|| الأخــ 48 ــــير ||
في تلك الليلة التي مات فيها ساي بينما كان السيد روك والسيدة كينور نائمين في سريرهما بعد اليوم المتعب كسر سكون المكان صوت طرقات عالية على الباب أشبه بطرقات الرصاص أيقظهما فزعين ، تبادلا النظرات قليلا بقلق قبل أن ينهض روك من فراشه ويفتح الباب ليرى من المتسبب بهذا ..
تفجأ حين رأى روز الجاثية على ركبتيها أمامه مباشرة وقد بلل الدموع وجهها وتشد بيديها على بطنها ، تمتمت بصوت متقطع من شدة الألم : معدتي .. إنه مؤلم .. ساعدني ..
لم تكن روز بحاجة للحديث حتى يشعر روك بمعاناتها ، بل كان مظهرها يصف ما تشعر به من دون الحاجة للكلمات ، غير ملابسه على عجل وأمسك بمفاتيحه ثم حمل روز بين ذراعيه متوجها إلى سيارته
..
كانت كينور قلقة على روز كذلك وقد عرضت على زوجها مرافقتهم لكنه رفض ذلك بحجة أنه ليس من الجيد ترك جودي في المنزل وحدها ..
بينما كان روك يقود سيارته مسرعا إلى المشفى كانت روز تتلوى في المقعد الخلفي وتئن بشكل متواصل مما أثار توتر روك كثيرا ، كانت روز بحالة جيدة قبل ساعات ، إذا مالذي قلب حالها فجأة ؟؟
بعد عمل الفحوصات والتحاليل التي استغرقت وقتا طويلا جاءه الخبر كصخرة عملاقة أصابته في رأسه ، لقد تم تسميم روز بطريقة ما ولذا أعضائها الداخلية تبدأ بالتعطل تدريجيا وليس هناك طريقة لإنقاذها ..
تبادر إلى ذهنه مباشرة كلمات ساي التي بدت غامضة له سابقا والتي بدأ بفهمها الآن ، ساي لم يكن ينوي قتل روز في ذلك الوقت ولا حتى أي شخص منهم ، أراد فقط التلاعب بأعصابهم ورؤية تعابير وجوههم الخائفة وقد برع في ذلك وبشدة ، ومن الواضح أنه أراد الإنتحار بعد التلاعب بهم لولا أنهم أطلقوا النار عليه قبل ذلك ، والآن ظهر مخططه بالكامل ، فموته لم تكن نهاية المعاناة بل بداية لمعاناة أخرى وهذه المرة لن يكون هناك شخص يمكن أن يتقموا منه فهو قد مات مسبقا ..
برأيكم أهناك شخص أحقر وأشد دناءة منه ؟؟ يلحق بضحاياه الأذية حتى بعد رحيله !!
اجتاحه العديد والعديد من المشاعر ، قلق من ردة فعل زوجته والبقية ، حائر بشأن ما إذا يجب إخبار من حولها بذلك أم لا ، حزين على تلك المسكينة الموجودة في الغرفة الآن والتي ستظل تعاني لأيام قبل أن تموت هي الأخرى ، لكن الشعور الذي طغى عليهم جميعا هو مشاعر الغضب الذي اجتاحه بالكامل جعلت جسده يرجف بشدة ، طوال حياته لم يشعر بما يشعر به الآن لكنه يدرك أن الغضب لن يجدي نفعا ..
راح يسأل روز عن ما إذا حاول ساي إطعامها شيئا أو ما شابه ، لتجيبه ببراءة : لم يطعمني شيئا ولكنه طلب مني أن أشرب بعض الماء لأنه أراد أن تكون حبالي الصوتية بأفضل حالاتها ..
الخبيث دس السم بالماء وأشربها إياه ، ولأن السم بلا طعم أو لون فلم تلحظ روز تغيرا فيه ، سم الريسين من أخطر السموم في العالم ، ويمتاز بأنه يقتل ببطء بعد أن يسبب تلفا في الأعضاء الداخلية كما أن أعراضه لا تظهر مباشرة بعد تناوله بل بعد عدة ساعات من ذلك ، ولهذا لم تشعر روز بشيء في ذلك الوقت ..
بينما كان السيد روك غارقا في دوامة من التفكير تفاجأ بحضور زوجته وابنتيه إلى المشفى للاطمئنان على حالة روز بعد أن كان يتجاهل اتصالاتها ليدرك أن الصباح قد حل بالفعل دون أن يشعر بمرور الوقت ..
ـ إذا كيف حال روز الآن ؟؟
كان هذا ما نطقت به السيدة كينور ليجيبها بشيء من التوتر لم يستطع إخفائه : لا شيء خطير ، مجرد آلام في المعدة نتجت عن القلق وهي الآن نائمة بعد أن تم حقنها بمسكن ..
زفرت بإرتياح : من المريح سماع هذا ، لقد كان وجهها مفزعا عندما أتت إلى غرفتنا ..
تحدثت جودي بفظاظتها المعتادة : تلك الحمقاء جعلت أمي تبكي بسبب ألم بسيط سأركلها عندما تستيقظ ، جعلتنا نقلق على اللا شيء ..
نظر روك إلى ابنته الصغرى وقال بتعجب : لم أنت هنا ؟؟ أليس لديك مدرسة ؟؟
ـ كيف تريدين أن أذهب وأنا أرى أمي تبكي وكأن أحدا قد مات ..
حول بصره بإتجاه جوليا ثم قال : جوليا أعلمي صديقيك سوبارو وياماتو بما حل لروز واطلبي منهما الحضور لزيارتها وأنا سأخبر السيد كازوما ..
عقدت حاجبيها بتعجب : ولم يجب علينا إخبارهم ؟؟ سنثير قلقهم وحسب أفضل ألا نفعل ذلك ..
رد بحزم : بل يجب علينا ذلك ، ستتحسن روز بشكل أفضل إن رأت أصدقائها حولها أسرعي بإخبارهم أرجوك ..
أراد روك من أصدقائها قضاء أطول وقت ممكن معها بما أنه لم يتبقى على حياتها سوى أيام قليلة ، ولم يُرد لروز أن تشعر بالوحدة في آخر لحظات حياتها فقد نالت ما يكفي من الألم طوال سنوات عمرها .
إصراره هذا جعل بذرة الشك تنمو في داخل ابنته الكبرى أكثر لكنها كتمت شعورها هذا على الأقل في الوقت الحالي ، فلا نية لها في إقلاق والدتها وجودي أكثر من هذا ..
عندما وصلت الرسالة إلى ياماتو لم يستطع أن يمنع نفسه من الذهاب إليها للاطمئنان عليها حالا فهي الحبيبة ، ولذا طلب من السائق أن يغير طريقه من المدرسة إلى المشفى التي تمكث فيها روز الآن ، أما سوبارو فلم يكن لديه شيء يفعله في هذا الصباح بما أن المدرسة مغلقة ليومين بعد الفوضى الذي تسبب بها ساي لذا قرر هو الآخر الذهاب إلى المشفى بما أن جوليا ذكرت في رسالتها أنه من الأفضل زيارة روز في أقرب وقت ..
تقابل الأخوين أمام باب المشفى ليسيرا معا بإتجاه غرفة روز ولكنهما وجدا السيد روك والسيد كازوما خارجها ويبدو أن حديثا هاما كان يدور بينهما بسبب الملامح التي تعلو وجهيهما ، ولكن بمجرد أن لاحظ السيد روك وجود الشابين حتى إلتزم الصمت بسرعة ويتدارك السيد كازوما الوضع بقوله : مرحبا تفضلا روز بالداخل ..
لم يخفى على أي منهما غرابة الأجواء ولكن الهدف الأول من مجيئهما هو الاطمئنان على صديقتهم روز ، دخلا إلى الغرفة ليكمل السيد الروك وكازوما الحديث في مكان آخر خوفا أن يتنصت أحد عليهما ..
لم يكن السيد روك قادرا على حمل هذا العبء وحده وأراد استشارة شخص آخر ولم يجد أنسب من السيد كازوما والذي أدرك رجاحة عقله في الفترة التي عرفه بها ، ولهذا ها هو الآن يخبره بكل شيء دون أن يخفي أقل التفاصيل ..
كان وقع الصدمة على السيد كازوما لم يكن بأقل من صدمة روك آن ذاك ، ولم يستطع إختيار الكلمات التي يجب عليه قولها بعد سماعه لكل هذا ، أسند ظهره إلى الجدار ووضع يده على جبينه محاولا تخفيف الألم الذي اجتاح رأسه ..
أعاد السيد روك السؤال بقلة حيلة : أرجوك يا كازوما ساعدني على إتخاذ القرار المناسب ، أنا فعلا حائر ..
ليتمتم الآخر مجيبا : دعني أتخطى الصدمة أولا ، أكاد لا أصدق أن روز ستموت قريبا ..
ـ إن كنا نحن نتصرف بهذا الشكل فماذا يمكن أن يحدث لأصدقائها إذا علموا بذلك ؟؟ أعتقد أنني سأبقي هذا سرا حتى النهاية ..
قاطع حوارهم صوت أشبه بزمجرة الرعد : أتعني أننا إن لم نتنصت عليكما لبقيتما متكتمين على أمر مهم كهذا ؟؟
إلتفتوا إلى مصدر الصوت ويا للمفاجئة ، جوليا وسوبارو وياماتو واقفين أمامهم ويبدو أنهم سمعوا كل ما دار بينهما وفهموا الحالة التي بها صديقتهم ، جوليا واقعة على الآرض بعد أن عجز قدميها عن حملها وصوت أنفاس سوبارو الواضحة تخبرهم بأنه غاضب حتى النخاع وأما ياماتو فلسبب ما يبدو هادئا ربما كان الخبر أقوى من أن يستوعبه دماغه المهم أنه لم يُبد أي تأثير ..
لقد كانوا منخرطين في الحديث لدرجة أنهم لم يلحظوا تواجدهم ، زفر السيد روك قائلا : لم أنتم هنا ؟؟
ضرب سوبارو بقبضته الحائط المجاور له ليصيح بغضب مجددا : هذا ليس موضوعنا ، أخبرني سيد روك أليس هناك علاج حقا لذلك السم ؟؟
حرك رأسه بأسى ليشد سوبارو على قبضته بغضب ، بينما عاود السيد روك الحديث : اسمعوا بما أنكم علمتم بهذا فلا أريدكم أن تخبروا كينور وجودي ..
تحدث سوبارو بإنفعال أقوى من سابقيه : ولم لا ؟؟ إخفاء أمر كهذا ........
قاطعه السيد روك بنبرة أقوى : لا فائدة من معرفة شيء كهذا فها أنتم تعلمون بالسر وعاجزون عن إنقاذها ، لا أحد يستطيع منع موت روز لذا من الأفضل إبقاء الأمر سرا ألا تفهم أيها الغبي ؟
أمسك السيد كازوما بكتفه هامسا بلطف : نحن في المشفى يا روك لذا أخفض صوتك أرجوك ..
نفث الهواء من فمه محاولا تمالك أعصابه أكثر ، ليقول مجددا بهدوء : اسمعوا ستستيقظ روز قريبا ولا أريد لها أن تشعر بشيء ، إن كنتم قادرين على السيطرة على مشاعركم فبإمكانكم البقاء ولكن إن أدركتم أنكم يمكن أن تنهاروا أمامها فالأفضل أن تغادروا ..
بالفعل غادر الثلاثة المكان عائدين إلى منازلهم ، فهم في الوقت الحالي بحاجة إلى الاختلاء قليلا ، كلٌ أفرغ طاقته بطريقته الخاصة فمنهم من يتصرف كالثور الهائج ويحطم كل ما تقع عليه عينه وهذا كان سوبارو ، والآخر قد انفجرت دموعه بغزارة كياماتو ، أما جوليا فقد مزجت بينهما معا البكاء والتحطيم ..
انقضى ذلك اليوم محملا بالكثير من المشاعر المختلطة ، وبابتداء يوم جديد ظهرت مشكلة أخرى ، فبطريقة ما تسرب الخبر ووصل إلى رجال الصحافة ، فلم تكد تخلو صحيفة إلا وقد كُتب فيها الخبر ، وتزاحم المشفى بالصحفيين الفضوليين الراغبين بإلقاء نظرة على روز وإقامة مقابلة معها ، ولم يغادرو المكان إلا بعد تدخل رجال الأمن ..
عند روز كانت مستيقظة آن ذاك وقد سمعت الضجيج الصادر من الخارج ولكنها لم تستطع إلقاء نظرة لما يحصل فلازال تأثير المسكن عليها ، والغريب أن لا أحد معها ، ماهي إلا ثواني معدودة حتى ارتفع صوت طرقات الباب معلنا قدوم أحدهم ، فُتح الباب ليظهر من خلفها أعز وأثمن أصدقائها جوليا وياماتو وسوبارو .
تهلل وجهها مستبشرا بقدومهم ، كان رؤيتهم فقط مصدر سعادة كبيرة لها ، ولشدة فرحها لم تنتبه إلى أن ملامح وجه جوليا وياماتو ليسا على طبيعتهما فقد كان شاحبا بشكل ملحوظ وربما كان السبب الآخر لعدم ملاحظتها هو حماقتها وغبائها التي تتميز به دائما ..
اقترب الثلاثة منها وقد نُحتت على وجوههم ابتسامة هادئة كانوا قد تدربوا على رسمها بجدية ، فيما قالت روز وهي تزم شفتيها كالأطفال : لا تتحدثوا معي أنا غاضبة منكم ، لماذا لم تأتوا لزيارتي بالأمس ؟؟ لم أجد سوى خالتي وجودي المزعجة وعمي عندما أفقت ، أين كنتم أنتم الثلاثة أيها الخونة ؟؟ صحيح حتى السيد كازوما كان متواجدا أما أنتم فلا ألست مهمة إلى هذه الدرجة ؟؟
تقدم ياماتو خطوة إلى الأمام وأخرج من ورائه باقة ورد عملاقة باللون الأبيض ثم وضعها أمامها وقال بلطف : لقد كنت أجهز هذه الهدية من أجلك لم أرد أن آتي بيدين خاويتين ..
توسعت حدقتا عينيها بدهشة ، إنها المرة الأولى التي تتلقى فيها باقة من شخص ما ، حتى جوليا لم تفكر في ذلك لأن الورد بالنسبة لها مجرد إهدار للنقود لا أكثر ، قالت وهي تتلمس الباقة برقة : شكرا لك يا ياماتو إنها رائعة حقا ، كيف علمت أنني أحب اللون الأبيض ؟؟
لم يستطع أن يرد على جوابها ، أيخبرها بأنه عاشق لها حتى النخاع لذا يعرف عنها حتى التفاصيل الدقيقة ..
تحدثت جوليا : ليس ياماتو وحده من أتى لك بهدية ، حتى أنا أحضرت لك شيئا ستحبينه كثيرا ..
تمتمت بملل : أعلم أعلم شوكولاة كالعادة صحيح ؟؟
ضحكت قائلة : صحيح لكن هذه المرة أتيت لك بشوكولاة غالية الثمن .
ـ واو مذهل أنا أتلهف لتذوقها ..
ثم نقلت ببصرها إلى سوبارو منتظرة منه شيئا ، لكنه قال ببرود : لا تكوني طماعة وترغبي بالمزيد ، يكفيك ما أحضراه ياماتو وجوليا ..
عبست بغيظ : يالك من بخيل ، إسمعني لن تستطيع البقاء إلا بعد أن تأتي لي بهدية ، هيا إذهب لشراء واحدة .
تجاهلها وأغلق باب الغرفة ثم نظر إلى ياماتو وجوليا قائلا : أنتما أسديا لي خدمة ، إحرصا على ألا يدخل أحد إلى هنا وإلا قتلتكما ، وأنت يا روز سأستخدم دورة المياه قليلا ..
سار إلى دورة المياه وأنظار الجميع تتتبعه بحيرة ، لم لا يريد لأحد الدخول إلى هنا ؟؟ راودت بعض الشكوك ياماتو لكنه سرعان ما نفيه فاحتمالية حصول ذلك لا يتجاوز 10% ..
قالت روز : بالمناسبة ماذا يحصل في الخارج ألم تجدوا شيئا غريبا ؟
أجابت جوليا ببرود : لا شيء مطلقا لا تشغلي بالك ..
ابتسمت بأريحية بعد أن انطلت عليها الكذبة : لو لم يمت ساي لكنت شعرت بالقلق من البقاء وحدي ، لكن من الجيد أن الشرطة قتلته ، ذاك المتعجرف كان يتصرف بغرور وكأن لا أحد يقدر عليه وفي النهاية فقد حياته بسبب رصاصة واحدة ياللضعف ..
تغير وجه جوليا وياماتو بعد ذكرها لساي في هذا الوقت بالذات ، هما بالكاد استطاعا إيقاف نفسيهما عن البكاء ولكن حديث روز عنه بدأت تُشعل تلك المشاعر التي حاولوا إخمادها ..
واصلت روز ثرثرتها الذي كان متمحورا عن ساي دون إدراك منها بأنها وبكلامها هذا تشعل حريقا في داخل صديقيها ، ولم تتوقف إلا بعد خروج سوبارو من دورة المياه ، بدت وكأنها قد انخرست فجأة أو كجهاز مسجل قد نفدت منه البطارية ، سكوتها الغريب فجأة أثار تعجب ياماتو وجوليا ، ليلتفتا إلى الوراء حيث تعلق بصر روز ..
إنطلقت ضحكة عالية لم تستطع جوليا إخفائها ولكن سرعان ما تمالكت نفسها بعد أن رمقها سوبارو بتلك النظرة القاتلة ، أما ياماتو فقد اكتفى برسم إبتسامة هادئة على وجهه ..
اقترب سوبارو منهم وأسند بجسده على باب الغرفة حرصا على منع دخول أحدهم للمكان ثم قال وهو يعقد ساعديه على صدره : أظن أن حضوري هنا وزيارتك هو أعظم هدية يمكن أن تحصلي عليها ، صحيح يا روز ؟؟
همست جوليا بصوت خافت ولكن مسموع : أحدهم يتصرف بغرور هذا يثير اشمئزازي ..
ـ قولي أنك تشعرين بالغيرة لا أكثر ..
قالها سوبارو ساخرا وهو يحدق فيها بنظرة باردة ، ليتبادلا بعدها النظرات المشحونة حينها أتى دور ياماتو ليخفف الأجواء قليلا : هي أنتما ليس من اللائق الشجار أمام روز المريضة ..
حدقوا فيها ثلاثتهم ليجدوها لازالت متصلبة في مكانها ، مدت جوليا يدها لتمسك أناملها وتقول بهمس رقيق : ألا يجدر بك قول شيء ما ؟؟
بدى وكأن لمسة جوليا أعادها إلى طبيعتها ، تمتمت بصوت خرج بالكاد : ورابوس !! كيف أتى إلى هنا ؟؟
أجاب ببرود : من المصباح السحري ..
حولت نظرها إلى ياماتو وجوليا سائلة ببلاهة : كيف خرج ورابوس من دورة المياه رغم أن سوبارو هو من دخل إليه ؟؟
أجابها ياماتو بإبتسامة : ألم تدركي الأمر بعد ؟؟ سوبارو هو المغني ورابوس نفسه ، كل ما فعله هو نزع الضمادات عن وجهه ..
صمتت قليلا تفكر في كلامه وفجأة أصدرت شهقة قوية خُيل إلى الجميع أنها سحبت جميع كمية الأكسجين في الغرفة ، تلك الشهقة كانت إشارة إلى أنها قد استعابت الأمر أخيييرا ..
تحرك سوبارو عائدا إلى دورة المياه وهو يقول : حسنا أنهيت ما أردت فعله ، سأعيد الضمادات قبل قدوم شخص آخر ..
أوقفته روز بسرعة : انتظر لحظة يا ورابوس ... آآ أقصد سوبارو ..
أدار رأسه إليها دون النطق بكلمة فيما تابعت بصوت متردد : أمم ما رأيك أن تغني شيئا حتى أصدق عيناي وأتأكد بأنك مغنيي المفضل ذاته ..
ابتسم بغيظ وهو يقول : ما رأيك أن أبرحك ضربا حتى تتأكدي ؟؟ هذه الطريقة تجدي نفعا أكثر ..
تحدثت جوليا بخبث : لم تبدو غاضبا سيد مشهور مستفز ؟؟ أليس الغناء هو شيء اعتدت عليه ؟؟ لم لا تسمعنا صوتك وتطربنا قليلا ..
شد على قبضته محاولا كبت أعصابه ، هو أجبر نفسه على كشف حقيقته لروز بما أنها الأيام الأخيرة لها وهذه كانت أفضل طريقة ليسعدها بها بما أنها أكبر معجبة بورابوس ، ولكن رغم أنه أقدم على هذا إلا أنه في قرارة نفسه لايزال يرفض فكرة أن يتعرف عليه أحد فهو يشعر بالحرج الشديد من هذا الموضوع ، وما يزيد الوضع سوء هي تلك الجوليا التي لم تتوقف عن إسماعه تلك التعليقات المشبعة بالسخرية اللاذعة ..
انتبه إلى روز التي قالت بنبرة غريبة : لحظة لحظة ، لم أبدو الوحيدة المتفاجئة هنا ؟؟ هل يمكن أنك يا جوليا أنت وياماتو قد علمتما بهذا مسبقا ولم تخبراني بالأمر ؟؟
قال ياماتو متداركا الوضع : بالنسبة لي فمن الطبيعي أن أعلم فأنا أخوه الأكبر كما تعلمين ، لكن جوليا لا تعلم مطلقا ، أنا لا أكذب ..
رغم أنه كان من الواضح أنه كاذب إلا أنه وكالعادة قد انطلت عليها تلك الكذبة لذا قالت : الآن أستطيع القول بأنكما أخوين ، في السابق لم أكن أصدق ، لكن بعد رؤيتي لوجه سوبارو الحقيقي لم تعد لدي شكوك حول ذلك لابد أنه قد ورث الجمال والموهبة عنك ..
همهم سوبارو : يالها من غبية ..
عادت روز تنظر إلى سوبارو قائلة بعبوس : لا زلت لا أصدق أن ورابوس هو سوبارو ، كنت أتخيله شخصا رومانسيا ولطيفا وليس كتلة من الجليد ..
ـ أعتذر لأنني كتلة من الجليد كما تقولين ، لكن هذه شخصيتي الحقيقية لذا يجب أن ترضي بالواقع ..
ـ الآن أعرف لم كان ورابوس يرفض عمل فيديوهات لأغانيه ولم كان يرفض إجراء المقابلات الصحفية وغيرها ، سينفر المعجبون جميعا بعد معرفتهم لحقيقتك ..
ـ أهذا شيء يمكن أن يقوله معجب لمغنيه المفضل ؟؟ لازلت وقحة كما أنت ، ظننت أنك ستحسنين معاملتي قليلا بعد أن تعرفي من أكون ..
ـ أشعر أن في الأمر خدعة ما ، ورابوس وسوبارو يستحيل أن يكونا كيانا واحدا ، لربما تتشاركان الشكل نفسه فقط ، أو أن الصور التي تسربت عبر وسائل الإعلام خاطئة ومزيفة ..
استدار سوبارو عائدا إلى دورة المياه لتقاطعه روز : لحظة وروابوس ..
توقف ثانية لتقول بتردد وخجل : أمم في الواقع أنا أريد آآ توقيعك لو سمحت ..
لاح على شفتيه شبه ابتسامة ، إن كان هذا سيسعدها فهو بالتأكيد سيفعلها ..
بينما كانا الإثنان يتبادلان الأحاديث فضل الإثنان الآخران إلتزام الصمت والإنصات إليهما وحسب ، لكن شيئا فشيئا ولسبب ما بدى وكأن إبتسامة روز التي كانت ترسمها على وجهها تبدأ بالتلاشي ، ويحل الألم محله وفي اللحظة التي نطقت فيها الكلمة الأخيرة أطلقت صرخة لم تستطع أن تكتمها أكثر ، أحاطت معدتها بذراعيها وانحنى جسدها قليلا للأمام بينما بدأت دموعها بالتدفق لتحكي عن ألمها ، قفزت جوليا من مكانها بينما سارع ياماتو لنداء الطبيب و ذهب سوبارو ليعيد ضماداته بسرعة ..
ـ روز انتظري قليلا سيأتي الطبيب في الحال ، اصبري أرجوك ..
هذا ما هتفت به جوليا بصوت ملؤه القلق بعد دقائق عدة أتى الطبيب مسرعا مع مجموعة من الممرضين وحملوها إلى غرفة العمليات ، أما ثلاثتهم ياماتو وجوليا وسوبارة _ الذي انتهى من لف الضمادة على وجهه_ رافقوهم إلى هناك وبقوا خارج الغرفة منتظرين خروج الطبيب ليُطمئنهم عليها ..
كان التوتر والقلق يسود المكان ، ياماتو لم يستطع الجلوس بهدوء وهاهو يتحرك أمام غرفتها ذهابا وإيابا ، وسوبارو فضل الجلوس على المقعد المقابل للغرفة وقدمه لم يكف عن الحراك ، لكن جوليا كانت تجلس بسكون إلى جواره ورأسها إلى الأسفل دون أن تبدي أي ردة فعل ..
أقبل السيد روك إليهم مسرعا بعد أن رآهم من بعيد ، وحين وصوله نطق مسرعا : ماذا حصل ؟؟
أجابه سوبارو بهدوء ظاهري : كنا نتحدث معها لكنها فجأة شعرت بالألم لذا طلبنا الطبيب بسرعة ..
سأل ياماتو بإنفعال واضح : هل ستكون بخير سيدي ؟؟ أرجوك قل نعم ..
قبل أن يتمكن السيد روك من الإجابة عليه خرج الطبيب حينها من الغرفة ليندفعوا بإتجاهه مسرعين ، ليقول بصوت متزن : معظم الأجهزة التي في جسدها بدأت بالتلف بفعل السم ، الكبد الأمعاء والطحال الكلى الأمعاء جميعها بدأت بالتعطل عن العمل ، لذا يجب أن نبقيها في غرفة العناية المركزة كما أننا مضطرين إلى تنويمها معظم الوقت لنُجنبها الشعور بالألم ..
إلتفت السيد روك ببطء إلى ابنته التي لاتزال ساكنة في مقعدها ، ليتفاجأ بها وهي تضع يدها على صدرها محاولة إلتقاط الهواء ، بدى وكأنها تواجه صعوبة في التنفس ، إندفع بإتجاهها وهو يهتف بإسمها بشكل متواصل دون أي استجابة منها وماهي إلا ثواني معدودة حتى فقدت وعيها جراء الصدمة ..
بعد أن انتشر خبر تسمم روز بات الجميع يعلم بالأمر حتى جودي والسيدة كينور ولكم أن تتخيلوا كيف كانت ردة فعلهما ، أما زملاء روز في المدرسة فقد تعاطفوا معها كثيرا فأتوا لزيارتها ولكن للأسف لم تكن روز مستيقظة وقتها ، وجوليا بعد أن أفاقت من الإغماء بدت هادئة على غير المتوقع وكأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة ..
سوبارو وياماتو والسيد كازوما والسيد روك والسيدة كينور وابنتيها جوليا وجودي لازموا المشفى وبقوا بجوارها حتى لو لم تكن روز مستيقظة ، فتلك فرصتهم الأخيرة للبقاء معها قبل أن تفارقهم إلى الأبد وترحل دون رجعة ..
حتى في الليل لم يكن أحدهم يفارق مكانه إلا السيد كازوما الذي كان مرغما على ذلك بسبب أبناءه ولو كان الأمر بيده لظل معهم ، رغم المصير المحتم والذي لا مفر منه إلا أن في داخل البعض منهم بصيص أمل خافت ، كانوا بإنتظار معجزة ينقذها من الموت ولكن الحياة لا تسير وفق إرادتنا ..
لم يطل بقاءها في غرفة العناية كثيرا ففي اليوم الرابع كانت قد فارقت الحياة بعد سنوات من المعاناة ، رحلت تاركة الجميع ورائها ، لا دموعهم التي ذرفوها أنقذها ولا توسلاتهم قد أعادها ..
رحلت ورحل معها إبتسامة من حولها رحلت وتركتهم يتجرعون الألم غصة غصة، أظلمت الحياة بعد موتها ولم يعد لها طعم بعد الآن وكأن غيمة مظلمة محملة بالكآبة ظللتهم بالكامل مانعة شعاع السعادة من التخلل من خلالها ..
تلك الأيام التي تلت وفاتها كانت ثقيلة وبطيئة بشكل فظيع ، لم يعد الجميع كما في السابق أبدا ، فتلك الجوليا التي كنا نحسبها قوية وصامدة انهارت تماما فبدت كطفلة لا تستطيع البقاء وحدها وتحتاج إلى من يلازمها دائما مما اضطر جدتها إلى جلب إبنها وزوجته وابنتهم جودي إلى منزلها للاعتناء بجوليا التي كانت بالفعل بحاجة إليهم أكثر من أي وقت مضى ..
وذلك العاشق الذي رحلت محبوبته دون أن يحصل على فرصة للإفصاح عن مشاعره لم تفارقه الدموع ليلا أو نهارا ، ورغم أن والده كان يحاول التخفيف عنه إلا أنه كان يكره رؤيته ويغضب بمجرد أن يطأ قدما أبيه غرفته ، فلو لم يمنعه والده من خطبتها لكان أفصح لها عن مشاعره منذ زمن وأصبحا مرتبطين ..
أما الشاب الهادئ فكان أكثرهم تماسكا من بين الجميع لذا كان صمام الأمان لمن حوله ، حمل على عاتقه مهمة إنتشال الجميع من دوامة الحزن الذي علقوا فيه طويلا ، فالحال الذي كانوا عليها لم يكن لأسبوع أو أسبوعين ولا شهر أو شهرين بل أكثر من ذلك بكثيير ..
جوليا لم تكن بحاجة إليه فالأشخاص من حولها كثر ، ولكن ياماتو كان بحاجة إلى من يواسيه ويشاطره ألمه لذا رمى بكرهه بعيدا ووقف بجواره فكان له الصديق الحقيقي والأخ المثالي ، مما جعل السيد كودو يطلب منه البقاء في منزلهم ريثما يتحسن وضع ابنه ..
وكطبيعة الحال لابد للحياة أن تستمر رغم كل شيء ، والأيام كانت كفيلة بأن تنسيهم حزنهم شيئا فشيئا وتجبرهم على مواصلة الطريق سواء أرادوا ذلك أو لا ، تجاوزوا الصدمة الواحد تلو الآخر عن طريق مساندة بعضهم البعض ..
رغم أنها كانت محنة صعبة إلا أن لها أثرا إيجابيا فقد جمعت السيد روك بوالدته من جديد وهاهم الآن يعيشون تحت سقف واحد مع زوجته وابنتيه ، وكراهية سوبارو لياماتو أو غيرته منه قد تلاشى أيضا حتى وأن السيد كودو بدأ يتقبل وجود سوبارو في منزله ويراه كإبن ثاني له ..
ياللغرابة !!
أكان يجب أن تموت روز لتُحل المشكلات فيما بينهم ؟؟
~ ياماتو ~
كنا في منزل السيدة موتسومي والمكان مكتظ بالناس من جميع الطبقات الإجتماعية ، فالجدة ووالدي سمحا لنا بدعوة من نشاء هذا اليوم بما أن الحفل مقام على شرفنا نحن الثلاثة أنا وسوبارو وجوليا ..
كان سوبارو محط أنظار الجميع ليس بسبب الضمادات وحدها بل بسبب أنه أخي الذي ظهر فجأة بعد أن أعلن أبي عن هذا ..
كانت الأسئلة تنهال علينا دون توقف كيف ولماذا وما السبب .. إلخ ، فالجميع كانوا يظنون أن والدتي قد توفيت بعد ولادتي مباشرة , ولكن اتضح لهم أن والدي قد زيف موتها لأسباب خاصة لم يفصح عنها ولم أرغب أنا بذلك حتى لا تُشوه صورة أمي أمام الجميع ..
بينما كنت وسط جموع من الأشخاص اقترب سوبارو مني ثم قال هامسا : أنا سأغادر سئمت هذا الوضع ..
نظرت إليه بإستنكار : هل أنت جاد !! لا يمكنك أن تفعل ذلك ..
تجاهلني سوبارو وكان من الواضح أنه سيغادر الآن ، أمسكت بيده وقلت لمن حولي : أعذروني أريد أن أتحدث مع أخي على انفراد ..
جذبته من يده بعيدا عن الحضور ثم قلت بإنزعاج : ماذا تعني بأنك ستغادر الآن ؟؟ توقف عن التصرف بهذه الطريقة الغبية ..
عقد ساعديه على صدره متمتما بهدوء : خطأ من هذا برأيك ؟؟ جعلي محور حديث الجميع ألست أنت ووالدك السبب ، لتتحمل النتيجة إذا ، لم أطلب منكما أن تخبرا العالم كله عن كوني أخاك ..
أظهرت إبتسامة طفيفة : لكنني سعيد لأنك أخي لذا أردت من الجميع أن يعرفوا بذلك ..
رمقني بنظرة حادة : لا تظن أنك ستؤثر علي بكلماتك المنمقة هذه ، على أي حال إما أن تتصرف مع هؤلاء الفضوليين وإما أنني سأغادر ..
كنت سأرد عليه لولا أن صوت جوليا قاطعنا : هذا ليس عدلا مطلقا تتهربان من الحفل وحدكما وتتركانني خلفكما !! هذه خيانة ..
إلتفت إليها لأجدها تسير بإتجاهنا بالفستانها الذهبي المنسدل على جسدها الهزيل بنعومة وبجوارها جودي التي قالت : كيف لضيفا الشرف أن يتركا الحضور هكذا ؟؟ أنتم يا رفاق سيئون حقا ..
قلت بسرعة : ليس الأمر كذلك نحن لا نتهرب أو شيء من هذا القبيل ، أردت التحدث إلى سوبارو قليلا وهذا كل شيء ..
تحدث سوبارو : على أي حال لدي سؤال لك يا جوليا ..
ـ وما هو ؟؟؟
ـ من الأكبر الآن أنت أم جودي ؟؟
كتمت ضحكتي حين علمت ما يجول في خاطره بينما رفعت جوليا حاجبها الأيمن بإستنكار : وهل تشك في أنني الأخت الكبرى أم ماذا ؟؟
ـ إن أردت الحقيقة فجودي تبدو أكثر نضجا منك رغم أنك متأنقة إلا أنني لا أستطيع سوى أن أراك كطالبة في الإبتدائية ..
ابتسمت جوليا حين بشكل غريب ثم نظرت إلى حذائها الذهبي ذو الكعب المتوسط وقالت بتحذير : لتعلم يا سوبارو أن هذا النوع من الأحذية بإمكانها إحداث حفرة في قدمك ..
تراجع إلى الوراء قليلا متظاهرا بالخوف : أعتذر أعتذر كنت أمزح معك وحسب ، في الواقع أنت تبدين كطالبة في السنة الأولى من الإعدادية فقط ..
زفرت جوليا بإنزعاج بينما تدخلت جودي وهي تقول موبخة : ألن تكف عن تصرفاتك الطفولية هذه يا سوبارو ؟؟ لم تحب إزعاج الآخرين كثيرا ؟؟ أتجد المتعة في رؤية الآخرين غاضبين أم ماذا ؟؟
أجاب ببرود : نعم أنا أستمتع بإستفزاز الآخرين أهذه مشكلة ؟؟
لم أكن مركزا على شجارهما بل كنت أحدق في جودي التي بدت كروز تماما في هذا الوقت ، بل هي مثلها في معظم الأوقات ، دفاعها عن جوليا هكذا أعاد لي تلك الذكرى حين كنت أزعج جوليا فتأتي روز للدفاع عنها عندما كنا في السنة الثانية ..
أحسست بالحنين إليها وقد تصاعد غضبي تجاه ساي من جديد ، شددت على قبضتي بعجز ، بسبب ذلك الحقير توفيت روز وسببت فجوة كبيرة في حياة الجميع ..
ـ ياماتو مابك لم تجهم وجهك فجأة ؟؟
قطع صوت جودي المتسائل سلسلة أفكاري ، لأجيب بهدوء : لا شيء لا تشغلي بالك ..
تمتمت بهدوء : يمكنني التخمين ، أظن أنها روز مجددا صحيح ؟؟
أشحت بوجهي دون أن أستطيع الرد لتغادر المكان بصمت دون أن تنتظر جوابا مني ، نظرت إلى جوليا بتردد لأجدها تحملق فيني بحدة كما توقعت ..
همست معتذرا : أنا آسف يا جوليا ..
ـ لست أنا من يجب أن تعتذر إليها بل جودي ، وبالمناسبة أنا بحاجة إلى الحديث معك على انفراد ، حدد يوما تكون فيه متفرغا وأخبرني به لاحقا ..
أنهت عبارتها وغادرت المكان كما فعلت أختها الصغرى ، بينما نطق سوبارو متسائلا : لماذا تريد التحدث إليك على انفراد برأيك ؟؟
ـ لا أعلم ، لنعد الآن ..
عدت إلى حيث الجميع يتسامرون وقد فقدت الرغبة في الحديث مع أحد ، أحسست بيد أحدهم توضع على كتفي وحين التفت توسعت حدقتا عيني بتفاجؤ ودهشة فأنا لم أتوقع حضوره مطلقا ..
أتاني صوته الأجش : مابك تحدق بي هكذا ؟؟ أوجودي ليس مرحب به هنا أم ماذا ؟؟ رغم أنك من دعوتني أيها السيد الصغير ..
قلت بإندفاع : لا الأمر ليس كذلك مطلقا بل على العكس أنا سعيد لحضورك ، ظننت أنك لن تلبي الدعوة فقد بدوت غير مهتم مطلقا ..
ـ كنت ولازلت كذلك ولكن شينا من أصرت علي بالذهاب لمرافقتها وأنت تعلم كيف أنها لحوحة بشكل مزعج ..
ضربت شينا التي كانت بجواره معدته بمرفقها : كف عن الكذب أيها الغبي ، لا مشكلة لدي في أن تتصنع اللامبالاة تجاه ياماتو ولكن ليس على حساب سمعتي ..
ثم نظرت بإتجاهي وقالت : لا تصدق ما قاله هذا الوغد ، لقد كان متلهفا حقا لحضور هذا الحفل ..
ابتسمت بحبور ليقول آلبرت بسرعة : أنا لم أكن كذلك أيتها المخادعة ..
ـ بل كنت كذلك ، على أي حال أين جوليا لم أرها حتى الآن ؟؟
انتابني القلق حين سألت عن جوليا ، يبدو أن شينا لم تنسى حقدها تجاهها بعد وقد تكون مصرة على الإنتقام حتى الآن ، تحرك يدي من تلقاء نفسه ممسكا بكتف شينا ثم تحدثت بصوت يشوبه القلق والتوتر : شينا أرجوك دعي جوليا وشأنها أنا مستعد للقيام بأي شيء تريدينه ، المهم أن تسامحيها فقد عانت بما فيه الكفاية ، أرجوك لا ........
قاطعني آلبرت حينها بهدوء : لا تقلق أيها السيد الصغير شينا لن تضر جوليا كما تظن صحيح ؟؟
نظر إلى شينا لتومئ رأسها بإيجابية ، لأتنهد الصعداء وأقول بعدها : إذا لم تريدين رؤيتها ؟؟
ـ هناك شيء أريد قوله لها ..
لازلت لا أشعر بالراحة رغم أن آلبرت قد طمأنني بكلامه ، إلا أنني لازلت أتذكر كيف كانت شينا حاقدة على جوليا وكيف كانت تحاول إيذاها في السابق ولا يمكنني أن أثق بها ..
لمحت جوليا من بعيد وهي تتحدث مع لوريوس وبعض من زملائنا في المدرسة ، ترددت قليلا في إختيار القرار المناسب ، هل أدعهما يتقابلان الآن ؟؟ أم يجدر بي إبعاد شينا عن مكان جوليا وأحاول أن أجنبهما الإلتقاء ، أنا لا أعلم حقا ..
زاد معدل توتري حين رأيت جوليا تترك من كانت معهم وتأتي بإتجاهنا ، أمسكت بيد شينا وأنا أقول بتلعثم : تعالي معي ربما تكون جوليا هناك ..
كنت أتعمد الإبتعاد قدر الإمكان عن جوليا وأحاول أن أخبئ شينا وسط الحضور فأنا واثق من أن جوليا لقد لاحظت وجودها ، تلك الفتاة مجنونة دائما تسير نحو الخطر بقدميها ، وهذه هي مشكلتها ..
ظهرت جودي أمامي فجأة وهي ترمقني بنظرات نارية ، حاولت أن أتجاوزها ولكنها منعتني من ذلك ولازالت تلك النظرة في عينيها، لم أفهم ما تريده بالضبط ولم يكن لدي الوقت الكافي لأفكر ..
ـ جودي أرجوك ابتعدي عني قليلا أنا مستعجل ..
قلت هذا وأنا لازلت أحاول المرور ولكنها في كل مرة تسد طريقي ، بدأت أشعر بالانزعاج حينها ..
شعرت بأحدهم يضربني على يدي ، إلتفت إلى الوراء لأجد آلبرت يقول : إلى متى ستظل متشبثا بيدها ؟؟
نظرت إلى يدي الممسكة بمعصم شينا وحينها تركتها بسرعة وقد ادركت سبب غضب جودي ، قلت بتوتر : آسف لم أنتبه لذلك ..
عدت أنظر إلى جودي لألاحظ أنها قد ذهبت منذ برهة ، جفلت قليلا حين سمعت صوت جوليا وهي تقول : مرحبا بك يا شينا لم أتوقع رؤيتك اليوم ..
بلعت ريقي بتوتر وأخذت أتأمل ملامح شينا الذي كان جامدا ولا يمكن التنبؤ بما ستفعله ، بينما جوليا ترسم تلك الإبتسامة الهادئة على وجهها ..
تحدثت شينا أخيرا : لنذهب إلى الخارج ..
غادرت الإثنتان المكان وأنا أشعر بالحرارة رغم برودة الأجواء ، نظر إلي آلبرت من طرف عينه : أتريد أن نلاحقهما ؟؟
ـ هل لابأس بذلك ؟؟
ـ لا بأس هيا تعال ..
تبعناهما إلى الخارج ثم اختارا الجلوس بجوار بركة السباحة الموجودة في الخارج ، جلستا على إحدى المقاعد الموجودة وأنا وآلبرت إختبأنا على مقربة منهم لنستمع إلى ما سيقولانه ..
بدأت جوليا بالحديث أولا : أنا سعيدة لأن العملية كانت ناجحة وقد تعافيت بالكامل ..
ردت شينا بهدوء غريب : ألست متأخرة كثيرا ؟؟ أعني أنني عدت من الخارج منذ عدة شهور ..
ـ آسفة لم أستطع إستقبالك آن ذاك ، كانت لدي ظروف قاهرة منعتني من الذهاب ..
ـ أنت تقصدين وفاة صديقتك المقربة صحيح ؟؟
صمتت جوليا قليلا قبل أن تقول بصوت مختنق : نعم كان خبر وفاة صديقتي صدمة كبيرة لي خصوصا وأنها ماتت مقتولة ..
قالت شينا وهي تنظر إليها : عندما عدت من رحلة العلاج كنت أنوي لقاءك مباشرة لآخذ بثأر أخي ، ولكنك لم تأتي إلى المطار ظننت في البداية أنك هربت لأنك خائفة وقد تراجعت عن قرارك ، غضبت كثيرا في ذلك الوقت وزاد كراهيتي لك أضعافا مضاعفة ، مرت أيام وأنا أنتظر منك القدوم فأنت وعدتني بأن تأتي إلي بنفسك ولكن انتظاري قد طال كثيرا ، أتاني آلبرت بعد عدة أيام وكانت في يده صحيفة قديمة وأراد مني قراءة إحدى المقالات التي تصدرت الصفحة الأولى ، عندما قرأت تفاجأت كثيرا حين علمت بهروب ساي من المشفى وموته بعد ذلك ، وقد ذكر أيضا خبر وفاة صديقتك والتي اتضح فيما بعد أنها جريمة خطط ساي لها أنا كنت مذهولة حقا حينها فلم أستطع التصديق أنه وحتى بعد وفاته استطاع أن يحقق إنتقامه منكم ..
خيم الصمت على المكان مجددا لدقائق ولا يسمع فيها أي شيء سوى صوت أنفاسهما المرتفعة ، ثم عادت شينا لكسر هذا الصمت : بدأت أفكر في ذلك الوقت فيما إن كان يجب أن أتركك وشأنك أم لا ، ولم أستطع أن أرسو على قرار ، فتارة أقول في نفسي أنت لست سوى ضحية من ضحايا ساي ولكن أحيانا أقول بأنك السبب الرئيسي في موت أخي ولا يجب أن أتعاطف معك بمجرد أن توفيت صديقتك ، لم أكن أستطيع إتخاذ القرار لوحدي فذهبت لأتحدث مع صديق أخي وقال لي حينها " لا أعلم لماذا تكرهين جوليا رغم أنني أشعر بالإمتنان لها ، لقد كان كيتورا يعمل في منظمة يترأسها شخص متبلد الإحساس وكانوا يقدمون على فعل الجرائم بدم بارد دون أي ندم أو رحمة ، بمعنى أن هؤلاء المجرمين تجردوا من الإنسانية بالكامل ولكن محاولة كيتورا لإنقاذ جوليا يعد دليلا على أنه قد أفاق أخيرا من غيبوبته وبدأ يدرك الخطأ الذي يقوم به ، وأنا سعيد لأنه قد توفي في محاولة لإنقاذ الرهينتين فلو لم يمت لكان الآن مع بقية المجرمين في السجن إلى الأبد ، فكري قليلا وحكمي عقلك أيهما أفضل موت كيتورا في سبيل مساعدة الآخرين أم يعيش حياته وقد حكم عليه بالسجن المؤبد بسبب جرائمه ؟؟
" لقد كان لكلماته الأثر كبير في نفسي ، فأنا بالتأكيد سأكون أكثر حزنا إن قضى بقية حياته في السجن لذا فالموت كان أفضل له ..
صاحت جوليا حينها بإنفعال : أتعنين أنك قد سامحتني ؟؟
ردت شينا بتعجب : ليس تماما ولكن لم تعد لدي نية في التسبب لك بأي ضرر ..
ـ أنا لن أرضى بهذا ، إن كنت سببا في موت كيتورا فأنت يجب أن تثأري له ، أرجوك يا شينا لا تتركيني وشأني ، اضربيني اجرحيني ولكن لا تقولي أنك ستدعينني ..
أنا كنت متفاجئا من موقف جوليا ولست أنا الوحيد الذي كنت هكذا فحتى آلبرت قال وهو يشعر بالغرابة : مابها صديقتك أهي مجنونة أم ماذا ؟؟
حتى أنا لا أمتلك جوابا لسؤاله ، بقيت أنظر إليهم منتظرا ما ستقوله شينا ، رفعت يدها اليمنى ثم ضربت بها جبين جوليا بخفة وقالت بعدها بهدوء : أظن أن هذا كافي ..
جثت جوليا على ركبتيها وهي تقول بضعف : لماذا ؟؟ لماذا يا شينا ؟؟ ظننت أنك ستنهين حياتي ولكن لماذا لم يحصل هذا ؟؟
لم أستطع البقاء مختبئا أكثر توجهت إليهم وأنا أقول بغضب : أتريدين الموت إلى هذه الدرجة أيتها المجنونة ؟؟
رفعت رأسها وهي تنظر إلي بعينين ذابلتين : لم يجب على روز أن تموت وحدها ؟؟
شددت على قبضتي بغيظ : لأن هذا ما قُدر لها ، لا تربطي حياتك بها ، وفاتها لا يعني أنه يجب عليك اللحاق بها ، طريقتك في التفكير لا تعجبني البتة ، دائما تحملين نفسك مسؤوليات فوق طاقتك ، لازلت لا أفهم لمااذا تعتقدين بأنه أنت من عليك أن تموتي عوضا عن روز ؟؟
ـ أتقول لماذا ؟؟ لأنني ببساطة كنت بين يديه لأيام وعندما حان الوقت الذي سيتخلصون فيه مني تم إنقاذنا ، على عكس روز الذي أمسك بها لعدة ساعات فقط ولكن رغم هذا لماذا نجح في قتلها ؟؟ هذا ليس عدلا مطلقا ..
لم يعد لدي طاقة كافية لأتحدث عن هذا بعد الآن ، لأنني إن حاولت النطق بكلمة أخرى فأنا سأعود للبكاء كالأطفال مجددا وأنا لا أريد لهذا أن يحصل لأنه كان من الواضح أن جوليا هي الأخرى تحاول جادة ألا تبكي ..
أسعفني صوت سوبارو الذي قال بنبرته التي تمتاز بالسخرية : لم صاحبة المركز الثاني تسأل عن شيء غبي كهذا لصاحب المركز السادس ؟؟ ..
إلتفت الجميع إليه فإذا به يتقدم بخطوات متزنة بإتجاهنا وقد تابع كلامه لكن هذه المرة بجدية : لماذا تسألين عن أمور قد انتهت ؟؟ مضى على موت روز سنة وأكثر لذا كفي عن تقليب صفحات الماضي أنت بهذا تفتحين جراحك ومن حولك ، تظنين نفسك مراعية لمشاعر الآخرين وأنت تتصرفين الآن على عكس ذلك ..
أشارت إلى نفسها متمتمة بإستنكار غاضب : متى قلت ذلك يا سوبارو ؟؟ لا أذكر أنني تفوهت بهذا يوما لذا كف عن الكذب ، أنا أعلم أنني لست مراعية لمن حولي وأنني أتسبب دائما بالكوارث لمن حولي أنا أعرف هذا ولست بحاجة لأن تخبرني بذلك فأبي قد سبقك بهذا ..
ظهر السيد روك هذه المرة وهو يقول : إن كنت تعلمين بذلك إذا لم لا تغيري من نفسك ؟؟ موتك لا يعني انتهاء المآسي التي ستحدثينها بل هي بداية لمآسي جديدة أليس هذا ما قلته من قبل ؟؟ ..
مرت فترة صمت أخذت جوليا تفكر فيها بكل ما قلناه ، لتعود شينا للحديث مجددا : جوليا أخي قد ضحى بحياته من أجلك لذا لا تدعي تضحيته تذهب هباء ، عيشي حياتك حتى آخر لحظة ، لا أصدق أنك تفكرين بالموت وحولك كل هؤلاء الأشخاص الرائعين ، لو كانت حياتي مثلك لحاولت التشبث بالحياة قدر إستطاعتي ..
لمحت شبح إبتسامة رُسمت على وجه جوليا ، لكنني لا أعلم المغزى منها بالتحديد ، أهي سخرية أم شيء آخر ؟؟ لا أستطيع فهمها حقا ..
نظرت إلى وجوه الجميع وعيناها ممتلئتين بالدموع التي رفضت النزول ، ثم نطقت بصوت متحشرج : لا أعلم إن كان يجب أن أشكركم أم لا ، أنتم تجبرونني على التراجع في قراري الذي اتخذته منذ مدة ، لو كنت أعلم أنك ستغيرين رأيك يا شينا كنت لألقيت بنفسي من مكان مرتفع ..
شهقت بتفاجؤ بينما تابعت حديثها وقد عادت لرسم تلك الإبتسامة الحزينة على وجهها : ولكن الآن لا أمتلك الجرأة لفعل هذا ولكن ربما أفكر بهذا لاحقا من يعلم ..
قلت بهدوء : سوء أكان اليوم أو غد أم لاحقا نحن سنمنعك من ذلك كما فعلنا اليوم ..
لم تعلق على ما قلته في حين قال والدها بمرح : هيا لنعد إلى الداخل فقد تغضب أمي إن بقينا هنا أكثر ..
تحرك الجميع عائدين وقد تغير مزاج الجميع بالكامل ، رغم أن الهدف من هذا الحفل هو إعادة البهجة للجميع وبالتحديد جوليا إلا أن الأمر لم ينجح ، الجريمة الأخيرة التي خطط لها ساي كان له أثر عميـــــق في نفوسنا ، وأنا واثق من أن ساي قد أراد لهذا أن يحصل ، اللعنة عليه لازال يزعجنا حتى بعد موته ..
عدنا إلى الداخل وبالمصادفة رأيت السيد كازوما مع أبناءه وبجواره سيدة تبدو في منتصف الثلاثين ، قلت لجوليا وأنا أشير إلى السيدة : جوليا أنظري هناك تلك هي زوجة السيد كازوما الجديدة هل قمت بتحيتها ؟؟
ـ إذا تلك هي ، لقد أردت رؤيتها كثيرا تعال معي يا ياماتو ..
ذهبنا بإتجاههم بخطوات سريعة ثم بدأت بالحديث إلى تلك السيدة ببشاشة : إن لم أكن مخطئة فأنت هي زوجة السيد كازوما صحيح ؟؟ أعتذر لأنني لم أحضر زفافكما ..
بادلتها السيدة كيميكو الإبتسامة : نعم أنا هي ، لا مشكلة يا عزيزتي فأنا أقدر ظروفك ، وأنا من يجب أن أعتذر لأني لم أعرفك عن نفسي جيدا عندما ألقيت التحية عليك أول مرة ..
ـ لا بأس هذا خطئي لأني أصافح الجميع دون أن أعرف من يكونوا ..
رمقتها بنظرة متعجبة : أليس هذا وقاحة منك ؟؟ أعني أنه يجب عليك أن تتعرفي على الجميع لا أن تحيينهم من دون أن تعرفي هويتهم ..
أشارت بلا مبالاة : حسنا حسنا سأحاول أن أكون لبقة مثلك لاحقا ..
ثم أردفت بتساؤل وهي تتلفت يمنة ويسرة : بالمناسبة أين كيم وكين ؟؟
شهقت السيدة كيميكو عاليا : يا إلهي لقد اختفيا مجددا ، أعذروني سأذهب للبحث عنهم ..
غادرت بعدها وعيون الجميع تلاحقها وبعد اختفائها تمتمت جوليا بدفئ للسيد كازوما : تبدو سيدة لطيفة ، أرى بأنك أحسنت الإختيار ..
ـ في الواقع كنت خائفا من فكرة الزواج من إمرأة أخرى بعد زوجتي الراحلة ، ولكن سيدة مسنة تعيش بجوار منزلي عرفتني عليها ومع مرور الأيام أدركت أنها المرأة التي أبحث عنها لذا تزوجتها ولست نادما على اختياري هذا ..
ثم صمت لبرهة قبل أن يقول بصوت متلاعب : لو لم ألتقي بها لكنت ربما قد تقدمت لخطبتك يا جوليا بما أنك جيدة في التعامل مع الأطفال .
أمالت شفتها بسخرية : وهل تظنني كنت سأوافق على رجل بعمر جدي ؟؟
ـ ليكن في علمك أنني أصغر من والدك ..
استمرا قليلا في الحديث وكالعادة عندما يكون السيد كازوما متواجدا فهو يجبرك على الابتسام حتى لو لم تكن في مزاج جيد لهذا ..
أخبرت ياماتو برغبتي في الحديث معه على انفراد في الحفل الذي أقمناه قبل عدة أيام ، وللتو وصلتني رسالة منه يدعوني فيها للمجيء إلى منزله ، جلسنا نحن الإثنين في المجلس وحدنا بعد أن أغلقنا الباب لنمنع دخول أي متطفلين ..
في البداية كنا نتحدث عن مواضيع عامة ولكن أظن أنه قد حان الوقت لأفتتح الموضوع الذي أتيت من أجله ، تنحنحت قليلا قبل أن أقول بهدوء : ياماتو أخبرني من دون مراوغة لماذا تقدمت لخطبة جودي رغم أنك تحب روز ؟؟ ألانها تشبه روز في الطباع أم لسبب آخر ؟؟
أسند ظهره إلى الوراء وهو يبتسم بخفة وكأنه كان يدرك أنني سأسأله عن هذا ، أخذ نفسا عمييقا قبل أن يجيب : أنا لن أحاول إخفاء أي شيء عنك ، بعد وفاة روز كنت غاضبا من أبي وبشدة لأنه منعني من الإرتباط بها لأنها لم تكن من طبقتنا الاجتماعية وعوضا عن ذلك أراد تزويجي منك كما تعلمين ، بعد أشهر من ذلك أتاني نادما وهو يعتذر بعد أن أدرك خطأه ووعدني بأنه لن يجبرني على أي شيء بعد الآن وأنني حر في اتخاذ قراراتي ، كنت أريد أن أختبر صدقه في ذلك الوقت ولذا قلت بتهور أثبت أنك صادق في كلامك واذهب إلى السيدة موتسومي وأخبرها أنني لا أريد حفيدتها جوليا ولكن عوضا عن ذلك أرغب في أختها الصغرى جودي ، لا أعلم أين كان عقلي آن ذاك ، لقد أعماني الغضب ولم أفكر في كيف ستؤول الأمور بعد ذلك ، ولكن بعد ذلك بأسبوع أتاني والدي وأخبرني بموافقة جدتك ، شعرت وكأن أحدهم قد سكب ماء باردا على رأسي ، لم أظن أن أبي سيقوم بما أمرته به ، أعني أنه من الحقارة أن تفصل خطوبتك من أحدهم لترتبط بأختها الصغرى ، كنت سأقول بأنني لم أكن جادا فيما قلته ولكن كان الأوان قد فات فليست جدتك وحدها من كانت تعلم بل والديك وجودي أيضا ومن الغريب أنهم قد وافقو جميعهم ، لذا لم يكن هناك مجال للتراجع ..
رفعت حاجبي بتعجب : إذا ماحصل كان بسبب لحظة غضب هذا جنوني حقا ..
تدارك مسرعا : لكنني لست آسفا على هذا مطلقا ، إن كان هناك شيء أنا نادم بشأنه هو أنني قد جرحتك يا جوليا حين رفضتك ، أعتذر بشأن هذا حقا ..
ـ كنت أعلم منذ البداية أنني أنا وأنت لن نكون لبعضينا مطلقا ، فلست الوحيدة التي رُفضت بل أنا من قمت برفضك أيضا نحن متعادلان في هذا ، اسمعني رغم أن جودي قد لا تبدو ضعيفة إلا أنها هشة من الداخل وإن أدركت أنك تقدمت لخطبتها لأنك أردت إختبار والدك وحسب هي ستكون محطمة جدا ، لذا أمامك خياران الآن ، إما أن تعدني بأنك ستسعد أختي حتى الموت وإما أن تنفصلا إن ظننت أنك لست قادرا على نسيان روز ولا تستطيع التفرقة بين روز وجودي ..
كنت أحدق فيه عن كثب ، كان متفاجئا من الخيار الثاني و بدا عليه التوتر حتى أن جبينه بدأ يتصبب عرقا ، كان يحاول أن يهرب من نظراتي التي تكاد تلتهمه ولكني لم أبعد عيني عنه ولو للحظة ، خلخل أصابعه في خصلات شعره قائلا : ألست تقولين أن جودي هشة من الداخل ؟؟ إذا لم تردين أن أنفصل عنها رغم أنك تدركين أن هذا قد يؤذيها ؟؟
عقدت ساعدي على صدري : لا تتهرب من الإختيار بطرح سؤال آخر ، اختر بسرعة ماتود فعله ..
ـ لـ..ـكـ.ـن...
قاطعته بحزم : من دون لكن ، إما أن تختار أو أختار أنا ..
نهض من مكانه بإنفعال : لا تسألي عن شيء واضح كهذا ، أنا بالتأكيد لن أؤذيها وسأعزها حتى الموت ، طالما كانت معي فأنا سأسعدها حتى النهاية هذا بالطبع ما سأختاره ..
ألقى بنفسه على الأريكة لاهثا ، بينما ارتسمت ابتسامة على شفتي ، لم أكن أتوقع جوابا آخرا منه ، وضعت يدي على وجنتي قائلة بمرح : كنت أعلم ذلك لكنني أردت سماع هذا منك مباشرة ، أتعلم لو لم تكن ياماتو لكنت رفضت أن تبقى مع جودي ، ولكن ولأنك صديقي فأنا موقنة بأنك الشاب المناسب لأختي ، لن أجبرك على نسيان روز فالأمر ليس بيدك ولكن حتى لو لم يزل حبك لها فأنا أثق أنك ستسعد جودي بالتأكيد ، وأنا أتمنى أن تُسعدك جودي أيضا فكلاكما مهمان عندي ..
زفر بإرتياح : لقد أرعبتني حقا قبل دقائق ، على أي حال دعيني أسألك شيئا ، لماذا لم تتحدثي بشأن هذا إلا الآن ؟؟
حركت يدي بلامبالاة: ببساطة لأنني لم أتذكر إلا الآن ..
ـ إذا أهذا كل شيء ؟؟
ـ نعم هذا كل شيء ، أتريد المزيد أم ماذا ؟؟
بدأ يضحك بعد أن شعر بالراحة فالمسكين يبدو أنه كان متوترا منذ مدة وظن أن الأمر أكبر من هذا ، إنه ياماتو الذي أعرفه لست بحاجة إلى توصيته بأي شيء فهو يعرف ما يجب أن يقوم به دون أن يُخبره أحد بذلك ..
ـ يا للملل ظننت أن نقاشا هاما سيدور هنا ، لو كنت أعلم أن هذا هو كل ما أردت قوله لم أكن لأتعب نفسي في الإختباء ..
.
.
خرجت من خلف الستائر المخملية بملل لأجلس على أقرب أريكة أمامي ، فيما قال ياماتو موبخا : أكنت تتجسس علينا يا سوبارو ؟؟ هذا عمل سيء إياك وتكراره مجددا ..
نظرت إليه بإستصغار ، هذا الوغد يتصرف كما لو أنني طفل ، تمتمت بغيظ : ياماتو كف عن معاملتي كطفل وإلا كسرت أسنانك ..
حينها أطلقت جوليا ضحكة قصيرة أتبعتها بقولها : ياماتو يتصرف هكذا لأنك أخاه الصغير ، لذا لا داعي للغضب ..
ـ أنا أصغره بعام واحد فقط لذا ليس هناك فرق كبير في العمر ..
قال ياماتو : حتى لو كنت تصغرني بدقيقة ستظل أخي الصغير فكيف بسنة !!
غيرت دفة الحديث : صحيح يا جوليا هل صحيح ما سمعته حول رغبتك في السفر إلى الخارج من أجل إكمال دراستك الجامعية ؟؟
قالت بتعجب : كيف علمت بذلك ؟؟
- سمعت والدك وجدتك يتحدثان بشأن هذا عن غير قصد في يوم الحفل ..
ضيقت بصرها بشك : أقلت من غير قصد ؟؟ لا أستطيع أن أصدق هذا من شخص كان يتجسس علينا للتو ..
تمتمت ببرود متجاهلا حديثها السابق : إذا ستسافرين صحيح ؟؟
- نعم رغم أنني لم أكن لأخطط لهذا سابقاً لكن بعد كل الذي حصل أظن أنني بحاجة إلى مغادرة اليابان لفترة ..
ثم استأنفت قائلة : على أي حال لدي شيء أسألك عنه أيضا يا سوبارو ، ماهي العلاقة التي كانت تربطك بساي ؟؟ ماذا فعلت له ليبغضك ؟؟
أوشكت على الإجابة لكنها قاطعتني حين قالت : لن أقبل بإجابة كلا شأن لك بذلك أو هذا ليس مهما بعد الآن وما شابهها من الأجوبة ، أظن أنه لا يحق لك إخفاء شيء مهم كهذا بعد أن خضنا العديد من التجارب القاسية والتي كنت سببا رئيسيا فيه ..
عدت لأطبق شفتاي ببعضهما ، في الواقع كان مثل هذه الأجوبة على طرف لساني ولكن بعد ما قالته سحبت كلامي ..
كانا يحدقان في وجهي بترقب فما كان مني إلا أن أقول بإستسلام : ساي كان يعيش بجوار منزلنا قبل سنوات ، وكان معه راي ووالده بالإضافة إلى فتاة تُدعى نانا تكبرني بعامين وهي قريبتهم الوحيدة وقد اضطرت للعيش معهم بعد وفاة والديها ، طباعهم لم تكن بأفضل من الآن ، فقد كانوا يعاملون نانا بقسوة ووحشية ودائماً ماكان جسدها مليء بالكدمات حرموها من التعليم وتكوين الصداقات وحتى الخروج من المنزل ، كانت عبئاً ثقيلاً عليهم لكونها ضريرة وللسبب نفسه كانت عاجزة عن القيام بأي شيء حيال تعاملهم البشع معها ، كان منزلنا ملاصقا لمنزلهم لذا أصوات صرخاتهم الغاضبة عليها تصلني دائماً بوضوح ، قررت حينها مساعدتها فأنا لم أستطع أن أقف مكتوف الأيدي وقد كنت في السابق طفلاً مشاكساً ودائماً أرد الصاع صاعين وآخذ بثأر نانا ورغم أنها طُرق طفولية إلا أنها كانت كفيلة لإثارة غضبهم وإرضاء تلك الفتاة ، كما أنني كنت أتسلل إلى منزلهم دائماً خلسة لمقابلتها دون علم من أحد ، ولكن في إحدى المرات وبينما أنا كنت في منزلهم سمعت صوت والدهم مع رجل آخر ويبدو أنهما كانا يتحدثان عن موضوع مهم ولأنني كنت فضولياً تنصت عليهما ولكن سرعان ما تحول حديثهما إلى عراك أدى بموت الرجل على يد والد ساي ، لذا أسرعت بالإتصال بالشرطة وقد أتت مسرعة قبل أن يتمكن من إخفاء جريمته وهكذا تم إلقاؤه في السجن وكان السبب في قتله لذلك الرجل هو أن الآخر قد اكتشف حقيقة أنه كان يبيع الممنوعات وهو من ضمن عصابة قامت بالكثير من عمليات السطو والسرقة ، ولأنه لا يوجد دليل يثبت أن ساي وراي كانا متعاونين معه فقد تم إخلاء سبيلهما بعد أن سلبوا جميع أموالهم لأنها لم تكن ملكاً لهم منذ البداية وهذا كل شيء ..
لأكون صريحاً لقد تغاضيت عن الكثير من التفاصيل مثل أنهما قد قتلا نانا للاستيلاء على ثروتها بعد أن فقدوا جميع ممتلكاتهم وجعلا الأمر وكأنها قضية انتحار ولاذا بالفرار ، لم أكن أمتلك دليلاً قاطعاً لذا إلتزمت الصمت رغم أنني كنت أحترق من الداخل ، وكيف أن مقالبي التي كنت أخطط لها من العيار الثقيل مما ولد في داخل ساي وراي كراهية كبيرة تجاهي ، وأحياناً قد يصل مقالبي إلى محاولة قتل ولكن الأمور تمر على ما يرام بالمصادفة ..
- إذاً أنت معتاد على إختلاس النظر والتجسس على الآخرين منذ الصغر ..
هذا ما علقت به جوليا بعد أن انتهيت لأتمتم بإنزعاج : أهذا كل ما استفدته من القصة ؟؟
نطق ياماتو بهدوء : لكنني لا أجد هذا مبرراً كافياً ليجعل ساي يُقدم على كل ما قام به ..
- برأيي هو رجل مجنون لم يتغير عن الماضي ولو قليلاً كان يُعذب نانا بإستمتاع كما فعل بك يا جوليا وبنا جميعاً ، منذ البداية كان يجب أن أدرك بأنه بحاجة إلى طبيب نفسي قبل أن يتمادى بجنونه ولكن للأسف حصل ما حصل ..
رغم أنه مبررات ساي كانت غبية وتافهة إلا أنه قد سلب حياة صديقتنا وعرضنا للعديد من المشكلات ، الأمر مغضب للغاية عند الحديث بهذا الشأن ، لذا وجدت أنه من الأفضل لو أُقفل هذا الموضوع بشكل نهائي ..
نطق ياماتو وكانه قرأ ما يدور في داخلي :سوبارو مارأيك بجوليا ؟؟ وأنت يا جوليا ما رأيك بسوبارو ؟؟
رفعت حاجبي بتعجب : لم هذا السؤال فجأة ؟؟
أجاب ضاحكاً : كنت أرغب بسؤال هذا منذ مدة ولكن لم تسمح لي الفرصة ..
قلت بتفكير : قلت ما رأيي بجوليا ؟؟؟ هذا سهل هي فتاة مزعجة وحسب رغم كونها فتاة إلا أنني أجد تصرفاتها أقرب لفتى مراهق وفقط ، أوه صحيح كدت أنسى أن أقول بأنها مستفزة من الدرجة الأولى ..
تمتمت ببرود : لست مستفزة سيد مستفز أنا فقط أعاملك بالطريقة ذاتها التي تعامل فيها الآخرين ..
أوشكت على الرد عليها لكن وسادة تطايرت في الهواء أصابت وجهي ، نظرت إلى ياماتو بغيظ : أتريد الشجار أم ماذا ؟؟
قال بلا مبالاة : هذا لأنك تكذب يا سوبارو ، أخبرني بصدق هل تستطيع رؤية جوليا كمرشحة مناسبة لتكون شريكتك في المستقبل ..
سعلت أنا وجوليا في آن واحد بحرج ، ما قصة ياماتو هذا !! يطرح أسئلة محرجة كهذه ؟؟
قلت بنبرة خشنة : بالتأكيد هذا غير وارد نعم مستحيل ..
إلتفت ياماتو إلى جوليا وقال : وأنت يا جوليا ؟؟
نظرت إليها وأنا واثق من أنها ستبدأ بذمي كما فعلت لذا أسندت يدي على خدي بتململ في حين قالت : سوبارو صديق ثمين بالنسبة لي وحتى أنت يا ياماتو أيضاً ، أنا شاكرة لكما جداً على كل ما قدمتماه من أجلي وأجل روز ، لقد أخبرتني كيف أنكما وقفتما بجوارها وساندتماها في محنتها خصوصاً أنت يا سوبارو لن أنسى لحظة وقوفك مع روز في الماضي عندما تم اتهامها بقتل والدتها وماركو ، أحياناً أتسائل في نفسي رغم أنكما لم تعرفانا إلا قبل فترة بسيطة كيف أمكنكما الوقوف بجوارنا وكأننا أصدقاء منذ زمن ، الأمر غريب حقاً ولكنه جيد بالتأكيد ..
تنحنح ياماتو ضاحكاً : ألم تنحرفي عن الموضوع الرئيسي قليلاً ؟؟
- كما قلت سوبارو صديقي وأنا أشعر بالإمتنان الشديد تجاهكما لذا شكراً لكما على كل شيء ، وبالنسبة للسؤال الآخر فصديق أعرفه حق المعرفة أفضل من رجل غريب ، سوبارو ليس مرشحاً سيئاً على ما أعتقد ..
أنهت عبارتها وهي ترمقني بنظرة جعلتني أجفل في مكاني ، شعرت بالدم يتدفق إلى وجهي ، منذ متى كانت جوليا تقوم بإطرائي بهذا الشكل أمامي مباشرةً ؟؟
و .... ماسر تلك النظرة التي رمقتني بها تلك الحمقاء !!
أشعر بالسعادة لأن وجهي مخفي وإلا لرأوني أتحول لكتلة من الحُمرة بسبب كلماتها الغبية ، نهضت من مكاني وأنا أقول محاولاً إخفاء حرجي خلف قناع الغضب : أعلم أنك تريدين مني أن أظهر بمظهر السيء الذي يُهين فتاة بينما الأخرى تقوم بإطرائه ، أنا أيضاً سأمتدحك أنت فتاة قوية وشجاعة وهذا ما يعجبني فيك رغم تهورك ، لم أكن أتخيل قط أنني سأُكون صداقة وطيدة مع فتاة ما لكن أنت بالفعل مختلفة عن الأخريات وأنا أعني هذا بشكل إيجابي ، أنت ثاني فتاة تلفت انتباهي بصدق ..
صدح المكان بأصوات ضحكات جوليا وياماتو المختلطة ، بينما تصاعد الدخان من رأسي بغضب ، أهناك ما يُضحك فيما قلته ؟؟
أطالا في الضحك وضقت ذرعاً ، هتفت بنبرة عالية : توقفا عن الضحك في الحال ، لا أذكر أنني ألقيت طرفة ما ..
إلتزما الصمت في ثوان حين أدركا كم أنني مغتاظ ، ليقول ياماتو بعد ذلك : آسف لن أُعيدها مجدداً ..
أخذت جوليا نفساً بعد أن أرهقها الضحك طويلاً : ألا تعتقد أنك قلت أكثر مما يجب ؟؟ سأعتبر كلامك هذا بمثابة إعتراف لكنني لن أجيب عليه إلا بعد أن أنهي دراستي لذا أظن أنك يجب أن تنتظر لعدة سنوات أخرى ..
نظرت إليها بإستنكار : إعتراف !!! لا تضحكيني ألست أنت من قال بأنني لست مرشحاً سيئاً ؟؟ إذا أنت تقبلين بي كزوج ويستحيل لأي فتاة أن تقبل بأحدهم إلا إن كانت تحبه ألست محقاً ؟؟ إذا أنت من اعترف لي أولاً ..
أدارت رأسها بإتجاه ياماتو وقالت ببراءة : هل قلت ذلك حقاً ؟؟ لا أتذكر شيئاً كهذا ..
ليهز الآخر رأسه نافياً قائلاً بغباء : وأنا لا أذكر أنني سمعتك تقولين ذلك ، أظن أنه قد أتى بهذا الكلام من خياله ، المسكين إنه غارق بحبك بشدة لدرجة أنه يتخيلك تقولين أشياء لم تقوليها ..
هذا الاثنان يتعمدان إحراجي ولكن هذا لن يحصل مطلقاً ، ألقيت بجسدي على الأريكة متظاهراً بالبرود : يبدو أنكما تعانيان من فقدان الذاكرة ، أنصحكما بزيارة الطبيب ..
قالت جوليا : أخبرني من الأولى التي لفتت إنتباهك بما أنني الثانية ؟؟
رفعت حاجبي بمكر : ماذا !! أتشعرين بالغيرة ؟؟
ليتدخل ياماتو ويقول : دعني أحزر أهي تلك الفتاة التي تدعى نانا ..
توسعت حدقتا عيني بدهشة كيف أصاب من المحاولة الأولى !! وكيف علم بذلك في الأصل ؟؟
قبل أن أتمكن من سؤالها سبقني بقوله : لقد أخبرني السيد روكاوا أنك كنت متعلقاً بتفاة تكبرك بعامين ولكنه لم يُفصح عن إسمها وقبل قليل ذكرت أن قريبة ساي تكبر بعامين واسمها نانا لذا كنت واثق من أنها هي ..
نطقت جوليا متسائلة : وماذا حصل معها ؟؟
املت شفتي بسخرية : وماذا تظنين أنه سيكون مصيرها وهي بين يدي شخص مريض ؟؟ بالتأكيد قتلها ..
أغمضا جفونهما بألم ، ليسود الأجواء الكئيبة المكان من جديد ، ولكن بعد دقائق عادت جوليا لتقول بمرح : جيد يا سوبارو بدأت أراك الآن كإنسان ..
أخذت أجبر نفسي على الضحك من أجل أن أخلق جواً لطيفاً ليشاركاني الضحك ، رغم أننا مررنا بالكثير من المحن إلا أنني واثق من أننا سنتجاوزها جميعاً ، فالأصدقاء قد وُجدوا من أجل ذلك ، وسنواصل الحياة حتى آخر لحظة لنا ولن ندع ساي ينال ما يريده ، سنضحك ونواصل المسير ولن نجعل الماضي يُفسد مستقبلنا ، وأما بالنسبة لروز فهي ستبقى حية في داخلنا إلى الأبد ..
الــــــــــنــــــــــــــــــــــهـــــــــــــــايـــــــــــــــــــــــــــة ..