أسعد الله صباحكم | مسائكم
مشكروين على ردودكم الجميلة
بشوف وقت أقيمكم عليهها
أبغى بسس أخبركم أنه الفصل الأول ما هو إلا تمهيد للقصة
و هذا الفصل أطول منه بمرتين و نص×x.x2
و يب بشكر سنو الجميلةة الخارقة على المراجعة×
و استمتعوا 2 التائهون
(ناقوس شجري) |
هي الشمس, لا يزال غلها حتى تندف الأرض ندفا, و توقظ كل من استوى فى احلامه, فتشير إلى الصبي أي احرث الأرض, و تشير للفتية أي اخبزي الخبز, و تشير للديّكة أي لا تتركي الخلق في لجتهم العتماء, و لا تبقي أحدا من الأحياء إلا ايقظته , حتى توسطت السماء فاشتدت. و هنا , حينما أصبحت الشمس في قلب الأفق, تغير مسار احد بناتها فتغلغلت في زجاج هش لم تلمحه قبلا, و اخذت تذرع الغرفة بحثا عن من لم يستجب لضوئها, فإذا بتسنيم أمامها, و هاهي ذي تومض أمام عينيها, اللتين فتحتا تلقائيا. و التفتت العصماء تحسب ان الجميع انتفض من سباته سواها, الا أن السبات خيم على كل من في الغرفة.. عداها. لم تجد أقرب من أريج لتربك رقادها, فهزت كتفها هزا, انتفضت معه العينين الخضراوين خوفا و قالت تسنيم لأريج التي لم يختفي من وجهها الكسل: (أعينيني في صحوتهم) و هبت الفتاتان تهزان الأكتاف و تصنعان الضجيج, حتى اذا لم يبقى أحد منهم في مجاهيل احلامه. سوى نصر الذي عاند الفتاتان عنادا لم تستطيعا معه فعلاً. و تمددت نوار باسترخاء, و قالت بصوت اقرب للهسيس: ( واها لي, كم كان حلما جميلا هو الذي ابصرته , و كدت أصل لنهايته لولا بنات الإزعاج !) و هنا, تكلم سمير للمرة الأولى, و قال بتعبير بارد : (ما أغرب الشمس! فأشعتها تحرق الخلق و رماده! و لونها أذهب من شمس بلادنا, و أحسب أنها ليست شمس الوطن!, و لكن اذا لم تكن شمس الوطن, فأي شمس هيّ؟) و ردا على ملاحظته الأخيرة, اقتربت أريج من النافذة, و تغير تعبيرها الهادئ الجميل إلى قلق غريب انسدل على وجهها, و صاحت بتوتر : ( صدقت!) , فإذا هم يعبرون الى النوافذ أفواجا, و بريق الفضول وامق على أعينهم. لم تكن الديار هي التي خلف الزجاج – قطعا- بل بدا أنهم فوق برج مرتفع أو جبل شاهق, تمتد أمامهم ساحة خضراء فائقة من أشجار الأبنوس و الساج و أنواع أخرى, ينصفها جميعا نهر طويل له ماء تركوازي غني, و مظهر مترف الجمال! ترى من قبله شلالا شاهقا آخذ المنظر, كان المكان بأكمله كقطعة من الغابات المطيرة التي تمتد الى ما خلف السحب, و رغم التوتر الذي طغى عليهم, فإن حبور المكان تغلغل الى قلوبهم بحب. و بينما هم في عمق تأملهم, إذ أريج تلمح في الزجاج انعكاسا غريبا, أقرب الى هيئة بشرٍ برأس ضخم! و التفت فإذا بها ترى كائن ما متسللا, يرتدى لباسا أسود صلبا يغطيه بأكمله, و من بنيته الجسدية يتبين أنه امرأة!, و قد غطت وجهها بقناع إفريقي لم يكن جميلا قط, بل صّور على واجهته تعبير مرعب يهز كيان أي شخص كان, و ربما كان الأسوأ من ذلك أن السيدة تحمل في جعبتها قوسا و نبالا, و قد وجهتها بشكل مباشر الى قلب أريج و التي أنتفض جسدها من قمة رأسها إلى أخمص قدميها. و قد همست بشيء ما الى إيلاف التي وقفت بقربها تنظر عبر الزجاج, إلا أنها سرعان ما أدركت أن صحبتها قد خدرت بجمال المنظر و بروعة الغابة, عداها هي و تلك المرأة التي تهددها بقوسها, فلم تجد بدا من الصياح, (النجدة!) زعقت الشابة بأقصى ما لديها من قوة. لكن الصوت جرى في مهب الرياح, فلم تجد مجيبا لها, كأن الجميع حولها قد أُجبل على النكران. الأصابع تتحرك لتطلق السهم, تجرأت أريج على تحريك قدميها , و تحركت القناصة معها, هسهست القناصة بهمس : (آسس) و خرج صوت نعيق ذكري مخيف من السيدة: (فلتذهبي إلى الجحيم!) فاندفعت أريج ركضا نحو الباب , و بينما هي كذلك ,سمعت صوت همهمة متأوهة , فالتفت و إذا بها ترى سمير و قد قبض على السيدة مانعا إياها من التصويب, لكن الصوت قد أنكسر قبل أن يصل إلى أريج , ما زال الآخرون مخدرين , لكن سمير قد تحرر, ماذا لو كان صمت القناصة هو سبب تخديرهم ؟ ماذا لو أضطرت القناصة إلى أن تنطق مجددا؟ (هل تبغين المجادلة؟) صاح الآخر لكنه لم يفعل , بل إن القناصة فعلت, تحررت من بنية سمير القوية, و أجبرت نفسها على التصويب مجددا. و قبل أن تطلق سهمها صاحت أريج : (أنا آس!) صرخت القناصة صرخة مكتومة: (بل أنك الجحيم!) عاندت أريج: (أتدرين, أثينا هي فالاس!, و هي كذلك آس) لقد خرج من السيدة صوت آخر , صوت طفل غاضب هتف: (اللعنة, أنت لست آس, آس ستموت الأن , على يدي!) لكن القناصة لم تنتبه إلى صحوة المتأملين خلفها, فطوقتها ذراع سمينة , وقالت نوار بغضب: (قد لا أكون جادة بالفعل بخصوص ابنة شقيقتي, لكنني قطعا لا أسمح لأحد أن ينقلها الى عالم الأموات!) هتف نصر متأملا : (أليس هذا القوس جميلا! يشبه ذلك الذي يستخدمه دوكان في مغامرات القناص! قطعا سآخذ هذا القناع!سيكون مفيد للغاية لعملية الإنتقام من أيهم!) هتفت فدوى: (مذهل بالفعل, إذن, ماذا سنفعل بهذه, أو هذا الشخص؟) قالت تنسيم بهدوء: (بل الشيء , لا أعتقد أنه بشري على كل حال) فاقتربت أريج منهم , و ذكائها الفطن يحلل بدقة آلاف المعلومات , و ردت بهدوء: (إنه ليس كذلك! أكاد أجزم أنه مسخ ) قال سمير ببرود غير اعتيادي: (القتل وارد, إما أن نحررها و قد لا تعترف بالجميل, أو نقتلها) و تدخلت إيلاف: (ليس القتل يا صغيري العزيز! لا, دع القتل آخر رغباتك) و هنا ألتمعت عينا أريج, مما جعل تسنيم تفطن بشكل تلقائي, أن حماسا ما يجوب في داخل هذا الكيان الذي يبدو مسالما. و أقتربت من القناصة و هسهست : (آس قادمة, إنها هنا!) استنجزت الكلمات وجودها, و أرتخى جسد القناصة ميتا. صاحت تسنيم: (لقد ماتت! يا إلهي.. قتلتها العبارة حقا!) فمالت إيلاف نحو أريج مستفسرة: (من هي آس ؟إذن؟) أرتفع حاجبا الصبية بدهشة, و قالت بلهجتها الصادقة : (لا أدري! هو مجرد أسم إضافي للربة الإغريقية أثينا) و رغم ذلك, تهبش القوم مجتمعين أمام القناص الميت, و سحب سمير القناع من على وجهه ليظهر وجه طفل, لا أقصد طفلا تماما, بلا رأس طفل رضيع صغير للغاية, يخرج من عينيه ما يشبه الرغوة! قال نصر و هو يصفر: (مقزز) فردت نوار: (مثلك تماما, أنني أعني ما أقول) ألتفت سمير إلى أريج , ليرى الإزماع الغريب متجسدا في كيانها, بنظرة بدت بشكل ما.. غريبة, دفعته الى التفكير بأن تلك الشابة المتناقضة ستقتل أحدا يوما ما. رمشت فجأة و أنساب صوتها الذي أختلف جذريا : ( على كل حال, هل تسائل أحدكم ما هو موقعنا من الخارطة؟) دفع ذلك سمير مجددا الى التفكير بأن الأحداث التي ولت في الدقائق الأخيرة أمالت الجميع عن التسائل في مكنون وجودنا, لم تكن تلك الأشياء لتنتهي, لم تخلق لتنتهي, بل خلقت بشكل ما .. لتوجد, لتؤثر على هذا الجزء من حياتهم, لم يكن أي من كل شيء طبيعيا , إلا أن مجرد التفكير به يجعل الأمر طبيعيا, كتفسير ظاهرة ما أو شيء من هذا القبيل. صاح صوت تنسيم: (لا بد أننا في كون مواز !) رحبت إيلاف بالفكرة قائلة: ( مثلما حصل لدورثي في قصة ساحر أوز,) و أشارت إلى الباب, مردفة: ( لكن الجواب هناك ) فانفض الجمع تاركين الجثة وحيدة , و خرجوا الى العالم المختلف عنهم حتى الأن.
- وجدوا أنفسهم في دغش اخترقته إنبلاجات طفيفة أسفرت معالم محيطهم, كانت أرضا صلفاء شجواء مقدحة, تحيطها الصخور الصلدة مكونة حاجزا . و إذا بهم يعبرون الممرات الحجرية الشاهقة, لا تنير طريقهم سوى عبرات دقيقة من الضوء الذي بدأ يتلاشى دونما أثر يذكر, حتى بلغ الأمر مرحلة عسر فيها البصر عن الرؤية, و أشتد الدجى ظلاما داجنا. هزت انتفاضة عنيفة كيان تسنيم, دفعتها إلى الحديث كما تفعل دائما حين ما تنبئها غريزتها الأنثوية إلى إقتراب شيء ما. و قالت لفدوى التي خطت قربها بصمت: (أتدرين, عادة ما يرافق سحب شخص ما إلى عالم آخر حدثا سعيدا, فقد حدث ذلك لهاري بوتر.) ردت الأخرى بلا مبالاة: (و من يهتم بهاري بوتر على كل حال؟ أوه لقد حدث الكثير بالفعل عند قدومنا إلى هنا! فاليوم يقدم بلانت ستيوارت عرضا موسيقيا يبث على الإنترنت مباشرة! أنت لا تدركين كيف يؤثر ذلك علي !) صمتت تسنيم ,لم يكن عليها الحديث أساسا, فحين ما تُغمر في الحديث مع أحدهم, حتى يبدأ بالحديث عما يريده هو!, لم يكن هنالك من يستطيع أن يستمع, فلقد فنى المستمعون مع صمتهم . قادهم سمير بحجة أنه الشاب الوحيد في المجموعة, تبعه نصر و نوار, ثم أريج و إيلاف, تتبعها هي و فدوى في النهاية, ربما كان شيئا طبيعا , هو ذلك النسق, لكنه بشكل ما فهو أمر معبر, معبر عن فكرة ما يصعب شرحها.. لذلك فهي تفرض نفسها بتلقائية تامة دون أدنى قدر من الضجيج, و تختفي عن الأنظار خلف ما ندعوه بالفطرة. كانت لا زالت تشعر بحاجة شديدة للحديث مع أحدهم , ربما إيلاف؟ قد يكون قرارا صائبا , و قد ينطوي على مجموعة من الأفكار الإيجابية من قبل إيلاف, و التي رغم فلسفتها الفاضلة, ستزيد مشاعر تسنيم ضمورا. لقد جاء القرار فجأة, فأبت تسنيم الكلام و صامت عنه لحين يزول كربها, فشغلت نفسها بالتفكير في أن أمر ما خاطئا يحدث, لكن أمرا خاطئا بالفعل قد حدث!, كيف وُجدوا في هذا المكان؟ كانوا هناك, في الغرفة, يستمعون إلى نوار و هي تلقي الفصل الأول من كتابتها, لكن هناك أخطاء أخرى , أخطاء للغاية!لم تستطع أن تفهم شيئا, أدركت على الفور مدى تشوش ذهنها. حدث كل ذلك بسرعة! , نظرت إلى سمير.. بارد كعادته, كما كان دائما , صلبا , جلفا , ظهر البرود على محياه قبيحا رغم وسامته, لكن شيئا ما متزعزعا بدا في كيانه, كان ذلك يحدث دائما حينما يجبر نفسه على كبح جماح أفكاره, هل كان كذلك؟ لم يكن نصر قطعا هو الخطأ, رغم أنه كان يهرول من حين لآخر, و ربما كان الأمر سيان بالنسبة إلى الأطفال, فأينما ولّوا فإن مقاييس الحياة تبقى بنظرهم ثابتة. كانت نوار تعلق من حين لآخر بشكل ساخر : (طريق مسدود! إن مستقبلك الوظيفي في الإرشاد السياحي على المحك. أيها الشاب!) أو قد يضيق بها الحر فتقول : (لا بد أننا حبسنا في مدفاة منزلكم يا أريج! أنها معطلة بشكل بائس ). تحول نظرها بشكل طبيعي إلى أريج , و قد أدركت مباشرة أن الخطأ يقع هناك, في تلك الفتاة, فقد كانت صامتة , واثقة , مهيبة بشكل ما و مرعبة كذلك! لم تكن تلك الشابة المرحة المعتادة, بل كانت كمن يدرك تماما كيف يستخدم غريزة البقاء. كان الأمر يسوء تماما, فقد بدا واضحا أن الظلام قد حل و أختفت منارة الطريق, و رغم ذلك , فقد فج نصر صوت الصمت قائلا : (فجوة ضوء! ) أقترب الجميع من ركن الصخور ذاك, و قد كان هناك شيء ما يشبه الفجوة, أستوطنتها فراشات الليل المتلألئة لتنير مساحة غير صغيرة من الضوء, و قادتهم فطرتهم البشرية الى الإلتجاء إليها لبعض الوقت, و قد قرروا بكل حزم أن يبيتوا هناك ما تبقى لهم من الليل. مع جلوسهم قرب الفجوة, أدرك كل منهم كم كان مرهقا, إلا أن نوار بدت قلقة بالفعل بخصوص الطعام و الشراب, رغم تفكيرها الأناني المعتاد, فقد وضح أمامها أنهم بلا غذاء .. بلا شراب , هائمين على وجوههم! ربما كانت تستطيع أن تصمد هي و إيلاف و ربما سمير, و لكن قطعا الصغار لم يخلقوا للصمود. و ربما طغى على مفاهيمها الإدراكية مفهوم آخر أجبرت نفسها قبلا إلى عدم الوثوق به, أدركت ماهية الإيثار في هذه اللحظة و قيمته الوجودية, كانت فكرة صغيرة للغاية أشعرتها بتأنيب الضمير.. لقد أعتادت على النقد الساخر و التفكير بعقلها هي, أدركت بشكل ما ماهي مسؤوليتها في هذا المكان, و رغم أن ذلك أستغرق وقتا طويلا فهاهو الأن! و قد وقف بقربه شبح النعاس. سكن المكان فجأة و بدا كأن الجميع بعث للرقاد, إلا أن عيني أريج لم تتمكنا من ذلك, أرهقت نفسها بالتفكير في كل ما حدث قبل ساعات. و أنضمت إليها إيلاف التي لم يتمكن النوم منها كذلك. بدأت إيلاف الحديث : (ربما لم يكن علينا الخروج من الغرفة إطلاقا!) و تسألت الأخرى : (هل تعتقدين أن المزيد من تلك المسوخ قد دلف إليها؟) فقالت أريج بإقتضاب : (أجل, بل أحسب أنها ليست بالمعدودة أو المحدودة!, أعتقد أن هناك قبائل كاملة من تلك الكائنات الهمجية تجول في مكان ما, أنه أمر بديهي) ثم أردفت بعد تفكير طويل : (لا أعرف تحديدا ماهية آس, لكن ذلك المسخ بشكل ما عناني, لا أعرف كيف تم ربطي بها, لكنه فور إدراكه أنني لا أعرفها تجنب ذكرها! لقد كان خائفا للغاية! و أنا كذلك..) شعرت بيد إيلاف الدافئة تربت على يديها و قالت : (لا حاجة لك لكل هذا الروع! إن هناك حكمة ما تقول (سيمر..) و كل هذا سيمر ,و لن نجزع مجددا ..) (أصلي من أعماق فؤادي أن تكون آس في جانبنا, لا بَدّ لنا غير ذلك, أشعر أن آس هي سبب وجودنا هنا) هسهست الأخرى طلع الصبح كعادته , و بحثت أول خيوط شمسه عن أولئك الغرباء الذين التقتهم بالأمس, لم تجدهم .. و لعلها لم تدرك بواسطة أشعتها المحدودة أنهم قربها , لكن طفافة نورها يجعلهم في غور العتمة و هي قربهم. أستيقظت معها أريج و للأسف لم تكن الأولى, فلقد ألفت نصفهم قد نفض النعاس بعيدا . و قعدت تلك المجموعة الصغيرة تناقش أمور الرحلة, و سرعان ما أنضم إليهم الأخرون , و أكتشفوا جميعا مدى رهابة الفراغ في معدتهم . أكملوا سيرهم رغما عنهم, و قد أحسوا بشكل ما أنهم سيجدون مخرجا قريبا رغم بؤسهم و جوعهم. و رغم ذلك, فإن رائحة الخطر فاحت منذرة.
- سرعان ما أنتبهت فدوى إلى أن أحدا ما يمشي خلفها, أجبرها ذلك على التوقف و الإلتفات, كان كما توقعت , المزيد من المسوخ, لم يكن عددا كبيرا لكنهم بدوا أقوياء لدرجة أن كلمة آس لا أثر يذكر لها عليهم كما يبدو. جعلها مجرد النظر إليهم تصرخ بأول اسم احتواه ذهنها: (أي سمير!) نبرة الهلع جعلت الجمع يدرك ماهية الخطر , لكن المسوخ لا تهتم بالوقت الازم لفعل ذلك, كان عليهم أن ينفذوا الأوامر كالرقيق . جهز أقرب مسخ إليها قوسه , أطلق السهم دونما تردد إلى فدوى التي أشلها الجزع في بقعتها, لكن السهم لم يصبها, بل أصاب أريج التي وقفت كحاجز بين البشرية و المسخ. غاص السهم في عمق كتف الشابة , شُلّ جسدها بالكامل فعجزت عن الحراك, ركضت نوار إليها بحكم فطرة الخالة, لكن أريج التفتت إليهم بمنتهى الحزم و صاحت: (أيها المغفلون..) تلاقت عينيها الخضراوان مع عيني سمير اللائي شعرن برغبة جامحة في مخالفة ما ستهذيه من كلام. أردفت أريج قبل أن يصيب سهم كتفها الأخرى و تسقط أرضا : (أهربوا..) دفعت كلمتها الوحيدة الجميع إلى الزمع في ركضهم, و رغم ذلك لم يمنع سمير نفسه من الإلتفات إليها ليرى جثة هامدة يحتضنها الثرى. أجبر نفسه على التفكير في أن الأرض أرق قلبا منهم جميعا.
- استعادت وعيها ببطء, رغم ذلك فقد تمكن حسها الإدراكي من الشعور بإبتعاد تلك المسوخ, و حديث أحداها عن أنهم سوف يعودون لأخذها إلى شخص ما.. أستطاعت سحب كيانها الجسدي بشكل مهين على الأرض, ابتسمت لأن المسوخ لا تجيد التصويب . لمحت هوة مخفية بين الصخور, و سحبت ذاتها حبوا إليه , و أدركت بشكل ما أن مادة لزجة تنبثق من على رأسها ,كان دما! ربما شجته صخرة أرتطمت بها أثناء سقوطها. سرعان ما سال الدم بشكل عشوائي على محياها, و رغم ذلك تمكنت من ولوج الكهف و الإستلقاء بهدوء. و أجبرت نفسها على نزع حجابها و تشتيتته لتضميد جراحها بشكل مؤقت. لقد أدركت أن جسدها سيفقد دمها هدرا بعد بعض الوقت, و قد يطول الأمر بعد تغطية جراحها بخرق الحجاب. لقد أدركت معنى الإحتضار وحيدا.. لقد تقبل ذهنها معنى الموت البطيء بكل رحابة.. كم كانت غبية حين ما حسبت أنها ستموت بين السحاب. |
__________________ ARWEN@PAIN.ME I DIDN'T SAY THAT I WANT YA TO GO AWAY..
التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 06-10-2017 الساعة 06:44 PM |