ملاحظة: اضطريت نزل الفصل من عضويتي الاحطياطية لان الاصلية مدري شو فيها مشكلة
قراءة ممتعة
الفصل الخامس ~D~الشهوة
نزع بصره عن كتابه بعد ان اجهده التفكير، كلام انتاشيا اليوم أثر به، هل هو حقا انسان ممل؟ لم يفكر بذلك يوما... كانت فكرة واحدة مستحوذة على عقله يحاول الوصول اليها، لكنه لم ينجح في ذلك طوال
المئة عام مضت، ويبدو ان اليأس بدأ يشق طريقه اليه، اغلق كتابه ليضعه جانبا ثم تنهد بانزعاج، اغمض عينيه وهو يتخيل نفسه انسانا مرحا، هز رأسه ينفض الفكرة فلم يجد الا صورة مهرج لتجسيد الفكرة، القى نظره من النافذة شاردا
ليلحظ يرعة تضيء وسط الظلام، نهض عن الاريكة وتوجه الى النافذة ليرى تجمع اليرعات تحت شجرة توت، تأملهم باعجاب ثم خطرت له فكرة، نزل الى الحديقة مسرعا ليلقي تعويذة على النافورة، تأملها بحماس
واسرع الى غرفة انتاشيا، طرق الباب ليأتيه صوتها المنزعج:
"ماذا تريد"
اجابها بهدوء:
"تعالي معي... اريد ان اريك شيئا مميزا..."
فتحت له الباب ليمسكها من معصمها واسرع بها دون سابق انذار الى الطابق السفلي، فتح باب المنزل الرئيسي ليخرجها الى الحديقة فامتنعت، نظر اليها مستغربا:
ما بك؟
- الظلام دامس...
اخشى وجود احدى مصاصي الدماء في هذه الاثناء
- لا عليك...
لا يتواجد الفامبيرز عند اختفاء القمر...
هيا تعالي معي
سحبها للخارج فتمسكت بذراعه برعب تبحث في الثنايا المظلمة تتأكد من عدم وجود اي فامبير حتى اخيرا جذبها صوت رنان هادي قادم من النافورة اشبه
بمعزوفة كلاسيكية من البيانو، تلألأت عيناعا انعجابا بالمشهد، وبلا وعي افلتت ذراع ليو وتقدمت خطوات ناحية اليرعات التي اضحت تحوم حولها وتضيء كالنجوم،
نظرت الى ليو بحماس والبسمة تكاد تمزق فاهه من وسعها حتى اقترب منها وامسك يدها قائلا:
"لم تر شيئا بعد"
لفظ بعض الكلمات المبهمة ليضيء طرفي طريق بواسطة يرعات مصطفة متقاربة وصولا الى بحيرة واسعة فيها بعض أزهار اللوتس، سحبها خلفه ليجرها
الى البحيرة وما إن لامس حذائه الماء حتى توسعت تموجات الماء مضاءة بألوان شتى واكمل سيره وسحب انتاشيا خلفه لتجد نفسها واقفة وسط البحيرة تطفو على المياه، تشبثت به فزعة فتهربت منه ابتسامة، قال:
"لا داعي للخوف فالتعويذة التي القيتها تجعل الماء تحتمل اوزاننا"
نظرت اليه لترى تلك القسمات التي لم تعهدها يوما فيه، الهدوء والسكينة غلبت على وجهه وابتسامة لطيفة لم تفارق محياه حتى كادت تشك ان الذي امامها ليونارد نفسه التي تعرفه، ارخت رأسها على كتفه قبل ان تفارقها الروح من الفرحة فضمها اليه ثم قال:
"اتجيدين الرقص؟... "
نظرت اليه مصدومة لتنكس رأسها بحرج ثم قالت:
"لم يتسنى لي تعلم ذلك"
ربت على رأسها قائلا:
"هذا من حسن حظك، والا لاضطررت ان تعليميني"
عادت لترفع عينيها تنظر اليه مدهوشة:
"الا تجيد الرقص؟"
هز رأسه نفيا فاردفت:
"لكنك شخصية مرموقة في مجتمع السحرة،
لا بد انك دعيت الى احتفالات كثيرة مسبقا كما والدي..."
- لم احضر اي منها
- لماذا
صمت قليلا ليعود البرود الى ملامحه ثم قال:
لدي ظروفي
نظرت اليه مستغربة فصمتت معه فقال بانزعاج:
"انتهى وقت اللهو هيا دعينا نعود للداخل"
تشبثت بذراعه قائلة:
"لا ارجوك لقد خرجنا للتو..."
- لا بأس ان اردت ان تبقي فابقي لكنني مشغول..."
نظرت اليه بعينين رقرقتهما الدموع فقال:
"لا تحاولي ان تؤثري علي بتلك النظرات لاني لن أراها وسط الظلمة
- حقا؟...
اذا كيف علمت اني انظر اليك هكذا
- لقد خمنت ذلك
- وجهة نظر...
اذا؟...
(اردفت بدلال) انت لم تراقص فتاة قبلي
- اجاب ببرود:
ولم اراقصك انت ايضا
- تبا... لما عليك ان تحبطني دائما
- لانك دائما تتوهمين
اطلقت تنهيدة انزعاج ثم قالت:
"فاذا دعني اكون اول فتاة تراقصها"
نظر اليها رافعا حاجبه ثم قال:
"ولما تريدين ذلك؟"
اخفضت رأسها بخجل فقال:
"وكيف سنرقص ان كنا لا انا ولا انت نجيد الرقص"
اظهرت ملامح الحزن لتقول:
"انس الامر... عد للداخل"
نظر اليها محتارا لكنه فضل الدخول ليكمل ابحاثه، لتركها وحيدة وتخليه عنها في تلك الاجواء المؤثرة، انقلبت فرحتها حزنا، اغمضت عينيها لتندمج مع موسيقى النافورة
وعلى وتيرة واحدة اطلقت صوتها الرنان لتبدأ اغنيتها الحزينة، توقف ليونارد اثر تغيير الوان الطبيعة، استدار بعجل ومد يده على فمها ليسكتها:
"ايتها الغبية!...
ما الذي تحاولين فعله؟...
ان تغير الوان االطبيعة تلك ستدل الينا مصاصو الدماء"
عادت لتتروقرق عينيها بالدموع قائلة:
"اذا... ألا يمكنني أن أغني؟..."
- غني لكن دون تغيير الوان الطبيعة...
- ذلك سيكون مملا
- فاذا لا تغني
تنهدت بانزعاج لتسبقه الى القصر، دخل خلفها واغلق الباب، ليراها رمت نفسها على الاريكة عاقدة ذراعيها وحاجبيها، تنهد بانزعاج وتوجه اليها:
- هل يجب ان تختمي كل ما احاول ان اجيده لاجلك بالغضب؟ الا يمكنك ان ترضي ولو لمرة واحدة؟
- لا بد ان لغضبي اسباب...
ابحث عن السبب قبل ان تبحث عن النتيجة
- هل تريدين ان تكوني ضحية لمصاص دماء؟
اخفضت بصرها بحزن فربت على كتفها وقال:
هيا دعينا نجهز العشاء
---
نظر الى المكتبة امامه، الكتب قرأها ما يقارب الخمس مرات، الى الان لم يجد مأربه، لقد قلت زيارته للمكتبة هذه الايام بالمقابل علاقته مع انتاشيا في تحسن، لكن بما يفيده ان تحسن علاقته بها ان كان هناك عراقيل
في طريق المستقبل، القى نظرة سريعة على الكتب المتواجدة، كلها من افضل كتب السحرة والحصول عليها امر مستعص، ومع ذلك لم يجد فيها ما يحتاج، فمراده لم يسبق له مثيل في عالم السحرة، جلس
على الأريكة بعد ان اصابه اليأس، هل يستسلم ويرضخ للأمر الواقع ام يكمل لأجل بناء مستقبل سليم مع انتاشيا، توجه للمكتبة ليأخذ الكتاب الأكثر صعوبة للفهم وكان دائما أمله الكبير، فرغم المرات العديدة التي
قرأه الى الآن لم يفهمه بالكامل، نظر الى عنوانه (طرق اخفاء النسل واا..) جلس على الاريكة ليبدأ القراءة مجددا وما إن بدأ يندمج ويفهم بعض الرموز حتى اقبلت انتاشيا بحماس:
" هلا خرجنا للحديقة مجددا؟"
- اسف انا مشغول
- يمكنك القراءة لاحقا... هيا دعنا نخرج الآن
- انتاشيا... قلت انني مشغول
- لكن الطقس جميل في الخارج...
- اذا اذهبي واخرجي وحدك
عقدت حاجبيها بغضب طفيف وانصرفت، غطى وجهه بكفه محاولا نسيان ما حدث...
لما يذهب معها لقضاء اوقات جميلة ويجعلها تعيش في احلام واهية إن كان في الاخير لن يتزوجها...
إما ان يصل الى مطلوبه اما ان ينسى أمرها...
عاد ليقرأ مجددا وعقله مشغول بالف فكرة، وانتاشيا في كل حين تأتي لترى ان كان قد انتهى من القراءة فتشوش عليه التركيز، اغلق الكتاب بسخط
واعاده الى المكتبة ثم انصرف الى غرفته واقفل الباب، راقبته انتاشيا بأسى ثم ذهبت الى غرفتها محزونة
---
نظر الى القمر الذي اوشك على الاكتمال، مثله كبقية مصاصي الدماء يزداد تعطشه لشرب الدم وخاصة على السحرة، نظر لانتاشيا التي دخلت الغرفة لتجلس على أريكتها المعتادة، نظر اليها بانزعاج فاظهرت حزنا لنظراته،
أبعد نظره عنها محاولا تجاهلها لكن رائحة دمها وصوت نبضها يصل اليه بشكل جنوني ويشتته، في كل حين ينظر اليها ثم الى الكتاب، لا اراديا انيابه تأخذ شكلها
المعد للافتراس فيحاول كبح جماحها كي لا تفضحه امام انتاشيا حتى علم اخيرا انه لن يستطيع الاستمرار،
اخذ كتبه المفضلة من المكتبة وتوجه الى غرفته،
وضع الكتب في حقيبة مع بعض ملابسه، حمل الحقيبة وعاد الى غرفة القراءة ليقول لانتاشيا:
"سأسافر لعدة ايام لاجل العمل...
حاولي ان لا تخرجي الى الحديقة هذه الايام
لان مصاصي الدماء عادة يهتاجون لشرب الدماء في هكذا اوقات...
وحاسة الشم تزداد لديهم ايضا
وقد لا يعمل الحاجز في الاماكن القريبة جدا،
لذا حاولي ان تبقي في المنزل..."
زلت هذه الكلمات من لسانه لتحذيرها دون ان ينتبه ما سيتولد عند انتاشيا من مشاعر رعب وارتياع، ارتعدت فرائسها حين سمعت كلامه، اسرعت خلفه
قبل ان يغادر وتشبثت به تترجاه ليبقى، لاقترابها لم يستطع ان يسمع لا صوتها ولا يفقه كلامها، كل ما سمعه تدفق الدم في الشرايين، جذبها اليه ليعانقها فبادلته العناق بطمأنينة، وما ان اصبح رقبتها بالقرب من فمه حتى اخرج انيابه ليهم بعضها،
قاوم بصعوبة ليدفعها عنه وتسقط على الارض، اسرع للخارج مهرولا قبل ان تتشبث به مجددا، نظرت اليه والدموع تملاء عينيها ونهضت لتركض الى غرفتها وترتمي في سريرها باكية...
---
عاد ليو الى القصر، ناد انتاشيا، توجه الى غرفتها وطرق الباب ليجدها نائمة، تركها وعاد الى المطبخ ليزوده بالمؤن ثم عاد الى غرفة القراءة، وقفت على عتبة باب غرفة القراءة تتأمله، الاريكة نفسها، الكتب نفسها، الشراب نفسه... في كل مرة نفس الأمور، ألا يمل أبدا
نظر اليها ليضع الكتاب جانبا ويدعوها للدخول، دخلت بجفاف لتجلس على اريكتها البعيدة، اخفض بصره مفكرا ثم قال:
"انا آسف لما بدر مني ذلك اليوم...
لكن عليك أن تفهمي أني اضطر للسفر بين الحين والاخر،
فاتمنى الا تعيدي تلك التراجيديا علي مجددا والا سأضطر ان اعيدك للبرج..."
نكست رأسها لتدمع عينيها ثم قالت بحرقة:
"اعدني للبرج"
ضيق عينيه لسماعه طلبها:
"ظننتك تكرهين البرج؟..."
مسحت دموعها لتقول:
"لم يتركني ابي يوما في وكر
مصاصي الدماء وحيدة لأيام متتالية...
كنت في منطقة آمنة
وأمي تطل علي كل يوم ساعة،
ومتى ما شعرت بالحزن والوحدة جلست
اغني لأفضفض من حزني...
لكن هنا ماذا...
لا شيء من ذاك...
المكان كبير وموحش،
مخيف وغير آمن،
وانت اشبه بالبحر يوم مد ويوم جزر،
كفاك تعذيب بي لا احتمل اكثر من ذلك..."
اخفض ليونارد بصره بحزن، قد يسهل عليه حياته ذهاب انتاشيا للبرج، ولكن حياتها هناك لن تكون سهلة كما تتوقع، فما كان امسا لم يعد اليوم موجودا، حتى والدتها لن تزورها بعد اليوم...
اخذ الكتاب، تجاهلها وبدأ يقرأ، نظرت اليه بسخط:
"الى متى ستستمر على هذا الحال؟
لقد قرأت هذا الكتاب مسبقا، فلما تعيده؟...
ألا تمل القراءة؟..."
- أجاب دون ان يبعد عينيه من الكتاب:
انا اقرأ لأجلك فاتركيني بحالي أرجوك
- انت تقرأ لأجلي!؟...
انا لم اطلب منك ان تقرأ كي تتحجج بي...
بل على العكس...
اطلب منك ان تقضي المزيد من الوقت معي لكنك ترفض
- ابعد اكتاب من امامه وقال بملل:
ولما عساي اقبل؟...
من أنت بالنسبة لي؟...
انت لست أمي، لست أختي،
ولست زوجتي أو مخطوبتي،
أنت مجرد ضيف ثقيل حل علي ومجبور أن اتحمله
فهلا ابتعدتي من هنا وتركتني افهم ما علي أن افهمه؟...
ملامح الصدمة ارتسمت على وجهها لسماعها كلامه، تمتمت بحقد
- اكرهك...
مسحت دمعتها، نهضت بحزم وصرخت
انا اكرهك... اكرهك بكل ما تحمل الكلمة من معنى
خرجت من الغرفة مسرعة، نظر للكتاب بين يديه، بدا امامه كله الغاز وطلاسم، حتى ما كان فهمه من قبل اصبح بالنسبة اليه الآن مبهما فقد اغلق عقله على فهم ابسط الاشياء، ابحاثه لمدة مئة عام لم تنفع، فلما قد تنفع مئة عام اخرى،
رمى الكتاب من يده ليضع رأسه بين كفيه محاولا تهدئة اعصابه لكن فات الاوان، بعصبية رمى بالكتاب بعيدا واخذ يقلب الكتب عن المكتبة بهستيريا حتى اضحت كلها على الارض، اخذ يشتم:
"تبا لكم... تبا لكم جميكم لا فائدة منكم... "
جثى على ركبتيه فوق الكتب حين انهكه التعب واخذ يتمتم:
"لا أمل... لا أمل ابداً..."
تناهى على مسامعه صوت باب القصر يغلق، ليست من عادة انتاشيا ان تخرج من البيت دونه، بالأخص إن كانت تبكي، نظر من النافذة ليجدها تحاول أن تفتح الباب الخارجي للحديقة لتخرج،
اسرع اليها ليمنعها، اغلقت الباب بسرعة وهو ينظر اليها نظرات قاتلة، نظرت اليه بعينين خاويتين من الحياة حتى ادرك صعوبة ما تمر به، كونها فضلت ان تخرج الى مصاصي الدماء على البقاء معه في قصره
جذبها إليه وضمها متأسفا، لم تجرؤ على مبادلته العناق كما فعلت المرة السابقة، ابتعد عنها لينظر اليها بجدية قائلا:
"هل تمانعين ان تتزوجيني دون ان ننجب اطفال؟
لم يكن للخجل مكان لا في وجهها ولا في مشاعرها حين سمعت الجزء الثاني من السؤال، فذلك الجزء اخرسها دون ان تستطيع ان تنطق شيء، بالاحرى لم تستوعب طلبه، أعاد السؤال عليها:
"اتقبلين الزواج بي بشرط عدم انجاب اطفال؟..."
- لما هذا الشرط الغريب فجأة؟
- دعينا ندخل لنتكلم في الداخل
دخل وتبعته وجلسا في غرفة الاستقبال، نظر اليها بجدية ليقول:
"الساحرة ان حملت ستحمل طاقتها وطاقة طفلة في آن معا
وبذلك ستحمل طاقة لا متناهية في عروقها...
وهذه الطاقة رائحتها نفاذة لدرجة ان الحاجز حول القصر
لن يتمكن من حجبها...
وتلك الرائحة لا يمكن لمصاص دماء مقاومتها
مهما كان متحضرا..."
صمتت انتاشيا من الصدمة لا تدري ما تجاوبه، اتجازف وتتزوجه وتتنازل عن الاطفال ام تبقى بلا زواج لمدى العمر
نظرت اليه قائلة:
"وماذا لو رجعت الى البرج؟
- البرج انسي امره بعد الآن، مكانك هنا...
- لقد اخبرتني منذ قليل انك ستأخذني الى البرج لو عدت لما فعلته ذاك اليوم
- انسي ما قلته مسبقا واسمعي لما اقوله الآن
- لا يمكنك أن تكون جادا
- اسف لكنني كذلك...
العودة للبرج خطر عليك يجب الابتعاد عنه
- لما هو خطر علي؟
- لاني اقول ذلك فحسب...
انسي كثرة الاسئلة واجيبيني الآن...
هل تقبلين بعرضي؟
عضت شفتها السفلى لتنزل دمعتها:
"يا الهي...
إنه خيار صعب جدا...
لا بد من وجود حل آخر..."
- ابحث عن حل في كتبي منذ مئة عام...
لكن للأسف لم اجد شيئا...
اكثر ما استطعت التوصل اليه استعمال الشاي لتقليل قوتك وقوة الجنين كساحرة،
الامر لن يؤذيك، لكنه بالطبع سيؤذي الجنين..."
نهضت من الاريكة:
"اسفة...
احتاج لان ارتاح...
عقلي لم يعد يحتمل المزيد..."
توجهت الى غرفتها وعاد هو الى مكتبته، نظر للفوضى حوله وبدأ يلملم الكتب ويعيدها الى اماكنها
---
في صباح جميل دُعي الأمير للفطور عند ليونارد، جلسو في الحديقة على المائدة، استغرب الأمير شدة تقارب انتاشيا من وزيره، جالسان في كراسي متقاربة، وفي كل آن يتهامسان ويبتسمان
وتلك الغبية تنسحب خجلة في كل آن لتحضر بعض الاشياء من المطبخ، لكن ما لفت انتباه الأمير خصلة جديدة مجعدة عند انتاشيا، قال بصدمة:
"ما هذا!... لا تقل انها ارتكبت خطيئة جديدة؟..."
جلست انتاشيا على الكرسي لتنظر الى الأمير مستغربة:
"لا... انا لم ارتكب اي خطيئة جديدة"
- حقا!...
وما هذا التجعد في شعرك؟...
موضى جديدة؟"
نظرت انتاشيا الى شعرها مستغربة فطلب منها ليونارد ان تنسى الامر وتعود الى الطعام، نهض الأمير غاضبا يقول:
"كيف نطلب منها ان تنسى؟ أتشجعها على اهلاك المملكة بالخطايا!..."
اجابه ليونارد:
"لقد مررت بمعظم القرى اثناء قدومك لزيارتنا، هل لاحظت اي شيء متغير على المملكة؟..."
صمت الأمير يفكر ثم قال:
"كيف حدث ذلك؟... كيف ارتكبت خطيئة دون ان تتأثر المملكة؟..."
- الخطايا عبارة هن افعال ومشاعر، عندما تخرج عن حدودها تصبح خطايا، لكن ان استخدمت ضمن حدودها فهي ستكون مجرد افعال عادية..."
اظهر الأمير تفهما ليعود ويجلس على كرسيه وسأل بفصول:
"واي خصلة هي هذه التي جعدت الان؟..."
حدجه ليونارد نظرة حادة ليردف:
"لا شأن لك..."
- هل يمكنني ان افهم ما يجري معك اليوم؟...
خطاياها تؤثر سلبا على مملكتي
- هذه الخطيئة لم تعد تطال مملكتك بما ان انتاشيا اصبحت زوجتي بالقانون
- فغر الأمير فاهه وهو يردد عينيه بين انتاشيا وليونارد قائلا:
"زوجتك!...
ايها الخائن!...
منذ متى؟...
ولم تدعوني لعرسك حتى..."
اخفضت انتاشيا رأسها بابتسامة خجلة بينما قال ليونارد بلامبالاة:
"لقد حدث الامر سريعا...
لم نقم اي احتفال او اي شيء اخر...
ولم ترتدي حتى فستان عرس"
- تبا... ما هذا الخبر...
اخي يتزوج ولا يقيم عرسا؟...
لن اقبل بذلك...
سأقيم لك احتفالا تشهد عليه المملكة كلها"
رفع لونارد كفه ليوقفه عن الكلام قائلا:
"لا تعذب نفسك فلست من هواة الحفلات
وانتاشيا عليها الا تلتقي بالبشر..."
جلس الأمير محبطا ليقول:
"لقد وفقتما بزواجكما، حظك البشع يناسب طبيعته المملة..."
نظر اليه ليونارد بحقد ليقول:
"اذا كلمة ممل تعلمتها منك"
نظر اليها الأمير ليقول لها:
"يبدو أنه كان مملا مؤخرا "
قالت انتاشيا مجارية له بالكلام:
"انه دوما كذلك..."
نظر اليها ليونارد ببرود لتتلعثم بالكلام وتبعد عيناها بتوتر، تأمل ليو خصلتها المجعدة بانزعاج ثم نظر الى الامير الذي انشغل عنهما بالطعام فقرب رأسه من انتاشيا هامسا:
"ان شعرك فضيحة بحتة..."
نظرت اليه انتاشيا مستغربة:
"لماذا؟..."
تأفف ليونارد ثم قال :
"انسي... اكملي طعامك..."
***
صوت ارتطام إرتفع وتعالت بعدها صرخة زوزي، حكت رأسها موضع الخبطة وهي تنظر الى الشجرة امامها، نظرت الى اسبادا ودارك يفرطان من الضحك، نظرت اليهما زوزي بانزعاج فقال دارك: "يبدو ان نظرك بدأ يضعف ايتها العجوز "
اردف اسبادا:
"انت تريدين ان ترشيديننا للطريق وانت لا ترين الشجر امامك"
عقدت زوزي ذراعيها واشاحت بوجهها حرجا ثم قالت:
"لقد كنت اقرأ الرواية لذلك لم ارها، ثم اني كنت اسير في الطريق الصحيح لكن الشجرة تحركت من مكانها..."
ابتعد دارك بصمت يبحث عن شي دار في رأسه بينما فرط اسبادا ضحكا لسماعه كلام زوزي ثم قال:
"لا بد انك لم تنامي جيدا البارحة وانت الان تهلوسين،
منذ متى تتنقل الاشجار من اماكنها؟"
- زوزي ببرود:
"لا يجب ان تستغرب عدم نومي ليلا، لقد كان شخيرك يملئ الجزيرة"
عقد اسبادا ذراعيه مستندا على شجرة فوقع على الارض، نظر الى الشجرة مستغربا فقالت زوزي
"ماذا... هل كنت تستند على الهواء؟ "
نهض اسبادا منزعجا وهو يحاول ان يتأكد من مكان الشجرة حتى اتى صوت دارك :
"يا شباب...
اننا نمشي في حلقة مفرغة منذ البارحة..."
رمش كل من اسبادا وزوزي مستغربين فقال دارك:
"الاشجار تتحرك بالفعل..
تتحرك بشكل دائري ونحن نتحرك مع حركتها...
الاشجار التي وضعنا عليها علامة يبدو انها اصبحت في منطقة الخارج واشجار الخارج دخلت للداخل الى ان دارت دورة كاملة..."
قال اسبادا مصدوما:
"اتقصد اننا... "
صمت حين تأكد من الفكرة قبل ان يؤكدها دارك فجالت زوزي بناظريها بينهما لتراهما كلاهما جالسان على الارض محبطين، صاحت بانزعاج:
"هاي انتما...
عليكما انو تراعيا وجود اناس لا يفهمون بالإشرات"
توجهت الى اسبادا لتقول:
"وانت لا تبدأ بجملة وتقطعها قبل ان تنهيها...
ما الذي قصده دارك؟"
اشار دارك الى الاشجار حولهم وقال:
الا ترين الاشارات التي وضعناها عليهم...
اننا نمشي في المسار نفسه"
نظرت زوزي الى الاشجار ثم قالت:
"واين المشكلة في ذلك؟"
انتحر دارك واخذ اسبادا مهمة الشرح عنه، اخرج من حقيبته ورقة وقلم وصار يرسم عملية دوران الاشجار ويشرح كيف ساقوهم الى النقطة نفسها التي كانو فيها البارحة، نظرت زوزي الى الورقة وفتحت فمها قائلة:
"ااااه...
هكذا اذا"
رفعت يدها بحماس وقالت:
"اتركوا الامر علي...
ان لم ينفع المنطق فالسبيل عندي"
غطى اسبادا وجهه وذهب لينتحر مع دارك، اشارت زوزي باتجاه معين قائلة:
"الطريق من هذا الاتجاه"
عاد اسبادا ليقول:
"لا يمكن ان يكون كذلك"
زوزي: ولما؟
اسبادا:
لان هذا الطريق الذي سلكناه منذ البارحة
ابتسمت زوزي بحرج ثم عادت لتنظر حولها واشارت باتجاه اخر وقالت:
"اذا الطريق الصحيح من هناك... انا متأكدة"
اشار اسبادا باتجاه اخر وقال:
"بل اظن ان الطريق من ذلك الاتجاه"
نظرت زوزي للاتجاه الذي اشار اليه اسبادا ثم فرطت ضحت وقالت:
"مستحيل ان يكون الطريق من ذلك الاتجاه"
نظر اليها اسبادا ببلاهة ليقول:
"ولما لا؟"
هزت كتفيها بثقة قائلة:
"لانك من اختار الاتجاه"
- "واين المشكلة في ذلك؟"
- تفكرت زوزي ثم قالا : "لست ادري"
- اذا فلنمشي من ذلك الاتجاه الذي اخترته
- لا
- بلا
- لا
- بلا
- دارك: هلا سكتما قليلا؟... انكم تعرقلون تركيزي...
---
دخلت سوهاني الى منطقة مصاصي الدماء، نظرت حولها، الجميع عيونه حمراء، الكل انيابه بارزة، صرخت بحماس وراحت تعانقهم واحدا واحدا،
نظر الكل اليها مستغربا ثم انتبهوا ان شكلها جديد في المنطقة، تجمعوا حولها وراحوا يسألونها اسئلة مختلفة، حاولت ابعادهم بعد ان كادت تختنق من تجمهرهم، حين اصبح بينها وبينهم فصحة قالت:
"واحد واحد... واحد واحد، اني لا افهم شيئا مما تقولون"
اخرج الجميع اجنحته التي على شكل اجنحة الخفافيش ومدوا احداها للاسفل كمقعد والاخرى للخلف على هيئة مسند للظهر، وجلسو عليها مرتفعين عن الارض، تلألئت عينا سوهاني للمشهد وقالت بحماس:
"علموني على ذلك، اريد تعلمه..."
نظروا اليها مستغربين فقال احدهم:
"الا يمكنك فعل ذلك؟...
يفترض ان تعرفيه بالفطرة كمصاصة دماء"
نظرت اليهم مستغربة ثم قالت:
"وكيف اخرج اجنحتي؟..."
فرط الجميع من الضحك ثم قامت واحدة منهم وتوجهت اليها، نظرت خلف ظهرها لتصرخ صرخة مدوية، ابتعدت عنها سوهاني وكذلك ابتعد الجميع محتمين ققالت تلك:
"اجنحتك مقطعة..."
نظرت سوهاني للخلف محاولة رؤية ظهرها دون جدوى، ترقرقت عيناها بالدموع لتبدأ البكاء، ربطت الأخرى على ظهرها لتقول:
"من ذلك المتوحش الذي يقدم على امر متوحش كهذا...
لا بأس، لا تقلقي لدينا الحل"
امسكتها من يدها واسرعت بها الى محال الصيانة، عالجو لها موضع الاجنحة واعطوها دواء كي تستعمله يوميا ليغذي اجنحتها، قضت يوما جميلا معهم
وفي اول الليل اقاموا احتفالا لاستقبالها كمواطنة جديدة بينهم، وبينما هم يحتفلون تجمد الكل مكانه حين شموا رائحة جذبتهم، التفتوا
جميعا الى الاتجاه نفسه ثم ساروا تجاهه ومعهم سوهاني، ثواني واخرجو اجنحتنهم وحلقوا صوب الرائحة، نظرت اليهم سوهاني مستغربة ثم جلست على الارض تبكي وتندب حظها...
----
ركضت هاري لمدة حتى علقت الرسمة في احدى اغصان الشجر، تسلقت حتى وصلت اليها، اخذتها قائلة بحماس:
"امسكتك"
وما ان اخذتها حتى لاح امامها ضوئين احمرين وسط الظلمة وسرعان ما تزايدت ليغدو المكان حولها كأنه السماء ليلا بنجوم حمراء، تراجعت من فزعها فسقطت عن الشجرة على ظهرها...
انقطع نفسها لثوان حتى سعلت عدة مرات فعاد تنفسها طبيعيا، نهضت عن الارض لترى مصاص دماء يقترب منها، تراجعت بخوف واغمضت عيناها بشدة حين رأته يمد يده اليها، لكن لم يحدث شيء، اعادت فتح
عيناها مستغربة لترى الفامبير قد اخذ رسمة هاري ستيل ويمعن النظر فيه، انطلقت اليه تمد يدها لتأخذه منه بسرعة لكنه كان قد فات الااوان، فقد مزقها معلنا عن عدم اعجابه بها ورماها للخلف، فرط الجميع
ضحكا بينما صمتت هاري بعد ان حطم قلبها، مرت لحظات هدوء وهي تحاول ان تنكر ما رأته لكن لا سبيل لذلك، حينها ثار غضبها اللامتناهي، شمرت زنودها متخذة وضعية القتال وهجمت عليهم تشق صفوفهم، وما هي دقيقة
حتى كان الكل على الارض صريعا يتلوى من الالم، نفضت يديها معبرة عن انجازها لمهمتها ثم توجهت الى الرسمة التي اضحت نصفين، حملتهم وهي تنظر اليها بحزن فترقرقت دموعها، ضمت الرسمة وعادت ادراجها الى حيث الفريق
-----
سارت سنو بحذر تبحث عن فاير وتناديها حتى اخيرا سمعت صوت يتبعها، تجمدت مكانها فزعا حتى سمعت الصوت خلفها مباشرة، استدارت ببطئ فلم تجد احد، وضعت يدها على قلبها تستعيد انفاسها لكن
الصوت لم يختفي، عادت لتنظر للخلف لم تجد احد، وجهت نظرها للاسفل لترى دم يتقطر على الارض تتحتها، بفزع تأكدت من عدم اصابتها بجرح عميق، لم تجد شي، نظرت لحقيبتها لترى الدماء تنهال منها، فكرت:
"ايعقل ان في الحقيبة حيوان ميت!"
فتحتها للإطمئنان فترى علبة الدماء اصبحت شبه فارغة، نظرت اليها مستغربة
"من اين اتت هذه؟!"
تذكرت حين اعطاها اياها الجد برو فارتاح قلبها انه ما من شي غريب، لكن... لما العلبة مثقوبة؟ هل كان الجد برو يحاول التخلص منهن ليخرج وحده من الجزيرة؟ التفتت الى المكان بفزع "يا الهي... اين انا؟...
اتمنى ان لا اكون في ارض مصاصي الدماء، رمت العلبة على الارض واخذت تهرب وتهرب حتى وجدها احدى مصاصي الدماء، استغربت انه لم يهجم على العلبة بل ظل يلاحقها، هل الدماء ليس مميزا كما قال الجد؟
وكل ما في الامر انه فخا للتخلص منهن؟ اقترب الفامبير وتكمش بالحقيبة وبدأ يأكلها بأنيابه، فتبين لها حينها انه لم يكن يلاحقها بل يلاحق الحقيبة التي ابتلت بالدماء على عكس العلبة التي اضحت فارغة، تراجعت ببطئ خطوات للخلف واسرعت تركض من دون
هدى حتى تعبت فتوقفت لتسترجع انفاسها، نظرت حولها بدهشة لترى المكان قد تغيير كأنها خرجت من جحيم الى الجنة، سارت
بدهشة وهي تترقب المكان حولها حتى سمعت همسا باسمها، توقفت وهي تبحث عن مصدر الصوت حتى وجدت فاير تجلس تحت شجرة وتناديها بخفوف، من سعادتها لإيجادها ركضت تجاهها وهي تصرخ باسمها وعانقتها ما ان وصلت اليها كانها لم تلتقيها منذ مئة عام...
لم تبادلها فاير العناق، لم تعطها اي كلامات ترحيب، ولم تتأثر بوصول سنو اليها ابدا، كل ما فعلته انها فتحت عيناها على وسعهما مرعوبة بعد ان تجمد الدم في شرايينها، حين رأت مصاص دماء واقف خلف سنو مباشرة يكشر عن انيابه مستعدا لالتهام وجبته...
-----
- لا
- بلا
- لا
- بلا
نهض دارك عن الارض لينظر حوله متفكرا وفجأة أشرت زوزي الى مكان لم يؤشر عليه احد قبل وقالت:
"الطريق من ذلك الاتجاه"
- اسبادا:
لقد اخترت الى الان ثلاث اتجاهات، قرري ايهم الصح"
- قلت لك... انه من هنا، قلب الام لا يخطئ
- باستغراب:
قلب الام؟!... ما دخل قلب الام؟
- نظرت اليه زوزي نظرة ذات مغزة ثم قالت:
سوهاني تفترس احدهم... استطيع ان اشعر بها من هنا
لم تكد تنهي كلمتها حتى اسرعت تركض فما كان من البقية الا ان لحقاها
-----
بعد ان قطف العجوز ما فيه الكفاية من الاعشاب الطبيعية المفيدة وبعد الفطر غير السام، وضع ما قطفه داخل الحقيبة واحكم اغلاقها ثم مشى، توقف فجأة
وعاد ليفتح الحقيبة لينظر داخلها بامعان، الخريطة مفقودة، تذكر هدوء ما قبل العاصفة منذ ما يقارب الساعة، يبدو ان العاصفة كانت تنتظر مغادرته لتهب، اسرع الى حيث ترك الجميع ليرى هاك متوجهة الى منطقة
مصاصي الدماء، اراد ان يناديها لكن اوتاره الصوتية العجوزة خانته، حاول ان يسرع الخطى لكن مفاصله لم تطاوعه، جلس تحت شجرة ليأخذ قيلولة، استيقظ بعد عدة ثواني على صوت بيم تنادي هاك، نهض بنشاط بعد ان اخذ قيلولته وتوجه مباشرة اليهما وقال بحزم مجيبا بيم:
"ما الامر الهام الذي نسيته... بيم"
شدت بيم على قبضتها غاضبة، ركزت محاولة ايجاد حل لكنها لم تجد شيء، اقترب العجوز منهما وهو ينظر حوله، لا احد هنا الا هاك وبيم، ايعقل انها
ارسلتهم كلهم الى منطقة الفامبيير؟! لكنهن كن خائفات، كيف اقنعتهم، سأل الجد برو بيم عن البقية لكنها اكتفت النظر اليه نظرات لا تحمل اي معنى، في الواقع هي ليست مركزة معه اصلا، انها تبحث عن حل لمشكلتها، وقبل ان تجد شيئا سمعت صوت سوهاني قادمة، اخفضت
رأسها حرجا حين لاحظت ان امرها سيفتضح امام الملئ، بالاحرى امام من سيتبقى من الفريق، لم يعجبها الامر، اصبحت سوهاني على مقربة منها تتبعها شعرة من السليلة بخفة تحاول
الوصول الى شعرها المخبئ تحت القبعة، نادت بيم سوهاني فاقتربت منها، اسرعت بيم لتخلع القبعة عن راس الاخرى وسرعان ما استغلت السليلة الفرصة، اسرعت
لرأس سوهاني وأخذت منها شعرة وفرت بها، فجأة توهج عينا سوهاني بالاحمر وبرز ما تبقى مختبئ من انيابها، فما ان رأت بيم ذلك المنظر حتى دفعت سوهاني بعيدا عنها، حاولت سوهاني ان تعيد
توازنها وما ان رفعت رأسها حتى رأت امامها الجد العجوز، ما ان رأها الجد على تلك الهيئة حتى بدأ يصرخ بهستيريا محاولا الهرب بالسرعة التي خولتها له عمره المديد...
-----
توقفت زوزي واسبادا ودارك امام شخصان لاحا لهم وسط الظلمة وما يبدو واضحا ان احدهم مصاص دماء يفترس الاخر الذي يصرخ دون توقف،
توجهت اليهما زوزي غاضبة لتوقف سوهاني لكن اسبادا ودارك اوقفاها قبل ان تتهور، بعد ان وجها اليهما مصابيحهم اكتشفو ان مصاص الدماء ليس سوهاني بل مصاص دماء اخر، قال دارك:
"الذي لا يخطئ كان قلب الام الحنون ام قلب شغوف للتوحش"
نظرت اليه زوزي ببرود، قال اسبادا:
"دعنا ننسحب بهدوء قبل ان ينتهي من فريسته وينتبه الينا"
وافقه الاخران واستدارا للذهاب، التفتت زوزي نظرة اخيرة لتصعق بما رأت، ذلك الذي يصرخ بلا نهاية لم يكن الا سنو، طلبت منها التوقف بسرعة لمساعدتها، لكنهما نظرا
لبعضهما نظرات غامضة ثم انصرفا، غضبت زوزي من تصرفهما الجبان وبدأت تنظر حولها عساها تجد شيئا تساعد به سنو لكنها لم تجد شيئا، ادمعت عيناها قائلة:
"اسفة اختي الصغتورة، لن استطيع حمايتك...
ليتني تركتك في المنزل تدرسين بأمان"
نزل من شجرة قريبة نينجا ملثم متمسكا بخصلة من شعر السليلة وصولا الى الفامبيير، لف الحبل حول عنقه وربطها ثم نزل نينجا اخر من نفس الشجرة متمسكا بنفس الخصلة ليرتفع الفامبيير بالمقابل، ثم ربط الخصلة
باحدى الاغصان المنخفضة، توجه النينجا لبعضهما وصفها الايادي مسرورين يضحكون على مجريات خططهم الذكية حتى اتت اليهم سنو غاضبة تطالب بانزال الفامبيير من الاعلى، نظرا اليها مستغربين فقالت لهما:
"لقد قطعتما فيلمنا، كنا نساعد ذلك الفامبيير في
اخراج فيلمه لكنكما خربتما التصوير..."
اقبلت فاير من العدم تستفسر عما جرى وهي تحمل هاتفها وما زالت تصور، نظر النينجايان لبعضهما مستغربين، هز الاول كتفاه بلا مبالاة فتوجه الاخر للخصلة ليفكها
عن الشجرة فتهاو الفامبيير بسرعة وارتطم بالارض، حك رأسه منزعجا وبعدها توجه لمن فك الحبل قائلا:
"الا يمكنك ان تنزلني بروية؟!"
قال الاخر :
"عليك ان تكون شاكرا لانني انزلتك، لولا طلب الهوكاي سنو لما انزلتك"
نظرت سنو الى المتكلم مستغربة تفكر:
"هذا الصوت مألوف!"
اقتربت منه وخلعت لثامه لتفنجر عينيها ويتلألئان صارخة
"سنباي... هذا انت..."
خلعت زوزي لثام اسبادا لتقول بانزعاج:
"والسنباي الاخر هنا ايضا..."
ازداد تلألئ عينا سنو صارخة:
"السنباي الاخر هنا ايضا..."
ذهبت اللألئة من عينا سنو فجأة لتقول:
"ومن السنباي الاخر؟"
اخرجت مصباحها لتوجهه الى وجه اسبادا فيبعد وجهه منزعجا من الضوء، عادت اللألئة ليعنا سنو قائلة :
" اسبادا سنباي هنا ايضا، اصبح بامكاني الان ان اشعر بالامان"
اسرعت زوزي اليها لتمسكها من ياقة قميصها غاضبة:
"ما الذي تقصدينه...
انا الاوني تشان،
يفترض ان تشعري بالامان بمجرد وجودي
دون النظر الى البقية"
ببرود اجابت سنو:
"لقد جلست تبكين حين رأيت الفامبيير يأكلني"
زمت زوزي شفتيها واطاحت بناظراتها لمكان بعيد ثم قالت بحرج:
"هل رأيتي ذلك!"
ابتسمت سنو بحرج، تدخل الفامبيير فجأة ليعرض على البقية ان يدخلو فيلمه، فهو مهتم بوجود ممثلين جدد نظرا ان افلامه السابقة مثلت فيه نفس الممثلين لمئتا عام، تحمست الفتيات للامر بينما قال اسبادا:
اظننا كنا نبحث عن بقية الفريق"
نظرت اليه فاير وقالت:
"يمكننا ايجاده فيما بعد، الان دعونا نمثل الفيلم"
نظر دارك الى الفامبيير وقال له:
"كم تبقى من الفيلم ان اردنا المشاركة في التصوير"
تفكر الفامبير قليلا ثم قال:
"ما يقارب العشرين عام"
فغر الجميع فاهه فقال المخرج مستغربا:
"اعلم ان الفترة قياسية ولكن حاولت ان اراعي وقتكم الضيق لذلك اوجزته، لكن اافلامي عادة تاخذ خمسين عاما فما فوق، تعلمون ان مدة الفيلم اسبوع
كي يخرج باتقان يحتاج لوقت ايضا"
زاد الجميع من فغر فاهه فقال اسبادا:
" حسنا هذا يكفي، دعنا نعود للفريق"
زوزي بعد ان ادمعت عينيها:
"لكن الفيلم..."
دارك:
"لكن الفيلم ماذا؟... لن نبقى هنا عشرون عاما..."
طأطئت زوزي راسها وكذلك فعلت سنو وفاير ومشين يائسات يجرن اذيال الخيبة، اوقفهم الفامبير بقوله:
"على الاقل لنكمل هذا المشهد"
تحمست الفتيات فجاة وعدن بسرعة دون ان يأخدوا برأي احدهم لعلمهن بالجواب وتهيئن للتصوير
بعد ساعة من التصوير اكملو رحلتهم سيرا
- قالت فاير:
لقد كان الامر حماسيا... ليتنا بقينا هنا تلك العشرين عاما
-اسبادا:
عشرين عام بالنسبة للفامبيير قد تكون بمثابة سنة وربما خمس سنوات عندهم فقط، لكن عندنا تبقى عشرون عاما ولن تعودي لديارك الا بعمر الثلاثين او اربعين
- اخفضت فاير رأسها حين رأت انه محق لكن زوزي قالت بحماس:
لا يهم، طالما اننا سنعيش تلك العشرون عاما سعداء من يهتم
- قال دارك:
في تلك العشرين عاما ستضيعين عمرك، لن تدرسي لن تعملي وسيذهب عشرون سنة من عمرك هباء
- زوزي:
العمر يمضي هنا وهناك وما ندرسه بالمدارس لا يقل اهمية عن ما نتعلمه بالحياة، مثلا
بما تفيدني نظرية نيوتن، ان كانت الارض تجذبنا ام نحن نجذب الارض، هل ستجلى الاطباق من تلقاء نفسها لو علمت تلك المعلومة؟
لا اظن ذلك...
توقف الجميع عن السير والكلام بينما نظرت اليهم زوزي مستغربة:
"ماذا دهاكم؟ لما توقفتم؟"
اشارت سنو الى جثة على الارض، نظرت اليها زوزي لترى انه الجد برو بالقرب منه سوهاني متكئة على جذع شجرة واضعة يدها على بطنها المتخمة واليد الاخرى تنظف بها بين انيابها بعود اسنان، نظرت لبيم تنظر اليهم من
بعيد صامتة لا تتكلم، لا اثر لها للانفعال بما جرى، تقدم الجميع الى هناك بصدمة ليضع دارك اصبعين على رقبة العجوز ليقيس نبضه، فاسرع ليبدأ
بالاسعتفات الاولية، وما ان وضع قبضته على صدر العجوز حتى تأوه بألم قائلا:
"ارحم اضلعي العجوزة لا تتحمل، لو قمت باول خطوة ستجد يداك قد اخترقت عظامي وهشمت اضلاعي"
ابتعد دارك فحاول العجوز النهوض بصعوبة فساعداه دارك واسبادا، وجه العجوز نظراته المنزعجة الى سوهاني ليقول:
"تلك الشرهة اخذت نصف عمري...
على الاقل اكتشفت بعد ما يناهز الالف عام ان عضة
الفامبيير ليست بذلك الشيء المخيف كما اخبرونا اهالينا..."
عاد ليوجه نظره الى بيم التي كانت تراقب الاوضاع من بعيد مستعدة لاي انقلاب ضدها، تبادلا نظرات جافة حتى ابعد الجد نظره عنها بعد ان قرر ان يتستر على فعلتها، قال مبتسما، هلا يمكن لاحدكم
ان يحضر لي حقيبة ادويتي، لم اخذ دواء القلب وكادت سوهاني او تقتتلني بسكتة قلبية من الفزع أ...أ... اقصد من فقر الدم"
توجهت بيم الى الحقيبة واحضرتها له، اخذها متشكرا وراح يبحث داخلها، نظر الى بيم بريب:
- اين علبة دوائي؟
هزت بيم كتفاها بلامبالاة قائلة:
- وما ادراني؟
وضع الجد يده على قلبه متألما حتى بدأ يتلوى من الالم وسقط على الارض يصرخ...
اسرع اليه اسبادا ليسعفه لكن ناداه دارك ليتوقف كي لا يقتله بسبب ترقق العظام، نظر اليه الجميع حائرا لا يدرون ما يصنعون حتى اخيرا توقف عن الحركة وتراخت ملامحه
اضحى المكان كئيبا يملئه سكون اثقل على انفاسهم المرتعبة، ترقبوا قليلا عسى ان يتحرك مجددا لكن دون جدوى، مد اسبادا اصبعيه على وريد العجوز ثم نكس رأسه بأسى، ادمعت اعين الجميع وبدؤا البكاء عليه، نظرت زوزي الى بيم قائلة:
"الديك بصلا؟..."
نظرت اليها بيم مستغربة:
عل ستعدين السلطة الان؟
- يا فتاة... لست من هواة السلطة
لكن لدي مشهد درامي علي تمثيله واحتاج لتقطيع البصل
- هزت بيم كتفاها قائلة:
" الامر لا يستحق تقطيع البصل
كل ما تحتجينه هذا"
قالتها رافعة سبابتها، نظرت اليه زوزي مستغربة فبما ينفعها السبابة في البكاء
توجهت الانظار الى زوزي التي اطلقت صرخة مدوية تغطي عينها وقد غسل وجهها الدموع، تنهدو بأسى لتقول سمو بحزن:
- مسكينة اوني تشان...
تأثرت كثيرا بموت الجد برو...
تلتها صرخة سوهاني
- لا تمت ارجوك...
من اين لي ان اشرب الدماء اللذيذة بعد الان؟...
---
هدأ النحيب ليسود صمت بين الجميع بينما همست زوزي لبيم:
"الا ترين ان لدي عينان اثنان؟
لما ادخلت اصبعك في عين واحدة
كيف يبكي الانسان بعين واحدة
- لديك اصابع
كان بإمكانك ان تدمعيها بنفسك
- ليس لدي الجرأة لأذي نفسي
- ليست مشكلتي
- نظرت زوزي الى بيم، تصرفاتها تغيرت عما كانت عليه، تبدو غير ابهة بمن حولها كما كانت سابقا، لا تبدو يدها اليمنى التي عرفتها يوما ما
قطع سيل افكار زوزي صوت صدر من معدة سوهاني، نظر اليها الجميع ليلاحظو توهج عينيها بالاحمر، فجأة ابتعد الجميع عنها فزعين، لم تكترث لردة فعلهم بقدر ما اكرثت لاختيار فريستها، اسرعت لتنقض
على هاري لكن الاخرى ضربتها ضربة جودو لتسقطها ارضا ثم قالت:
- لن اسمح لك ان تمزقي رسمة هاري ستيل كما فعل المصاص الدماء الاخر
تركت سوهاني على الارض وانصرفت مبتعدة عنها كي لا تخسر الرسمة مجددا، اسرعت فاير وسنو ساحبين من خصل السليلة ليربطا بها سوهاني قبل ان تستيقظ
تنهدت سنو بارتياح ومسحت فاير عرق جبينها ثم نظرو الى الجميع مصدومين، ابتسمو بفخر وقالت سنو:
- اخذنا درسا من السنبايين
جلس الجميع بارتياح فنظرت زوزي الى الفريق قائلة:
- ما الذي حدث بغيابي؟
قالت هاك:
- لقد حاربنا ديناصورات عملاقة وكنت الاقوى بين الجميع
ارديتهم جميعا بضربة واحدة
قالت زوزي:
- واو... هذا رهيب
ونحن علقنا في غابة ذات اشجار متحركة وتهنا فيها لايام
لولا قلب الام المسؤول لما كنا وصلنا اليكم
فغرت الجميع فاهه بصدمة لتقول هاري:
- يبدو ان السليلة سرقت منك شعرة الكذب انت ايضا
رفعت زوزي حاجباها مستغربة لتقول:
- شعرة الكذب؟... لما
- لانك اضحيتي مثل هاك... كلامك لا يصدق
اقبل دارك ليقول:
انها لا تكذب
لقد علقنا في غابة كتلك فعلا
نظر الجميع اليه مستغربا لتقول زوزي:
- ايعقل ان السليلة اخذت منك شعرة الكذب انت ايضا
ضربها دارك على رأسها قائلا:
- عجوز مخرفة
لقد كنتي هناك وشهدتي الامر
- زوزي بانزعاج:
انت العجوز
على كل حال
الم تأخذ منكما السليلة اي شعر
نزع كل من دارك واسبادا قبعتهما ليكشفا عن صلعتهما، فزع الجميع من المنظر فسألت زوزي:
- اخذت منكما كل الخصلات وبالجملة
يعني انتم الان تعانون من جميع الخطايا
ابتسم كل منهما ابتسامة عريضة ليقول دارك لاسبادا:
- اشرح لهما
حمحم اسبادا ثم قال بثقة: "لم يكن في رأسينا الا خطيئة واحدة واظن ما من داع لاخبركما اي هي
رمش الجميع مستغربا ثم نظرو اليهما ببرود لتقول زوزي:
"انها الكسل بكل تأكيد...
انه اكثر ما اعانيه بسببك
مازلت انتظر كلمة ترحيب للوافدين الى امبراطوريتك"
تفكرت زوزي لوهلة ثم فتحت كتاب الرواية وأخذت تعدد الخطايا السبعة ثم قالت: "الكسل ليس من ضمنهم"
ناولها دارك نفس الرواية كانت معه فقال:
"نحن من الاصدار السابق، تم التجديد في الرواية ووضع الظلم بدلا من الكسل"
اكمل اسبادا عنه:
- وهكذا اضحينا اكثر نفرين كسولين في العالم
ضربت زوزي جبهتها ثم قالت:
- ما كان عليكما القدوم الى الجزيرة
نشاطكما الجميل اختفى
اقتربت سنو قائلة:
- انظري للامر نظرة ايجابية اوني تشان
فهو قد اصيب بخصلة الكسل بدل الظلم
تصوري الكوارث التي كانت ستصيبنا لو اصبيا بتلك الخصلة
- اختي الصغتورة الجميلة، اني احاول اختلاق عذر لمهاجمتهما وصناعة بوظة الطحالب
فلا تقطعي فرحة الفريق
صرخت سنو واضعة يديها على خديها قائلة:
عاااا... لن اسمح لكم ان تصنعو من السنبايين بوظة الطحالب
زوزي ببراءة:
لن نصنع منهما بل من احدى قدميهما
نبحث ايهم ليست مصابة بالفطريات ونصنع منها
ابتسمت زوزي ابتسامتها العريضة الحماسية الشريرة لتقف سنو امامهما قائلة:
- لن يحدث ذلك
ارتسمت نظرات شيطانية على ملامح بيم وزوزي وهاري وهاك فصرخت سوهاني المربوطة على جذع شجرة بعد ان اخرجت انيابها
- انا ايضا اريد المشاركة بصناعة البوظة
اريد ان اشرب المزيد من الدماء
وقفت فاير جنب سنو تدعمها حتى سقط شيئا من بيم وتدحرج على الارض حتى ارتطم بقدم هاري، اخذته هاري من الارض وتأملته مستغربة:
- اليس هذا دواء القلب الخاص بالجد برو
تحولت الانظار الى بيم لتقف محتارة لا تدري ما تخفي وما تبدي، وخوفا ان يمسكوها ويربطوها كما سوهاني قررت الهرب، اخرجت خنجرها لتقطع شعر السليلة التي ربطت بها سوهاني ليلتهو بها عنها لكن الشعر لم يكن ينقطع، فكت العقدة باستعجال وهربت في الغابة واختفت بين الاشجار الكثيفة
نظر الكل الى سوهاني حذرين لتنظر اليهم بعينين مفترستين، تستخدم انفها لتشم ايهم دمه اكثرهم طاقة، وكالعادة هاري كانت مشبعة بها بسبب خصلة الغصب فانقضت اليها،
ارادت هاري ان تضربها لكن سوهاني كانت قد حفظت تحركها، اشتبكت بينهما لفترة والكل يهتف
: "هاري... هاري..."
مسحت سوهاني عرق جبينها حين لاحظت ان الامر ميئوس منه، اصدر صوتا مزعجا فغطى الجميع اذناهم وعيناهم وما ان فتحوهم حتى رأى جمهور من الفامبيرز قد حاوطوهم
اخذوا يهربون والفامبيرز يلتقتونهم وجمعوهم في الوسط، تراهنوا على ربح سوهاني والجائزة تكون اعضاء الفريق
رفعت سوهاني يدها تحيي جمهورها فاصبحو يهتفون باسمها بينما سكت الفريق وازدروا ريقهم خوفا على حياتهم
اشتبكت معركة عنيفة بين الفتاتين حتى اخيرا فازت سوهاني، سن جميع الفامبيرز انيابهم استعدادا لوجبتهم فتعال صوت:
"Cut"
توجه الفامبيرز الى المخرج ليعطيهم اكياس دماء طازجة، تناولوها بسعادة وطاروا الى قريتهم، توجهت اليه سوهاني مادة يدها فنظر اليها باحتقار قائلا:
"لست منا... اذهبي واقضي على فريستك"
غضبت زوزي من تصرف ذاك الاحمق مع بنوتتها الصغيرة المسكينة فاسرعت اليه ورفسه وطيرته الى امد بعيد جدا، رفعت يداها بحماس حتى سمعت صوتا من جنبها:
- احتاج للدماء... اريد ان اتناول المزيد منها
ابتعدت مسرعة عن سوهاني وصارت تركض وسوهاني تركض خلفها حتى تعثرت زوزي فانقضت عليها سوهاني، نظرت زوزي الى هاري وصرخت:
- هاري... لقد سرقت منك رسمة هاري ستيل
فجأة استعادت هاري عافيتها وهاجمت سوهاني بكل قوتها واكثر حتى اضحت سوهاني مرمية على الارض مغشى عليها، بدأت هاري تبحث في جيوبها وفي حقيبتها لكنها لم تجد شيئا
نظرت هاري الى زوزي لتقول:
- اسفة... اضطررت الى ذلك لكي تتقوي
اغمي على زوزي جنب سوهاني بسبب ضربة تلقتها من هاري حين علمت انها خدعتها ثم ذهبت تنفض كفيها...
عادت سنو وفاير لتربطا سوهاني على جذع شجرة
استيقظت زوزي على صرخات سوهاني كي يفلتوها لحاجتها الملحة على شرب الدماء بينما الجميع يتجاهلها، نظرت اليها زوزي وشردت بما يحدث وما حدث واحداث الرواية
سمعتها سنو تتمتم بصوت منخفض، اقتربت منها لتقول لها:
"لا ذنب لك ان احضرتنا الى هذه الجزيرة وعلقنا...
لقد كانت نيتك ان نقضي اوقاتا جميلة ومغامرات لا تنسى...
هه وهي بالفعل لا تنسى"
قالت زوزي بشرود:
- حين كنت صغيرة كنت احب اكل البيض والشوكولا بكثرة
لكن امي لم تكن تسمح لي بذلك لانهم يضران الكبد بسبب صعوبة هضمهم
قاطعت سنو كلامها لتقول:
- اننا وسط ازمة وانت تفكرين بلبيض والشوكولاته
ابتسمت لها زوزي وقالت:
- اظنه الحل الوحيد
رمشت سنو مستغربة لتقول:
-يبدو ان الاحداث بدأت تؤثر على عقل اوني تشان
قال دارك:
- انها ليست الاحداث بل خرف الشيخوخة
نظرت اليه زوزي ببرود لترفسه وتطيره الى ابعد كوكب في المجرة ثم نهضت بحماس ونادت الجميع:
- يا اصدقاء اجتمعوا... اظنني وجدت الحل
اننا نقتل بعضنا بسبب الخطايا بينما يمكننا ان نتعامل معها بطريقة اخرى ونستفيد منها
نظر اليها الجميع مستغربا فاجتمعو ليروا ما لديها فأردفت:
- الخطايا كما البيض والشوكولاتة... ان اكثرت منها واستعملتها اكثر من اللازم ستضرك، لكن في الوقت نفسه لا يمكن ان تلغيها من حياتك كليا، فكلها سبب في اكمال حياتنا
نحتاج للحسد للتقدم وطبعا الحسد مع توجيه
يعني بدلا من محاولة محو حسنات الاخرين نحسدهم لنصل الى ما وصلوا ونتجاوزهم
سأتذكر كلام الجد برو لمدى العمر
لا احد افضل مني بشيء
لن احسد احدا بطريقة خاطئة بل سأخاول ان اتجاوزكم كلكم
نظرت لهاك وقالت:
الكذب: عامل مهم في الخيال وصناعة القصص والروايات والاساطير
من الان فصاعدا ستكونين روائية الفريق
كل كذبة تجدينها مثيرة ومسلية لا تنطقيها
اجمعي الكذبات كلهم واتركيهم لليل
وعند استراحتنا اروي لنا قصة ما قبل النوم
توجهت لهاري
الغضب: نحتاجه للدفاع عن انفسنا وعمن نحب
فلولا الغضب ربما يقتلنا العدو وبينما يأخذنا الجبن او التكاسل
من الان فصاعدا انت مسؤولة الدفاع عن الفريق
الجشع: في الواقع لست ادري بالضبط ما اهمية هذه الخطيئة في العمل الجماعي، ربما لن يصلح الا بوجود فريق اخر منافس، لكن في حالنا لن يفيد، اظن غياب بيم في هذه الاثناء سيكون أفضل لنا ولها
الشهوة:
للشوة مآرب كثيرة للاستمرار في الحياة ولكن في وضعنا الحالي سنتركك ورقتنا الرابحة الى جانب هاري في الحروب الخطرة
التكبر والظلم ايضا لست ادري ان كانا سيفداننا بشيء لكن اتمنى ان لا تأخذ السليلة من تلك الخصل لاحد منكم والا سأرفسكم مباشرة الى المنطقة الامنة
الان لم يتبقى الكثير لنصل الى قلعة السليلة،
انهما فقط قريتان، سنستخدم هاري لتأمين الطريق قبل دخولنا"
وقفت هاري وقفتها العسكرية تؤدي التحية:
"هاي هاي كابتن"
نظر الجميع الى جثة الجد برو بحزن لفقده لكنهم انصدمو لاختفاء الجثة، فجأة سمعو صوت قادم من بعد ينادي:
"لما انتم حزينون هكذا؟"
توجهت الانظار الى مصدر الصوت ليروا شابا عشرينيا ابيض الشعر، حماسي يمشي وفي يده عكاز، فغر الجميع فاهه ثم حكوا اعينهم محاولين التأكد مما رأوه، تجمعوا حوله ليتأكدوا من هويته:
"هل انت حقا الجد برو!؟"
نظر اليه الشاب مستغربا:
- من الجد برو؟
انا ذا برو مان
حك الاخر رأسه قائلا:
- هكذا اذا
وما قرابتك من الجد برو
تفكر برو مان مستغربا ثم قال:
الجد برو لم بعد له وجود...
لقد اصبح من الماضي
من الان فصاعدا لن تجدو الا برو مان
تقدمت زوزي تقطع الحديث قائلة:
"مهلا مهلا...
لم افهم شيء
هل انت الجد برو ام لا؟
برو:
- لقد كنت كذلك يوما ما
اما الان فانا برو مان
فغرت الفتيات فاههن بذهول ثم انهلن عليه بالاسئلة:
- كيف اصبحت بشرتك مشدودة هكذا؟
- كيف اجلست انحناءة ظهرك؟
- كيف عدت شابا وتخلصت من الشيخوخة؟
ابتسم برو بثقة لتبرز اسنانه البيضاء اللامعة ثم قال:
- تناولت شوكولا سنيكرز...
كما تعلمون
انت مش انت وانت جوعان...
فغرت الفتيات فاههن مجددا ثم صرخن:
- اريد سنيكرز هل لديك المزيد نريد ان نعود شابات
برو مستغربا:
- انتن كذلك فعلا
- لا انظر الى هذه التجعيدة:
ابتسمت لتبدو تجعيدة صغيرة تلاشت ما ان تلاشت ابتسامتها لتعود الى الاصرار، ربت اسبادا على كتفه قائلا:
- خذ مني نصيحة، حين تجد اجتماع الفتيات يتحدثن عن الجمال فاهرب منهن لان ذلك سيسبب لك صداعا
وافقه برو واستدارا ليهربو لكنهما وجدا زوزي تحملق ببرو بريب ثم قالت:
"هل تجددت اسنانك ام انها ما زالت وجبة من الصين؟
فجأة انسمع صوت انفجار قريب ليختبئ الجميع خلف الشجر محتمين، نظروا الى مكان الانفجار حتى هدأ الغبار وبينت معالم المنطقة المتغيرة كأن شهابا سقط من السماء بقربهم
نظروا لبعضهم خائفين:
"ايعقل ان كائنات فضائية اتت لتحتل الجزيرة؟"
اقتربوا من البقعة المحددة ونظروا لى داخل الحفرة التي حفرت في الارض ليجدو دارك داخلها قد كسرت بعض اسنانه، فرطت زوزي ضحكا لتقول بفخر:
"يا لي من قوية"
سحباه برو واسبادا من الداخل وساعداه في الجلوس على صخرة ثم بدؤا بنقاش خطة زوزي، قال برو:
اظنه الحل الانسب، فالسليلة اصبحت شريرة وشرها في ازدياد بسبب تحملها خطايا سكان الجزيرة وكل من يدخلها لانها تسحب شعرهم، وكل من تملك شعره تأخذ منه خطاياه، وفي حال لم تتخلص من الخطايا بالفطر السحري فانها ستعطي من الخطايا للبشر بعد ان تضيف اليهم من خطاياها، وبذلك كلا الطرفين يتضرر اكثر بمرور الزمن
نظرت اليه زوزي مذهولة وقالت:
- يبدو ان خبرة المئة عام لم تختفي بعد ان اختفت شيخوختك
ابتسم برو بثقة ليقول:
- ليست خبرة بل ان كنتي تذكرين قرأت الرواية على هاتفك
ببرود اخرجت زوزي هاتفها لتريه اياه قائلة:
"كيف لي ان انسى وقد تسببت بتفريغ بطارية هاتفي؟"
- ترقرقت عينا برو بالدموع قائلا:
فرغت؟!...
اذا لن استطيع ان اكمل قراءة الرواية؟...
اخرجت زوزي كتاب الرواية لتقول:
"بل يمكنك ذلك...
فقد اهدتني الكاتبة الرواية مطبوعة"
تلألئت عيناه فرحا فسلمته اياه زوزي ليكمل القراءة، فتح الكتاب يبحث الى اين وصل سابقا، فأخذت منه زوزي الكتاب وقالت: "ابقى تركيزك معنا حاليا يمكنك القراءة فيما بعد، الان دعنا ننهي النقاش اولا..."
- حمحم برو مان قائلا:
السليلة اصبحت شريرة بسبب كثرة الخطايا التي استقطبتها من البشر، لو انكم تستطيعون ان تتجاوزو خطاياهم قد يمنح ذلك فرصة للسليلة لتعودة طبيعية بقلب نقي، لانها تأخذ من فضائلكم كما تأخذ من رذائلكم، وبذلك تزول لعنة الجزيرة، لكن...
هناك مشكلة صغيرة، وهي ان سكان الجزيرة كثر وانتم قلة
خطاياهم ستسحققكم بكل سهولة
نحتاج الى عدد كبير كي تتجاوزو خطايا سكان الجزيرة ولا اظن ان ذلك ممكن...
والان هاتي الكتاب..."
تفكرت زوزي بكلامه ثم سلمته الكتاب، اسندت خدعدها على قبضتها متفكرة:
"الخطة لا تبدو محكمة...
لو ان كل واحد منا اخذ الخطايا السبع لن نستطيع ان نغلب سكان الجزيرة، هذا بغض النظر ان الفرد الواحد بالكاد يمكنه ان يقاوم خطيئة واحدة، فكيف سبعة، سننضم الى سكان الجزيرة بكل سهولة...
للأسف ان السماء لا تمطر بشرا..."
لم تكد زوزي تنطق جملتها الاخيرة حتى سمعت صوتا من بعيد يقترب يعلو نبرته بسرعة هائلة حتى تساقطت اوراق الشجر عليها وعلى من حولها، نظرو للاعلى ليجدوا احدهم معلق يلوح بيده ملقيا التحية، سرعان ما نهضت زوزي صارخة بحماس: "فلوريدااااا" تسلقت الشجرة عانقها عناقا خانقا حطم عظامها...
ابتعدت زوزي عنها بحماس لتقول لها:
"كيف اتيتي؟"
اشرت فلوريدا للأعلى لترى الاف النقاط السود في السماء كالنمل منتشرة تكبر حجمها شيئا فشيئا حتى وصلوا للاغصان وبدأت تهتز مع ارتطامهم بها حتى وقع الجميع على الارض
نظر برو الى الوافدين الجدد مصدوما ليقول:
"لو انك تمنيت ملون دولار...
على كل حال اظن هذا العدد كاف للتغلب على سكان الجزيرة..."
لم يكد ينهي جملته حتى اصطف عدد وفير من الوافدين الجدد امامه وبداؤ ينشدون بصوت واحد النشيد الثوري لعصابة العكاز:
نحن عصابة فريدة يجمعنا العكاز
هرمون لكن لسنا كباقي العجائز
اجتمعنا وبتجمعنا قوة واعجاز
فكلنا للفرد والهجر غير جائز
وكل فرد بيننا للجماعة منحاز
يعمل جاهدا لنصل اعلى المراكز
بعزم نبدأ نهارنا بلعبة الجمباز
وننهي ليلنا بقفز الحواجز
ما ان انهوا انشودتهم حتى رفعوا عكازاتهم عاليا بينما نظرت زوزي الى يدها واغرورقت عيناها بالدموع ثم قالت:
"اين عكازي؟ "
قطعت بكائها مزعجة بعناق خانق، ابعدتها زوزي لترى انها البصلة دودي(ديو دروب)، بادلتها زوزي العناق وبدآ يتحدثان حتى قطع حديثهما عناق خانق اخر، ابعدتها زوزي مجددا لترى انها البصلة لولو (اميرة نوتيلا)، لم تكد تعانقها حتى اكلتها رفسة لم تحتج ان تنظر لصاحبتها كي تعرف انها البصلة جيجي (جنى) تبعت رفسة جيجي قولها بشماتة "مرحبا زيزي" وبهمس "يا عجوز"
بادلتها زوزي رفسة اطاحك بها ارضا، تعالت صرخة من بين الحضور ليصب الجميع تزكيزهم هناك حتى اكمل الصارخ:
"اخيرا انا هنا معكم في الجزيرة..."
امعنت زوزي النظر لترى انها (الامبراطورة♡) توجهت اليها لترحب بها وتعرفها على فريقها، وبعد جلوس وغداء ووو... نظرت زوزي حولها مستغربة، هناك شيء ناقص، شيء ناقص منذ البداية ما هو؟...
نظرت للأعلى لترى فلوريدا ما زالت معلقة بالاغصان تحاول التفلت دون جدوى، صعقت عند رؤيتها ما تزال في الاعلى واسرعت اليها لتساعدها في النزول، مشيا بين جماعات الاصدقاء الذين يرحبون بأصدقائهم فرحين وفجأة ظهر دارك من العدم: "كيف حالك امي سينيوريتا عجوز؟"
- ايها الولد العاق
قالتها فلوريدا وهي تجهز لكمة محترفة وجهتها لدارك وعلقته في الغصن حيث كانت هي معلقة، ابتسمت زوزي بحنية قائلة:
"حنان الامومة ما احلاه..."
---
حكت زوزي الخطة لجميع الوافدين الجدد، ما عليهم الا ان يختارو الخطيئة التي يسهل عليهم التعامل معها، وبرو مان يخبرهم بمكانها في الرأس كي يكشفو عنها ويخفوا البقية
وافق الجميع على الخطة وبدؤا التنفيذ، وكانت هذه بداية لنهاية لعنة السليلة...