سابقا بقلم "آموليت" العزيزة
كان اتيوس واقف ينظر له وهو ويحاول الوقوف من اثر الضربة التي جعلته ينزف من فمه ، قال له وقد حقد عليه هذه المرة
" لا اريد ان اكرهك هيكتور ....انت اخي رغم كل شيء ، ولكن بعد كلامك هذا من الافضل ان اختفي عن حياتك تماما ولا تراني مجددا لكي لاتسمعي كلام اخر كهذا..لانني لو سمعت مجددا كهذا قد....اكرهك
ثم التغت ماتيوس ذاهبا وخرج دون اي تردد ليرحل وان لايعود مجددا
بتباطئ وتثاقل جلس هيكتور على كرسي مكتبه وصار يمسح الدم من على شفته ، ثم توقف لحضة وانزل رأسه وقال بصوت شجين حزنه يقطع القلب
" نعم...ارحل...ولا تعود
**********************
(7)
لا أعرف لم ذلك الهيكتور المتعجرف قد سيطر على جل أفكاري، تحول من شخص بغيض أمقته و أكرهه لشاب جل طموحي أن أخرجه من الظلمة التي سيطرت عليه...
خاصة بعد لقائنا الأخير الذي لم ينتهي على خير بتاتا...
رفعت الغطاء لأغطي وجهي بكفي منزعجة لأقصى حد من هذه الهواجس التي لا أجد لها نهاية...
أطلقت صوتي صارخة بمقت: تبا لك هيكتور و لماضيك، أريد النوم.
أمضيت دقائق في صمت حتى وقعت عيني على تلك السيوف المتراكمة جانب الغرفة، و طبعا أنا،من جمعتها بعدما كانت منتشرة في أرجاء الغرفة ...فكما رأيت، لم يكن الإستقبال مثاليا البتة....!
نهضت أحوم بعيني في الأرجاء حتى توقفت لدى وسيلة عملي الحادة تلك و عدت أشحذ سيفا لم أتممه بعد...
لم يكن هذا وقت شخذ، فنحن بمنتصف الليل...إنما ...
أنا أفكر...
أفكر في سؤال و هدف قد أراد هيكتور المغرور أن أفهمه...
لم...لم يا هيكتور تطلب معاناتي؟... و لم تأنس بها و كأنها المطلوب؟!
و ماتيوس ، هل من الطبيعي أن يفصح بحياة أخيه ذو الصيت و السمعة لأي شخص؟...لست بلهاء، هو يطلب مني العون لأخيه الصغير...
شعرت بدوار كاد يفقدني السيطرة على يدي لوهلة، إلا أني تفاديت خطر غفلتي و استسلمت عائدة لفراشي، تاركة ذاك السؤال يتصفح وريقات أفكاري.
******************
أسبوع ..
أسبوع مضى و،أنا حتى لم ألمح صورة هيكتور!
حتى أنه لم يأتي لإستفزازي أو تحطيم،ما بقي من،كبريائي...
لا أواجه إلا وجه ذاك المطيع لسيده..
تنهدت مطولا عدة مرات و بدأت أضرب خدي بخفة علني أستيقظ من،الخمول الذي داهمني طيلة أسبوع...
ذلك خيالي...!
بل حتى لم يطرق أبواب خيالي الواسع، أن أكون هادئة...
فتحت عيني على،وسعهما ثم قلت بصوت جهوري كما اعتدت: ذلك الوقح، يتجاهلني لأنه رأى عبر كمرات المراقبة لقائي بأخيه...ياله من جبان، يهرب من،مواجهتي لأني أعرف ضعفه و،ماضيه التعس...فاليذهب للجحيم.
نفضت ثيابي لأخرج من،سجني القذر مخالفة أوامره، فشخص جبان مثله يستحق أن أريه وجهي الحقيقي و مدى استطاعتي على كسر أنفه مع قواعده الغبية تلك...
لم أحاول الإختباء و لا تخفيف صوت خطواتي، بل على العكس..
أسدلت شعري ليتساقط على كتفي بعشوائية و صعدت بخطوات واثقة، فأنا أريد مجابهته...
لكن...
لم أكن أظن لقائنا سيكون اللحظة..!
تفاجأت جتى بان ذلك على قسمات ملامحي ، لكني قلت بعد ثوان
"مرحبا، لقد كنت أريد الخروج لإستنشاق الهواء ، هل تأتي معي؟"
ملامحه الجامدة التي سافرت بي للقطب الجنوبي لم تتركه و هو يجيبني
"و،من أذن لك؟...لا أذكر أني فعلت."
ابتسمت بنصر لما سمعت و أبديت تحدي الأعين واثقة" و،من طلب إذنك أيها السيد؟...أنا أخبرك فقط."
طرأ بعض التغير الذي أشعرني نشوة النصر بهزيمته ، آه كم استمتعت بملاحظة تقطيبته تلك و لحنه الذي أبدى الحدة دلالة على غضبه" تجرئين على معارضتي ؟"
تكتفت و قلت بلا اكتراث لمكانتي غير آبهة بردة فعله أو بما سيفعل، فطردي هو جنتي التي أتوق لها لأخرج من سلطته، رغم أني متيقنة أنه لن يتخلى عن فرصة إذلال فقيرة فاقدة للوظيفة: "ماذا؟...ستتخلى عن متعة تعذيبي يا..سيد هيكتور؟"
أظهرت عينيه بريق غضب ...لا، بالأصح حقد، إنه في قمة الغضب لأني تجاسرت عليه..
اضمحلت إبتسامي و اهتز شيئ مجهول بداخلي ينبئني بسوء طالعي للقائه في هذه اللحظات...
أولست أنا من أردت إغضابه؟!
إذا لم هذا الشعور و التردد...
كنت مشوشة و قدمي تراجعت بينما هو يتقدم ببطئ يزيدني رهبة منه ، و من سر إبهام بؤبؤتيه...
سقطت لينحني مبتسما بإستخفاف" أكلت لسانك القطة روجينا؟"
ثم نطق بزئير أسد مبطن في حروفه و هو يرفعني من شعري "تشتاقين للمذلة..سأريك إياها."
بقيت أسمع همهمات حروفه و أنا أومئ نفيا عن تطبيق الجنون الذي يتفوه به...
فحقا هيكتور؟...ما الذي أفقدك انسانيتك، و مالسر..؟!
هل لي أن أعرف؟
بقيت متيبسة الأطراف ثوان أستمد بها قواي، و سرعانما وقفت مشيرة له بسبابتي معترضة بصرخة هزت أطراف المكان "مستحيل...أنا لست عبدة لك و لادميتك أيها المتعجرف المغرور ...لن أشحذ مئة سيف أيها السيد هيكتور الوقح."
سكت بعد أن أفرغت جعبتي المتمادية لأتلقى ردا باردا خلفه بركان ثائر" تعارضين أوامري و تتمردين؟"
أخذت نفسا عميقا و قلت بثقة تغلغلت دواخلي"و ماذا ستفعل بي إذا قلت لك؟.. بالتأكيد لن أفعل"
بانت ابتسامة استخفاف قسماته " يبدوا أنك نسيت أمرا مهما، أنت هنا لتسديد دينك، فإن كانت لك قدرة المعارضة فلا بد أن لك القدرة على سداد دينك أيضا."
أفحمني كلامه الذي تحاشيته بل تناسيته فنطقت بغيظ "حقير."
أدار جسده مبتعدا و هو يقول" الفقراء مثلك ليسوا سوى حثالة لا تستطيع الإعتراض علي ، أتمنى أن عقلك الفارغ استوعب هذا أيتها النكرة."
كدت أجهش بالبكاء لكرامتي التي دهسها بسهولة لكني سيطرت على نفسي حتى يختفي، فما زال الوقت مبكرا على الهزيمة..فأنا لن أدعه يحتفل بنصره علي...أقسم أني سأجعله يعترف بهزيمته بنفسه...
*****************************
ماهذا الإزعاج برب السماء؟!
صوت هذا الباب لا ينفك عن الطرق لحظة...
نهضت و فتحت الباب لأحظ ذاك الحارس البليد الذي يطيع هيكتور فقلت بإمتعاض: ماذا تريد ؟..ألا ترى أننا لازلنا بالفجر .
أجابني بصوته الأجش " لقد قال السيد هيكتور أن تبدئي بشحذ السيوف."
تنهدت و قلت" ما هذا الإستبداد بالرأي لديه؟!...قل له أني سأبدأ بعد قليل."
أوصل رسالة هيكتور بقوله" قال السيد هيكتور لاحق لك في المعارضة."
هم بالذهاب من فوره فأسرعت بمناداته "هيييه..."
اكتفى بتوجيه وجهه مجيبا ندائي الوحيد له مذ رأيته "ماذا؟..كفي عن مناداتي هكذا، لي إسم وهو رالف."
إبتسمت بتوتر لكونه محقا بعد التفكير" أه، كنت أريد أن أطلب إفطاري...فأنا جائعة."
أومأ ايجابا ثم رحل ليتركني أفكر في مبادرته الغريبة، فهل كان لطيفا أم أنا أتوهم؟! ...وهل يمكن أن نكون في وئام يوما؟
لكني سرعان ما رفعت شعري و توجهت للحمام لأغسل وجهي علني أشعر ببعض النشاط لتلبية طلب هيكتور المجنون...
أجل، منذ قراره هذا ...هو ليس إلا مجنون معقد في نظري...
**************************
أشعر أن قواي خارت و مرحي اضمحل فعلا...
يومان لا أهنأ بنوم علني أنهي شحذ مئة سيف و لا أوفق ، و ما أحصل عليه هو تشققات يدي و اسوداد حول عيني...
ألا يشعر هذا الهيكتور و لو بشفقة نحوي ...؟!
ماذا بتسجيل ذلك البليد رالف عن عدد السيوف التي أشحذها ، بالتأكيد هو يفكر بطريقة عقاب لتهاوني ..!
خرجت لأصارح هيكتور عن موقفي، دعه يفعل ما يشاء... سأخبره عن رأيي في قسوته..
وصلت لمكتبه المضاء مصباحه لأطرق الباب، فالمدعوا رالف الضخم ليس هنا و هذا يجر للعجب!
لم أتلقى ردا فعلمت فورا أنه يتجاهلني لأنه يعرف عبر الكامرات من أكون..لذا فتحت الباب لنفسي لأتفاجأ به...
نائما!
اقتربت لأرى خصلات شعره قد تساقطت على وجهه و ملامحه قد تخلت عن تجهمها و أسدلت ستار الهدوء برخاء و رأسه متكئ على طاولة مكتبه، بدى غريبا بسكونه الذي لم أئلفه منه، خاصة بملاحظتي شيئا مريعا...!
إنه وسيم...
تبا لأفكارك هذه روجينا...!
بغض النظر عن كل ذلك، لقد لاحظت قلما أسودا بين أصابعه مع أوراق عمل من الظاهر كونه يعمل لديها..
منظره هذا قادني لأخذ معطفه النيلي من على المقعد لأضعه عليه، أظن...أستطيع فعل هذا له على الأقل...
ابتعدت بخطى صامته حتى وصلت للباب إلا أني تفاجأت به قد استيقظ يعرك عينيه موجها سؤاله لي "ماذا هناك روجينا؟"
أدرت رأسي و أنا أبلع ريقي لما أرى..قد سقط المعطف نصفه بينما بقى الآخر على كتفه و قميصه يحمل تجاعيدات واضحة...منظره كان تمثيلا لطفل بريء لطيف..!
نطقت بدهشة حروفي الغير مفهومه "واااه!.."
الأغرب من كل هذا أنه سألني شيئ بكل براءة..؟
قلت له بعد تفكير " حسنا، كنت أريد الحديث معك عن طلبك، أنا حقا لا أستطيع تنفيذه...بالكاد أكملت الثمانين سيفا..رغم أني بذلت جهدي."
لا أعلم إن كنت محقة، لكني لاحظت بريق حزن ببؤبؤيه "تعبتي إذا..أنت حقا ضعيفة، رغم أني كنت طفلا لم أسرع في الإعتراض .."
خلخل كفه بشعره الفحمي متما حروفه "ما تفعالينه لا يقارن ..."
قاطعته لأنفي فكرة خاطئة قد استحوذت عليه "لست أنت وحدك من عانى، أنا أيضا حظيت بأوقات صعبة..توفي والدي و تركاني وحدي دون أحد يعيلني أو عائلة ترعاني.. بت أعمل شهرا و الآخر هناك و ما أزال، لكني لن أفكر يوما بتقليل شأن من يعانون يومي و لو أصبحت في مستواك...يجب عليك تغيير سلوكك هذا ... أنت تطرد محبة أخيك قبل الآخرين بما تفعل."
بت أنتظر رده بفضول بينما هو ينظر لي بتمعن شعرت به أنه يستهدف إختراق عقلي ليقرأ أفكاري، ثم أشار لي بكفه للجلوس على أريكة رمادية بجانب طاولته وهو يقول بلهجة غامضة " دعينا نقارن."
إمتثلت لأمره بصمت حتى بدأ هو بطرح أسئلته الغريبة " متى توفي والديك ؟"
قلت له "منذ ثلاثة أعوام."
سأل ثانية " أين كنت تسكنين؟"
أجبته " استأجرت شقة لدى عجوز مسنة."
سألني سؤالا جعل الغصة تقف في حلقي " هل تشتتك و معاناتك يوازي معاناة طفل لم يتعدى السابعة؟"
كان سؤالا كفيلا بجعلي أرغب بالبكاء لأجله، فقد جعلني أتخيل...مهما عانيت فلن أفهم عمق معاناته...
قلت بصوت غلبه الحزن " أنا...آسفة حقا."
أتم بحروف غريبة لم أتخيل سماعها منه قد أخرجها بصعوبة ظاهرة تبدي لي شيئا واحدا، أنه لم ينطقها من قبل "عندما كنت أعمل، لم أهنأ بسقف كسقف قبوك بل كنت أنام في الشارع كالكلاب و القطط المتشردة، و عندما لم أكن أستطيع إنهاء عملي كان عقابي منعي من كسرة الخبز التي كنت أبعد ضعفي بها لا غير..."
سكت ليفتح زر كم قميصه لأفجأ بآثار تعذيب واضحة... كانت آثارا تبدوا و كأنها بالأمس لكنه قال مانفى ذلك "هذا. غيض من غيض ماعانيته أاصل ألى ما أنا عليه الان.....عملت بأعمال خطرة وتعذبت لدرجة انني لا اصدق للان كيف بقيت على قيد الحياة.."
انزل رأسه متما بحزن واضح..
"ومن يعلم ربما كنت اعمل بهذا الجهد فوق الطاقة لكي اقتل نفسي ولكني لم أمت، نجوت إنما ....بالجسد نجوت ولكن روحي قد لاقت حتفها و ماتت "
تنهد و هو يفتح زر قميصه العلوي أيضا و أنا أنظر له بعين تأسف لم أنظرها لغيره " هيكتور.."
ضحك ضحكة خفيفة مبديا عجبه من،نفسه "يبدوا أني جننت لأصرح لك عن ماضي التعس هذا."
قمت من مكاني مقتربة منه دون ملاحظة شيئ من تناسي لمستواه كسيد و مستواي كخادمة و أخرجت ما لدي " أنا ..أريد أن أصبح مثلك...لا بأس بكل العقبات، فأنا سئمت وضعيتي المادية هذه، هل لك أن تعطيني فرصة...سأفعل كل ما تأمر و لن أتذمر من أي صعوبة تفرضها علي أو عقبة.."
قرأت في عينيه السخرية و هو يجيب "ماذا..؟ تظنين أنك تستطيعين تحمل المشاق التي تحملتها، ستموتين يافتاة..لا طاقة لك بتحمل شيئ واحد مما عانيت."
شمرت عن ذراعي مبدية تصميمي الجدي له " لا بأس أنا قوية..لا تستهن بي."
كنت أنتظر منه أن يعين قراري لكن عينيه عادت لمنظر حقدها بشزر و هو يقول مستخفا "هه!..حقا بدأت تجيدين التمثيل أيتها النكرة ... رغم تصوراتي الكثيرة عن خطط أخي ماتيوس للإستحواذ على أملاكي..لم يخطر ببالي أنه سيستغل فتاة تخدمني للوصول لذلك...ذلك السافل لم يكفه مقاطعتي...يظنني سأخدع بتظاهره بالذهاب دون عودة..."
كان يتم كلماته بسب و شتم لي و لماتيوس الذي تربطهما علاقة الأخوة بينما كنت مهبطة رأسي مشتتة الذهن ، سمعت شيئا و غفلت عن الآخر مما تفوه به من حماقات... لكن لصبري حدود...
لم أتمالك نفسي...فاليكن من يكون... فاليكن من يكون...كيف له أن يتهم أخيه الأكبر الذي كل همه قلق على وضعه بإتهام كهذا...
لم أع لنفسي و إلا و قد ارتطمت يدي بخده صافعة..أجل، لقد صفعته..صفعت هيكتور بيدي..!
لم أصدق فعلا أن أثر الحمرة تلك أوجدتها كفي أنا...!
هيكتور ليس أقل صدمة مني، فقد توسعت حدقتيه و مازال ينظر للجهة الأخرى يستوعب ببطء ماحدث...
عاد ينظر لي و أنا أوجه،نظراتي له بمقت و حقد حتى دخل رالف فزعا لينبهني من غفلتي بصرخته: أنت...كيف تجرأين...؟!
قاطعه هيكتور برفع كفه مبسوطة أمامه " لا بأس كل شيئ على ما يرام... أخرج."
حدق بي ثوان ثم خرج بصمت ، لكني لم أقل ما أريد بعد لذا ابتعدت عن مصدر غضبي صارخة في وجهه: "أيها الأحمق المتعجرف، كيف تجرأ على التفكير بأخيك هكذا؟!..بينما همه هو أنت تفكر أنه يخطط لسلبك مالك الوسخ هذا؟!..قد صدقت فعلا فأنت عشت بينما ماتت إنسانيتك... قل لي كيف ستواجه والديك بهذا الشكل الذي أنت عليه ، بم ستيجبهما..هل تظن أنك مفخرة لهما؟. بل هما يشعران بالخيبة و هما ينظران لإبنهما تحول لشخص فاقد الإحساس و الضمير."
تركته مبتعدة و عيني تلاحظ كيف بات خائر القوى ..!
ابتعدت لتترك مشدوها بقلب قد اخترقه سهام حروفها الحادة...
و بعين لاحظت آثار عطفها.
بمعطف قد أسدلته عليه
قولوا رأيكم بقلمي
أتمنى يعجبكم
تم التعديل في الأفكار "ميناكو"
شكر خاص لها
حب4
[/I][/B]