|
حوارات و نقاشات جاده القسم يهتم بالمواضيع الحوارية والنقاشات الجادة والمتنوعة |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
حدوث ما لم يحدث.. قبل فوات الأوان بعد سقوط طائرة "متروجت" الروسية بساعتين تقريباً، دخل ابني إلى مكتبي وسألني: "هل سمعت عن الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء؟" قلت: "لا، أنت تعرف أنني لست من متابعي الأخبار". وأردفت بعد ثانيتين من الصمت: "أتمنى أن تكون الطائرة قد سقطت وهي في طريقها من روسيا إلى شرم الشيخ وليس العكس"؛ وأردفت: "لكني أرجح أنها سقطت بعد الإقلاع وليس قبل الهبوط". ولم يكن ترجيحي يحتاج إلى ذكاء خارق لاستنتاج ذلك وتخيل مستوى الأزمة التي ستترتب على هذه الكارثة. لست متخصصاً في إدارة الأزمات، ولكن لديَّ قدرة فطرية على الربط بين المتغيرات وتوقع نتائجها. وهي النقطة الأولى الأقوى في مواطن قوتي، والتي تأكدت منها بعد إجراء عشرات الاختبارات والقياسات النفسية والسيكومترية في محاولات جادة لمعرفة ذاتي وتنظيم حياتي بناءً على قدراتي. مناسبة هذا الربط، هو أنه مع تداعيات سقوط الطائرة المُغادرة، كانت السيول تغرق عاصمتنا عمان، التي يقال إنها غرقت في "متر" ماء بسبب هطول مطري لم يستمر أكثر من ساعة. وهناك من يرى بأن زخم الأمطار لم يترك لأحد فرصة للتفكير ومواجهة الكارثة غير المتوقعة كما يقولون أو يتخيلون. ومرة أخرى، أعربت الأزمة عن فشل ساحق للحكومتين المصرية والأردنية في توقع غير المتوقع، وتصور حدوث ما لا يحدث. فكيف لدولة تخوض حرباً ضد الإرهاب في "سيناء" حيث تقع شرم الشيخ، ولدولة يصلي سكانها كل عام صلاة الاستسقاء ثلاث أو أربع مرات، وهم مؤمنون بأن أدعيتهم مستجابة، ولا يتوقعون أن يستجيب الله لهم مرة واحدة على مدى الدهر؟! أليس هذا من مؤشرات الغباء في التخطيط والتنفيذ؟! ربما ليس كذلك، لأن رئيس الوزراء يعتقد بأن صلاة الاستسقاء مسؤولية وزير الأوقاف، وغرق عمان مسؤولية أمينها، أي "رئيس بلديتها" ومدير الأرصاد الجوية. نُسبت الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة إلى الفشل في التنبؤ، وماتت مئات المؤسسات العملاقة عبر العالم لأن قادتها الذين كانوا يلاحظون المتغيرات تجتاحهم لم يقرعوا جرس الإنذار. ويمكننا أن ننسب كل الأزمات والكوارث إلى أسباب غير متوقعة، وظروف غير ملائمة، أو إلى عنصر المفاجأة وعدم الانتباه. ولو صح هذا، لكانت علوم استشراف المستقبل والابتكار والتخطيط الاستراتيجي والإدارة بالسيناريوهات وقراءة المؤشرات وتحليل المشكلات وإدارة الأزمات، علوماً زائدةً عن حاجة البشرية، ولوجب إخراجُها من مناهج مراكز الأبحاث العلمية والمؤسسات الأكاديمية، وتركها تموت بفعل فاعل في أرشيف الماضي المهمل. في كتابيه: "قوة الحدس" و"رؤية ما لا يُرى"، يطرح "جاري كلاين" تكنيكاً جديداً للاستبصار واستشراف المستقبل، مركزاً على محاولة توقع ما لا يقع والاستعداد لحدوث ما لا ينبغي أن يحدث. لقد سبقه في التنظير لهذه الاستراتيجية الذكية "نسيم طالب" في كتابه "البجعة السوداء" التي ظنها العالم خيالاً محضاً حتى صادفها مكتشفو أستراليا، وأدركوا – فجأة – أن ليس كل البجع أبيض. يرى الدكتور "كلاين" أن لا فائدة للميت من تشريح الجثة، ولا فائدة من تحليل تسجيلات الصندوق الأسود للطائرة بعد سقوطها، ولا فائدة من بناء السدود وتطوير نظم الصرف الصحي في عمان بعد حريق أو غرق "روما". وهو يطلق على منهجيته في التنبؤ اسماً غريباً هو "تشريح الميت قبل موته"، أي "توقع البلاء قبل وقوعه" حيث "لا يُضير الشاةَ سلخُها بعد ذبحها"، ولأنه يمكن لكل العالم الاستفادة من دراسة الكوارث الطبيعية والاصطناعية وكتابة تقارير بيروقراطية بشأنها، ما عدا ضحاياها. لا يتدخل الطب الشرعي في الجريمة إلا بعد استدعائه، ولم يفكر أحد من قبل أن يلعب الطب الشرعي دوراً استباقياً مثل الطب الوقائي. وكذلك هي الإدارة بلا قيادة والحكومة اللاحكيمة التي تعمل بردود الأفعال؛ فلا ترى أن لها دوراً استباقياً في درء البلاء ومواجهة المخاطر الطبيعية قبل وقوع الفأس في الرأس وحبس الأنفاس وجفاف الحبر في الكراس! بقلم: نسيم الصمادي المصدر www.edara.com |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
نصيحة ..قبل فوات الأوان | bluebird | مواضيع عامة | 22 | 12-10-2016 05:57 PM |
بعد فوات الأوان | Yoshino Nara | مواضيع عامة | 3 | 06-20-2013 01:49 PM |
الحب بعد فوات الأوان | Memoa | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 1 | 12-21-2011 10:54 PM |
قبل فوات الأوان!!!!! | fares alsunna | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 2 | 06-10-2007 11:54 PM |
توبة بعد فوات الآوان ؟؟؟ | نبيل المجهول | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 4 | 03-31-2007 10:20 PM |