|
روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
وهج أجارثا || رمادٌ غربيب!! من سعير غلة [ALIGN=center] [ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url(https://b.top4top.net/p_5503kgqo3.png);"][CELL="filter:;"] [ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url(https://b.top4top.net/p_5503kgqo3.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=center] [/ALIGN][ALIGN=center] [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN] التصنيف: تاريخي، فانتازيا الكاتبة: كروستافيا ، فيوليت [mark=#ffffff]~الحقوق محفوظة لعيون العرب~[/mark] [ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('åäÇ ÑÇÈØ ÇáÝæÊÑ');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________ وَ تزهو بنا الحَيآه ، حينما نشرقُ دائماً بـإبتسآمة شُكر لله .. أحبُك يالله |
#2
| ||
| ||
[ALIGN=center] [ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url(https://b.top4top.net/p_5503kgqo3.png);"][CELL="filter:;"] [ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url(https://b.top4top.net/p_5503kgqo3.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=center] [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN] [mark=#ffffff]أسطورة حيكت في غابر الزمان.. أم حقيقة اندثرت وصنفت وسط الخيال سلسبيل للأنفس هي.. فما كان محرما ارتد يناقض المألوف.. فقط هي وهو من عمرا وسط جشم عنيا به[/mark] في زمن انتشرت فيه الحروب والنزاعات، والأقوى هو المسيطر، قانون الغاب حكم لملايين الأعوام، استبداد وظلم أحال البشرية إلى قعر الظلام، رضوخ للواقع واستسلام لليأس، هكذا كانت حياة الفئات صاحبة الحق، صاحبة حق بلا حكمة ولا قوة، أراضٍ سرقت وقرى أبيدت أناس يتضورون جوعاً، أراضيهم المسلوبة داخل عيونهم تقبع، لكنها بعيدة عن أياديهم رغم قربها منهم، لا يملكون الحق في اتخاذ القرارات، لساعات ينظرون للسماء ينتظرون مخلِّصاً، يُسحب الأطفال من الأحضان فتياناً وفتيات إلى مصير أغبر، أوغاد بلا حق سيطروا على أرضهم الحرة، وخلاصهم يكمن في يد تلك القبيلة! يقال أن الموت حق للجميع، وطريقة رسمه تعتمد على الجميع، كانت فوارق زمنية فقط، انتظار اكتمال العدد والعتاد، عشيرة يان تلك التي تكلمت عنهم الألسن، يختبؤون في كل مكان وفي كل زمان، بينهم وبين البقية حواجز، فوارق، وأفعال، حكايات غريبة تروى عنهم، يقال أنهم قبيلة خرجت من عمق الظلام، وآخرون قالوا أنهم جاءوا من العالم الآخر، ليسوا بشراً بل هجائن استوطنوا الأرض منذ القدم، طبيعتهم ناقدت المنطق، إن كان الخلاص بهم فما الضير في البحث عنهم، رجالاً ونساءً كانوا بطبائع مختلفة. وكانوا مفاجأة كبرى للمستعمرين، جاؤوا جنوداً مجندين، والعشائر التي بلا قوة وقفت تشاهد من بعيد، كما هي وظيفتهم، وسَبَّبَ وقوفهم هذا خسائر لم يتوقعوها، تخلصوا من بلاء ليأتيهم وباء أَلَمَّ بعظامهم.. كان شرطاً سحيقاً.. مدينة هان شي أكبر المدن تمركزاً، فيها من الخيرات الكثير والطبيعة الخلابة ما يأسر الأعين، رحلوا عنها مرغمين بلا كلام ولا ممانعة، فمن منهم يستطيع الوقوف أمام نساء عشيرة يان؟! [الصين: مدينة هان شي: السنة 502 قبل الميلاد] بدأت الحكاية بعد استيلاء مستعمرين غرباء على مناطق كثيرة في الصين وكان مطمعهم الأكبر مدينة هان شي ذات أكبر تجمع للثروات، نهبوا الشعب ودمروا قراهم واستعبدوهم ليعملوا في أرضهم بلا حق لهم. يئست العشائر من محاولة التصدي وأُرغِموا على معايشة الواقع، كل ليلة ينظرون إلى خط الأفق مكان التقاء أرضهم بسكينة السماء... فكر البعض منهم في حكايات الأجداد، عشيرة يان المسماة بعشيرة النساء، النساء هناك من يحكمن ولا وجود لسلطة الرجال، لديهن حصونهن المنيعة، ورماحهن القاتلة، وسلاح الدمار الأشد! لم يفكر أحد في الوصول إلى تلك الحصون ومن يفعل يجد مصيره على بعد كيلومترات منها، دماء التنانين تجري في عروقهن ما جعل دحرهن ضرباً من الخيال، قويات هنَّ بهذه الدماء وبإمبراطورتهم الحسناء، والرجال هناك للعمل الشاق مستعبدون، في أجسادهن قدرة على القضاء على المستعمرين لكنهن لم يفعلن حتى الآن، فكرت جميع العشائر في طلب العون لكن لم يظهر فيهم الشجاع لمخاطبتهن. حتى جاء اليوم المنشود وجاءت فيه النساء برماحهن ممن يمتلكن مرونة التنين، والأخريات ذوات العنجهية البحتة في الحصون يلقين الأوامر... وفي ليلة كالحلم كما في قصص الخيال، طارت التنانين فوق رؤوس الغزاة، ولم يعلموا من أين منبع تلك الرماح، والسيوف تظهر وتغيب في أجسادهم، التحمت التنانين الحماة بقدراتهن فقضين على المستعمرين في كل مكان وأصبحت أراضي الصين مقبرة للغزاة، والساحات فارغة من البشر سواهن والجثث المترامية، والسماء افترشت بقاذفي النار بمختلف الألوان، وزمجرتهم في هذه الليلة أرعبت الأنام... دمار حل لكن الأمر لم يجلب السوء والخوف الأسود إلى نفوس العشائر بقدر ذلك الطلب الرهيب منهن، بأمر من إمبراطورتهم! وقفت قائدة الجيوش أمام عجوز ترأس قبيلة هان شي بعد القضاء على أولئك المستعمرين وألقت لهم أمر الإمبراطورة.... " سلموا هان شي وارحلوا سريعاً" حملت كلماتها من التهديد ما قتلهم رعباً، ومرر العجوز نظره في الخراب حوله وفي الجثث ثم في ذلك الجيش من الفتيات خلف القائدة، وإلى فوق.... وهكذا أصبحت هان شي مدينة قبيلة يان الهجائن، حيث النساء تَوَّجن أنفسهن أباطرة عليها وأسسن حصونهن فيها، نجدتهم لبني أرضهم لم تكن نجدة، بل كانت بداية تاريخ حكم النساء لإمبراطورية الصين العظيمة. وشعر بحرارة أنفاس التنانين تنبع من كل اتجاه، خمس دقائق أو أقل وأصبح الناس يخرجون من البيوت التي بقيت سالمة ببعض الأغراض القلائل ما يلزمهم في رحلة اللجوء وتركوا هان شي متألمين، تخلصوا من المستعمرين ليأتي من هم أشد ضراوة منهم... كانت لي يان الإمبراطورة الأولى لــ هان شي، عادلة وذات قلبٍ رحيم، لكن البشر يستحقون المعاملة الصارمة... انتظرت مجيء الوقت الأنساب للاستيلاء على الصين وبالأخص مدينة هان شي، كانت تستطيع الحصول عليها من دون عناء منذ حكمها العشيرة قبل خمس سنوات، وكذلك الإمبراطورات السابقات لكنهن لم يسعين لكل هذا، أردن العيش بعيداً عن بقية القبائل لأسباب كثيرة كان أهمها إبقاء الحياة متوازنة بين العشائر، لكن الإمبراطورة الحالية لي يان كان لها تطلعات مختلفة، أرادت مخالطة بقية البشر وحماية إمبراطورية الصين من الدمار والغزاة المستعمرين. اتخذت من القصر مكاناً لها، دخلت هان شي إلى قصرها ولم تخرج منه لأعوام، هكذا كانت قوانين الأباطرة في قبيلتها وقطعاً لن تتخذ تصرفاً يكسر تلك الهيبة، كانت ذات جمالٍ أخاذ، عينان سوداوان وشعر أسود كالوشاح الحريري، تميزت بجمال متفرد بالتشيباو النيلي المطرز بنقوش من الذهب المميز، لونها المفضل في أغلب المناسبات، وزينت خصلاتها وعنقها بأجود أنواع المجوهرات والحلي تلك التي تتوارثها الفتيات في العائلة الحاكمة... تعاملت مع رجال قبيلتها الضعفاء بعدل ورأفة وسمحت لهم بالعيش في هان شي ملزمين بأعمالهم الطبيعية بعيداً عن الحكم والحرب فهذه القبيلة تناقضت مع بقية المجتمعات الشرية في تميز النساء بالقوة وبدماء التنين الحارة التي تجري في عروقهن وبسلطة الرجال الحقيقية فأصبحن رجال تلك القبيلة بينما الرجال منحوا مكانة النساء الطبيعيات فعزلوا عن الحكم والحرب خصيصاً، أما الوظائف العادية فكانت لهم الحرية في ممارستها، ولم تبعد لي يان الرجال عن القصر وكان منهم الخدم ومنهم الطهاة ومنهم المزارعين وغيرها من طبيعة الأعمال السائدة في ذلك العصر. ما كان الظلم موجوداً في ذلك الوقت، وحكمت لي يان البلاد بلا جور ولا ظلم وعم السلام، واختلف شعور القبائل بعد عدة سنوات، فقد تقدمت البلاد وازدهرت بأكملها وصار حالها كحال مدينة هان شي وأدركوا أن أفضل ما حدث لهم كان حكم نساء يان للصين، لم يفكر أحد في الانقلاب على حكمهن مبررين بأنهن لم يكن نساءً من البشر بل كن هجائن أنصاف تنانين، هكذا برروا لأعوام وزرعوا هذه الأفكار في رؤوس الأطفال من بنات وأولاد. ثم حدث ما كانت تخشاه الإمبراطورات السابقات، حدث ما كن بمعزلٍ لأجله. استولى العمى على قلوب فتيات العشيرة عامة وعلى عقل وقلب إمبراطوراتهم اللاتي حكمن بعد موت لي يان. خالطن المجتمعات الأخرى لمئة سنة، ورأين كيف هم الرجال في العشائر والقبائل الأخرى رأين كيف هي الحياة خارج أسوار مدينة هان شي... استطاعت الإمبراطورة لي يان السيطرة على أفكارهن، والآن وبعد وفاتها وتعاقب إمبراطورتان في الحكم انقلبت النفوس، وتغلغل الحقد ليغلف العقول، وحقدن على رجال قبيلتهن لتخلفهم عن صفات الرجال الحقيقية... احتقرنهم لدرجة كبيرة، وبكل الطرق استطعن عزلهم عن القصر في البداية ومن ثم من هان شي بأكملها وأصبحت المدينة محرمة عليهم، واختلفت بعض القوانين فالإمبراطورات سمحن للعشائر الأخرى الدخول إلى هان شي للتجارة والسكن وسمحن لفتيات القرية الزواج من رجال القبائل الأخرى. وكان أي طفل يولد ذكراً بأمر من الإمبراطورة يقتل، فهم في غنى عن وجود رجال آخرين من القبيلة، ما دامت الفتاة من يان فإنها ستنجب طفلاً ضعيفاً بغض النظر عن الوالد... هذه كانت النظرة السائدة في ذلك الوقت تحط من كرامة رجال هذه العشيرة.. والواقع لم يعجب الرجال كذلك ولكنهم بلا حول ولا قوة.... وكانوا أن استسلموا لواقعهم كما استسلمت القبيلة المؤسسة لـ هان شي خاضعين لأنصاف التنانين.. [الصين: مدينة هان شي: سنة 400 قبل الميلاد] كان في هذا القرن ميلاد الخلاص، في ليلة سوداء، قمر نائم، ونجوم خفت بريقها فلم يظهر للعيان. انطلقت تلك الصرخة التي هزت أركان القصر وركضت على إثرها الخادمات ليصلن جناح حفيدة الإمبراطورة، وقفن يترقبن أي أخبار وأخذن يتهامسن مع بعضهن... وسألت إحداهن وهي تشبك أصابعها في توتر: " هل سيكون صبياً أم فتاة؟" نظرن إليها الأخريات وقالت واحدة وهي تنفخ خديها: " أظنها بنتاً، سيكون جميلاً رؤية طفلة في القصر." وأخرى همست محطمة تأملاتهن البلهاء وأحلامهن في الركوض خلف الطفلة المنتظرة: " وربما كان صبياً." خرجت شهقات بتوقيت واحد ووضعن أيديهن على أفواههن وهن يحدقن بتلك المتشائمة، لكن ماذا إن وقع ما قد قيل؟ هل سيقومون بقتله كما يفعلون بالعامة؟! " لم يسبق أن أنجبت أي أميرة أو إمبراطورة صبياً منذ مئة عام فلماذا يحدث هذا الآن؟" هكذا علقت أول من تحدثت وهي تبتسم ببلاهة فوافقن الأخريات على كلامها وهن يزفرن براحة بينما تلك المتشائمة علقت معيدة الجو المتكهرب: " هذه كانت مصادفة فقط وليست نظرية تطبق عليهن." * * وهناك بعيداً عن مكان تجمعهن... في داخل الغرفة التي أضاءتها الشموع. على ذلك السرير الكبير تمددت الأميرة زي يان تعاني آلام المخاض... ووقفت الإمبراطورة الحالية إلى جوار حفيدتها تمسك يدها وتكلمها بحنان تنسيها الآلام، وتصرفها عن النقص الذي أحدثه موت والدتها قبل سنة من الآن ووالدها قبل سنوات.... عوضتها جدتها بأن منحتها الحنان الأموي، والأمان الأبوي، وما كانت علاقتهما أقل من علاقة أمٍّ وابنتها. وضغطت الجدة على يد زي يان عندما صرخت صرختها الأخيرة وأخذت تحاول التقاط أنفاسها والعرق يتصبب من جلدها..وانساب إلى أذنيها صوت بكاء طفلها وابتسمت بسعادة فقد أصبحت أماً لطفلة جميلة، لم ترها بعد لكنها تعلم أنها طفلة، أو أنها لا ترغب في أن تكون الحقيقة غير ذلك... " هناك طفل آخر سيدتي" هتفت الطبيبة وصرخت الأميرة صرخة أخرى أقوى من سابقتها ليخرج طفلها الآخر.. أنجبت توأمين! مقدار سعادتها لا يمكن احتواؤه داخل صدرها، وضحكت من أعماقها عندما سمعت بكاءه لكن جدتها لم تشاركها سعادتها. فتحت عينيها البنيتين وحدقت في ملامحها بوهن.. ورغماً عنها تكلمت ببحة وهي تشعر بطعنات في قلبها: " صبي!" أومأت الإمبراطورة وهي تغلق عينيها وتقوس فمها عبوساً وظهرت التجاعيد حوله. أفلتت يد حفيدتها لتنظر للطبيبة التي كانت تحمل الطفلين كل واحد في يد.... " اعتني بالطفلة والأميرة زي يان " وبدون سابق إنذار سحبت الطفل الملفوف في بطانية بيضاء وخرجت به دون أن تراه أمه..... شعرت الطبيبة بالأسف والحزن لأجل الأميرة فهذين كانا مولوديها الأولين، لقد كانت ولادتها الأولى... وفي نفس الوقت فكرت في ذلك التنين الذي ظهر على كتف المولود، وعلمت أن نهايتها اقتربت! وخارج جناح الأميرة، هرولت الإمبراطورة ومرت بالخادمات إلا أنها توقفت على بعد عدة أمتار والتفتت لتنادي على المتشائمة من بينهن... ولحقت بها سريعاً كي لا تلقى أي عقاب والأخريات وقفن يحدقن بأثرهن وخمَّنَّ سبب ذلك التوتر... " كان صبياً." تكلمت البلهاء لتجيب الأخرى: " وسيقتلونه، يا له من مسكين" " هيه أنتما، هناك صوت طفل في الداخل، أيعقل أن يكونا توأمين، بنت وصبي!" استدرن يحدقن بها ثم نظرن إلى الباب الذي يخرج منه الصوت وقالت صاحبة الملامح الطفولية وهي تنفخ خديها مجدداً: " بقيت الفتاة ومات الصبي، سيصبح هذا الخبر حديث الناس" * * " أمسكا هذا المخلوق واقتلاه بعيداً عن القصر، خارج أسوار هان شي وحدودها." أمرت الإمبراطورة وألقت الطفل كما لو كان قمامة بين يدي رجل من قبيلة أخرى يعمل في الجيش ومعه تلك الخادمة، وغادرت تاركة إياهما يحدقان بالطفل المسكين الذي لا تزال الدماء على بشرته. " ماذا سنفعل؟" سألت الخادمة الرجل الهادئ ليجيبها ونظارته انقلبت لتصبح أعمق: " سآخذه أنا وأقتله بعيداً وأنتِ ابقي هنا." صرخت في وجهه: " وكيف تريدني أن أترككما والإمبراطورة بنفسها طلبت ذلك؟" " إذاً تعالي معي وكوني هادئة" وسبقها على ظهر حصان ولحقت به على آخر إلى خارج ساحة القصر ثم خارج أسوار المدينة بعد تحقق الحرس من هويتهما. وأسفل تلك السماء المظلمة، ابتعدا قدر الإمكان عن هان شي حتى غابت خلف الجبال، بقيا صامتين بلا كلام، تفكر الخادمة في طريقة لقتل الطفل والرجل حاد الملامح ينظر إلى بعيد تارة وإلى الطفل في يده تارة أخرى، كان آية في الجمال، أبيض كالأشباح لدرجة تثير الريبة لمن يراه كما أثارته، وقرر الرجل التوقف هنا أعلى هذا التل... توقف الحصانان وترجل الرجل بالطفل ووقف قريباً.... وكذلك فعلت الخادمة وسألت الرجل الثلاثيني: " هل سنقتله هنا؟" " أعتقد هذا لكننا نحتاج بعض النيران، أليس كذلك؟" نظرت الخادمة إليه ثم أماءت برأسها وابتعدت تبحث عن أغصان يشعلان بها النيران التي ستحرق جثة الطفل، كما كانت العادة في قتل الأطفال، بلا رحمة ولا ذرة وجدان.. وعندما شعر الرجل بابتعاد الفتاة. قفز على حصانه وامتطاه وأسرع مبتعداً قدر الإمكان، أن يقتل هذا الطفل هكذا! قطعاً لن يكون بقلب وحش كما هن سيدات يان.... وعندما بزخ أول شعاع شمس على حدود تلك القرية الصغيرة بعيداً جداً عن حدود هان شي تملكه شعور بالطمأنينة لوصوله إلى هنا بأمان دون ملاحقة... * * وصل خبر هروب الرجل إلى مسامع الإمبراطورة وبكت الخادمة كثيراً حتى يتم العفو عنها، لكن القوانين تبقى قوانين لتطبق، وأمرت بقتل الخادمة دون أن يرف لها جفن، لم تدمع عينها لأجل حفيدها فكيف تحزن لأجل خادمة نكرة؟! بات مصير الفتى مجهولاً حتى بعد أشهر من اختفاءه مع الرجل ولم تتمكن الإمبراطورة ولا جنودها من العثور عليهما وتناست أمره، فما الذي يمكن أن يفعله هذا الفتى من عائلة يان بعد أن يكبر؟ سيكون ضعيفا كما هم البقية.... لكنها لم تكن تعلم بوجود وشم التنين على كتفه وبذلك حافظت الطبيبة على حياتها ولم تبح بهذا السر لأحد، ولعلها ظنت أنه قُتل ولن يشكل الخطر الحقيقي لبنات جنسها من عائلة يان! أما ذلك الرجل فقد رآه، حياة القبائل تعتمد عليه، مسؤولية ليست بالهينة ألقاها بنفسه على كتفيه، رأى ذلك الوشم وأقر باقتراب اليوم الموعود، يوم الخلاص من ظلم واستبداد تلك القبيلة! [الصين: قرية تسي تونغ: السنة 382 قبل الميلاد] كان الجو ربيعاً، ورائحة حقول الأرز ما يلتقطه أنف لياو تشونغ في هذه اللحظات، شاب في الثامنة عشرة من عمره، يمتلك العديد من التناقضات، اعتاد عليه أهل القرية منذ قدومه برفقة ذلك الرجل الغريب أي منذ كان طفلاً، وأصبح حاله كالحارس المنقذ لها، يدافع عن مظلوميها واقفاً في وجه أي تهديد خارجي من العشائر المجاورة، حاول كثيرون قتل هذا الشاب لكنهم قطعاً لم ينجحوا، استطاع معلمه تدريبه على فنون القتال والدفاع، وحمل السيف وهو في السادسة من عمره، فاق أقرانه في سنٍ صغير جالباً إلى نفسه أنظار الكثيرين حول هويته، لم يكرهه أحد لتصرفاته الغريبة فهو لم يعطهم حقاً لذلك....امتلك من الجمال ما يأسر القلوب حافظت بشرته على شحوبها الأبيض، وظن الناس منذ قدومه أنه طفل هجين، غريب الطباع. لكنه برهن أنه لا يختلف عنهم في قدرة، سوى أنه يمتلك عزيمة لا تعرف اليأس، إلى جانب ذلك فهو أكسل من يمكنك مقابلته في حال تناسُبِ الظروف. " بني، أنا فخور بك اليوم أكثر من السابق" هكذا علق مدربه وهو يقف إلى جواره يتأمل الحقول، وابتسم لياو تشونغ بكسل ثم ألقى سيفه في الهواء وهوى بعدها على بعد مترات من مكان وقوفه... " هل انتهينا اليوم أبي؟" سأل وهو يتثاءب، ورد عليه المدرب باسماً: " أجل بقي استقبال موكب ضخم لك اليوم أو غداً" " موكب ضخم!" علق لياو ساخراً ثم رنت ضحكاته مطربة آذان من حوله... " لقد حان وقت الراحة. " صرخ بها بنشاط وما كانت سوى ثوانٍ معدودة حتى افترش الحشاش الخضراء جاعلاً إياها سريره المريح.. وأغمض عينيه مرحباً بالكسل اللذيذ.. [الصين: مدينة هان شي: السنة 382 قبل الميلاد] حيث تضج المدينة بالحركة، وتمتلئ الأسواق بالتجار قادمين من كل حدب وصوب، في هذه المدينة التي حافظت على تقدمها الملحوظ في كل مناحي الحياة المختلفة... تراقصت أزهار أشجار الكرز في طرب مرحبة بمعشوقة الزهور. هناك حيث تقف الأميرة يون يان ابنة الإمبراطورة الحالية زي يان، حيث عهدها الجميع أن تكون، في ذلك الجانب من أفنية القصر، المكان الذي خصص للأميرة ذات الثمانية عشر ربيعاً.... امتازت بجمال ورثته من جدتها الكبرى الإمبراطورة لي يان ، غير أنها كانت أجمل من تلك الجدة، اعتادت على ارتداء التشيباو الأحمر المورد، وخصلاتها السوداء الطويلة تجمعها بمشبكٍ من أشكال الزهور النادرة، بشرتها بيضاء هي أقرب للقمحية على خلاف توأمها الذي لم تعرفه يوماً... سمعت عنه من أمها، وكان عليها الرضا بالواقع وعدم المناقشة في مثل هذه العادات التي تعلمتها على يد الإمبراطورة شخصياً... أمسكت ثوبها ورفعته قليلاً لتستطيع الركض بين أسرب أشجار الكرز وهي تضحك لمداعبة الفراشات النادرة لبشرتها الناعمة، حاولت الإمساك بواحدة لكنها لم تستطع وتوقفت حيث مكانها المفضل أسفل شجرة كبيرة تميزت بين تلك الأشجار، وجلست أسفلها في سكينة بعيداً عن ملل القصر وأجواءه، في عالم خاص رسمته بنفسها، لا يوجد فيه سواها ووالدها وتوأمها المفقود.... تذكرت في هذه اللحظات والدها الذي تركهم بعد ميلادهما، عندما علم بأخذ الإمبراطورة جدة والدتها لتوأمها، أخبرتها والدتها قبل شهر أن شقيقها لم يقتل كما أمرت الإمبراطورة، بل خطفه ذلك الرجل واختفيا كما لو كانا مجرد خيال، ومنذ تلك اللحظة وهي تتمنى اللقاء به، زُرع الأمل في فؤادها بلقيا توأمها برفقة والدها الذي غادر منذ ثمانية عشر عاماً بحثاً عنه.. لم يعد حتى الآن وتوقع الجميع موته بعد انقطاع أخباره، لم يكن من عشيرة يان وامتلك من القوة ما يمكنه من هزيمة أقوى الجيوش، سمعت الكثير من الأساطير تقال عنه، وشعرت بالفخر لأنها ابنة أبيها وليس أمها! رغم محبة واهتمام أمها بها لكنها لم تعطها ذات المقدار من المحبة، فهي في النهاية مجرد إمبراطورة تنفذ قوانين سخيفة وضعها أجدادها من عشيرة يان الأباطرة الهجناء. فتحت عينيها عندما شعرت بحرارة التنين داخلها وتكلمت بهمٍّ أثقل عجوز سئمت من الحياة وأرادت التجديد: " هل للعنة وجود في الحقيقة، أم أنها مجرد أباطيل اختلقها الناس لكسر جذع نساء عشيرة يان؟" رغم أنها كانت ممن يحملن دماء التنين في عروقهن، وطاقته المتفجرة عند الغضب والقدرة على التحول إلى ذلك الشكل المرعب لكنها كرهت نفسها لهذا الأمر، كم تمنت أن تكون طبيعية كما هم باقي العشائر، تقربت من الفتيات في سنها لكنهن ابتعدن عنها ونفس العبارة تروى.. (فتاة من عشيرة يان الهجائن) أكلُّ هذا لأنهن عند موتهن يتحولن لتنين يحترق ليصبح رماداً أسوداً، أم لأنهن بقدراته، هل عليها لوم الجدة الكبرى التي شربت دماء تنين في ظروف غريبة فأنجبت هذا النوع من الفتيات والرجال، أم تلوم استغلالهن لهذه القوى في سبل السيطرة وتاج الأباطرة؟! تمنت لو تكون هي نهاية الخلاص لبني شعبها في الصين عندما تحكم الإمبراطورية الصينية العظيمة بعد والدتها، كم من الوقت ستنتظر لقدوم ذلك اليوم؟! كم من الوقت ستنتظر لتعيد حق رجال يان المسلوب؟! " لو أنني ولدت في زمن آخر، أو لم أولد حتى لما عانيت منذ طفولتي" تنهدت بهدوء وأعادت الوقوف لتعود للقصر بعد انتهائها اليوم من التفكير والانعزال.. عندما شارفت الشمس على المغيب تجولت تحدق بنساء ورجال القصر... تميزت الخادمات بارتداء ثوبٍ خمري فوقه قميص فضفاض أخضر، ومرت بمجموعة منهن، يمكنها تمييز سيادات عشيرتها بسبب هذه الأثواب أما النساء من القبائل الأخرى فيلبسن نفس اللباس بعس ألوان القطع.... ابتسمت لهن وانحنين لها احتراماً، تجاوزتهن ووصلت أخيراً إلى القصر، لم تدخل مباشرة ووقفت تتأمل ذلك القصر الكبير ذو القرميد الأحمر من الأسفل، كان مبنياً على ارتفاع ليصبح أعلى ما في المدينة، بني القصر على قمة أعلى جبل في هان شي، حراسته مشددة، من بعيد يحيط به وبأفنيته سور توزع الحراس من رجال العشائر الأقوياء ونساء يان على زواياه، كانت الفتيات ممن يحمل قوى التنين بمستوى أعلى من الخادمات، وكانت وظيفتهن الحراسة وسلاحهن هو الرماح والسيوف، كن مبارزات بقدرة عشر رجال أشداء، وفي الداخل هنا حيث تقف هي أمام مجموعة أخرى من الحراس يقفون محيطين بالقصر الإمبراطوري بداية السلالم التي تقود لأعلى، ولم يختلفوا في قواهم عن الذين يقفون في الخارج، وتميزت الحارسات مقاتلات السيوف والرماح بارتداء القرمزي ذو النقوش الذهبية حول العنق والحزام العريض الأسود الذي تتدلى منه أشرطة سميكة بأطراف مدببة فيها خليط من الألوان، الأخضر والأصفر والأبيض، وشريط أحمر عقد من الأمام على شكل فيونكة وأشرطتها الطويلة تتدلى إلى جوار الأشرطة العريضة، كان لباساً أنيقاً وجمعن شعرهن بمشبك عقده مع بعضه بطريقة مريحة تساعد في الحرب، والرجال بألوانٍ سوداء وبيضاء ورمادية، سروال أسود وقميص أسود تحيطها زوائد بيضاء، وشعرهم الطويل معقود في كعكة اختفت أسفل قبعة صغيرة غير سميكة بيضاء اللون، كان الاختلاف البسيط بين الحراس هنا والحراس في الخارج أن هؤلاء فقط يحملون السيوف رجالاً ونساءً، أما في الخارج فهناك الرماح والسيوف...... وتذكرت النساء أعلى الحصون التي تغلف المدينة ككل، كانت على رؤوسهن قبعات كبيرة من القش تحمي من حرارة الشمس، أقرت الأميرة يون يان بأن هذه الوظيفة تجلب التعاسة، كن واقفات كالحجارة التي يلقينها على رؤوس الغزاة بأيديهن، كان دورهن كالمنجنيق لقوتهن الرهيبة. صنفت فتيات يان لأربعة أصناف فالأباطرة يحملن قوى التنين المخيفة بشكل كامل احتللن المرتبة الأولى ولديهن القدرة على التحول إلى تنانين.... وبعدهن صنفت حاملات الحجارة والرماح والسيوف، ثم الطبيبات اللاتي امتلكن ميزات مختلفة فقد امتلكن القدرة على التحكم بحرارة أجسادهن وقدرتهن على صنع العقاقير الفعالة، أما تلك التي كانت عندما أنجبت زي يان توأميها امتلكت قدرات إضافية، فهي تستطيع تغيير حرارة يدها لتعادل حرارة الشمس المهولة! تقدمت الأميرة وصعدت السلالم الطويلة، استغرقت ما بين خمس إلى سبع دقائق حتى وصلت أخيراً.... وتذكرت فجأة تلك الطبيبة التي قامت بتوليد أمها، كانت طبيبة القصر وخطر في بالها للتو سؤالها عن أمر ملحاح دار في عقلها مدة شهر... وسارت تبحث عنها في كل الزوايا حتى وجدتها أخيراً هناك حيث تلك الأعشاب النادرة، كانت سيدة ناهزت الخمسين من العمر، طيبة القلب كما ألفتها الأميرة يون يان، ترتدي الثوب الأصفر، كان الشيب قد غطى رأسها، وأخذت من العلم في الأعشاب أكثر من غيرها ما جعلها موضع اهتمام الإمبراطورة... " سيدة كيم هاي، كنت أبحث عنك." نظرت العجوز إلى الشابة اليافعة وسألتها مبتسمة: " في أي أمر تريدني الأميرة يون يان؟" اقتربت الأميرة وجلست على الأرض مقابلة لتلك العجوز التي كانت على ما يبدو تصنع ترياقاً ما، نظرت يون يان للعشبة بين يدي العجوز ثم انتقلت لتنظر إلى عينيها بتلك العينين السوداوين الآسرة وقالت: " في الحقيقة راودني سؤال عن ذلك الترياق المسمى باللعنة... هل هو حقيقي أم أنه محض أكذوبة يخدع الناس أنفسهم بها؟" حدقت العجوز في الأميرة بنظرات أخافتها، وكانت تود التبرير لكن العجوز أجابت بهمس وجدية مريبة: " يا ابنتي، هذه اللعنة التي تهدد عشيرتنا ولدت قبل ثمانية عشر عاماً لكنها فُقِدَت." وعادت العجوز بذاكرتها إلى ذلك اليوم، يوم ولدت لعنة التنين بين يديها، لم تصرح بهذا لإنسان قط، ولا حتى للإمبراطورة الحالية، ولد السر ودفن في آن واحد، وحدهن إمبراطورات وطبيبات يان يعرفن ما هي مكونات لعنتهن، والآخرون يعرفون فقط وجودها أما عن ماهيَّتُها فبقي الأمر مجهولاً عند العامة. " كيف ذلك سيدتي؟ هل وُلِدَ صاحب وشم التنين؟ ألم تحكم الإمبراطورات بالموت لكل وليد ذكر؟" " أجل.. لكن من فُقِدَ قد فقد ولا نعلم هل هو حي أم ميت... وحده من يحدد مصيرنا." وتركتها العجوز في حيرة من أمرها وغادرت بعد أن فرغت من عملها... * * وفي منتصف هذه التساؤلات التي ما انفكت تلاحقها، نظرت الأميرة إلى فوق حيث تلك النجمة التي ظهرت وسط السماء قبل مغيب الشمس، كانت تظن أنها محض مصادفة لكنها ما كانت سوى بداية النهاية..... أخبرت والدتها عن رؤيتها لهذه النجمة قبل أربع سنوات لكن زي يان أنكرت رؤيتها، لم تلتقط عين إنسان سواها ضوء تلك النجمة...... في أي أرض هو؟ في هذا العالم أم في العالم الآخر؟ ووالدها مستمر في البحث أم أنه سئم الرجوع لهذا الظلم؟ ملت من هذا الواقع وتنهدت بأسى وهي تكمل تأملاتها بتلك النجمة وبهدوء هذه الليلة... [الصين: قرية تسي تونغ: السنة 382 قبل الميلاد] وتحت سماء العزلة، حيث جعل لنفسه ملاذاً، أمضى بقية النهار مستلقياً في كسله المحبب، لساعات لم يتحرك أو يفتح عينيه حتى، أسفل شجرة معمرة تمدد مستريحاً هذا الصباح بعد عناء ليلة كاملة من التدريب الشاق مع معلمه، اعتبره كأب له، وكذلك القبيلة كانت قبيلته، ليس من الضرورة أن تكون ابن أي قبيلة لتكون فرداً منها، فقط يكفي أن تشعر بالانتماء لهم. طبيعته متقلبة بين الكسل والجد، غلب عليه الشعور بالملل هذا اليوم، والكسل ربما لثلاثة أيام إضافية، اعتاد مربيه على طباعه فلم يفكر يوماً في اقتحام عزلته وقتما يختارها. وقف المعلم قرب باب كوخهما الصغير ينظر إلى ذلك الشاب اليافع، خلافاً لبقية أولاد قبيلة يان، كان قوي البنية طويل القامة، لا يزال يتذكر ذلك اليوم جيداً، يوم لجأ لهذه القرية واحتمى بأهلها، ظن الجميع أن الطفل كان طفله وهذا الاعتقاد ما تغير يوماً، لكن المعلم لم يخفي عنه أي حقيقة، وهو أكثر من يدرك خطورة وجود هذا الشاب هنا في هذه القرية، علم أموراً فيما مضى لم يكن لأمثاله حق معرفتها، وشم التنين على كتفه..... أعده لذلك اليوم ولعله يكون قريباً! *~*~*~*~* تململ لياو تشونغ وفتح عينيه منزعجاً من ارتجاج الأرض من تحته وعلم أن المتاعب قادمة، هل مُحَرَّمٌ عليه الجلوس مرتاحاً على الأقل لليلة واحدة؟! ورفع جسده العلوي عن حشائشه المريحة ونظر إلى الأمام حيث شعر بمصدر تلك الارتجاجات بعينين نصف مفتوحة، تأمل لدقيقة لكن ما من شيء قد حدث، ولم ينسَ طبيعته التي تشعر باقتراب الخطر عن مسيرة كيلومترات كثيرة. تثاءب مرة وثانية وثالثة وفي كل مرة تنغلق عيناه أكثر، ولم يكد يعيد ظهره للأرض حتى حدث ما لم يكن في حسبانه، قفز من مكانه وأخذ يحدق في القوم أمامه، حراس القصر الإمبراطوري... قطب حاجبيه وهو يمرر نظراته بينهم، وظن أن المتاعب ستبدأ، عزم منذ سنوات على حماية قريته أفراد عشيرة هان وين شي ولن يثنيه عن عزمه حاصل. " سحقاً" تمتم بملل بعدما تذكر القاءه لسيفه في مكان ما هذا الصباح ولن يفكر أين أضاعه الآن فما أمامه أحق في التفكير... " أنتَ لياو تشونغ؟" تقدم جندي إليه بعد أن سأل بصوت جاد فأجابه لياو بملل: " حضرته أمامك، إن كنت تحب صداقتي أو تريد أن أدربك فأنا أعتذر" وأكمل بنعاس وهو يستدير معطياً إياهم ظهره: " والآن ارحلوا قبل أن أحولكم إلى أشلاء تسر خاطر قريتي." وحتى قبل أن يغلق فمه بعد آخر كلمة شعر بتلك اليد القاسية على كتفه، واستولى الجانب الآخر من شخصيته على روحه ودفع تلك اليد بقوة وأسقط صاحبها أرضاً بيد واحدة.... ونظر الجندي إليه وهو مستلقٍ على الأرض بإعجاب لم يغب عن عيني الشاب السوداوين، وعلق لياو تشونغ بحقد اشتعل في داخل عينيه: " أياديكم القذرة هذه لا تلمسوني بها." واستل السيف من حزام الرجل ووضعه على رقبته وابتلع الأخير لعابه خوفاً من الفتى. وأكمل لياو صارخاً: " قريتي لا تريد أرجلاً تدنسها فاخرجوا أحياء قبل أن أجعلكم أشلاء أقذفها إلى إمبراطورتكم الظالمة." وهنا حاول البقية التقدم منه لكنهم استشعروا صدق الوعيد في صوته وحثهم قائدهم على التراجع قائلاً لهم: " ما جئنا لقتله إنما لنكلمه بهدوء." نظر لياو إليه قاطباً ثم أبعد السيف عن عنقه وأبقاه في يده تحسباً.... وهنا وقف الرجل على رجليه في مواجهة للشاب وخاطبه: " سيد لياو تشونغ، أعتذر عن التصرف الذي لم يعجبك، نحن من جيش إمبراطورية هان شي، جئنا ندعوك للقدوم معنا." تثائب لياو أمامهم في حركة استفزازية ثم استدار عنهم مرة أخرى وسار عائداً إلى جذع الشجرة وجلس متكئاً عليه. " ليست أي دعوة.. هل أنا مخطئ؟" سأل لياو بعجرفة وغرور وكأنما أدرك مساعي الإمبراطورة وقطع بيده مجموعة حشائش صغيرة وهمَّ بعدِّها واحدة واحدة. " الإمبراطورة بجلالتها تريد لقاءك لياو تشونغ." تقدم منه القائد ووقف أمامه يحدق به منتظراً اجابته لكن الرد أتاه مفاجئاً.... " تسعون عشبة... صدقاً لقد مللت من هذا الرقم." فغر الجنود أفواههم وصدمهم تصرف الفتى وتجاهله المهين لهم... نثر لياو الحشائش على قدمي الجندي وتثاءب مرة أخرى... " هيا ابتعد أنت تدوس على حشائشي الجميلة، أقلقتم مضجعي في هذا الوقت وسأجعلكم تدفعون الثمن سبعتكم.. لكن ليس الآن فأنا مللت وجودكم، عودوا غداً بعدما أجد سيفي العزيز." وزحف حول الشجرة ليصبح في الجهة المعاكسة لهم والمقابلة لكوخه، وتمدد مسنداً رأسه على كفه الأيسر والآخر لوح به عالياً نحو السماء وتحديداً نحو تلك النجمة التي لا يراها أحد غيره باستثناء توأمته.. كيف علم بهذا؟! بالتأكيد من معلمه. " أراك غداً نجمتي العزيزة." وابتسم بكسل وأغمض عينيه بعدها راغباً في إكمال راحته لكنهم حالوا دون ذلك... فتح لياو عينه اليمنى ونظر إلى ذلك القائد الذي وقف مجاوراً لرأسه... " لياو تشونغ، هذا أمر عليك الامتثال له." " سيد." شدد على حروفه وهو يرفع جسده العلوي عن الأرض ببطؤ ونظر إلى الرجال أمامه نظرات خاوية.. "ماذا؟!" استنكر القائد ما قاله وارتفع في داخله شعور بالغيظ، رفع يده ليسحب سيفه لكن لياو أمسك ذراعه بقوة وقفز برشاقة من فوقه... " سيد لياو تشونغ.. هكذا عليكم مناداتي." ودون تردد إضافي وافق على دعوتهم، ونفض الغبار الوهمي عن ملابسه... ومن بعيد رأى معلمه واقفاً يبتسم له... سينجحان في تطبيق خطة صنعاها قبل سنوات، ولم يمانع الوالد ذهاب لياو معهم ودعا في سره أن يحميه الرب من كل مكروه، وبهذا انتقل لياو إلى حياة جديدة مختاراً غير مكره، وبكامل إرادته سار مع هؤلاء الحراس بعد أن أخذ بعض الأغراض، ووجد سيفه بعد جهدٍ وغرسه داخل غمده... وارتدى عباءة يغطي بها شحوب بشرته من الأعين المترقبة ليتوغل كما السم إلى قلب إمبراطورية هان شي... [الصين: مدينة هان شي: السنة 382 قبل الميلاد] عمودية كانت الشمس فوق رؤوسهم، تماماً عندما أصبحوا على مشارف هان شي بعد مسير ليلة وصباح باكر.... شعور غريب أصاب لياو بقشعريرة سارت على امتداد عموده الفقاري عندما أصبح بهذه المقربة من مدينته التي ما كانت مدينته يوماً، وحدق بالحصن المنيع أمامه وبالجنود المحيطين من نساء يان، طوال سنواته الثمانية عشرة لم يتسنَ له قط رؤية فرد من هذه القبيلة نساءً ورجالاً، كأنه لم يكن يوماً حاملاً لدمائهم..... سار مع السبعة وعبر تلك الأسوار بين الحراس، كانت أعينهم تحاول اختراق عباءته، أمسك قلنسوته وجذبها لتغطي وجهه أكثر، وراقب صامتاً مدينة هان شي وأسواقها ومنازلها التي بنيت من الأخشاب القوية، كانت هذه مدينة قبيلته الحاضنة قروناً، حفظ زواياها وعزم بقوة على استردادها لهم، جعل من هذا هدفاً لبقائه على قيد الحياة فقليل ما سيفعله مقابل ما قدموه له.... احتدت عيناه وقطب غاضباً بعد وصوله إلى القصر، رأى ضخامة بناءه وطول درجاته، والحراس المنتشرين هنا أيضاً.... وحرف بصره إلى حيث نبهه عقله ليراها، استطاع الشعور بتوأمته من بين ذلك الجمع... وضخ فؤاده الدم بقوة فاحمر على غير عادة، وشعر بألم رهيب اجتاح كيانه، أغمض عينيه وضغط يده على الجانب الأيسر من صدره وسعل بقوة ثم هوى على الأرض ساقطاً..... هل وجودها قريبة يفسر شعوره الغريب؟! *~*~*~*~* وهناك حيث تجلس مع مجموعة من وصيفاتها في ظل شجرة كبيرة، كانت وحدها رغم العدد المحيط بها.. أظلم العالم فجأة، وظهرت في بقعة سوداء مخيفة، رائحة نتنة تغلغلت إلى أنفها وحرارة ليست بطبيعية احتوتها، وهناك تماماً في تلك الزاوية ظهر لها تنين ضخم، أسود كما هي الظلمة حولها، عيناه تلمعان بضوء قرمزي لافت..... وبدون خشية اقتربت منه.... رفعت يدها في الهواء أمام فمه، وأطلق نيرانه فأحاطتها، كأن حاجزاً سحرياً يلفها، لم تشعر بحرارة نيرانه لكنها شعرت في داخل قلبها بلهيب حارق ألمها لدرجة الموت، سحبت الهواء بصعوبة وشعرت بتوقف عضلة قلبها عن الخفقان، أرعبها هذا الشعور الجديد، وأيقنت أن خطباً هنا يحدث، وأن أمراً ما يكاد يصبح وشيكاً... خطراً يهدد سلام المدينة! ضغطت هي الأخرى على صدرها وتعرقت، ونظرت سريعاً إلى الخلف حيث منبع ذلك الشعور الغريب، اجتمع الجنود هناك يلتفون حول شيء أحدث جلبة، وقررت الاستطلاع، تجاهلت كلام الوصيفات وتقدمت، سارت بخطوات بطيئة، وكلما صغرت المسافة ازداد ألمها وألمه.... وقفت قريباً جداً وعندما حاولت إزاحة الجنود عن طريقها بلا إرادة أمسكها أحدهم... نظرت إلى الأعلى لتراه، لقد كان الجنرال تشاو تشي الصديق الأوفى لوالدها كما سمعت، لقد كان خير رجل تعرفت عليه، كان كالأب لها، حنوناً عوضها النقص الذي خلفه والدها.... وصارحته وهي تشد ملابسه بوهن: " أنا لست بخير سيد تشاو." تلاشى صوتها وكذلك شعورها وسقطت بين يديه بلا حراك.. ووجدوا أخيراً شخصاً استطاع حمل الفتى وأمرهم الجنرال بأخذه إلى الجناح الخامس ومناداة الطبيبة كيم هاي لترعاه ، وأخريات للأميرة. وبعد دقائق وهو يسير إلى جناح الأميرة أدرك غرابة ما قال! كيف يخصص كيم لذلك الغريب والأميرة هنا في حاجة إليها؟ كان الأوان قد فات على تغيير الأوامر ووصل تشاو إلى حجرة الأميرة ووضعها على السرير، لاحظ شحوب وتعرق وجهها ولم يُمنح الوقت للتفكير فقد دخلت الإمبراطورة زي يان تصرخ بغضب.... " ماذا حدث لابنتي العزيزة؟ أحضروا كيم بسرعة." اقتربت من السرير وجلست عليه بجوار رأسها وأخذت تمسح عليه وعلى شعرها وذراعيها....... تركهم الجنرال مغادراً الغرفة سريعاً وقصد الجناح الخامس لإحضار كيم... وهنا وجد الوقت المناسب للتفكير في هذا الوضع الغريب، في ذلك الشاب الذي لم يكد يصل بعد! أ هذا من كانت العشائر تحسب له ألف حساب، سقط هكذا ببساطة فور دخوله القصر! كان الجناح الخامس كبيراً منعزلاً عن باقي القصر وقد خُصِّص للجنود والخدم، واستغرق الجنرال تشاو بعض الوقت حتى وصل إلى هناك، ودلف إلى تلك الغرفة الصغيرة التي احتوت أربعة أسرة، وقصد السرير ذاك الذي كان بجوار الحائط حيث رأى كيم تعاين لياو.. فحصته على طريقتها ولاحظ تشاو توتراً في حركاتها بعد أن دخل إلى هنا، أو ربما كانت كذلك قبل أن يدخل! قطب حاجبيه وسأل وهو يحدق بالشبح الغائب في ذهول: " هل أرى جنياً أم أن روحه قد غادرت جسده دون سابق إنذار؟" لم يكن سؤالاً بقدر ما كان طلب توضيحٍ من كيم لما يراه.... وابتلعت الأخيرة لعابها ودون أن تنظر إلى تشاو وبعد أن تأكدت من خلو المكان قالت هامسة: " إنه وريث التنين." تجمد تشاو في أرضه وطالع لياو بصدمة... " هذا يعني أنه توأم الأميرة المفقود!" أماءت العجوز وهي تعدل الغطاء على لياو وحدقت به قليلاً وابتسمت... اللعنة أتت.. ومن أحضرها كان أكثر من يخشاها، الإمبراطورة زي يان، لم تحب ابنها قط ولم تفكر في رؤيته حتى عندما أنجبته، ستكون لحظات قوية عندما تعلم أن هذا الفتى هو ابنها، وفوق كل هذا فهو من سيقضي على مجدهم. وتشاو وقف حائراً لا يدري ماذا يفعل وتذكر لتوه سبب قدومه إلى هنا وهتف بصوتٍ انتفضت بسببه العجوز: " الأميرة ليست بخير في غرفتها." " كما هو متوقع." كان جوابها هادئاً جداً وخرجت كيم من الغرفة ليبقى تشاو برفقة لياو... رفع حاجبيه مستغرباً ردها واقترب من السرير أكثر وتردد قبل أن يضع يده على جبينه يقيس حرارته، ووجدها طبيعية وكذلك أنفاسه. شحوبه هذا جلب الحيرة له، لم يكن يعلم كثيراً عن لعنة يان فهو لم يكن منهم لكنه يعلم أنها ستبدأ في العائلة الحاكمة ولعل منبعها منها أيضاً، من صبي سيولد وعلى جسده وشم تنين غريب، لكنه لم يولد بعد! والعجوز كيم قالت أن هذا الفتى وريث التنين! " هل أنت الفتى المنشود؟ من العائلة الحاكمة ومن رجال يان الضعفاء ولست بمثلهم." زفر الجنرال وخرج من الغرفة بعد أن تأكد من حالته... وصادف في طريقه فتى في مثل عمر لياو امتلك شعراً بنياً قصيراً وكان من الجنود الجدد. " هيه وو كيونغ تعال إلى هنا." ركض صاحب الشعر البني وترك خلفه رفاقه وانحنى احتراماً للجنرال ذو الخمسة والأربعين عاماً..... * * في فترة المساء، بقيت الطبيبة في غرفة يون يان تسهر على راحتها.... " حسناً صغيرتي يون أخبريني ما الذي شعرتِ به قبل أن تغيبي عن وعيك؟" بقيت يون صامتة تحدق في الفراغ، تتصور ذلك التنين أمامها، لكنها كانت بخير الآن، ورجت من الرب أن لا يعود ذلك الشعور الأليم. اقتربت الطبيبة من يون ووضعت يدها على وجنتها وتمتمت كلمات خاصة كنوع من العلاج، وسرى دفئ جميل في جسدها غير ذلك الحر الدائم ورحبت به مبتسمة.... " ستنامين الآن براحة، أحلاماً سعيدة صغيرتي." تمتمت كيم بهدوء ثم نظرت إلى الباب لترى تشاو واقفاً هناك، ابتعدت عن الأميرة وسارت إليه... " هل هي بخير؟" سأل تشاو وهو يكتف ذراعيه أمام صدره وأجابت الطبيبة وهي تدفعه إلى الخارج معها: " ستكون بخير حالما تستيقظ لكن أخبرني هل استيقظ الفتى؟" أجاب تشاو بصوت منخفض: " أجل، تركت وو كيونغ عنده وبلغني قبل قليل أنه أصبح بحالٍ أفضل." " هذا جيد" توقفت عن الكلام ونظر إليها الجنرال مستغرباً صمتها وعندما حرف بصره إلى الاتجاه الذي استمرت في النظر إليه وجد الإمبراطورة زي يان، وفهم مقصد الطبيبة وصمت... اقتربت الإمبراطورة منهما وتبعتها وصيفاتها ووصيفات الأميرة الستة... " سيدتي الأميرة زي يان نائمة الآن." أماءت الإمبراطورة وابتسمت لــ كيم، وعندما لم يبقَ كلام ذهبت إلى غرفتها لترتاح قليلاً... حدقت زي يان بالجنرال وابتلع لعابه في خشية من أي أمر تلقيه عليه يسبب كشف ما هو غير معلن.. " هل حال ذلك الشاب أفضل؟" سألت الامبراطورة بجدية مخيفة وأجابها تشاو سريعاً: " كنت ذاهباً لتفقده جلالتك." " تفقده والحق بي إلى غرفة المجلس." " أمرك جلالتك." انحنى وذهب من أمامها وهي أكملت طريقها إلى غرفة ابنتها.... *~*~*~*~*~* أوشك أن ينفجر وو كيونغ كبركانٍ مشتعل، حاول ضبط أعصابه طوال فترة بقاءه بجوار لياو لكن الأخير حال دون جعل المهمة مريحة، وشاء القدر أن يكون شريكه في الغرفة مع اثنين آخرين خارجان في مهمة طيلة هذا الشهر.. أي أنه سيبقى بمفرده مع هذا الشاحب المزعج، لم يكن يعلم أن مراقبته لــ لياو ستكون أصعب من الوقوف كالحجارة حول القصر، لو خير بين هذا وذاك لاختار الأخير قطعاً. " إذاً أيها الأصلع الصغير ألا تريد الإفادة من مهاراتي؟" " لا." أجاب وو كيونغ بإيجاز وهو يدير وجهه بتعالٍ عن لياو الذي كان جالساً على السرير وتعابير الانزعاج بادية على وجهه... وفجأة دوت صرخة جعلت وو كيونغ ينتفض وينظر إلى ذلك المزعج الذي أطلقها وصدم مما رآه... وبقي مكانه يحدق فيما يفعله، لم يحب لياو قط النوم على السرير المريح فقفز عنه ودفعه بقوة ليلتصق بسرير وو كيونغ... " ما خطبك يا هذا؟" صرخ وو كيونغ وهو يركض ليقف أمام لياو ومرر نظره بينه وبين سريره... " هل جننت؟ ماذا فعلت؟" سأل كيونغ غاضباً وهو يمسك ياقة لياو، وهو بدوره وقف قاطباً حاجبيه شاعراً بالملل من هذا المكان الهادئ... " أريد الذهاب إلى الخارج.. أين هي الحشائش والأشجار هنا؟ خذني إليها حالاً." كشر لياو وهو ينظر حوله مصدوماً مما أقحم نفسه فيه، هل ترك قريته ليأتي إلى هذا السجن الممل... " ومن تظن نفسك حتى تأمرني بهذا الشكل؟" صرخ وو كيونغ في وجهه، ورفع لياو يده يبعد قبضة كيونغ عن ملابسه وقال ناعساً: " أنا سيدك، لا تنسَ أن الإمبراطورة أرسلت في طلبي." " أيها الشاحب المزعج، إن قتلتك الآن فلن أندم يوماً حتى إن سبب هذا نهاية حياتي." ضغط كيونغ على أسنانه وكور قبضته مستعداً إن تفوه بأي كلمة مغضبة، هذا المتعجرف الذي أمامه.... " هذا إن كنت تجرؤ." " هل تريد أن ترى؟" سأل وكان قد طفح الكيل وانقض كدب مفترس على لياو وأقعه أرضاً وسدد إليه لكمة كانت ستشوه ابيضاض وجهه لكن لياو تصدى لها...... " هيه أنتما، ما الذي تفعلانه عندكما؟" نظر كلاهما إلى الجنرال الذي ركض إليها، وأمسك بــ كيونغ وأبعده بعنف عن لياو وصرخ في وجهه موبخاً: " أبهذا الشكل تسهر على راحة أحدهم وو كيونغ." انتصب وو كيونغ واقفاً بانضباط وحدق بالجنرال الذي اقترب منه غاضباً وابتسم ببلاهة غير مدرك لطريقة تخرجه من هذه الورطة... " أعتذر عن هذا التصرف لياو تشونغ، أرجو أن تغفر طيشه." " سيِّد." شدد لياو على حروفه وهو يقف بمساعدة تشاو وفهم الأخير من هذه الكلمة الكثير... وكانت نظراته تحمل غموضاً ابتسم لأجله لياو ابتسامة ذات مغزى.... " إذن سيد لياو تشونغ، أي خدمة نستطيع تقديمها لك؟" " أريد حشائش وشجرة في هذه الغرفة، وبما أنكم لا تستطيعون ذلك فخذوني إليها؟" " سحقاً لك ولحشائشك السخيفة." صرخ كيونغ وهو يركل الحائط أمامه وقد أخذ هذا الــ لياو من صبره الكثير... طوال ساعتين أو أكثر ربما وهو يستمع إلى كلامه المستفز ولم يستطع أن يتجنب الرد عليه... " حشائش... حشائش ألا تمل من هذه الكلمة يا رجل؟ بلسانك قلت لي أنك مللت عدَّها." " لم أقل مللت عدَّها، بل مللت العدد الذي يخرج في نهاية عدِّها." " وما الفرق؟" " الكثير... تعال لأفهمك." أبعد لياو الجنرال عن طريقه وابتسم وهو يسند ذراعه على امتداد كتفه، وراقبهم الجنرال مصدوماً فأي حدثٍ غاب عنه جعل كيونغ منزعجاً من ضيفهم الوسيم! " أرشدني إلى الطريق لأريك." فغر وو كيونغ فاهه مصدوماً من حماس لياو العجيب، وسار معه كآلي إلى الخارج... أرشده إلى مكان أخّاذٍ تسطع فوقه نجوم كثيرة لم يلفت إحداها نظر لياو بقدر تلك الصديقة التي رافقته منذ كان رضيعاً. ووقفا قرب شجرة نالت استحسان لياو حيث كانت هناك حشاش رطبة، وضغط لياو على كتفي كيونغ وأجلسه أرضاً وتربع هو إلى جواره... " أنظر فوق إلى أعلى، هل ترى تلك النجمة الكبيرة، إنها تضيء وتنطفئ في الثانية عشر مرات." أشار إليها مباشرة ورفع كيونغ رأسه إلى السماء مترقباً وعندما لم يجد ما تكلم عنه قال متحمساً: " أجل رأيتها هناك تماماً." " كاذب." نظر إليه شزراً وبسط ذراعيه إلى الخلف وأسند نفسه بكفيه وأكمل بخمول: " هذه النجمة لا يمكن لأحد رؤيتها غيري." " أنتَ شخص مجنون، لماذا إذاً سألتني عنها." " لأكشف كذبك أمام الحشائش." صر على أسنانه ومن شدة غيضه دفع لياو أرضاً وفرح الأخير لهذه الحركة التي كان على وشك فعلها لنفسه... " تصبح على خير يا فتى، لا تقلق منامي... وعن الفرق فذكرني غداً أن أخبرك" قبل ثوانٍ فقط كان يمتلك طاقات متفجرة أما الآن فسعد لوصوله إلى حيث ينتمي بين أصدقائه، ونهض وو كيونغ وابتعد مهرولاً وهو ينظر إلى ذلك المخلوق برعب وفزع... * * صباحاً، عندما أشرقت الشمس بنورٍ غير مسبوق... استعادت الأميرة نشاطها وسارعت إلى جناح أمها تلقي تحية الصباح لكنها لم تجدها هناك، سألت عنها وعلمت أخيراً أنها في المجلس مع الجنرال والمستشارين، وضيفهم ذاك الذي لم تسنح لها الفرصة برؤيته البارحة، ولم تكن تعلم أنه السبب فيما يحدث لها. كان المجلس مغلقاً ومنعها الحراس من الدخول بأوامر من الإمبراطورة، انزعجت يون يان وجلست في الجوار بانتظارهم، لكن ليس بشكل تام بل كانت في انتظار ضيفهم الذي سمعت عنه الكثير... جلست على درجات صخرية وتأملت الساحة الخالية أمامها، أصبحت وحدها واسودت الرؤيا فيما حولها وظهر التنين الأسود مرة أخرى... حدقت به بتحدي، والتف حولها بتربص فحاصرها بضخامة هيكله.. " أيتها الأميرة يون يان، الإمبراطورة المستقبلية لــ هان شي." اقشعر جسدها لهذا الصوت المجلجل وتمالكت نفسها على الأقل حتى تفهم ما يجري: " التنين مرعب القلوب، سعدت برؤيتك تخاطبني." قرب رأسه من وجهها وفاحت رائحة أنفاسه النتنة التي أشعرتها بالدوار، أخذت نفساً عميقاً ولا يمكنها انكار الخوف الذي اجتاحها وسمعت صوته المجلجل مرة أخرى: " سأخبركِ بأسرار خطيرة، بلعنة وشيكة، لكن عليكِ أن تقطعي الوعد أولاً." حدقت به بصمت والتمع بعينيها عزمٌ واصرار كبير أعجب به التنين الأقدم وأدلت بموافقتها دون هوادة.. وجرى بينهما الحوار المنتظر منذ قرون، وريثة التنين كما كان توأمها، صدمت من بعض الحقائق وسرت لأخرى، ووقفت صامتة عاجزة أمام الشرط الأقوى للخلاص لكنها بعد أن فكرت في حياتها وحدها، وفكرت في حياة أبناء هان شي وفي توأمها الذي جاء لأهداف نبيلة سامية... دمعت عيناها عندما ابتسم الشوق، والحلم الضاحك اتصل بالواقع..... ونظرت هناك حيث يقف الحارسان بجانب المدخل، ووقفت على رجليها عندما رأتهم يخرجون، لم تألف ملامح كثيرة، ولم ترَ أجساداً تخرج عداه هو، كان المميز بينهم، بنية قوية، بياض الأموات، وخصلات طويلة مرتبة بعناية، كان المثال الأقوى لفارس النبيل، لم توافيه الأقاويل حقه، جذبها كما يجذب ضوء نجمتهما كليهما في انسجام محبب... تحركت حيث وقف الجنرال برفقته، واشراقة وجهها فاجأت الجميع، وابتسامتها اخترقت دفاعات قلبه، رآها بعينيه الحانيتان، وأشك أن يفقد خطوطه الدفاعية، استطاع تمييز توأمته من بين الجميع، وأكد له الجنرال أن تلك هي الأميرة، شعر لياو أن الجنرال يعرف حقيقته واهتمامه به لم ينبع من فراغ... كان صديق والده البيولوجي، بل كان الأخ الأوفى له، تعرف لياو على تشاو في الصباح الباكر وأحبه من قلب صادق، وتوأمته التي ما غابت يوماً عن حاضره، رآها لتقر عيناه، ويطيب خاطره، لكن الوقت لم يحن.... رآها قادمة إليهما ووقفت أمامه مباشرة... " لياو تشونغ الأسطورة، آكل لحوم المعتدين، حامي الإرادة بأي لقب تريدني أن أناديك." تحدثت بلباقة وابتسمت ورد عليها بمودة مبتسماً: " لياو الناعس المتناقض، لم تذكريه وهو الذي أفضله أكثر." ضحك الجنرال وطلب منهم الذهاب تحت ظل أوراق متسلقة حيث رائحة الزهور المنعشة والحشائش المفضلة خصيصاً لـ لياو... لم يشعرا كما البارحة، بل على عكسه تماماً، الألم الذي أصاب قلبيهما انقلب شوقاً متوارياً عن أعين العالم... بقيا يحدقان ببعضهما.. لا يدري أحدهما أي الأقاويل أبلغ، أيها سيكون المحبب لبداية حديث طال انتظاره لقرابة عقدين. تأملها لياو بشوق ظاهر لم يخفَ عليها، فرفعت كفيها تغطي احمراراً طفى على وجهها، ابتسم هو بحنان ثم ومن دون إدراك حرك يده نحو رأسها يمسح على الخصلات الجون البراقة التي تجمعت وعقدت بهدوء بمشبك لزهرة مائية بيضاء. توترت معالمه وهو يرى خجلها فقفز من مكانه بخوف وهو يتمتم بكلمات لم تفهمها وإن كانت سبباً لنوبة ضحك اجتاحتها.... لانت ملامحه الشاحبة وهو يرى ابتسامتها.. ثم قال بخفوت وهو يحك شعره بسخرية: " آسف لم أقصد مفاجأتك.. إنها عادة قديمة وإن كانت أول مرة أقوم بها لأحد". حركت يون يان رأسها بهدوء ثم أشارت له أن يجلس بجانبها، فوق الحشائش التي يفضلها، وهدأ بالها بعد أن علمت أن الإمبراطورة ليست في الجوار، وأعين الجنود غائبة عن المكان، باستثناء الجنرال الذي وقف قريباً سانحاً لهما بخلوة تَعَرُّفٍ جميل... سعدت في داخلها لأن تشاو سمح لهم بذلك فهو من أحضرهم إلى هذه الزاوية من القصر بعيداً، التنين أخبرها أنه بلغ بعلمه سر أخوتهما وكان وفياً لها كما كان لأبيها وتستر عن أمرهما سعيداً. تشنجت معالمه وهو يفكر في فظاعة موقفه السابق، هو لا يدري بداية الحديث، ولا يدري كيف التصرف السليم.. يخشى أن يفقد كل قدرته ويفصح لها عن الكثير، عن كل ما يختلج صدره من ألم وفراغ، عن تلك التخيلات التي تجتاحه في أوقات سباته لتنغص عليه عيشه. تنهد ثم ابتسم، جلس على بعد خطوات منها ثم اقتلع مجموعة حشائش وبقي يحركها بين كفيه. " أهذه طريقة للتخلص من التوتر أم أنها احدى عاداتك القديمة؟" خاطبته بهدوء مع ابتسامة مغيظة نوما ما، ضحك هو ثم استلقى على العشب بعيون مغمضة تنسم رائحة الطبيعة التي احتضنته ثم افصح عما يخالجه بصوت ركيك: " أجل هي كذلك.. فهي كانت مسندتي الوحيدة، هذه الحشائش أيتها الاميرة." " إذن لا عجب من أنك مللت من عدها.. أيها المخلوق العجيب كفاك وقاحة مع الأميرة." التفت إلى الخلف بتفاجئ فوجده هناك، جالساً القرفصاء أمامه بوجه منزعج وإن كان الاحترام قد ألصق به بطريقة متفردة عجز لياو عن تخيلها. أمالت الأميرة رأسها باستغراب تستكشف القادم الجديد. أبصرت خصلاته البنية التي ما ملكها يوماً إلا القلة القلائل في القصر الامبراطوري وكم راقت لها، ثم تفحصت ملابسه الزرقاء السماوية التي ماثلت ما يرتديه توأمها هنا.. سروال أزرق معدني فضفاض يتوغل داخل حذاء أزرقغامق طويل العنق، كان لياو يتفرد عن صديقه بقميص شبكي منسوج ارتداه فوق القميص الفاتح الثخين الذي يرتديه معظم الجنود. قوس لياو شفتيه ثم مسح وجنته بغرور حين قال: " ومالك أنت وأفعالي؟" " ليس وكأني أرغب حقاً في معرفة ما يوجد في عقلك المتخلف". " هاه؟ أتجرأ على مخاطبة سيدك بهكذا كلمات؟" وقف وو كيونغ وهو يبتسم بانزعاج، كان يستعد للصراخ على الغبي أمامه لكن نظرات الاميرة المستغربة قد منعته وحرية التعبير.. تمتم بخفوت كلمات سمعها لياو بكل وضوعفابتسم الأخير يستفز شريك سكنه المزعج والذي ثار وهو ينقض عليه بسرعة. التف الشابان حول بعضهما، مفسدين الحشائش التي بدت للأميرة المتفاجئة تصرخ بألم.. وقفت بسرعة وهي تمسك بأطراف التشيباو الأحمر خاصتها بصعوبة. كانا لا يزالان يتمايلان حول بعضهما البعض، وو كيونغ الذي يمسك بخصلات لياو الطويلة والقادم الجديد الغريب من كان يخدش وجه شريكه بكل انزعاج وطفولية.. فقط لأن كسله منعه من قبض كفيه حول خصلات الآخر. استنشقت الأميرة الهواء بكثرة ثم صرخت فيهما تحثهما على التوقف. جمدا في نفس وضعيتيهما السابقة، أحسا برعب ممزوج بخجل طفى واضحاً على حركاتهم المتوترة حين ابتعدا عن بعضهما. نظر وو كيونغ إلى لياو ثم قال وهو يشتت نظراته بعيداً عن الأميرة: " سيد لياو الذي ليس له مثيل أليس علينا الذهاب الأن؟" نظر لياو إلى الأعلى ثم ضحك بسخافة.. صمت مدة وهو لا يزال يغمض عيناه ثم وفجأة. تكلم باقتناع: " أجل يا رفيقي الحبيب لنذهب الأن.." أكمل باحترام وهو ينحني للأميرة: " من بعد إذنك سيدتي الجميلة." ضربه وو كيونغ على رأسه ثم تمتم بانزعاج: " توقف عن مغازلة الأميرة أيها المنحرف". انصدم لياو فصرخ، أمسك كتفي كيونغ وحركهما فارتج، ثم وبسرعة نفى ما اتهم به زوراً: " أنا لم أكن أغازلها، من ذا الذي يجرأ على ذلك، إنه فقط وداع أصدقاء." ابتسم وو كيونغ بسخرية ثم انحنى للأميرة ورحل بينما تبع لياو الذي لا زال يحاول إقناعه. وقفت يون يان هناك، بغرابة، علاقتهما أشد غباء من قوانين عشيرتها، لكنها ظريفة نوعاً ما وكم أسعدها هذا اللقاء فبفضله اكتسبت صديقان قد لا تجد مثلهما وإن عاشت لقرون أو حتى لبضع سنوات... ضحك تشاو على التصرفات الطفولية للجنديين الجديدين وانتابه شعور بالراحة بعد لقاء التوأمين ووعد بأن يكونا في حمايته حتى إن علمت الإمبراطورة، الحقيقة مدفونة في بئر عقله وعقل الطبيبة، وتلك الأخيرة لن تتفوه بحرفٍ هذا أكيد، فهي من قبيلة يان في النهاية واللعنة ستلحق بها معهن. ولكن متى؟ هذا سؤال يعرف اجابته صاحب تلك المكونات الذي لا زال مجهولاً، ربما كانت الأميرة ولعله كان لياو... هما وريثا التنين، وهذه الورثة التي عانقاها ستبقى بينهما، أن يتدخل بشأن تلك اللعنة لهو آخر اهتماماته، سيقف مشاهداً ما سيجري كما سيشاهد بقية الناس هنا حلولها، والفرق الوحيد سيكون بأنه علم مسبقاً هو الطبيبة قرب حلولها. * * تلك البشرية التي ما كانت يوما عاشقة لنفسها بقدر حبها لأبناء مدينتها.. تحركت بخطوات وئيدة رفقة وصيفاتها تتجه إلى جناح والدتها لإلقاء تحية الصباح المعتادة، مضت ثلاثة أيام مذ التقت لياو وكيونغ أخر مرة، تريد صحبتهم لعل تشتتها يزول ويضمحل، لكن حماية ما تعلمه أهم من رغبات دنيوية لا طائل لها. وقفت أمام الباب القرمزي ذي الأعمدة المذهبة، نظرت بابتسامة إلى الحارسين الواقفين على جانبيه ثم دلفت إلى الداخل بعد أن فتح أحدهما لها الباب وصرخ الأخر باسمها معلنا حضورها. ولجت بهدوء، إلى الغرفة المذهبة التي افترشها أثار قرمزي.. لونين عشقتهما والدتها أكثر من أي شيء أخر، اتجهت إلى السرير وجلست عليه بصمت، تراقب وصيفة والدتها التي تقوم بإحكام الخصلات الطويلة لتغدوا أكثر هيبة وفخامة وضحها بكل جلاء المشبك المذهب التي تجانس والتشيباو الأصفر المزركش بالقرمزي الذي كانت ترتديه والدتها. أشارت الامبراطورة للوصيفة بالخروج، ثم اتجهت إلى حيث ابنتها المحببة.. مسحت على وجنتها ثم قبلت جبهتها وجلست بجانبها. ابتسمت يون يان بود ثم أمسكت كفي والدتها بين يديه، أدارت عينيها في المكان ولعقت شفتيها بتوتر. رفعت زي يان أحد حاجبيها باستغراب ثم سألت: " أهناك ما تريد ابنتي الحديث عنه؟" ازدردت يون يان ريقها ثم قالت بعد تنهيدة طويلة: " لقد سمعت من الكلام القليل.. عن لعنة كانت حاضرة تنغص عيش الكثيرين من أسلافنا.. أمي أهذه اللعنة حقيقة واقعة أم أنها مجرد خزعبلات من الأساطير؟" إكفهر وجه الامبراطورة، ومن دون سابق انذار وقفت بغضب وجالت في الغرفة جيئة وذهاباً صمتها قد أقلق يون.. فهل ارتكبت من الفداحة خطئاً لن يغتفر، أكان يجب أن تصمت وتقبل بالعلم الذي نالته من التنين الأسود الذي أقلق مضجعها... ووسط معمعة أفكار أتاها جواب زي يان الركيك: " تلك حقيقة.. حقيقة نخجل منها منذ سالف الزمان، تقول أسطورة حيكت من قبل الجدات أن ولادة فتى وفتاة يرتبطان بتنين من غربيب أشد سواداً من الليل هما بداية اللعنة ونهاية حياتنا السعيدة." تململت يون يان في مجلسها ثم سألت بتصلب: "هل يعني هذا أن أي توأم يرجع حملهم للعنة عشيرة سان؟" زفرت الامبراطورة بانزعاج ثم قالت وهي تهم بالخروج: " أبداً! الولد.. من يولد مع الفتاة ذاك الشخص يكون حاملاً لوشم تنين.. لكن لما السؤال الآن وهذه اللعنة ما مئالها إلا الاضمحلال؟" لم تجب يون.. بل بقيت تنظر بغباء إلى والدتها التي تنهدت بانزعاج ثم غادرت الغرفة بعظمتها المعتادة. تأملت يون أصابعها الرقيقة الطويلة بضياع ثم وقفت وسارت نحو شجرتها المعتادة طالبة للراحة.. مرت بالممر الحجري الذي رصف بانتظام وتوغل في أعماق أعماق القصر الامبراطوري.. وصل مسمعها ارتجاج السيوف وصراخ المجندين فتوقفت وقد استولى هو على كل اهتمامها رأته هناك، منتصبا يهيمن على كل الموجودين في الساحة حتى على الجنرال نفسه. سيفه المرفوع للأعلى بزهو عكس الشمس بكل هيبتها، حركاته تناسبت مع حركات وو كيونغ فتشكل نسق غريب هام فيه كل الجنود الموجودين في الصار، رن طنين خفيف في كل مرة يتلامس فيها السيفان وتبعثرت الرمال خائفة أن تدهس تحت وطأة أحذية لا تكاد تلامس الأرض... ابتعد لياو نحو حافة البحيرة وعلى وجهه ابتسامة مستفزة، راقب بكسل رفيقه الذي غسل العرق جبهته وتثائب حين سأل: " أنتوقف اليوم هنا؟ أم أنك على القتال قادر؟" أطلق وو كيونغ – تسك - منزعجة ثم قبض بقوة على مقبض سيفه وركض بسرعة نحو لياو الذي تفادى هذه الضربة من دون صعوبة تذكر. تململ لياو بكسل، فقد سئم لعب الأطفال هذا ولكن لا جدوى من اقناع وو كيونغ بالتوقف فهو قطعا ليس من المستمعين الجيدين. أغمض عينه بتعب فصار شبه نائم يجهل الحاصل أمامه... ابتسم وو كيونغ باستمتاع ثم اقترب بهدوء من رفيقه الذي نام واقفا كالحيوانات والدواب.. أمال رأسه بكل وداعة ثم أعاد السيف إلى غمده وسط ترقب الجميع، ثم حرك يده بخفة ودفع لياو ببرود ليسقط في البركة. انفلتت صرخة مفزوعة من الأخير ثم تبعها صدى ضحكات الجنود المنتشرين. أبعد لياو خصلاته المبتلة عن وجهه ثم سال بامتعاض: " أتريد الموت أم الموت؟ أم تراك تفضل عذابا يجعلك تتمنى الموت؟" " وو كيونغ أتجرأ على دفع سيدك؟" همهم الرفيق باستمتاع ثم سار نحو الحلبة يجمع بقية السلاح وتبعه الأخرون. تنهد لياو بتعب ثم زحف خارجا من البركة متجها نحو غرفته لتبديل ملابس. كبتت ضحكتها ثم حولت يون اهتمامها نحو ارتياح الجنرال الذي بدا عليه وإن كان يتعجب من قوة شقيقها وكسله اللذان يتفرد بهما وكم أحست بالفخر به فهو خليفة والدها في النهاية. أشارت لوصيفاتها بالذهاب ثم اتجهت إلى غرفة شقيقها.. أطلت من الباب شبه المفتوح فاصطدم نظرها بوشم التنين الذي على كتفه، تسارعت نبضاتها ورأت لثواني عينان تشع ضوءً أحمر.. وابتسامة شيطانية تمثلت على فم الديجوري ذو القشور الملتف حول شقيقها هنا والذي سرعان ما تلاشى، عندما أطلق لياو صرخة متألماً، وهوى على ركبتيه يضغط على كتفه حيث كان الوشم.... اتسعت عيناها صدمة وركضت إليه وأمسكته من ذراعيه ليصرخ مجدداً... سألت: " أخي ماذا جرى لك؟" لم يجبها، بل لم يستطع الرد فالحرقة أقوى من إرادته، لم يحدث له هذا يوماً! فما السبب في هيجانه الآن؟! نظرت إلى كتفه الأيسر لتجد حرقاً يلتف على وشم التنين الذي ارتقى يطوق ذراعه اليسرى كاملة لينتهي بذيل عليه وبر قرمزي مسد كفه، كان الضوء الأحمر يشع من زواياه، موترا وجالبا الرجفة لكل كائن من كان. شهقت بفزع وهمت تطلب المساعدة إلا أنه أوقفها سريعاً بكفه الأيسر بينما أبقى الآخر مكانه.. " أحضري لي القميص بسرعة." طلب بهمس وتأوه. حرقة شمس اشتعلت في كتفه، هكذا شعر وما أبشعه من شعور. التقطت القميص عن السرير وعادت إليه ومدته بيد مرتجفة، تناوله منها وارتداه سريعاً فهدأ فوراً! كان مغمضاً عينيه عندما سألته وهي تربت على كتفه الآخر: " لياو هل أنت بخير؟ ما الذي جرى ولماذا وشم التنين اشتعل بهذا الشكل." انتظر دقيقة ثم نظر إليها بخمول، لم تتفاجأ من هذه الملامح فقد اعتادت على حقيقته المتناقضة، لكنها أجفلت من الارهاق الذي تلازم معه هذه المرة، ما كان خمولاً من النوع الذي تعرفه.. انتابها شك مريب في ذلك التنين الأسود، الذي تشابه تماماً ما هو محفوراً في كتف توأمها، ظهوره المفاجئ بنظراته المخيفة فور رؤيتها لكتف لياو ما دل إلا على شيء وحيد، أن هذا التنين سبب ألم شقيقها؟! إنها من جعلته يعاني هكذا.. قبضت يدها وابتعد بخطوات مترددة إلى الخلف، إذا كانت سبب معاناته فعليها الابتعاد، لكنه صرخ بأن تتوقف، نظرت إليه بخوف من تلك النبرة التي ما ألفتها منه يوم، جمدت في مكانها برعب وابتلعت ريقها وهي قلقة من إن يكون قد استطاع اختراق ما تخفيه... وقف على رجليه ثانية وضغط على أسنانه قبل أن يكلمها بجدية غير مألوفة: " هل كلمتي التنين يون يان؟" ابتعلت ريقها وترقرقت الدموع في عينيها وأجابته ببحة: " لم أرَ أي أحد لياو.. لماذا تكلمني بهذه الطريقة؟ أنت تخيفني أخي." أغمض عينيه عند آخر كلمة وحاول عدم التأثر لكنه لم ينجح، اقترب منها بابتسامته الحنونة ورفع كفيه في الهواء، وقفت صامتة تنظر إليه ولم تستطع الصمود أكثر وركضت لتصبح بين ذراعيه. همس في أذنها: " اغفري لي قسوتي صغيرتي الجميلة." تكلمت وهي تخبئ وجهها في صدره: " لطالما أحببتك أخي ولا أريد أن أخسرك بعد الآن." ضحك وعاتبها بصوت مفعم بالنشاط كما لو كان الذي تألم قبل لحظات لم يكن هو: " لن تخسريني يون يان.... هل تريدين الابتعاد أم أنك أحببتِ البكاء على صدري." ضحكت وابتعدت عنه قليلاً، ورفع يده يجفف دموعها وقال لها بحنو: " أريد الابتسامة ليل نهار على وجهك." أومأت وهي تبتسم له واستمتعت باللحظات القليلة التي جمعتها بتوأمها مرة أخرى بدون مراقبة، كما في الليالي السابقة، كانوا يتسللون كلصوص ويجلسون أسفل شجرتها المفضلة فوق الحشائش التي أحبت لياو كما أحبها، يتسامران ويراقبان نجمتهما السرية، كانت تغمز لهما كل ليلة وشعرا بأنها ازدادت بريقاً بعد التقاءهما كما أفصح كل واحدٍ للآخر.... ضحكا وتكلما وعوضها لياو سنوات غيابه عنها، تعلقت به كطفل يخشى فقدان أمه، كانت الأيام بعد عودته إلى حيث ينتمي كالحلم لا بد لنهاية له! نهاية سترسمها بفرشاتها السوداء لأجله.. استمرت السعادة تلامس جميع سكان هان شي، حياتهم الطبيعية انجرفت وبسخرية نحو سراب يشارف الزوال، تتالت أيام وشهور، كانت للتوأمين خير علاج لداء الصدور، مسامراتهما تحت قمر كبير، فوق عشب ندي وأسفل نجمة باسمة سرحت بخيالها إلى القرية الهانئة التي يروي عنها محبوبها لأميرته الفاتنة. تلك التي ما شهدت يوما بطش نساء هجينات وحضنت أناس لم يعرفوا للخيانة طعم أو شوق. تمازجت معالمه بين غبطة وحزن وتراكبت تكشيراته في صمت حين ذكر سكان هان شي القدامى الذين شردوا من مدينتهم بعد أن اعتقدوا أن البلاء قد زال بفضل نساء قبيلتهما. سرد لها موافقة تشاو وكيونغ على فكرته وشجعته هي بكل صدق متمنية حصول الأفضل والنجاح في فضح حقيقة نكراء مغلفة. [الصين: مدينة هان شي: السنة 380 قبل الميلاد] الخلاص.. ولد قبل عشرين سنة، وانبلاجه بات في هذه السنة، علمت الكثير، وما أخبرتهم به كان القليل... صديقها منذ سنتين، ذلك التنين الأسود الذي اقتحم خلوتها، يريد استعادة المجد لأصنافهم.... كان السبب في ما جرى للإمبراطورية في هذا القرن، دماءه التي جرت في عروقهن بعد أن شربتها مؤسسة القبيلة قبل قرون يريد استعادتها على طريقته، وشريكته كانت الأميرة يون يان... استعدت الأميرة نفسياً وجسدياً لما هي مقبلة عليه، انتظرت ظهور نجمتهما في السماء، وسَتَعُدُّ بعدها في انتظار إشارة دخانية من قمة الجبل القريب البعيد! ذاك على الحدود الغربية، ما قبل المكان الذي قدمت منه قبيلتها قبل قرن وبضعة سنين. حيث يرقد تنينها الصديق الأقدم، انتظرت إشارته في غرفة الإمبراطورة، كان لياو بعيداً لا يملك لخطتها أي تكهن، جمع مجموعة من المعارضين الأشداء وبلَّغ قبيلته الحاضنة بقرب الخلاص، هان شي كانت لهم دوماً وستظل أبداً. في مكان ما هو ومجموعته يخططون لقتل الإمبراطورة لكن الأميرة سبقت مسعاهم، فنجاتهم بقتلها هي لـ زي يان! وجاءت اللحظة الحاسمة، وشعرت بانسحاب الهواء فور دخول والدتها الغرفة، ورأت ابنتها في ابتسامة أظهرتها بعذاب بالغ، وتقدمت منها في توتر غير ملحوظ للإمبراطورة المبتسمة لابنتها مما زاد عذاب صغيرتنا... " أمي أيمكنك القدوم معي لحظة.. أريد أن أريك شيئاً مهماً صنعته بنفسي قبل أسابيع." " وما هو هذا الشيء يا حبيبة أمك؟" أغمضت يون يان عينيها تحجب تلك اللآلئ عن والدتها والتفتت سريعاً وأمسكت يد أمها وخرجت بها من الغرفة، لم تتبعها وصيفاتها بأمر منها، وسارت مع ابنتها إلى قدرها المحتم... وقفت الأميرة في ساحة القصر، ونظرت إلى أمها والدموع تسبح على جفتيها حتى سالت على خديها الورديين.... " أمي انتظري هنا لأريكِ مفاجأتي." ارتجف صوتها وقطبت والدتها حاجبيها في غرابة فقبل قليل كانت ابنتها تضحك فلماذا البكاء الآن؟! نظرت يون يان إلى السماء وانتظرت اللحظات.... *~*~*~*~*~* وهناك بعيداً في إحدى زوايا المدينة، زاغ بصر لياو وارتجفت يداه على غير عادة، ونظر إلى السماء حيث يجب أن تكون نجمتهم.... خبا بريقها فجأة ولم يعد للحياة عنوان، وشعر كلاهما بأن جزءاً نزع من قلبيهما، وآلمهما كثيراً اختفاء بريق ربط روحيهما رغم البعد والفرقة.... وعندما أدرك ما كان يخشاه، وأيقن أن النهاية اقتربت، صرخ باسمها بقوة مميتة انتفض على إثرها الرجال من حوله، وحدقوا به بغرابة من تقلب وضعه.... من الهدوء إلى الغضب الراعد، علموا أن ما حدث هو أمر خطير حتى لو لم يروه بأعينهم. وترك خطته ورجاله خلفه وسابق الضوء إلى القصر على حصانة البني، دمعت عيناه فجأة، اختفت نجمتهما واختفى الرابط الأخوي، مصيبة من صنع الأميرة حدثت، هو بخير حتى الآن وهذا وحده يدله على أن روحه الأخرى قِيدَت للسماء.... كذبت عليه كما كان واثقاً دوماً، واصراره على القضاء على الإمبراطورة والعشيرة الظالمة أغفله عن صغيرته الوحيدة، كره نفسه لحظتها وآلمه قلبه بحرقة قتلت خلاياه واحدة تلو الأخرى، لا يعلم طريقاً يقود للعنة، لكنه يعلم أن اختفاء النجمة يدل على اقترابها، هذا ما كان يعرفه وربما سيعرف المزيد الآن. * * أوقف حصانه هناك، أسفل السلالم الحجرية، والرياح هبت تحمل رائحة دخان حرائق، تنين! قطعاً هو كذلك، كانت تحدثه، أخبرها مكونات اللعنة، تمزجها في هذا الوقت مقرِّبة النهاية.... ركض عليها برشاقة نمر وتخطى درجتين درجتين حتى وصل، رآها تقف في المنتصف أمام القصر، والإمبراطورة زي يان، التي ما اعتبرها في يومٍ أماً له، نظر إلى الغرب حيث نظرات الأميرة وابتلع لعابه وارتسمت معالم قلقة على وجهه والتي ما أظهرها قط أمام أحد حتى معلمه... وفي غياب آخر شمسٍ عليها، بكت السماء دماً وافترشت الأرض نيراناً منصهرة، في مشهدٍ أرعب الناس سكان هان شي لقربهم وبقية القرى في الصين في ترقب. انفجر الجبل الغربي وأصبح غباراً كأنه لم يكن منذ نشأة الأرض، وصدح رعد مزلزل أطلقه ذلك الأعظم عندما انطلق بين الدخان بجسمه الضخم وبسواد قشوره المنيعة، اقشعرت أجساد الناس وحالة هلع انتابتهم وأصبحت الحركات عشوائية، هدفهم النجاة من براثن ذلك الديجوري، وركضوا إلى بيوتهم للاحتماء ونساء يان تأهبن للطارئ.... فغرت الإمبراطورة فاهها وصرخت بما تملكه من قوة، وجسدها ما عاد قادراً على التحرك من هول المنظر، ومن سخونة الأرض التي وقفوا عليها، كان الأحمر والبرتقالي والنيران عناصر تلك اللوحة.. وخلف صرخة الإمبراطورة انطلقت صرخاته هو، بقلب محترق وبدموع سالت بحرقة على وجنتيه، صرخ باسمها... هتف بتشنج أرعبه: " أختي العزيزة يون." استدارت إليه وابتسمت بألم، وقفت تحفر في ذاكرتها ملامحه الأخيرة، ليست الضحكات ولا الابتسامات ولا حتى لحظات كسله المضحك، كان وجهاً مليئاً بالأسى، مغطى بالدموع، عينان حمراوتان من الحزن... كبر وصار رجلاً يعتمد عليه، كما كان دوماً، لكنه الآن على استعداد ليقود الإمبراطورية إلى العدل، إلى إعادة رجال يان مع حقهم وشفاءهم، لتعيد أمجاد القبائل، ويضمحل الظلم، ويغيب الغبار عن سماءهم، لأجل هدف توأمها السامي استدارت وأغمضت عينيها ومنعت شهقاتها، لن تضعف هاهنا، واستمدت قوتها من التنين الذي طار عالياً بضخامته وكبرياءه إلى أقاصي السماء، وزمجرته ما توقفت وما فتئت ترعب الجميع، هرب الحراس وبقيت النساء، صوبن رماحهن إلى الأمام، حيث الغرب ، لكن الرعب قطعاً استوطن روحهن فهذه هي النهاية وإن كن لا يعلمن كيف، كل المؤشرات تدل والطريقة أمامهن تنفَّذ. لم تستطع الإمبراطورة استيعاب ما حولها، حرارة الأرض أسفلها لم تشعر بها فبالنهاية هي بقدرات التنين الجبارة، لكن ما ألجمها وفتك كيانها أن ذلك الشاحب هو ابنها المفقود، توأم عزيزتها الذي أحضرته بأيديها إلى المملكةز ارتعبت وتعرق جسدها من الهول، المكونات هنا ومن ستمزجها هي محبوبتها الصغيرة..... نظرت إليها بصدمة، إلى الفتاة التي استمرت بحبها إلى هذه اللحظة، كانت هذه مفاجأتها، على يديها ستغيب عن هذا الجسد، إلا إن استطاعت اللحاق! صرخت بقوة لافتة الأنظار إليها، نظرات ابنها الحاقد، وعينا ابنتها التي ما تعرفت عليها هذه اللحظات، كانت تعانق الموت، مدركة لما سيحدث، إلا أنها كانت. احمرت عيناها والتهب جسدها، اندفعت في الهواء وزمجرت، ارتفعت الصخور وتحركت القراميد من أسقف القصر، وعزفت الرياح معزوفتها المجلجلة، وتحولت أمام أعينٍ متسعة عدا أربعة حافظت على هيأتها، تنين فضي غدت، ضخم لكن ليس بضخامة ذلك المدمر، وما انتظرت سوى ثوانٍ ثم انقضت على شبحها بلا رحمة.... وبلون الدم المشوق لأشباحه غدا لونه، وحرارة صهرت الشمس مغترة اكتسب كيانه، روحه احترقت لتوأمته، اشتعلت في عروقه دماء حارة واحتضنت رغبة قاتلة للانتقام.... وحلق عالياً بضخامة جسده الوحشي، وعزف معزوفته بصوته الذي ارتجفت على إثره يون، وراقبت بدموعها ما كان يحدث في السماء... تصادمت الأجساد ذات القشور، وكان الغلبة للون الدماء، زمجر وضرب بذيله جسد والدته الآخر، وردت له ضربته فكاد يسقط إثر قوتها، لكنه لن يقبل الهزيمة، ليس الآن ولا في أي وقت، وفي سماء انصهرت فيها النيران ضربها بقوة وهوت للأسفل بجسدها الضخم فكونت فجوة وسط ساحة القصر، وكانت فرصة يون أن تحولت هي الأخرى، زمجر لياو محذراً لكنها لم تستجب، وقبل أن يقترب أكثر انقضت بنارها... وافتعلت محرقة ارتفع دخانها إلى الحد الذي استقر فيه التنين الأسود، كان فوقها مباشرة وغمره ذلك الدخان فاستنشقه بتلذذ، وأطلق نيرانه في السماء، جحيم الأرض غدت تلك البقعة من الصين، هربت النساء وألقين السيوف والرماح، لكن من أين لهن الخلاص؟! زمجر الأسود وعادت يون إلى طبيعتها، ومرغماً بلا إرادة عاد وريث التنين الأبيض، ركض إليها حيث تقف تحدق بالرماد داخل الحفرة، ضمها إليه في عناق أخوي يقطع القلوب، ودفعته بقوة عنها فالنهاية حانت... نظرت للتنين الذي دار على شكل حلقة ثم وجه رأسه للأسفل واندفع ليختم اللعنة..... صرخ لياو وأغمضت يون عينيها، سيتعذب قليلاً وسيذوق الموت الأسود، لكنه سيحيى في زمن هو الأنسب له... " اعتني بنفسكَ عزيزي لياو فهذه الأرض غدت أرضك، والقومَ ستحل عليهم إمبراطوراً منذ اليوم." وأخذت آخر أنفاسها بين هذا الدخان والرماد المتطاير، وفي صوت صرخات لياو الذي شعر بتمزق جسده مع قميصه وغليان دماءه، اشتعل التنين على الجانب الأيسر له وأطلق نيراناً مخيفة وتفجرت من شرايينه الدماء تغلي... وطارت في الهواء كأن الجاذبية عكست مسارها وتجمعت في وسط المسافة التي فصلته عن شقيقته، أرغم نفسه رغم الألم على النظر إليها، وهدد ساقيه بالعذاب إن سقطتا أرضاً وصرخ باسمها عدرة مرات، مستنكراً هذه النهاية! بات التنين أقرب وفتح فوهته الضخمة وأطلق منها نيرانه لتلفح الأميرة، استقبلتها برحابة صدر، ستكون ثوانٍ ثم تختفي، ضحكت لأن حلمها سينبلج مع شمس جديدة، حكم جديد..... غابت خلف النيران والتحمت بها وبكى دماً على تلك النهاية التي ما استحقتها أميرة قلبه... وتحولت لرماد أدجن، وطار أمام عينيه ليختلط بدمائه بسيطرة ذلك التنين الضخم..... عيناه الحمراوان ابيضت، وزمجر حزناً وتساقطت اللآلئ وهو يطير محلقاً في الدخان إلى الأعلى، ونثر بريحه تلك الدماء الممتزجة برماد اتقد نتيجة غلطة الأجداد، دفع الثمن من هم برآء من الخطيئة. أصاب المزيج جموع النساء من قبيلة يان وحلقن تنانين قيدت إلى هناك حيث ما عاد للجبل مكان، وليكون انذاراً صارخ لأي متجبر تحجرت الأجسام بعد أن غادرت الروح الأجسام. كن بضعة تنانين تلك اللاتي تحجرن، والبقية أصبحن رماداً مصيرهن مصير إمبراطورتهن، وقُذفت بقاياهن فوق تلك الكتل داخل الحفرة، وطمرها التنين بصخورٍ وأتربة من فتات الجبل الجنوبي.... وسكنت المدينة وخبت زمجرات التنين، الذي وقف في الجو قريباً ينظر بعينيه البيضاء لــ لياو... " أحبتك كما لم تحب إنساناً قط، فعلت ذلك لتغير مصير البشر، روحها تتجول مرتاحة الآن تنظر إليك فكن لها خير وريث." خاطبه التنين فصرخ لياو بالألم الذي عصف بخلاياه: " لماذا فعلت هذا، أما كان هناك طريقة غير هذه للقضاء على هذا الظلم؟" لم يجبه التنين فما علم كيف يجيب وحلق بعيداً حال انقشاع الدخان، متألم هو على تلك البشرية التي ظُلمت، وحكم على نفسه بالعذاب طيلة حياته.... وظل يحلق في سماء هان شي يبذل تلك الدموع التي صنعت جوفاً أحمر في جسده الضخم..... كالكابوس بات المكان، وجسد بلا روح وقف وسط الحطام، لا أثر لحياة بشرية حوله، نظرة خاوية مررها ما بين تلك الحفرة والدخان في أقاسي السماء الظلماء، افتقدهما معاً لدرجة مزقته لأشلاء، أميرته ونجمته في السماء التحمتا، سيراقبانه من فوق وهو يعاني الوحدة والتشتت كما كان قبل اللقاء... لا يعلم ما الوقت الذي قضاه وهو واقف في الأطلال، وأشرقت الشمس التي رغبت توأمته في رؤيتها منذ أعوام، حلما معاً في العيش بدفئها وتحت صفاء سماءٍ زرقاء. ولم تخبره يوماً أنها ستكون كالملاك الحامي له ولبني البشر في إمبراطورية الصين العظيمة. نظر إلى الأعلى ثم تقدم بوهنٍ لينظر إلى الغرب حيث زرعت تلك الصخور وإلى المدينة ككل، ورأى الناس يخرجون من بيوتهم آمنين... رأى الجنرال وكيونغ وجماعته قادمين يهتفون باسمه، وانتابهم الهلع عندما رأوا كل هذه الشقوق التي ما سلم منها طرف من جسده... " أنت وريث التنين، توأم الأميرة المفقود، المخلص والإمبراطور للعصر المنتظر." تقدم كيونغ ببطؤ وهو يمد يده في الهواء باتجاهه لكنه لم يرهم أمامه، وتقدم إلى نهاية الساحة أمام المدرجات الصخرية... وصدح صوته وتردد صداه ليصل آذان السكان: " مدينة هان شي مقبرة الغزاة الآثمين، حرمت يوم نشأتها على نساء يان وعلى كل المعتدين." نظرت الأعين إليه وابتسامات زينت أفواه السكان وأكمل يخاطبهم بقوة متفجرة وخيال أميرته استوطن وسط الزرقة الصافية.. " من اليوم ستغدوا هان شي مدينة بكين، هذه التي حُرمت على فتيات عشيرتي اليوم وأحلت ولوج من كانوا يوما مالكيها الأسبقين. عمت صرخات الناس الساحة، تلك الصرخات التي شذى صداها في كل الحقب مذكرا بتضحية من فضلت الغير على النفس.. وبرماد من غربيب ودماء القرمز العذراء كانت نهاية استعباد مبطن طال استعباده للناس المستضعفين. *~ " وهل يتوقعون مني تصديق هذه الخزعبلات؟" خرج صوت ويليام أخيراً بعد صمتٍ دام ساعة وبضع دقائق، اعتاد على زيارة هكذا أماكن في رحلاته الكشفية، وكتب تقارير كثيرة عنها في جامعته في لندن، لكن أن يؤمن بهذه الأسطورة لهو أمر غير قابل للتفكير، حتى التنانين حيوانات خرافية فكيف ستكون القصة التي سمعها حقيقية؟ " مدينة بكين المحرمة... قبيلة يان الهجائن، النساء من يحكمن، ما هذه السخافة؟!" تمتم ساخراً ثم زفر بملل، ندم في هذه اللحظات على سفره غير النافع إلى بكين فقد خيبت توقعاته أسطورتهم التي يفخرون بها، لكنه في الصين الآن وكانت حقيقة عليه التماشي معها... نزع نظارته الشمسية عن عينيه ورفع بها خصلاته الشقراء لتعود إلى الخلف بانتظام، ثم نظر إلى السماء الصافية. سلطت شمس أغسطس جبروتها على قميصه القطني فالتصق بجسده الممشوق.. وكم أشعره هذا الأمر بالانزعاج فأصبح تواقاً للغطس في المياه الباردة عند العودة للفندق. سار مكملاً جولته، تأمل القصر الكبير ذا القرميد الأحمر الذي دارت في ساحته تلك المعارك على مر القرون، قبل استيلاء نساء يان على بكين وبعد حكم لياو للإمبراطورية..... حيث عاشت الأميرة ونُثر رمادها، وقف أمام تلك البقعة التي حملت نهاية الأميرة وهناك حيث وقف لياو يخاطب الجموع، أعجب بشخصيته لكنه قطعاً لن يصدق أنها حقيقة، أسطورة ليست أقل ولا أكثر... استدار لينظر إلى الغرب، حيث كان في ذلك العصر جبل ما عاد موجوداً، قريباً كان من موقعهم وأمكنه رؤية رؤوس التنانين الحجرية بشكل جيد... مرر كفه على رقبته بمنديل صغير ومسع قطرات العرق التي أزعجت خلاياه، ثم رفع الكاميرا الفوتوغرافية والتقط بها عدة صورٍ لتلك الرؤوس مستعيناً بعدسته الدقيقة، والتقط صوراً أخرى للقصر قبل أن يدخله ليختم جولته البلهاء هذه ويريح رجليه التي آلمته من كثرة السير. عند المدخل وقف مبهوراً يحدق بتمثال تنين ضخم مخيف، اقشعر بدنه وعجز عن الكلام وقتها، لم يكن كما رآه في الصور على شبكة الإنترنت. كان أعظم بكثير، على نحو لم يتقبله عقله أبدا.. التقط له صوراً من كل الزوايا، أعجب بشكله، وأراد بشدة التعرف على اسم ناحته! نظر إلى الوجوه حوله وكان الجميع مشغولاً بأمور عدة، وتأكد أن ما من أحد سيلحظ دخوله وتخطيه الحاجز الرمزي الذي يبعد التنين عن الأيادي... اقترب منه ورفع يده ليلمس القشور الحجرية، ونظر إلى وجهه الضخم بكل ما عليه من تفاصيل. " فنٌ مذهل." هتف مأخوذاً ودار حوله ليبحث عن اسم الناحت لكنه لم يجده، التوى فمه بعبوس واتكأ على التنين مكتفاً ذراعيه مطلقاً زفرات حادة..... ومن مكانه رأى عجوزاً صينياً طاعن في السن لحيته الشيباء تصل إلى طول ليس بهين تتحرك بشكل مضحك مجارية هرولة رجليه الهزيلتين، ويده اليمنى يحمل بها عكازه يلوح بها لأحدهم. حدق الشاب فيه ببلاهة وأطل برأسه من جانب ذيل التنين إلى الخلف ليبحث عن الملاحَق لكنه لم يرَ أحداً، وكان أن شاهد أزواج عيونٍ كثيرة تحدق به من كل الجوانب التي مرر بصره فيها... " ماذا يجري هنا؟ وما بال هذا الخرف يركض بهذا الشكل؟" بقي على وضعيته، ينتظر وصول من كناه بالخرف إليه. توقف العجوز على بعد خطوات منه وقد احنى التعب جسده المقوس أكثر مما فعل الكبر به. همهم ويليام باستفهام وقد كتف ذراعيه، ثم وبلغة صينية ركيكة سأل: "أهناك خطب.. جدي؟" فجأة. وقف العجوز وضربه على رأسه بالعصى وسط اندهاش الزائرين الذي تحول إلى قهقهات أقلقت راحة أزرق العينين. مسح الطالب الجامعي موضع الألم بخفة ثم تمتم يستفسر عن أحوال خلاياه الثمينة. تنهد ثم سأل العجوز مرة أخرى بنوع من الانزعاج: " ما بالك أيها الخرف؟ أتتهجم على شاب بريء مثلي؟" " كيف تجرأ على تخطي الحاجز؟ هذا تمثال قيم من ثراثنا." صفق ويليام بيديه ثم استفسر بفرح متجاهلا غضب العجوز: "أنت عامل هنا إذن.. أيها الجد أخبرني من نحت هذا التنين؟" "ولما تريد أن تعرف هذا؟" سأله العجوز بنوع من التفاخر الممزوج بالشك، فابتسم الأخير بشموخ ثم ابتعد عن التمثال. قرب وجهه من وجه العجوز ثم همس ببراءة: " تقرير.. المدينة والأسطورة بحد ذاتها لا تحتاج الكثير من الاهتمام، لكن هذا التمثال شيء متفرد". ضحك الحجوز ثم مسح لحيته البيضاء الطويلة، جذب الفتى ثم رحلا إلى غرفة جانبية أين بدأ بسرد حكاية التمثال وصانعيه... [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url(https://b.top4top.net/p_5503kgqo3.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] [mark=#ffffff] رماد وهاج نثر ليعلن نهاية الوعيد وما القسم بكفيل ارتاحي يا أرواح وليتعذب الجائرين فاليوم بكين ما عادت حلالا على هجينات التنين !! [/mark][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('åäÇ ÑÇÈØ ÇáÝæÊÑ');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________ "وَالعقلُ استَلهَمَ مِنّا عِصْيانَ الأفُقِ فَزال مُخلفّاً بُرودَة بلوتُو" سبحان الله-الحمدلله-لا اله الا الله-الله اكبر |
#3
| ||
| ||
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:800px;background-image:url('https://b.top4top.net/p_5503kgqo3.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][/ALIGN][ALIGN=center] مرحبا يا قوم كيفكم شو الأخبار إن شاء الله تمام مع الحر والجو الحلو هذا بدون مدارس هذه القصة اللي فوق قصتها قصة خليني أكلمكم عن تجربتي معها كانت هذه اول مرة اعمل فيها مع شريك أو أكتب يعني في البداية هي اللي أعطت الفكرة للقصة وهربت xd'd وقلنا أوكي تراها انسان كسول لازم نراعي مشاعرها بس بعديها تأزمت الأمور وقلت بدي أعمل فيها مقلب سكرت صفحتي وقلتلها بنسحب وهي بكل كسلها صدقت وراحت خبرت سنو بس سنو كانت لها بالمرصاد وركض رحت لسنو وقلتلها اني عاملة فيها مقلب بس لأني عارفة انو هالكوالا ما رح تصحى إلا هيك وكملت سنو معي وخبت الخدعة ومباشرة بعد رسالة الانسحاب ذيك أجت قالت لي اوكي إذا بدك ننسحب مو مشكلة وقلتلها مو هيك وشرحتلها الوضع وتعطلي عن الكتابة وأعطيتها أسباب كبيرة كان معظمها بشرح مبالغ فيه مثلاً يا فيو الكهرباء ما بتقطع في منطقتنا بس خطر القطع موجود > هسة بتقتلني بشبشب تحركت من كسلها واشتغلت سريع وأخذت الأمر جدي كررت لها الطلبات لأنها إنسانة ضارب عقلها زهايمر بس تراني خليتها في متاهات فمن حقها تنسى كان العمل معها شي من الآخر بس بقول هي رح تقول توبة ما عاد بدي شارك معها بعد اليوم سوري إذا كنت ثقيلة بس عن جد العمل مع إنسان كسول وكسر روتينه شي جميل بتمنى تكون القصة عجبتكم تشاركنا في كتابتها والمقاطع اللي تستعصي علي أرميها لها وكان كمان العكس خ كان أسبوع عمل جاد بالنسبة إلها وبعتقد رح تنام بعدها شهر ادعولها بنوم جميل وكسل حلو مثلي في أمان الله لكم ~كروس~ أول مرة أسمع انو كان مقلب ي جماعة تراني عن جد كنت رح أشاجرها وبعدها استغفرت وقلت انو أنا كمان غلطانة لأني ما عملت شي بس أستغفر الله منها ما تأخدكم بها الرأفة ذا معنى ذئب في لباس حمل هي وسنو شياطين من الأرض السابعة للجحيم ضيعو قدسية كسلي وخلوني أشتغل هه المهم بدنا ردود طويلة عريضة ومدح مدح مدح تراني تعبت كتير مع كروس خصوصا انو شرحها يكون بالصينية لأنو خيوط عقلها اتشابكت مع بعضها المهم مجمل الكلام ان شاء الله تعجبكم فكري اللي خليه كروس تكتبها x'dd وكونوا بخير ~فيو~
__________________ وَ تزهو بنا الحَيآه ، حينما نشرقُ دائماً بـإبتسآمة شُكر لله .. أحبُك يالله |
#4
| ||
| ||
[cc=فك]حجز[/cc] بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته كيفكم ي فتيات ؟ أخباركم و أحوالكم ؟ عساكم بخير و ما تشتكون من هم أو شر آسفة ع التأخر بس الظروف منعتني أفك حجزي إضافة إلى مسابقة حشرت نفسي فيه و أخيرا شوي من الكسل رمادٌ غربيب!! من سعير غلة ، العنوان ، غريب الصراحة بس غرابته فاتنة ! مين اختارته منكم ؟ على كل وفقتم في اختياره ، لأنه من النوع يلي يجذبك غصب حتى تدخل للموضوع واو بجدية فكرة عشيرة يان ، النساء المتحكمات ذوات دماء التنين ، يذكرني هذا بأنمي ماجي تلك العشيرة التي أتت منها بيستي ، أتسائل ان كنتما اقتبستما الفكرة منها إذن ولد بوشم تنين هو الذي سيعيد عشيرة يان إلى صوابها و سيقومها و يدحر شرها و ظلمها لياو توأم يون ، يون تملك تفكيرا مغايرا لعشيرتها ، ربما ستساعد شقيقها فيما بعد أووه الأحداث تصبح حماسية لياو يذهب إلى هان شي بدعوة من والدته ، ي أخي بدأ يعجبني ذا الولد ، أحب الكسولين مثله و لا إصراره على كلمة سيد تحفة و أخيرا التقى الأخوان ، كان لقائهم جميل ، صورتوه بشكل رائع الأحداث جميلة صراحة ، بعد التقاء الأخوان صار علاقتهم وطيدة و بالنهاية اللعنة يلي حلت لياو و حله و يون و حلها بس بالنهاية تنفذت خطة يون يلي ضحت بنفسها و عذاب لياو المسكين بجدية نهاية ذي القصة أثرت فيني بشكل كبير ما توقعت بتاتا أنكم رح تستغلوا بطاقتكم بذي الطريقة هان شي صارت بكين و تحريمها كان ع فتيات قبيلة يان و بالنهاية طلعت كل الأحداث أسطورة عم يقرأها ويليام يلي حبيته فكرت بجميع احتمالات التحريم بس ذي أروعها ع الإطلاق ، لو ما كانت أعرف التاريخ كنت أصدق الأسطورة ايش كمان الأسلوب جميل لكليكما ، طريقة السرد رائع و استطعت معرفة المقاطع يلي فيها لمسة كروس و المقاطع يلي فيها لمسة فيو الوصف جميل و دقيق بس في بعض المقاطع خصوصا الملابس كان الوصف مسهب بشكل كبير خلاه ممل ، كان الأفضل لو وصفتم بشكل خفيف الحوار رائع الصراحة و كأنكم عشتم في عصر الملوك التصميم و التنسيق لا يشق لهما غبار سعيدة أني قرأت قصتكم جانا |
#5
| ||
| ||
مراحب يافتاتان كيفكم؟؟ \ان شاء الله تمام التمام وانتم بالصين شو تحولت عيونكم ولا لسا أمزح امزح المهم هذي أكيد مشاركتمكم في لامسابقة سنووالرهيبة كالعادة والله اعجبتني الفكرة وراقتلي خاصة فكرة المدن وتجسيد الشخصيات المناسبة كان رح يكون سهل بالنسبة الي لكن ضروفي لم تكن ملائمة لتنزيل رواية قصيرة فقط الردود المهم: العنوان: ماشاء الله حلو خاصة انو يحتمل جزئين وهو جسد الرواية اللي انتم عاملينها في الصين اما التصميم فهو رهيييييب أكيد فيولت الرهيبة عملتو لمستها هي على ما اضن السرد: كان سهل على القارئ مو مثل كتير كتاب هوون بالمنتدى يكتبو بطريقة كتير معقدة خاصة انهم يستعملو العبارات المجازية كتير فانا ما احب هاذاك النواع من الكتابة البسيط والهادئ هو اللي بحبه في البداية كان ممل شوي لانكم عم تحكو حكاية القبيلة من الاول لكن بعدين اجت الحلاوة لما صار في شوية حوارات أحببت الاميرة والبطل التنين أسميته أما الشخصيات الاخرو فمن دون صاحب والدهما لم يرقلي احد المهم هنيأ لكما أنكم أنهيتم الرواية بنجاح واسفة ع لاالرد القصير في أمان الله
__________________ I Can Be What I Want المستحيل:~هو ليس ما ع جزت عنه~*إنما ما لم يكتبه الله لك "براءة مفقودة|أطفال العرب" |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حروف من ذهب ~~~ ▲ رمادٌ جافّ !! | LAVANIT | نثر و خواطر .. عذب الكلام ... | 6 | 07-03-2017 02:10 PM |
بسكويت صغير - طريقه عمل بسكويت صغير 2013 | هبه العمر | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 2 | 09-19-2012 10:18 PM |
صور مطابخ عربية - مطابخ عربية شييك 2013 | هبه العمر | إقتصاد منزلي | 0 | 06-08-2012 06:31 PM |
بسكويت صغير اكله بسكويت صغير حلى بسكويت صغير 2013 | هبه العمر | أطباق شهية | 0 | 04-03-2012 06:20 PM |