04-25-2016, 01:16 PM
|
|
الفصل السادس / 1
شعرت ماري ببعض الغرابة فجو المكتب مشحون بالقلق , لم تتردد في سؤاله : معذرة سيدي , لكن هل هناك ما يقلقك ؟
ترك الورقة و أسند ظهره إلى سنّاد الكرسي و قال : لا أعلم , هدوء الوضع يثير القلق , ليس هناك رصد ولا أخبار لأي فضائيين , هل هو الهدوء الذي يسبق العاصفة ؟
قالت مطمئنة له : لا تشغل تفكيرك , و حتى لو عادوا فإن أبطالنا سيكونون نداً لهم
ثم خرجت بعد أن تأكدت أنه ليس بحاجة لشيء .
في هذه الأثناء رجع ريكاردو و استلقى على سريره متعباً من كثرة اللعب و كذلك جونثان الذي اكتفى بالجلوس عليه , هنا أثار كايرو شيء ما فرجع إلى الباب , سأله ريكاردو : إلى أين , الوقت متأخر ؟
رد ببرود : ليس من شأنك
و خرج من الغرفة مغلقاً الباب , اتجاه إلى الطابق السادس و تحرك إلى ذلك الباب الأصفر الذي فتحه و بدأ ينظر يمنة و يسرى ليجد لورا محتارة في كتابين تنظر إلى عنوانهما واقفة
سألها : أين قسم العلوم ؟
ردت : الفيزياء من هناك ( أجابت له مشيرة )
مشى بعد أن قال في نفسه : متطفلة . فبدا الانزعاج على ملامحها لأنها كانت تريد إرشاده بدقة أكثر إلى ما يريد , امسك كايرو بأحد الكتب و انغمس فيه ولم يشعر بنفسه و هو يقرأ واقفاً . 6
حل الصباح مشرقاً بشمسه المشعة و سمائه الصافية , استيقظت كاسيدي و قامت إلى الحمام لغسل وجهها و خرجت لتجد تلك الطاولة المتحركة في وسط الغرفة حاملة الإفطار , و بكسل اتجهت لجولي و أيقظتها للأكل و ذهبت إلى آبي التي كانت تردد و هي نائمة : سوف أركز أكثر , يجب أن انجح في تكوينها
أبعدت يدها عنها لتسمع جولي تقول لها : اتركي المزعجة و شأنها , يبدو أنها تتدرب كثيراً حتى طغى ذلك على أحلامها
و على رأي جولي تركتها و جلست لتناول الإفطار معها
في مكان ما , سيارة سوداء طويلة بداخلها قائدها و راكب عجوز في الخلف , كان واضحاً انه سيده , كان مسترخياً إلى أن سمع صوت جرس يصدر من السيارة , ضغط على الزر الأخضر الذي بجانبه لتنزل شاشة متوسطة الحجم , ثوان و بدأت العمل لتظهر صورة رجل يرتدي نظارة ذو شعر أبيض كثيف قصير بدا و كأنه في بداية الثلاثينات ذو ملامح هادئة
سأله العجوز : ما الأمر , بروفسور ( هاري ) ؟
أجاب بابتسامة : معذرة على إزعاجك في وقت استجمامك لكن أحببت أن أخبرك بأن العمل على المركب ah-1 قد تم الانتهاء منه ( و رفع له زجاجة صغيرة بلون أخضر مشع )
سأله أيضاً : هل جرّبته ؟ أنت دائما الإخفاق
ضحك ذلك الشاب و رد : مؤكد , لقد نجح على 495 عينة من أصل 500
قال له بأسلوب جاف : تظل نسبة فشلك قائمة , لكن تستطيع أن تكسب رضاي بأن تريني أعمالك في الميدان العام , لا تنسى أنك استهلكت الكثير من الناس لمركب واحد و هذا لن يرضي زملائي و سأتغير في نظرهم
تغيرت ملامحه إلى الجدية الجادة ثم قال له : سترى ذلك بعينك اليوم , و لا تتأخر علي بذلك المدعو ( دينو )
ثم انطفأت الشاشة , و بعد لحظات صدر نفس صوت الجرس في السيارة و أضاءت الشاشة بصورة رجل يرتدي نظارات سوداء و بذلة رسمية قال باحترام : آسف على تخييب ضنك سيدي , لكننا نحاول البحث عن دينو في الأماكن المهجورة بكامل جهودنا و سوف نسلمه لك اليوم و معذرة على المقاطعة
قال ذلك العجوز بمكر : من الجيد أنك قاطعتني لأني كنت سأصدر أمر إعدامك , أحضره سليماً على الفور
أرخى ظهره إلى المقعد و ضغط الزر الأخضر لتنطفئ الشاشة و تعود لمكانها
أشارت الساعة إلى الثالثة حيث تناول الجميع وجبة الغداء سوياً , كان الجميع يأكل في صمت حتى قطعه كايرو ضارباً بكأس فارغ على الطاولة متسلطاً : هيه , أريد الماء و بسرعة
جونثان الجالس بجانبه :
اطلبه بأدب و سيحضرونه لك
بالطبع لم يلق أي اهتمام من أحدهم فنظر إلى كاسيدي بعينه اليمنى : الماء رجاءً
رفعت كاسيدي بخنصرها ليتكون الماء فوق الكأس حتى ملأه , ثم نظر لجولي بقوله : أريده بارداً
فرقت أصابعها لتسقط فيه بعض مكعبات الثلج , صرخت عليه آبي :
قدراتنا تستخدم لخدمة الخير و ليست لخدمتك !!
رد بتعالي :
و هل سقايتي لا تعد خيراً ؟؟
قالت كارولاين مهدأة الوضع :
تقصد أن قوانا مسخرة للمحتاجين
رد عليها بثقة عالية :
و أنا كنت محتاجاً للماء
رمقتاه جولي و كاسيدي بنظرة غيظ لكن في نفس اللحظة بدأ كوب كايرو يرتفع لوحده و استقر فوقه و سُكب عليه , صرخ كايرو غاضباً : لماذا فعلتِ هذا أيتها الحمقاء ؟!
ردت عليه بلا مبالاة :
حتى قواي مسخرة للخير
أكمل بحقد :
و أين الخير في سكبه علي ؟!!
أجابت جولي مغيظة له :
في سكبه عليك كل الخير
ضحك كل من كارولاين و جونثان و ريكاردو بصوت خافت بينما انفرجتا عليه جولي و كاسيدي دون تقدير للمائدة , لم يتمالك كايرو نفسه فخرج من المكان و الغضب بادٍ عليه و تركهم في حين كانت لورا تراقب وضعهم بصمت .
بعد نصف ساعة عاد جونثان و ريكاردو إلى غرفتهم و لم يجدوا كايرو هناك , حاولا البحث عنه في الأماكن القريبة و لم يجداه , في وقت آخر قررت لورا التوجه للمكتبة في يدها كتاب تريد أن تبدله , فتحت بابها و استغربت وجود كايرو هناك
لورا مستفسرة :
من الغريب وجودك في المكتبة
رد عليها بتغطرس :
المكتبة ليس لك
و خرج منها بعد أن أغلق كتاباً كان في يده , لاحظت لورا ارتياده على قسم العلوم لكن لم تفكر في الأمر كثيراً .
الساعة الآن هي الخامسة مساء حيث كان ريكاردو في صالة الألعاب بينما كان جونثان ينظر إلى النافذة ليشاهد كايرو الذي يسير لوحده في حديقة المركز , نزل ليرى ما به و عندما وصل إليه : ما بك تقف هنا وحيداً , هل أغضبك ما حصل على الغداء ؟
رد عليه نافياً :
لا أبداً , لقد شبعت فحسب
جونثان :
لا بأس إذاً
كايرو بأسلوب مثير :
ما رأيك أن نقوم بشيء مسلي اليوم ؟؟
استغرب جونثان : ما هو ؟
رد بتذمر : ستأتي أم ماذا ؟
لم يستطع مقاومة نفسه فوافق على الذهاب معه , سارا باتجاه بوابة المركز فأوقفهما حارس البوابة , نظر إليه كايرو بعينه اليمنى و قال : اليوم أنت في إجازة , اذهب و افعل ما تشاء و لا تبقى هنا
على الفور تنحى الحارس عن طريقهما و ذهب كل منهما في طريق , أوقف جونثان كايرو منفعلاً : ما الذي فعلته , و أين التسلية في الأمر ؟
رد كايرو بضحكة بسيطة : الخروج عن القانون أليس مسلياً ؟
انزعج جونثان و أفصح : سأعود إلى المركز
قال له كايرو مهدداً : اسمع أنت متورط معي , و لا تنسى أن كاميرات المراقبة قد التقطت لنا صور مغادرتنا , فلو عدت ستعاقب فدعنا نتسلى ثم نعاقب سوياً
شعر جونثان بالندم على انصياعه لكايرو فلم يكن له مفر من المواصلة
في غرفة الفتيات كانت كاسيدي ترتب بعض الأشياء التي سقطت من حقيبتها عن طريق الخطأ بينما كانت آبيغال تفكر في أمر ما سارحة بخيالها بعيداً , سألتها كاسيدي : أين اختفت جولي فجأة ؟؟
أجابت بنبرة عادية : لا أعلم و لا أهتم
و أكملت كاسيدي جمع الأغراض
في احدى المصانع المتوقفة عن العمل كان ذلك الفتى المتجاوز العشرين بشعر أسود قصير متوسط الطول يعرج ممسكاً بكتفه , اختبأ خلف إحدى الجدران ملقياً بنفسه , كان يسمع ندائهم له : أخرج من هنا و سلم نفسك , لن تنفعك المقاومة
لم يكترث بل انه بقي في مكانه و عندما وجد أن اللحظة مناسبة تقدم بخطوات بطيئة دون أن يراه أحد .
ظل يعرج و الدم يسيل من كتفه حتى دخل في الشارع العام حيث وجد كايرو يسير باختيال خلفه جونثان , نظر إليهم بنظرة تنم على طلب المساعدة , تهاوى و هو يمشي نحوهم و كاد أن يسقط لولا تدخل جونثان السريع و إمساكه به
سأله بقلق : ما الذي جرى لك ؟!
لم يرد عليهم بل انه أغمض عينه منهكاً , سمع كايرو أصوات مجموعة أشخاص : يبدو أنه سلك هذا الطريق ! .
التفت جونثان لكايرو ليخبره كايرو آمراً : بسرعة ادخل في المحل الذي أنت بجانبه , سأظللهم
سحب جونثان يده و جعلها تحيط برقبته و دخل به إلى ذلك المتجر الذي كان بالجوار في حين وقف أمام كايرو رجل ضخم خلفه ستة رجال يرتدون ملابس سوداء و نظارات بنفس اللون , قال ذلك الرجل الذي بدا أنه قائدهم : يا ولد , هل رأيت شخصاً مصاباً مر من هنا ؟؟
نظر له كايرو مستخدماً عينه : اذهب من هذا الطريق و ستجده ( أشار له بيده إلى الخلف )
أومأ الرجل برأسه ثم جرى حيث أشار كايرو مع رجاله , ابتسم كايرو بسخرية قائلاً : هه , حمقى
سار كايرو إلى ذلك المحل و دخل و لم يجدهم , استخدم عينه اليسرى ليجد أنهم في مخزن المحل , تحرك إلى هناك ليجد المصاب قد نزع قميصه في حين كان جونثان يلف بعض الضماد على كتفه , اعترضه كايرو بانفعال : لحطة ! ربما تكون الرصاصات بداخل كتفه و ربما فخذه
رد ذلك الفتى بصوت متألم :
لا تقلق , لقد أخرجتها فور دخولها إلى كتفي و فخذي أصيب بخدش فقط
ارتاح كايرو هنا و قال : لا بأس .
و في نفسه : كيف امتلك الشجاعة لفعل ذلك ؟
سأله جونثان هنا :
من أولائك الرجال و لماذا يردون قتلك ؟
نظر له : ليس قتلي بل الإمساك بي , يريدون القيام بأبحاث علي و ...
ثم سكت فجأة , لم يعجب كايرو الأمر فنزل لمستواه محدقاً به :
اسمع , قد أسلمك لهم إلّم أعرف كامل القصة , لن يسير معي شخص مجهول
أمسك به جونثان منزعجاً من أسلوبه :
ألا ترى إنه مصاب
أبعد كايرو يده بلطف و وقف :
حتى لو كان ميتاً , انه مطارد و لا أثق به
نطر الفتى إلى الأرض لوهلة ثم أفصح : من حقك , اسمي دينو و أنا أمتلك قدرة خارقة , قد لا تصدقني لكنهم يريدونها لأغراض شخصية , عندما وجدوني هربت و التقيت بكم
وضع جونثان يده على كتفه بهدوء :
نحن مصدقين و من حسن الحظ أنك بخير
لم يرتح كايرو لأمره بعد فسأله بحدة :
كيف تملك قدرة خارقة و لم تدافع عن نفسك ؟؟ بالأحرى ما هي قدرتك ؟
بدأ القلق يظهر على دينو قليلاً لكنه تمالك نفسه :
تغيير اتجاه أي شي , لكن أنت تعلم بأن لكل قدرة عيوب
لم يتحمل جونثان الوضع فقال لكايرو بجدية : كايرو , دعه يرتاح , أنت تثقل عليه إضافة إلى تحقيقك الذي لا يطاق
خرج كايرو من المخزن لدقيقة و عاد و معه قميص أعطاه لدينو قائلاً برضا : لا بأس إن أتيت معنا , قميصك الأول ملطخ بالدم و من الجيد أنهم يبيعون بعض القمصان هنا
|
|