|
مواضيع عامة مواضيع عامة, مقتطفات, معلومات عامه, مواضيع ليس لها قسم معين. |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
من روائع وصايا الآباء للأبناء....(متجدد) (الحلقة الأولى) (مقدمة الوصايا) إن الحمد لله نحمده، ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فهذه طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء [1]. إنْ كُلٌّ إلا بَعَج بطنَه لولده[2]؛ كي يكملَ أدبُه، وتحسنَ رِعَتُه، ويصير من النجباء النبلاء... فمِن الأبناء مَن اتبع فاستقام، وكان منهم كهيئة الأصم لا يسمع أُذُنًا جَمْشًا[3]، فَعَشَا عن النصح عَشْوًا؛ فأضحى سَدْمَان ندمان. ووصايا أولئك وإن كانت قليلة المباني، إلا أنها جمة المعاني.. وكلامهم يخرج كالضوء يتلالأ ينير القلوبَ ويجلو صدأها؛ لتعودَ كالمرآة المصقولة.. ويتدفق في النفوس كتدفق أمواه النهر تسري ساقية تَنَائِفَ وسَبَاسِبَ ومَهَامِهَ عِطاشًا لتُخرج نبتها كريمًا باسقًا، الأصل ثابتٌ، والفرع في السماء.. ويملأ جَعْبَةَ مَن كان خاليَ الوَفْضَةِ ليفيضَ مِن بعدُ على مَن وراءه.. وأنت -حفظك الله- قسيم في المعرفة بأنه لا يؤثر إلا المتأثر، ومَن نصح قلبه لله ومحضه؛ أقبل الله عليه بقلوب عباده وهيأها. فإذا كان اللسانُ قويمًا، وصاحبُهُ حَدُِثًا عليمًا؛ خط بالكلام على رَقِّ القلوب بمداد نوراني أذكى رائحة من المَيْعَة والحَبَق، فلا يزال يسطع فيها ويعبق؛ حتى يُفتح لها رِتاج ما استغلق عليها، وأعظم ذلك أن تلج باب الأنس بمعبودها، فالله طيب لا يقبل إلا طيبًا. وصدق أبو عثمانَ عمرو بنُ بحرٍ الجاحظُ[4]إذ يقول [5]: ((أحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره، ومعناه في ظاهر لفظه، وكأن الله -عز وجل- قد ألبسه من الجلالة، وغشاه من نور الحكمة، على حسب نية صاحبه، وتقوى قائله. فإذا كان المعنى شريفًا، واللفظ بليغًا، وكان صحيح الطبع، بعيدًا من الاستكراه، ومنزهًا عن الاختلال، مصونًا عن التكلف؛ صنع فى القلب صنيع الغيث في التربة الكريمة. ومتى فصلت الكلمة على هذه الشريطة، ونفذت من قائلها على هذه الصفة؛ أصحبها الله من التوفيق، ومنحها من التأييد ما لا يمتنع من تعظيمها به صدور الجبابرة، ولا يذهل عن فهمها عقول الجهلة. وقد قال عامر بن عبد القيس: ((الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب، وإذا خرجت من اللسان لم تجاوز الآذان)). وقال الحسن وسمع متكلمًا يعظ فلم تقع موعظته بموضع من قلبه ولم يرق عندها، فقال له: (( يا هذا! إن بقلبك لشرًّا أو بقلبي )) انتهى. ومع ذا فإذا أنت رأيت -خُطِّئَ عنك السوء- كلامًا تستحسنه قد سيق على لسان مَن فيه غميزة، فلا يجرمنك علمُ ذلك منه على ألا تنتفع، ولكن خذه، فلك غُنمه وعليه غُرمه، والحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها جذبها، ولا تنسَ قولَ ابنِ المقفع [6]: ((لا يَمْنَعَنَّكَ صِغَرُ شَأْنِ امْرِئٍ من اجتناءِ ما رأيتَ من رأيه صوابًا، والاصطفاءِ لما رأيت من أخلاقه كريمًا؛ فإن اللؤلؤة الفائقة لا تُهَانُ لهوان غائصها الذي استخرجها)). وقال الحسن: ((لقد وقذتني كلمة سمعتها من الحجاج)). فقيل له: وإن كلام الحجاج ليقذك؟! قال: ((نعم، سمعته على هذه الأعواد يقول: إن امرءًا ذهبت ساعة من عمره في غير ما خُلق له لَحَرِيٌّ أن تطول عليها حسرته)) [7]. وقبل أن أذكر ما انتقيته لك من وصايا أبعث برسالة إلى كل والد مكرم، فأقول: رسالة إلى والد أيُّهذا الأبُ الكريم! ابنك فلذة كبدك، إن يك صالحًا كريم الجِرِشَّى؛ فمثل ثواب عمله يكون لك؛ فإنه من كسبك. وهو أمانة لديك، فينبغي أن تقوم عليه في أدبه، وتنظر في أََوَده، وتلهمه حلمك، وتمنحه علمك، حتى يكمل عقله، ويستحكم فتله، ويقوى نظره وفكره؛ ((فكلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته)). ولله در مَن قال: أما تدري أبانا كل فرع يجاري بالخطى مَن أدبوه وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه وما نَوْلُك [8] أن تمهل حتى يشتد الولد ويجمع جراميزه ويمتطي جواد الشباب، ولئن فعلت إنك لنادم ولات حين مندم، ثم تعذله، ورُبَّ لاَئِمٍ مُليمٌ.. وأعيذك بالله من أن تَقول لولدك يومًا: ((أعييتني بأُشُرٍ، فكيف بِدُرْدُرٍ)) [9]. أو أن يُقال لك: ((سبق السيفُ العَذَلَ)) [10]. ثم احذر أن يخالف عملُك قولَك، فلسان الحال أفصح من لسان المقال، وخير المقال ما صدقته الفعال. فالزم هذا؛ ينجب ابنك ويحمدكَ، وإلا كنت يا صاح ملومًا، وتحملت من إثمه كفلاً وذَنُوبًا.. وصار هو وَصْمًا، يولد عارًا، وينتج شنارًا... وهَلُمَّ جرًّا،مِن شُبَّ إلى دُبَّ [11]. • وقد قال ربنا (جل ثناؤه): ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم:6]. قال غير واحد: معنى قوله (تعالى ذكره): ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ أي: علموهم وأدِّبُوهم. • وعن عثمانَ الحاطبيِّ قال: سمعت ابنَ عمر (رضي الله عنهما) يقول لرجل: ((أدِّبِ ابْنَكَ؛ فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ عَنْ وَلَدِكَ مَاذَا أَدَّبْتَهُ وَمَاذَا عَلَّمْتَهُ؟، وَإِنَّهُ مَسْئُولٌ عَنْ بِرِّكَ وَطَوَاعِيَتِهِ لَكَ)). أخرجه الإمام البيهقي في "السنن الكبير" (ج3/4). • وقال ابنُ الْمُقَفَِّع: ((أَفْضَلُ مَا يُورِثُ الآبَاءُ الْأَبْنَاءَ: الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، وَالْأَدَبُ النَّافِعُ، وَالْإِخْوَانُ الصَّالِحُونَ)) انتهى. "الأدب الصغير" [(4-45) بتحقيقي، الطبعة الأولى]. • عن حَبِيْب الْجَلاَّب قال: قيلَ لابن الْمبارك (رحمه الله): ما خَيْرُ ما أُعْطِيَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: ((غرِيْزَةُ عَقْلٍ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((أَدَبٌ حَسَنٌ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((أَخٌ صَالِحٌ يَسْتَشِيْرُهُ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((صَمْتٌ طَوِيْلٌ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((مَوْتٌ عَاجِلٌ)) ا.هـ أخرجه ابن حبان في "روضة العقلاء" (7) ط/ دار الكتب. [12]. وأخيرًا: لا تغفل الدعاء لولدك، فقد قالوا: "الأدب من الآباء، والصلاح من الله عز وجل" والسلام،،، [1] وقد نَصَصْنا كل وصية إلى بعض الكتب التي وقفنا عليها فيها، ولم نلتزم هنا ترتيبًا معينًا. فأما التخريج المبسوط، وشرح الوصايا وبقية ما جمعنا وعَبَّدنا فلا حَطُوط ولا هبوط؛ فذلك في سفر لنا كبير قمنا على جمعه ولما يطبع. وأشترط أن لا أذكر في الوصايا إلا حديثًا ثابتًا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأما الآثار فقد يوجد مقال في بعض أسانيدها، وأنت خبير بأن العلماء يتساهلون في إيراد أمثالها؛ وإلى الله (جل ثناؤه) أنا راغب في العون على ما أقصده وأنويه، والتوفيق لما ألتمسه وأبغيه . والحمد لله أولا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا. [2] بَعَجَ بطنه له: أي: بالغ في نصحه. [3] أي: لا يقبل نصحًا. [4] المتوفى سنة خمس وخمسين ومائتين. [5] في كتابه" البيان والتبيين " (ج 17) ط / دار الكتب العلمية. [6] في "الأدب الصغير" (6- بتحقيقي). [7] "البيان والتبيين" (2/99) . وانظر منه أيضًا (ج28). [8] أي: ما ينبغي لك. [9] أي:لم تقبل النصح شابًّا، فكيف وقد بَدَتْ دَرَادُِرك كِبرًا؟!. [10] مَثَلٌ يُضرب لما قد فات ولا يُستدرك. [11] أي: من الشباب إلى أن يدب على العصا. [12] وانظر الأثر الذي رواه ابن حبان عَقيبه، ثم قابل بما في "الأدب الصغير" لابن المقفع (2-63)، و"البيان والتبيين" للجاحظ (ج1، 23).
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#2
| ||
| ||
من روائع وصايا الآباء للأبناء (الحلقة الثانية) عشر وصايا من وصايا نبينا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم). وإنما ابتدأت بتلك الوصايا الفائقات من وصايا رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- وإن كانت مقالاتنا هذه في الأصل تجري على سنن اختيار روائعَ من وصايا الآباء للأبناء؛ لأمرين: الأول: تبركًا بذكر كلامه -صلى الله عليه وسلم-، ورجاء أن تصيبني دعوته التي دعا بها لمن يبلغ للناس سنته، وينشر مقالته، حيث قال: (( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ، فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ)). وفي لفظ: (( رَحِمَ اللهُ مَنْ سَمِعَ... ))[1]. الأمر الثاني: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبٌ لجميع المؤمنين؛ قال ربنا - تبارك وتعالى -: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب:6]. وقد رُوِيَ عن أُبي بن كعب، وابن عباس - رضي الله عنهم - أنهماقرءا: ﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم ﴾. ورُوي نحو هذا عن معاويةَ، ومجاهد، وعكرمة، والحسن...[2]. وروى الإمام أبو داودَ - رحمه الله - في "سننه "[3] بسند جيد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ...)) الحديثَ. • • • الوصية الأولىعن أَبي ذَرٍّ جُنْدَبِ بنِ جُنَادَةَ - رضي الله عنه - قال: قلت: يارسولَ اللهِ، أوصني، فقال: (( اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ[4])). أخرجه الترمذيُّ في "جامعه - سننه" (كتاب البر والصلة- باب ما جاء في معاشرة الناس- حديث رقم1987]، وقال: "حديث حسن صحيح"، والإمامُ أحمدُ في "المسند" (ج553،58،77)، والدارمي في "سننه - مسنده" (كتاب الرقاق- باب في حسن الخلق- حديث رقم (2791)]، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (ج14) وصححه على شرط الشيخين (!)، ووافقه الذهبيُّ في "تلخيص المستدرك"، وله شواهدُ. • • • الوصية الثانيةعن أبي العباس عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا، فَقَالَ: (( يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ )). أخرجه الإمامُ الترمذيُّ في "جامعه"، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حديث رقم (2516)، وقال: (( حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ))، والإمامُ أحمدُ في "المسند" (ج193، 303، 307)، بأرقام (2669، 2763، 2804- ترقيم الشيخ أبي الأشبال أحمد شاكر). وراجع "جامع العلوم والحِكَم" للحافظ ابن رجب الحنبلي (رحمه الله) شرح الحديث التاسعَ عشرَ (19). • • • الوصية الثالثةعن أبي هريرة[5] - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَوْصِنِي، قَالَ: (( لاَ تَغْضَبْ ))، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: (( لاَ تَغْضَبْ )). أخرجه الإمامُ البخاريُّ في "صحيحه"[6]، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، حديث رَقْم (6116). • • • الوصية الرابعةعن أبي جُرَيٍّ جابر بن سُلَيْمٍ - رضي الله عنه - قال: رَأَيْتُ رَجُلًا يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ[7]، لَا يَقُولُ شَيْئًا إِلَّا صَدَرُوا عَنْهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَرَّتَيْنِ. قَالَ: (( لَا تَقُلْ: عَلَيْكَ السَّلَامُ؛ فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَيِّتِ، قُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكَ )). قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: (( أَنَا رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي إِذَا أَصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ، وَإِنْ أَصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ[8] فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَهَا لَكَ، وَإِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرَاءَ - أَوْ فَلَاةٍ - فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ فَدَعَوْتَهُ رَدَّهَا عَلَيْكَ)). قَالَ: قُلْتُ: اعْهَدْ إِلَيَّ. قَالَ: (( لَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا )). قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا شَاةً. قَالَ: (( وَلَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَارْفَعْ إِزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ، فَإِنَّهَا مِنَ المَخِيلَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ، وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ، فَلَا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ، فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ )). أخرجه الإمام أبو داودَ - رحمه الله - في "سننه"، كتاب اللباس، باب ما جاء في إسبال الإزار، حديث رقم (4084)، وصحح إسنادَه الإمامُ النوويُّ - رحمه الله - في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (14/140)، وكذا في "رياض الصالحين" (803). وخرجه الإمامُ الترمذيُّ في "جامعه" (2722) مختصرًا، وقال: (( حديثٌ حسنٌ صحيحٌ )). • • • الوصية الخامسةعن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن رجلاً جاءه فقال: أوصني.فقال: سألتَ عما سألتُ عنه رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- من قبلك، فقال: (( أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ؛ فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ؛ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُالْإِسْلَامِ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللهِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ رَوْحُكَ فِي السَّمَاءِ، وذِكْرُكَ فِي الْأَرْضِ )). أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/82). وانظر "فيض القدير" (الجزء الثالث - شرح الحديث رقم (2791))، و"مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" للحافظ نور الدين الهيثمي رحمه الله (4/215، 216)، و"السلسلة الصحيحة" للشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله (555). • • • الوصية السادسةعن أبي ذَرٍّ جُنْدَُِبِ بنِ جُنَادَةَ - رضي الله عنه - قال: أَوْصَانِي خَلِيلِي -صلى الله عليه وسلم- بِخِصَالٍ مِنَ الْخَيْرِ: (( أَوْصَانِي بِأَنْ لاَ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي وَأَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي[9]. وَأَوْصَانِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ. وَأَوْصَانِي أَنْ أَصِلَ رَحِمِي وَإِنْأَدْبَرَتْ. وَأَوْصَانِي أَنْ لاَ أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ. وَأَوْصَانِي أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا. وَأَوْصَانِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: " لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ "؛ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ )). حديث صحيح: أخرجه ابن حبان (449-إحسان) (2041- موارد الظمآن) واللفظ له، وأحمد(5/159). • • • الوصية السابعةعن أبي يوسفَ عبدِ الله بن سَلَامٍ - رضي الله عنه - قال: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - المَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ )). حديث صحيح: أخرجه الإمامُ الترمذيُّ في "جامعه" (2485)، وقال: (( حديثٌ صحيحٌ ))، وابنُ ماجه (1334، 3251)، والإمام أحمدُ (5/451)، والدارميُّ في "مسنده" (1460)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وقال: (( صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه ))، وأقره الإمامُ الذهبيُّ - رحمه الله - في "تلخيص المستدرك". • • • الوصية الثامنةعن أبي نَجِيح العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الْفَجْرِ ثُمَّ وَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا، فَقَالَ: (( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسَنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ )). حديث صحيح: أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4/126، 127)، وعنه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجة في "المقدمة" (42، 43، 44)، والدارمي في "المقدمة" (95)، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/617، 618،.....)، والآجُرِّيُّ في "الشريعة" (92، 93، 94، 95)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2303، 2304، 2305، 2310)، وابن أبي عاصم في "السنة" (26، 27، 28،.... إلى 34) وغيرهم، وصححه الترمذي، وابن حبان (5)، والحاكم (1/95-97)، والبزارُ، وغيرُهم. • • • الوصية التاسعةعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عُمَرَ بن الخطاب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قال: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: (( كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ )). وكان ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - يقول: (( إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ)). أخرجه الإمامُ البخاريُّ - رحمه الله - في "صحيحه"، كتاب الرِّقَاق، حديث رقم (6416). • • • الوصية العاشرةعن سفيانَ بن عبد الله الثَّقَفِيِّ - رضي الله عنه - قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ (وَفِي لَفْظٍ: غَيْرَكَ )، قَالَ: (( قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، فَاسْتَقِمْ )). أخرجه الإمامُ مسلمٌ في "صحيحه"، كتاب الإيمان، باب[10]: جامع أوصاف الإسلام، حديث رقم (38). [1] حديثٌ صحيحٌ: أخرجه الإمام الترمذي في "جامعه - سننه" ( كتاب العلم – باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع)، حديث رَقْم (2657)، وقال: (( حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ))، وابنُ ماجة في "مقدمة سننه" (232)، باب: مَن بلغ علمًا، والإمام أحمد في "المسند" (1/437) رقم (4157- شاكر)، وصححه ابنُ حبان (66، 69- إحسان)، واللفظ الآخر له برقم (68)، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -. والحديث رمز السيوطيُّ له بالصحة في "الجامع الصغير" (9263). وانظر "تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي" للسيوطي (52) ط/ دار الحديث، و"فيض القدير شرح الجامع الصغير" للعلامة المناوي (ج675) ط/ مكتبة مصر، و"نظم المتناثر من الحديث المتواتر" للكتاني (2) رقم (3) ط/ دار الكتب العلمية. تنبيه: هذا الحديث عزاه الحافظُ المنذريُّ في "الترغيب والترهيب" لأبي داود، وتبعه الحافظُ ابنُ حجرٍ العسقلانيُّ في "مختصر الترغيب"، ولم أقف عليه عنده في النسخ الموجودة منه بين أيدينا، وهي من رواية اللؤلؤي، فلعله في رواية ابن العبد أو غيره لـ"سنن أبي داود"، والله أعلم. [2] انظر "تفسير القرآن العظيم" للعماد ابن كثير (6/175) ط/ الصفا، و"الدر المنثور في التفسير بالمأثور" للحافظ جلال الدين الأسيوطي (11/729-730) ط/ الدكتور عبد الله التركي، مركز هجر للبحوث. [3] الحديث الثامن منه. [4] الخُلُق: عبارة عن هيئة في النفس راسخة عنها تصدر الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورَوِيَّة، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعالُ الجميلةُ المحمودةُ عقلاً وشرعًا - سُمِّيَتْ تلك الهيئةُ خلقًا حسنًا، وإن كان الصادرُ عنها الأفعالَ القبيحةَ - سميت الهيئة التي هي المصدر خلقًا سيئًا. قال الإمام أبو حامد الغَزَّاليُّ - رحمه الله - في "الإحياء" (3/58) ط/ دار الكتب. [5] اختُلف في اسم أبي هريرة - رضي الله عنه - على أكثرَ من ثلاثين قولاً، أصحها: عبد الله بن عمرو، و: عبد الرحمن بن صخر. [6] وسم البخاريُّ كتابه بـ"الجامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه"، وهو أصح كتاب بعد كتاب الله - عز وجل - وإن رغمت أنوف الحَقَدَةِ. [7] أي: يرجعون عن رأيه، أي: يرجعون إلى ما يظهر من صدره من الرأي الذي يرشدهم إليه، وقوله: (( لَا يَقُولُ شَيْئًا إِلَّا صَدَرُوا عَنْهُ ))) أي: بعد سماعه كما يصدر الوارد عن الورد بعد الذي يشرب من مائه. ا.هـ من "دليل الفالحين" لابن علان (ج379) ط/ دار الفكر. [8] أي: عام شدة ومجاعة. قال الإمام المنذريُّ - رحمه الله - في "ترغيبه": (( السنة: هي العام القحط الذي لم تنبت الأرض فيه شيئًا، سواء نزل غَيْثٌ أم لا )). [9] هذا في أمر الدنيا ؛ فإنه أجدر أن لا يزدري العبدُ نعمة اللهِ عليه، أما في أمر الآخرة فلينظر الإنسان إلى مَن هو فوقه. والله أعلم. [10] فائدة: تراجم أبواب "صحيح مسلم" ليست من وضع الإمام مسلمٍ نفسِهِ، إنما هي من صنيع بعض مَن تناول كتابه إما بتهذيب وإما بشرح، كالإمام المنذري، وعدل بعضها الإمام النووي، حتى استقر الأمر على ما اعتمده هذا الأخير، وتتابع الناس على اعتماد تراجمه لأبواب الكتاب، وأساء بعضهم فطبع تراجم الأبواب في صلب الصحيح من غير ما تنبيه على أصل وضعها، فظن كثيرون أنها من صنع الإمام مسلم - رحمه الله -، وليس كذلك.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#3
| ||
| ||
من روائع وصايا الآباء للأبناء (الحلقة الثالثة) (الوصايا من 11 إلى 15) ( طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء. وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها ) الوصية الحاديةَ عشرةَ (11)وصية نبيِّ الله نوحٍ - صلى الله عليه وسلم - لابنه عن عبد الله بن عمرو بن العاصي[1] - رضي الله عنهما - قال، قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ[2]: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ: • آمُرُكَ بِـ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ"؛ فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ[3]، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ" فِي كِفَّةٍ؛ رَجَحَتْ بِهِنَّ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ". وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ،وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ، كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً، قَصَمَتْهُنَّ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ". وَ "سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ"[4]، فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ. • وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ )). أخرجه في أثناء حديثٍ: الإمامُ أحمدُ في " المسند " (2/169-170)، والبخاريُّ في "الأدب المفرد" حديث رَقْم (548)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (1/49)، وصحح إسنادَه العمادُ ابنُ كثير - رحمه الله - في " البداية والنهاية " (1/119). وانظر "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" للحافظ نور الدين الهيثمي - رحمه الله - (4/219-220). • • • وصية النبيين الكريمين إبراهيمَ ويعقوبَ - صلى الله عليهما وسلم - قال ربنا - جل ثناؤه وتقدست أسماؤه -: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [ سورة البقرة: 130- 133 ]. • • • من وصايا نبي الله داودَ لابنه سليمانَ عن يحيى بن أبي كثير - رحمه الله -، أن نبي الله داودَ قال لابنه سليمانَ - صلى الله عليهما وسلم -: (( يا بُنيَّ، لا تَسْتَقِلَّ عَدُوًّا وَاحِدًا، ولا تَسْتَكْثِرْ أَلْفَ صَدَيِقٍ [5]، ولا تَسْتَبْدِلْ بِأَخٍ قَدِيمٍ أَخًا مُسْتَحْدَثًا مَا اسْتَقَامَ لَكَ )). [ " عيون الأخبار " للإمام ابن قتيبة (ج3/الجزء السابع/) ط/ دار الكتب المصرية بالقاهرة، و"العِقد الفريد" لابن عبد ربه، واللفظ لفظه، (2/161) ط/ دار الكتب العلمية ]. • • • وعن عبد الرحمن بن أبزى (رحمه الله) قال: قال داودُ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم -: (( كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ كَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ. •وَمَثَلُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ لِبَعْلِهَا[6] كَالْمَلِكِ الْمُتَوَّجِ بِالتَّاجِ المخوصِ بِالذَّهَبِ، كُلَّمَا رَآهَا قَرَّتْ بِهَا عَيْنَاهُ. • وَمَثَلُ الْمَرْأَةِ السُّوءِ لِبَعْلِهَا كَالْحِمْلِ الثَّقِيلِ عَلَى الشَّيْخِ الْكَبِيرِ. • وَاعْلَمْ أَنَّ خُطْبَةَ الْأَحْمَقِ فِي نَادِي قَوْمِهِ كَمَثَلِ الْمُغَنِّي عِنْدَ رَأْسِ الْمَيِّتِ. • وَلَا تَعِدَنَّ أَخَاكَ شَيْئًا، ثُمَّ لَا تُنْجِزهُ ; فَتُورِثَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةً. • وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ صَاحِبٍ إِنْ ذَكَرْتَ اللَّهَ لَمْ يُعِنْكَ، وَإِنْ نَسِيتَهُ لَمْ يُذَكِّرْكَ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ. • وَاذْكُرْ مَا تَكْرَهُ أَنْ يُذْكَرَ مِنْكَ فِي نَادِي قَوْمِكَ، فَلَا تَفْعَلْهُ إِذَا خَلَوْتَ )). [ أخرجه الإمامُ أبو القاسمِ الطبرانيُّ بسندين، ورجالُ أحدِهما رجالُ الصحيحِ. انظر "مجمع الزوائد" للهيثمي (4/274)، و(10/234) ]. • • • وعن الإمام المبارك عبد الله بن المبارك (رحمه الله) قال: قال داود لابنه سليمان (عليهما السلام): (( يَا بُنِيَّ، إِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى تَقْوَى الرَّجُلِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: •بِحُسْنِ تَوَكُّلِهِ عَلَى اللَّهِ فِيمَا نَابَهُ. • وَبِحُسْنِ رِضَاهُ فِيمَا آتَاهُ. • وَبِحُسْنِ صَبْرِهِ فِيمَا يَنْتَظِرُهُ )). [ أخرجه الإمام البيهقيُّ - رحمه الله - في كتاب "الزهد الكبير" (966) ]. [1] هذا هو الصحيح في كتابة العاصي: إثبات الياء لا حذفها ، وكذا حذيفة بن اليماني ، وعبد الرحمن بن أبي الموالي، وشَدَّاد بن الهادي. نبَّه على ذلك الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (ج1244). [2] في رواية عند الإمامِ أحمدَ (2/225) وغيرِه: (( إن نوحًا لما حضرته الوفاة دعا ابنيه، فقال: " إني قاصر عليكما الوصية: آمركما باثنتين، وأنهاكما عن اثنتين.." فذكر نحوه. [3] هذا دليل من أدلة كثيرة تثبت أن الأرَضين سبع كالسموات، وقد قال ربنا - جل ثناؤه-: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12]. وفي "الصحيحين" من حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ )). [4] أي: وآمرك بـ" سبحان الله وبحمده ". [5] يُروى أن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنشد: عليك بإخوان الصفا فإنهم عِمادٌ إذا اسْتَنْجَدْتَهُم وظُهورُ وإنَّ قليلاً ألفُ خِلٍّ وصاحبٍ وإنَّ عدوًّا واحدًا لَكثيرُ [6] الَبعْل: الزوج، والجمع: البُعُولة، والبِعَال، والبُعُول. ويقال للمرأة أيضًا: بَعْل وبعلة، كزوج وزوجة.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#4
| ||
| ||
من روائع وصايا الآباء للأبناء ( طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها ) (الحلقة الرابعة) (الوصايا من 16 إلى 20) من وصايا نبيِّ الله سليمانَ بْنِ داودَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - لابنه الوصية السادسةَ عشرةَ (16) عن يحيى بن أبي كثير - رحمه الله -، قال: قال سليمانُ بنُ داودَ لابنه - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -: (( يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَالنَّمِيمَةَ؛ فَإِنَّهَا أَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ.وَإِيَّاكَ وَغَضَبَ الْمَلِكِ الظَّلُومِ؛ فَإِنَّهُ كَمَلَكِ الْمَوْتِ.يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَالْمِرَاءَ، فَإِنَّ نَفْعَهُ قَلِيلٌ، وَهُوَ يُهَيِّجُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ الْإِخْوَانِ.يَا بُنَيَّ، خَطِيئَةُ بَنِي آدَمَ فَخْرُهُمْ، وَالزِّنَا عَيْنُ الْإِثْمِ.يَا بُنَيَّ، إِنَّ الْأَحْلَامَ تَصْدُقُ قَلِيلًا وَتَكْذِبُ، فَلَا يَحْزُنْكَ.وَعَلَيْكَ بِكِتَابِ اللهِ فَالْزَمْهُ، وَإِيَّاهُ فَتَأَوَّلْ.يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الْغَضَبِ؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْغَضَبِ تَسْتَخِفُ [تسحق] فُؤَادَ الرَّجُلِ الْحَلِيمِ )). [رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (3/70). وأخرج الفقرةَ الأولى كلٌّ مِن: الإمام هناد بن السري فى "الزهد"، وابن حبان في "روضة العقلاء".. وأخرج الفقرةَ الثالثةَ البيهقيُّ في "شُعَب الإيمان"]. • • • • عن يحيى بن أبي كثير قال: قال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لابنه: • (( يَا بُنَيَّ، عَلَيْكَ بِالْحَبِيبِ الْأَوَّلِ؛ فَإِنَّ الْآخِرَ لَا يَعْدِلُهُ )). ["الحلية" لأبي نعيم، و"الروضة" لابن حبان، و"شعب الإيمان" للبيهقي]. • • • • الوصية الثامنةَ عشرةَ (18) وعنه أيضًا قال: قال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لابنه: •(( يَا بُنَيَّ، لَا تَقْطَعَنَّ أَمْرًا حَتَّى تُؤَامِرَ مُرْشِدًا، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ تَحْزَنْ عَلَيْهِ )). [ "الحلية"، و"شعب الإيمان" ]. • • • • وعنه - رحمه الله - قال: قال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لابنه: (( لَا تُكْثِرِ الْغَيْرَةَ عَلَى أَهْلِكَ [وَلَمْ تَرَ مِنْهَا سُوءًا] فَتُرْمَى بِالسُّوءِ [وفي رواية: بِالشَّرِّ] مِنْ أَجْلِكَ وَإِنْ كَانَتْ [مِنْهُ] بَرِيئَةً.يَا بُنَيَّ، إِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ ضَُعْفًا[1]، وَمِنْهُ وَقَارًا للهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.يَا بُنَيَّ، إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَغِيظَ عَدُوَّكَ؛ فَلَا تَرْفَعِ الْعَصَا عَنِ ابْنِكَ [وَأَهْلِكَ ]. يَا بُنَيَّ، كَمَا يَدْخُلُ الْوَتَدُ بَيْنَ الْحَجَرَيْنِ، وَكَمَا تَدْخُلُ الْحَيَّةُ بَيْنَ الْجُحْرَيْنِ؛ فَكَذَلِكَ تَدْخُلُ الْخَطِيئَةُ بَيْنَ الْبَيْعَيْنِ )). [رواه الإمامُ أحمدُ بْنُ حنبلٍ في "الزهد" (6) رَقْم (217) ط/ دار الكتب العلمية. وأخرج أبو نعيم في "الحلية" منه الفقرتين الأولى والثالثةَ، والزيادتان - بين المعقوفين - فيهما له. والفقرة الثالثة أخرجها أيضًا ابنُ حبان في "الروضة"]. • • • • الوصية العشرون (20) وعنه قال: قال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لابنه: ((مَنْ عَمِلَ بِالسُّوءِ فَبِنَفْسِهِ بَدَأَ )). [ أخرجه أبو نعيم]. [1] وهذا النوع هو في الحقيقة عجز وخَوَرٌ، وإنما سُمِّي حياءً مجازًا، وإلا فالحياء خَيْرٌ كُلُّه، ولا يأتي إلا بخير. راجع "شرح صحيح مسلم" للإمام النووي - رحمه الله - (2/5-8).
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مختارات من روائع ما قرأت ..... متجدد | jehan1970 | مواضيع عامة | 124 | 12-15-2015 01:28 PM |
من روائع (المنفلوطي)(متجدد) | مؤمن الرشيدي | مواضيع عامة | 57 | 05-19-2015 03:04 PM |
من روائع البيان(متجدد) | يحي مسلم | نور الإسلام - | 19 | 12-21-2013 04:51 PM |
من روائع الكلام (متجدد) | يحي مسلم | مواضيع عامة | 0 | 08-03-2012 12:50 AM |
مقطع مؤثر ..وصايا هامة إلى الآباء..! | محب الصحابه | نور الإسلام - | 3 | 06-05-2012 09:10 PM |