زعموا أنه في إحدى المدن ، التي تناقض اسمها مع واقعها ..
عاش حكيم المجنون _ أو هكذا كانوا يسمونه _ ، رجل فاسق ماجن لا خير فيه ، مرتاد للشجارات و مرآة عاكسة للمشاحنات .
لم تسلم زوجته الحنون من لسعاته السامة ، و لا هرب أبناؤه من سوطه الرفيع .
في كل ليلة كان يسمع صراخهم ، و يتعالى معه وقع ضربات ألواح الخشب و السياط .
،،،
فجر غائم كما ليالي الشتاء ، تلاحم القر و السكون ليرسما لوحة تلكم البيوت ، مبان أحاطتها هالة سديم الأسى ..
حرك جفناه ليكشف عن قطرتي الحبر الأسود ، جالت تلكما العينين في المقام متوجسة ، أيحتاج لإذن كي يستيقظ ؟
حرك ذلك البدن الرهل المعبئ بأنفاس الألم ، انبثق لحم يديه و قد وقف النزف منهما ، بل تجمد من البرد ..
أحس بلسعات الزمهرير في أطرافه بل و كامل جسده .
وسط صوت أسنانه تصطك و حركة ارتجاف يديه ، أدار رأسه ليقع بصره على الطفلة في جانب الغرفة تنام ، أخته كانت تشبهه .
لطخ الطين وجهها البرونزي ، لم يكن شعرها بمقصوص بل ممزقًا بوحشية ، شابهت أخاها كذلك في تلك الأيادي الصغيرة ،
التي وضع عليها الوصب لمساته ، أبت الجروح أن تكِنّ فانبلجت عليهما .
أشجان قلبه ترجمت لدموع عينه ، حين رأى مآل أمه ، توسدت الصخور ، خصلاتها القليلة ملأها التراب .
وضعت نفسها واجهة لحماية أبنائها ، ترفعت عن الحثالة من أمثال زوجها .
ترى أن الوجع سهمها في الدنيا ، و لا تمنُّها لأطفالها من بعدها .
تزعزع من ذلك السكون ليقف و قد ستر جسده ببعض الكتان المهلهل .
ابن الرابعة عشر جلدٌ جلْدَ الرّجال ، لم يكُ ما يعتريه سلوان ، وسط اصطباره الطويل تبرّم في اللحظة .
تكلّدت قطرات الدمع لتشق طريقها بين خديه .
بغتة صورة رسمت في تلك الذاكرة المنهكة ، صورة الملك ، إنه مذ حكم لم يُر ظله ، خلّف لهم جبروت الواقع اللئيم ،
حتى الحجارة الصماء تبكي لدواهٍ دهماء تسبب بها .
صوت لم يعتبر رنة ! ، ندرة حنان و بحاحة بانت واضحة " اسمع ، اذهب إلى كمال و اشتر علبة سجائر "
ازدرى تلك البشرة السمراء ، شرد خلده في تلك العيون الرمادية و لم يوافه إلا بصرخة إنعاش من أبيه .
لمّ شتات نفسه و باضطراب رد " لا مال لدي "
بابتسامة ثعلب انبلجت عنها أسنان ليمونية " إذن اسرقه ، أو اسرق السجائر "
اشمئز أكرم من كلام أبيه ، الذي كان يقوله كأنما هو أمر عادي جدا بيد أن أمه كانت تتحسس من هذا الموضوع ، و لا تسمح لأولادها حتى بالنظر إلى ممتلكات الغير لكي لا تتملكهم و لو أدنى رغبة في السرقة .
" حسنا "
كان هذا جوابه بهدوء أيضا ثم خرج تاركا أباه يغسل وجهه بالثلج الذائب ..
مشى و رجلاه تغطسان في البياض ، أحس بألم شديد خاصة بعد الضربات التي تلقاها مساءً ، و صباحا يضطر للسير حافي القدمين على الثلج .
أحس أنه لا أمل في أبيه ، ولا أمل في المدينة ، و لا أمل بالنجاة أبدا !
وصل إلى بيت كمال فطرقه لتخرج زمجرة الأسد من بين جحور الجدران ، لم يتحرك أكرم أبدًا ، لربما كان أقوى من أن يهرب من كمال !
الذي كان كالنسخة عن أبيه .
تابع طرق الباب ليخرج صاحب الزمجرة هذه المرة ، بعينين جاحظتين و شعر بني أشعث و وجه سمين مستدير ، نظر لأكرم متفاجآ .
لم ينتظره أكرم ليسأل بل أخبره عن مطلبه فورا ، إلا أن كمال زمجر ثانية قائلا :
" يطمع والدك في السجائر و لا مال لديه ؟ "
ثم أغلق الباب بقوة لدرجة أن الثلج الذي كان فوق السطح قد سقط مباشرة فوق أكرم . فانفض فزعًا من شدة البرد .
شعر لحظتها بأنه حثالة لا معنى لها ، شعر أنه خلق فقط ليهان ، شعر أن قافية القدر تناغمت مع كلمات المآسي لتنشد أغنية حياته .
ضم نفسه بيديه بعد مرور نسمة الهواء البارد قربه لتزيد الطين بلا .
بدأ بالسعال فجأة ، لم يكن هناك ما يشعر به غير الألم .
إلا أن ذلك الشعور تبدد في لحظة سمع فيها صوت صافرة القطار ..
القطار الوحيد في المدينة بأسرها ، الشيء الوحيد الدافئ الذي يمر بشارع " كارمل "
و الذي لا يدخله سوى الأغنياء ، كثيري الشح و قليلي العطاء !
فكر للحظة من الزمن في أن هذا القطار أمله الوحيد في النجاة ، إنه يتجه إلى باريس غالبا .
حيث قد يجد هناك ملكًا رحيما ، و يجد عملا ومأكلا و مأوى يحميه .
ركض بسرعة في اتجاه السكة ، ليبحث عن شعاع الحرية الذي فقده .
نعود مجددا إلى البيت الحجري المتآكل، حيث جلس أسمر البشرة على كرسي يهز قدمه لا إراديا .
أحس أن ابنه تأخر فصرخ موقظا المسكينتين " أكرم ، سوف أقتلك اليوم ! "
فزعتا و خاصة البنت الصغيرة ، إلا أن الأم وقفت بسرعة لتقول غير مدركة " هل جننت ؟ لما تصرخ هكذا ؟ "
وجه إليها زوجها نظرات حادة مما جعلها تعظ لسانها لزلته ، تقدم منها ليمسك شعرها و يسحبها إلى الأرض قائلا
" كيف تجرئين ؟ "
سمع صراخ طفلته البريئة " أبي ، أرجوك ! "
رمقها هي الأخرى بنظرات حقد و غضب لتتمنى لو أنها تبتلع لسانها فقط .
ترك أمها ليتوجه نحوها ، حينها وقفت الأم لتدافع عن صغيرتها .. نظر حكيم مطولا في عيني زوجته ..
كان متوترا بدون سجائره ، إلا أنه لم يكن يريد بدأ الضرب مجددا .. تنهد ثم خرج تاركا المسكينتين في فجوة الهلع .
وقف أمام المحطة ، ليلاحظ رجلا ارتدى زي الشرطة بدى واضحا أنه قاطع التذاكر .
نظر الرجل إلى أكرم متأملا إياه ، لم يكن ذا حذاء ولا ثياب كاملة و لا حتى ذا بدن مستو .
فقد ملأته الشروح غير مندملة
تسائل أكرم متلهفا " متى يأتي القطار ؟ "
أجابه بتذمر " أنت متشرد ولا يسمح لك بصعود القطار ! "
لم يبالي كثيرا رغم تأثير كلمة " متشرد" على نفسه ، اضطر للكذب هذه المرة .
" لست من سيسافر ، بل أحد الأغنياء أمرني بأن أحدد له الموعد بدقة "
" حسنا إذن ، يأتي القطار عند منتصف الليل تماما "
تنفس أكرم الهواء المجمد ليملأه الخذلان ، إلا أن إجابة الرجل منطقية فقطار واحد يصل باريس و يمضي في المدينة بأسرها ..
لا بد أن يقضي هذا الوقت الطويل في رحلته .
نظر خلفه للطريق الطويل التي سلكها ، هل يعود من حيث أتى و يتلقى أقسى العقوبات على يد أبيه ؟ أم ينتظر في هذا البرد لثمانية عشر ساعة ؟
في الحالتين لن ينال الراحة ، في الحالتين لن يشعر بالدفئ !
فجأة تذكر أنه إذا أراد التسلل للقطار و السفر فلا بد له من بعض الحاجيات ، وربما يتجرأ هذه المرة على سرقة المال .
تشاجر حكيم مع كمال مجددا بسبب السجائر ، ذهب المجنون إلى المقهى و أخذ يحطم كل مايراه .
اجتمع الناس حوله محاولين إيقافه إلا أنه أبى إلا أن يكسر الكراسي و الطاولات و النوافذ الزجاجية ..
فجأة انتبه إلى قارورة خمر في يد رجل عجوز ، أخذها منه بالقوة و أخذ يشربها بنفس واحد ، و بعد إنهائها خرج تحت نظرات الناس الحاقدين .
جلس عند باب المقهى ليلاحظ قدوم ابنه الذي أقسم على قتله ..
ركض نحوه فإذا بأكرم يحاول الهرولة إلا أن أباه كان أسرع فأمسك من كتفه أولا ، أداره نحوه ثم وضع يده على رقبته ليرفعه عاليا ..
صرخ غاضبا " لما لم تحضر السجائر ؟ "
حاول بعض الناس التدخل مجددا إلا أن الجثمان الضخم ذو الرائحة الكريهة و اللون البني كان أقوى من أن يهزموه .
يئسوا تماما فوقفوا محدقين في الصغير يختنق و وجهه يزرق شيئا فشيئا ..
كان والده يضحك كأنه يستمتع بقتل ابنه . حين أحس أكرم بأن روحه أصبحت في حلقه جاء رجل مناديا على حكيم .
لم يأبه حكيم بداية إلى أن قال الرجل : " الملك يريدك "
سمع حكيم كلمة الملك كأنها مرادفة للمال و الفضة ، ترك ابنه و نظر إلى الرجل بلهفة ، كان يرتدي زي الشرطة ، و يبدو عليه الحزم و الجدية
تبع حكيم الرجل إلى أعلى العربة لينطلقا في الطريق المؤدية إلى قصر الملك .
حينها تقدم بعض الناس من أكرم محاولين مساعدته إلا أنه استعاد نشاطه بسرعة فوقف و قد انتابه الفضول ليعرف ما وراء استدعاء الملك لوالده .
حيث أنها الواقعة الأولى من نوعها ، فلا أحد يرى الملك ، و الملك لم يقم باستدعاء أحد ليراه أبدا .
إلا أنه و بعد أن رأى الموت بعينيه قبل لحظة عقد العزم على الرحيل فقد نفذت كل ذرة صبر في جوفه المملوء كرها و حقدا ! .
في قصر عملاق ذو أسوار شامخة و عدد الحرس قد تجاوز الألف حارس ..
وقف حكيم غير مشدوه لهذا المنظر الذي يشل العاقل .
دخل بعدما سمح له الحراس بالدخول ، سار في رواق طويل و الذي انتشرت في جدرانه اللوحات الباهظة الثمن .
ثم دخل إلى القاعة الخاصة حيث قابله الملك شخصيا ، و قد كان ذو بشرة بيضاء نقية بنقاء بشرة الأطفال.
و ذو عيون خضراء كبيرة بارزة بعض الشيء ، و شعر أشقر قصير تخالجته شعيرات بيضاء ..
بدى في سن الخامسة و الأربعين على الأكثر .
نظر إلى الحراس قائلا " أخرجوا جميعا ، لا أريد أحدا هنا "
انصاع له الحراس غير معترضين ، و في ثواني خلت القاعة إلا من حكيم و الملك المدعو هارون .
وقف الملك ليتقدم من حكيم قائلا " كيف حالك يا حكيم ؟ "
أجابه حكيم بجفاء " كما ترى ، أعيش مهانا و ينادونني بالمجنون "
ابتسم هارون بزيف قائلا " لدي مهمة لك "
" لا أستطيع ، لم أعد رزينًا "
فتح هارون عينيه بذهول مصطنع " حقا ؟ ، و هل تعلم يا حكيم أن عقلك سيعود كما كان ؟ "
تفاجأ حكيم لهذا الكلام ، صحيح أنه مجنون قليلا لكنه لا يؤمن بالمرة بأن هارون إله ! .
تابع هارون قائلا " لدي بالفعل الدواء الشافي لمرضك هذا ، و لدي أيضا المال الكافي لتعيش في رخاء ، و لكن لا أملك من الرجال ذو القدرة و و المهارة على القتل مثلك "
ابتسم حكيم و قد اعترته أمارات الانتصار " إذن من الذي سيلقى حتفه ؟ "
تابع الملك كلامه مجيبا ..
و قد كانت هناك عين ترى كل هذا ، عين جاحظة تنظر من خلف أحد الأصنام الموضوعة قربهم .
نظر أكرم إلى أمه التي كانت تعاتبه على تأخره في العودة ، كان يتساءل في نفسه ، هل يترك أمه و يذهب ؟ و ماذا عن أخته الصغيرة ؟ ، هل يهرب فحسب من هنا ؟
توقفت خديجة عن عتاب أكرم لتقول بحنان " أكرم ، ما الذي تفكر فيه بحق الله ؟ "
أشاح أكرم بنظراته عن أمه لتقابله الصغيرة هدى و هي تحمل دبا صغيرا أزرق اللون ، قالت والدموع في عينيها
" هذه أول مرة أحصل فيها على لعبة يا أخي ، للأسف فقد مضى عمر اللعب "
ابتسم ليجيب " لا بأس أختي ، أنت في الحادية عشرة و لست في الستين من عمرك "
تنهدت أمهما لتقول في حيرة " و ما الذي يريده الملك من والدك ؟ إن هذا الأمر مرعب "
أجابها أكرم بحدة " لفعل سيء ولا شك "
حاولت خديجة إخفاء قلقها لتقول بهدوء " بني ، لا يجوز لك اتهام أبيك هكذا "
بنبرة كرهت من كل معاني الحياة قرب والده أجابها " لو ملكت الفرصة للهرب لما تركتها ! "
تفاجأت هدى و أمها أكثر ، تأملت الأخيرة حالها و حال أبنائها ، بعد دقيقة تفكير قالت :
" و إياك أن تضيعها ، إذا سمحت لك الحياة بالخروج من هذا الجحيم فلا تتردد بني "
لم يتوقع أكرم تقبل أمه هذا الأمر ، فقط توقع صفعة تجبره على تغيير رأيه .
رفع بصره نحو عيني أمه ، كانت تنظر إلى المستقبل بالفعل ، لن يكون بمقدورها تحقيق سعادة ولديها في هذه المدينة القاسية .
لربما إذا خلقوا الفرصة قد يستطيعون النجاة من هذا الجحيم الملعون .
زاده هذا عزما و إصرارا على تحقيق مبتغاه ..
إنها الحادية عشر و النصف تماما .
كانت الأسرة نائمة فيما عدا الأب لم يكن له أثر ، لأول مرة في بيتهم البسيط لا ينامون على آلامهم و جراحهم ..
فتح أكرم عينيه ، وقف بسرعة و اختلس نظرة خاطفة نحو أمه و أخته .
لكنه لم يقف مطولا لألا يفقد شجاعته و يتراجع عن قراره .
ابتلع ريقه و في لحظات استجمع فيها قوته قال : " سأفعلها "
و بخطوات هادئة و خفيفة سار نحو الباب الخشبي ذي الثقوب الكثيرة .
فتحه لتدخل نسمة الهواء البارد إلى البيت ، ضمت الأم ابنتها لا إراديا كي تقيها من لسعات البرد القاتل .
كان هذا المنظر كفيلا بجعل طفل كأكرم يحتار في قراره إلا أن الشجاعة التي سرت في عروقه كانت وليدة سنين عناء و لم تكن لتختفي بسبب تأثره بموقف واحد .
ها هو القطار قد توقف ، أغنياء _عددهم يعد على رؤوس الأصابع _ صعدوا القطار بيد لم ينزل منه أحد .
تثاءب حارس المحطة في ملل واضح ، لا شك أن عمله يسبب له الضجر ، بينما لم يلحظ بالفعل ذلك الثعلب الصغير الذي تسلل بين عربات القطار .
جلس أكرم في موقع مثالي لمتسلل مثله ، تنفس الصعداء و قد شعر لأول مرة في حياته أن قافية القدر التي لطالما عكست أغنية المآسي قد عكست هذه المرة الحرية المطلقة _ أو هكذا كــان يضنها _
عاد الوحش مرة أخرى ، وقف كصنيع الذئاب على رأس زوجته و صرخ بأعلى صوته : " أين أكرم ؟ "
فزعت الزوجة و كذا ابنتها الصغيرة ، كان الجو باردا كما اعتادوه ، ولا نور في البيت إلا شعاع القمر المتسلل من تلك النافذة العالية .
ضمت الأم ابنتها لتجيبه مرتعبة " إنه هنا نائم "
بتلكما العينين السوداوتين جال في أنحاء الغرفة ، لم يكن للمدعو ابنه أثر يذكر، زمجر بشراسة لينبئ عن غضب عظيم .
فإذا بصوت هادئ يتعالى من خلفه " لقد عدت ، أنا هنا "
نظر الثلاثة إلى أكرم الذي كان قادمًا من آخر الشارع نحو بيته . ما إن وصل حتى نطق : " لما تفتحون الباب و البرد قارص ؟ "
ثم أغلقه تحت أنظار أبيه الذي شعر بالسعادة في كينونة طفله الذي بات مبتسمًا مشرقًا رغم الزمهرير و الديجور القاتم .
نطق غير آبه و لا مبالٍ بالذي حدث مع ابنه : " أريدك أن تفعل شيئًا "
يمكننا القول بأن السعادة في أغوار نفسه الصغيرة قد تقطعت أشلاءً ، فهو يدري أن والده لن يطلب إلا أمرًا به ويل و كيد عظيم .
ابتلع ريقه و قد تملّكه الخوف مجدّدًا فاستدار نحو والده الذي كان يحمل صورة رجل غريب .
نظر أكرم جيدّا ، كان الرجل برتقالي الشعر الأملس ، ثخين الوجه ذو عيان غائرة و بشرة سحابية ، لم يبدو شيء من ملابسه في الصورة الصغيرة .
رد أكرم بعفوية " أليس هذا هو الوزير مالك ؟ "
أجاب حكيم بإيماءة من رأسه : " أخبرني كل ما تعرفه عنه "
تابع أكرم : " ليس الكثير ، إنه وزير فاسد ، يسرق أموال الملك على الأغلب "
ابتسم حكيم ليتابع بهدوء غير معتاد : " ابحث عن عمل في قصره غدًا "
خرج المستبد فلم تتركه النظرات المستغربة وحيدًا إلى أن أغلق الباب بعنف .
تساءلت الأم في حيرة : " غريب ، لما قد تعمل في قصر وزير ؟ "
هز أكرم كتفيه بلا اهتمام ثم ولج إلى أسفل غطائه .
عيون مغلقة ، فراغ آسر ، دجى حالك . تنفس الصعداء ليقول في نفسه :
" أفضل العيش في هذا الحضيض مع عائلتي ، على أن أعيش في رغد بعيدًا عنهم "