02-25-2016, 12:21 AM
|
|
المغامرة 2 : خطوات تائهة في البيت المتحوّل (الفصل الخامس) .. 5.4
.
.
أمل بحزم: حسناً.. ماعلاقتك بهذهِ الفتاة؟ ومن تكون هي؟ من أنت على أية حال؟
ردّت الفتاة بحزم: أنا لا أعرفه
قال الفتى الغامض ببرود وهو ينظر نحو العصا: دعوا الشجار لوقت لاحق, فهذا الجرذ سيستفيق بعد ثوانٍ
صمت الجميع لوهلة وهم ينظرون إليه بحيرة, أدار الفتى الغامض برأسه إلى الخلف نحو ذلك الوحش الذي لايزال مستلقياً على الأرض ففهم الجميع بما قصده وسأل ايهم بحيرة: أتقصد.. ذلك الوحش هناك؟
الفتاة بدهشة: ألم يمت بعد؟
أمل بثقة: صحيح, وحوش هذا العالم تموت بطريقة غريبة وهذا لم ينتهِ بعد
اتسعت عينيّ الفتاة حيث دُهشت وكأنها تجهل ماقصدته أمل, فتحرّك ذلك الجرذ الضخم وهو يتأوّه وشهق الجميع, استدارت الفتاة وهي تتراجع قائلة بحيرة: كيف كنتَ تعرف ذلك؟
تقدّم نحوها خطوتين وناولها العصا وهو يقول ببرود: تعرّفي على سلاحك
استلمت الفتاة العصا منه وتنم الحيرة على وجهها: هاه!
أخرجت أمل سلاحها من جيبها وهي تقول بحزم: يبدو أنّ هذا الوحش يريد جولة أخرى
أيهم وهو يشهر بسلاحه نحوه: لاتقلقي لن يكون الأمر بتلك الصعوبة فسلاحيّ قويّ
أشهرت امل سلاحها نحو الوحش وهي تقول: سلاحي أقوى, لا أحتاج لمساعدتك
أيهم بتحدٍ: فلنرَ من الذي سيقضي عليه أوّلاً
نهض الوحش متثاقلاً ذو لون رماديّ ومظهر رثّ وكأنّ جلده متسخ, والبقية يقفون في الجهة الأخرى بصف واحد, على طرفها سامي ثم أيهم وأمل يتقدّمون المجموعة ثم أشواق, وعلى بعد بضع خطوات تلك الفتاة وبجانبها الفتى الغامض, أدارت أشواق برأسها لتنظر إليه حيث كانت عينيه تصب على الوحش وهو يعقد بذراعيه, إنه لم يخرج سيفه حتى حيث ظلّ يقف بهدوء وبرود وثقة, أدارت رأسها بسرعة نحو الوحش حين قال بخشونة: أنتِ! مالذي فعلتهِ بي؟ مالذي تظنين أنكِ تستطيعين فعله الآن؟
فقالت الفتاة بحزم: أنتَ من أحضرني إلى هنا بحجة أنّك ستخرجني, لكنك حاولت التهامي!
أدار أيهم برأسه نحو الفتاة وهو يقول بدهشة: أحقاً حاول إلتهامك؟
أمل ساخرة: يبدو أنه صاحب تلك الوحوش الحمقاء
تنبّهت لكلماتها فجأة ففكّرت: مهلاً! لابد أنه هوَ الشخص الذي كان يحرّك الحيطان حينما كان ذلك المجنون يطاردنا بين الأروقة وكأنه يريدنا لنفسه مثل ذلك الوحش الضبابي
أيهم بتضجّر: إنّ هذا الغبيّ يعتقد أنه أكثر ذكاء ببقاءهِ هنا بدل أن يظلّ في القصر
حوّلت الفتاة بعينيها الخضرواين نحوهما وهي تقول بدهشة: أنتم أيضاً كنتم في القصر!
ردّ أيهم وهو يعيد بنظره نحو الوحش أمامه: نعم وسنقضي عليه كما قضينا عن البقية
سامي بارتباك: ما رأيكم أن ندعه وشأنه ونخرج من هنا فحسب؟
رفع الفتى الغامض برأسه حيث تنبّه لحائط حجري في الأعلى حدّق نحوه لوهلة وهو يصغّر عينيه وكأنه يحاول رؤية شيء ما هناك, ضحك الوحش ثم قال بخشونة وكبرياء: أتعتقدون بأنكم تستطيعون قتالي لمجرد عددكم؟, كما ازددتم عدداً كلما كان أفضل, الآن سألتهمكم جميعاً
اتسعت عينيه فجأة ملاحظاً صفهّم الواحد وأسلحتهم بين أيديهم, ففكّر بين نفسه: مـ مهلاً, إنّها الأسلحة الأسطوريّة, هؤلاء.. لايمكن أن يكونوا..!!
وقبل أن يسعه القيام بردّة فعل أطلقت أمل الليزر وأطلق أيهم النار, وأطلق سامي المسنن ليصيبوا جسد ذلك الجرذ, الذي صرخ متألماً حتى تحوّل لجزيئات صغيرة طارت في الهواء ومالبثت حتى تلاشت, أدارت أمل برأسها نحو أيهم وقالت: لقد سبقتك الآن, يمكن القول بأنّ سلاحي هوّ الأفضل
أيهم بانفعال: ماظا تذولي..
وضع أيهم يده على فمه بسرعة حينما لاحظ بأنّ لسانه أصبح ثقيلاً وقد أخطأ في الجملة دون أن يتمّها, فقالت أمل بحيرة: مالذي تقوله أنت؟
أيهم بحيرة وهو يدسّ فمه بيده: أشعُر بخذر في وجهي! هاه.. إنه مكان الإصابة
أدار برأسه نحو الفتاة وأشار نحوها قائلاً بغضب: ذِلْكَ الفتاة فعلت شيئاً بي بسلاحها!
سامي بحيرة: بسلاحها!
أدار الجميع برؤوسهم نحوها فإذا بها تنظر نحو موقع جرذون بذهول وعينيها متسعتان وهي تهمس: مُـ مُستحيل! كيف يحدث هذا؟ مالذي يجري هنا؟
هبطت على الأرض جالسة وسط الذهول بعد أن وقع العصوين اللذان تحملهما على الأرض قبلها, فتقدّمت أمل نحوها قائلة: هيه! هل أنتِ بخير؟ هل أصبتِ بأذى؟
رفعت برأسها لتنظر إليها, وقالت بحيرة وذهول: ماهذا المكان؟ من.. من أنتم؟
تقدّم الجميع نحوها حيث أصبحوا أمامها وهي ترفع رأسها نحوهم, فقالت أمل بهدوء: إن كنتِ تقصدين هذا المكان فهي مجاري, ولكن يبدو بأنكِ تشيرين إلى غرابة هذا العالم
احتدت نظرة أمل وهي تقول بثقة: نحن الأسطورة وأنتِ واحدة منّا كما يبدو من سلاحك
ناقلت الفتاة ببصرها بينهما, فقالت الفتاة بتمهّل: أسطورة.. ماذا؟
ثم قالت بقلق: ابتعدوا عني! لاتقتربوا!
أيهم بحيرة: إنها في حالة ضدمة
فقال سامي بقلق: يارفاق, فلنخرج من هنا, هذا المكان غير مطمئن
تلفتت أشواق حولها وهي تفكر بحيرة: أين ذهب ذلك الفتى؟
لقد كان في الأعلى بعد أن تسلّق سلّماً, وهو يتمعّن بالجدار الحجريّ التي ويتفحّصه بيديه وكأنه يبحث عن شيء ما, وقد تدرّج لون الأحجار مابين بنيّ وأخضر طحلبي, حتى توقّف فجأة ومالت شفتيه إلى الأعلى بشكلٍ بسيط, حرّك شيء ما في الجدار فبدأت الأرض تهتز من تحت أرجلهم والتراب يتناثر عليهم وكأن هذا المكان سينهار, شهقوا وهم يتلفتون حولهم, فقال سامي بقلق: مالذي يجري؟
أيهم بحزم: يبدو أنّ هذا المكان اللعين ينهار!
تزحزحت الصخور عن أماكنها وبدأ الغبار ينتشر, وبسرعة أصبح سامي عند الباب ولكنّ صخرة كبيرة سقطت أمامه جعلت منه أن يشهق وهو يتوقف مكانه فسدّت الباب, بل إنه قد تراجع خطويتن فصرخ بهلع: يا إلهي! لقد حُبسنا!
أشواق بقلق: لايمكن!
تلفت أيهم حوله وهو يقول بحزم: سنجد مخرجاً آخر بالتأكيد
أما الفتاة فكانت لاتزال جالسة وهي ترتجف خوفاً, لاحظت تلك اليد التي تُمد إليها فرفعت برأسها فإذا بها أمل وهي تقول بحزم: فلنخرج من هنا أولاً ثم نناقش مايجري
حدّقت بها لوهلة ثم وضعت يدها بيد أمل ونهضت, وقد كان المكان يزداد ضجيجاً وتتساقط الصخور وينهار من هنا وهناك, فصرخ سامي بهلع: سنموت!
صاح أيهم من بعيد: ابحث فلابد أن نجد مخرجاً ما
تلفتت أشواق حولها فوجدت ذلك الفتى يقف بعيداً وهو يضع أحد يديه على حائط وباب خفيّ يتحرّك ليفتح من خلف الحائط, فأدار برأسه نحوهم لتقع عينيه في عينيها حيث فتحت فاها بتلقائية, ثم استدار وركض في الممر هارباً تاركاً الباب مفتوحاً, فصاحت بهم أشواق بحماس وتعجّل: يا رفاق! انظروا! انظروا! الباب من هناك!
حوّلوا برؤسهم نحو ما أشارت إليه أشواق, ثم انطلقوا خارجين من المكان وهو ينهار, أيهم أولاً ثم سامي وأشواق وأمل وتلك الفتاة أخيراً وهي تمسك بعصوان اثنان في يديها, كان الممر طويلاً ومظلماً وضيّقاً بالكاد يتسع عرضه لشخصين وهم يركضون ولايزال ينهار, ولكن بسبب إضاءة أشواق كان بإمكانهم رؤية اتجاهات الممر ذات المسار الواحد بالكاد.
ركضوا بأقصى سرعتهم والصخور تتحرّك من حولهم وهي تتهاوى من فوقهم, فقال سامي بهلع حيث أصبح أيهم بجواره: فلنسرع قبل أن نُسحق هنا
كانت الفتاة الغريبة التي تجري في آخر المجموعة قد أدارت برأسها إلى الخلف فإذا بالصخور تتساقط وتنزلق الأرضية لثقلها وهي تسد الطريق خلفهم, فصرخت بهلع وتجاوزت أمل وأشواق وأيهم وسامي وهي تحشر نفسها بينهم وهي تقول بهلع: اركضوا بأقصى مالديكم ولكن لاتنظروا إلى الخلف!
نظر الجميع إلى الخلف فصرخوا وأصبح كلاً منهم يسابق الآخر وأمل تدفع أشواق أمامها, وقد كانت الدموع تطير من أعينهم بطريقة كوميدية وهم يشعرون بأنهم سيسحقون, فأصبح سامي في المجموعة يركض ولاحظ ضوء الشمس أمامه يتسلل عبر فتحة كبيرة بحجم الممر, فصاح بسعادة: إنه المخرج! المخرج أمامنا!
ركضوا نحو تلك الفتحة التي كانت فجوة على جبل ذو جرف عاموديّ حيث لامجال للنزول إلا بالسقوط نحو تلك البحيرة البعيدة, وحينما وصل سامي وهو يركض كان مسرعاً لدرجة أنه حينما وضع قدمه على الهواء بالكاد تمكّن من موازنة نفسه وهو يمسك حافتيّ الممر بذراعيه, فزفز بدهشة وهو يفكّر: كدتُ أقع!
فاصطدمت به الفتاة خلفه ومال إلى الجرف, لكنها أمسكت بقميصه تجرّه نحوها وهي تتوقّف, ولم تلبث ثانية حتى اصطدمت بهما أشواق حيث حاولا موازنة نفسيهما, وبجزء من الثانية اصطدموا أمل وأيهم بهم فسقطوا جميعاً إلى الأسفل من ذلك الارتفاع الشاهق وهم يصرخون بأعلى صوتهم حتى غاصوا في الماء, راقبهم أحد ما من أعلى الجبل, فلم يكن سوى ذلك الفتى الغامض الذي قال ببرود: أغبياء
|
|