يستيقظ لحين عودتك..ستحدث كارثة حتماً ، أتتذكر ذلك اليوم عندما خرجتَ لتشتري العشاء بينما كنتُ في الشرفة ..اعتقدَ أننا تركناه و رحلنا حتي بدأ بالصراخ و بالكاد إستطعنا تهدئته
إبتسم بشحوب : نعم أتذكر ذلك..ندمت وقتها بشدة..أشفقت عليه
إلتفتت له أخيراً و أنا أبتسم بخفة : يستحسن أن نذهب الآن قبل أن نتأخر عليه
قال مستوقفاً إياي : لي طلب بسيط..
نظرت له بإستفهام ليردف : أرجوكِ..إبتسمي عندما تريدين ذلك..فـ..عيناك..و إبتسامتك ، زال بريقهما الذي كنت أعتاده ، أشعر..أنهما غريبتان عني !
صمتت و لم أتحدث ، خرجنا أنا و هو بهدوء حتي لا يستيقظ صغيرنا ، كان الوقت باكراً إلي حدٍّ ما ، لذا..لن يكون هذا ميعاد إسيتقاظ صغيرنا بعد .
كان حديثي سطحي بيني و بين والدتي و هي تسألني عن أخبار فؤاد و ديسمبر ، علاقتنا لم تتطور رغم كل تلك السنوات ، هذا أفضل في الواقع ، فجأة بدأت أشعر بالضيق من هذا الوضع ، لذا طلبت منها الإنصراف علي الرغم من أنني أتفقت أن أتناول الغداء معها ..إلا أنني بعد ساعتين إستأذنت منها ، طلبت مني الجلوس أكثر لكنني عاندت و أخبرتها أنه يجب عليّ الذهاب لأن ديسمبر ربما يبكِ إن لم يجدني ، طلبت مني الإعتناء بنفسي و بعدها ذهبت إلي المنزل .
كنت أشعر أن هناك شيئاً ما سيحدث ، آمل أن يكون خيراً ، ما إن فتحت باب المنزل وجدت ديسمبر يركض نحوي ، إبتسمت له بتعب و ضممته إليّ .
قال لي بضيق : لقد تركتني و ذهبتِ..في حين أن والدي لم يفعل
داعبت شعره الناعم بلطف : آسفة صغيري..لكنني لم أتأخر كثيراً..اليس كذلك ؟
إبتعد عني و قال بمرح : نعم..صحيح
أمسك يدي و قال لي : هناك رجل يجلس مع أبي ، يقول أبي أن هذا الرجل يريدكِ ماما
قلتُ له بإستغراب : يريدني ؟ هيا بنا لنرآه إذاً
إتجهت نحو غرفة الضيوف لأجد فؤاد يتحدث بالإنجليزية مع شخص آخر...شحب وجهي بشدة ، و سرت البرودة في أطرافي ، خفق قلبي ..و لم أستطع التحدث ، حينما رأيت رايوتشي يبادلني بنظرة متفاجأة ..رايوتشي..جالس مع زوجي ، و يتبادلان أطراف الحديث !
قال لي فؤاد بإبتسامة هادئة : لقد قدمتِ في الوقت المناسب عزيزتي ، هذا السيد كان يسأل عنكِ ، أخبرني أنه صديق لك ..؟ أهو كذلك ؟
إزدرأت لعابي بينما لا أستطيع التحدث ، و يكأن جميع الحروف إختفت ، هل هذا حقيقي ..؟ لا ..ربما أنا أحلم أو ما شابه ذلك
سمعت لكنته المميزة : مضي وقت طويل يا فريدة !
إنه حقيقي إذاً....إنه هو...رايوتشي...!!!
إنتهآء الفصل السآدس | 6 في الختام ..
أي خطأٍ هنآ آمل أن تعذروني عليه ، فـ الرواية الكآملة علي حآسوبي..
الذي حتي الآن لم يعد للأسف ، حتي أنّ الفصل الأخير ليس كآملاً في حآسوب أختي ..
إدعوا لي أن يعود حآسوبي سريعاً ، قبل أن تحتد الأحدآث ..
أتمني أن تستمتعوا ، و آمل أن هذا الفصل قد أظهر لكم أكثر مما يُخفي ..
تحيآتي الخآلصةُ للجميع .
و السلامُ عليكم و رحمةُ الله تعالي و بركاته.