**********************************
(وفي اليوم التالي الساعة السابعة والنصف صباحاً)
- صباح الخير.... مبكر على غير عادتك.
مع أنه قالها بلا مبالاة إلا أنها أجابته بابتسامة،
هذه حالته التي وصل إليها منذ ذلك الوقت،
لا يمكنها لومه الآن فما حدث معه صعب خاصة أنه.......
لكن أوليفيا لم تفقد الأمل فهي متأكدة أنه سيتخطى هذه المرحلة،
سيعود كما كان بالسابق،
كما كان قبل السنوات الأخيرة المنصرمة....
- هيا تعال لتناول الفطور.
سحب كرسياً له أمام والدته وجلس عليه
تناول قهوته وبدأ يرتشف منها بهدوء..
ارتشف القليل وأعاد وضعه على الطاولة..
- ألم أخبرك.... أجل لقد جاءت البارحة فتاة واستلمته.
- حقاً! غريب هل وافقتِ بسرعة؟
- ولم لا إنها مؤهلة لهذا العمل ليس كأحدهم..... إنها في الرابعة والعشرين فوق ذلك.
- سأعتبر أنني لم أسمع شيئاً.
- وحتى لو اعتبرت أنك سمعت فماذا سيغير هذا من تصرفك.
- انتظر لحظة أريدك أن توصلني.
- أنا في الخارج لا تتأخري.
خرج من غرفة الطعام وذهبت أوليفيا إلى غرفتها لإحضار حقيبتها وخرجت بعدها لتركب سيارة جيو.......
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
عند باب الجامعة توقفت سيارة جيو ونزلت منها أوليفيا وقالت:
- تعال أريد أن أعرفك عليها.
- وما الذي يهمك في هذه الحياة.
- اذهب وإلا قتلتك.... لا أعلم من أين أتيت ببرودك والدك لم يكن هكذا.
ذهب جيو بسيارته دون أن يعقب على كلامها.
أما أوليفيا فقد توجهت إلى مكتبها في الجامعة وهي تتنهد.....
**********************************
كانت كروس تتناول إفطارها في المنزل...
بعد انتهائها قامت بغسل الأطباق وتوجهت بعدها إلى غرفتها.....
دخلت إلى الغرفة ودخلت إلى الحمام لتستحم
وبعد انتهائها ارتدت بنطالاً أسود مع بلوزة بلون الكراميل ذات أكمام تغطي ذراعيها بالكامل
وحذاء متوسط الطول بلون أسود وقلادتها التي لا تفارق عنقها
وجمعت شعرها على شكل ذيل حصان،
أخذت حقيبتها وهاتفها وخرجت من المنزل ذاهبة للجامعة لأول يومٍ لها بالعمل،
على الأقل سيكون أفضل من بقاءها في منزلها وحدها..
***************************
- جويس، ألم تأتي كروستافيا.
- ليس بعد، ولكنها ستأتي قريباً..
- سيكون أحد طلابها ناير... المسكينة.
- لا تقلق عليها إنها قوية هذا ما لاحظته عليها..... وها هي قد أتت.
قالتها كروس وهي تدخل غرفة المعلمين وتتوجه نحو طاولتها الخاصة.
- ما هو شعورك لليوم الأول.
- أجل، في مدرسة ثانوية وأنا في ألمانيا.
- أنتِ ألمانية أليس كذلك؟
همهم جويس ثم قال بعد أن ألقى نظرة على ساعة معصمه:
- أراكِ قريباً لدي محاضرة الآن.
وعندما أصبحت الساعة تشير للحادية عشر توجهت كروس إلى قاعة المحاضرات التي يفترض أن تلقي محاضرتها الأولى بها....
وقفت عند باب القاعة قليلاً وبعدها فتحت الباب ودخلت قائلة
رد الجميع عليها إلا شخص واحد كان يعبث بهاتفه فقالت كروس في نفسها:
(لا بد أن أرى أشخاصا مزعجين مثل هذا الفتى، حسناً هناك معاملة خاصة له).
- إذاً أنا سأكون معلمتكم من الآن وصاعداً... واسمي هو كروستافيا.
وبمجرد أن أنهت كلماتها...قال ذلك الشخص بسخرية وهو لا يزال يعبث بهاتفه:
- أنتِ! هل أنتِ متأكدة من ذلك، لقد ظننتك فتاةً قادمة من المرحلة الثانوية تبحث عن صديقها في الجامعة.
- ما رأيك أن تخبرني ما هو اسمك؟
- وهل أنا مضطر لأن أخبرك باسمي؟
فردت عليه بنفس نبرة صوته:
- أتعلم، لا لست مضطراً فأمثالك ليس من الضروري معرفتهم.
- ومن قال هذا؟ هيا لا أريد تضييع الوقت فلنبدأ.
انصت الجميع وأصبح الجو ساكناً،
هنا بدأت كروس الشرح والجميع مستمع بإنصات وتركيز
فهذه المادة بالذات تتطلب منهم التركيز والتدقيق في كل شيء...
مضى وقتٌ من الحصة وكروس تشرح .....
- والفعالية هي كما لاحظنا غاية الإدارة العليا ولا بد أن تحتكم العملية الإدارية..
(احتدت عينيها وزفرت بغضب وقطعت جملتها قائلة وقد طفح الكيل):
هيه أنت ما رأيك أن تخرج حالاً..
وجه الجميع أنظاره للخلف حيث المقعد الأخير في القاعة
والذي كان يجلس به ذلك الفتى صاحب الشعر البني المحروق المزعج منظره،
ليس شعره فقط بل كل هيأته التي يشبه بها السحرة
مع تلك الأقراط التي يضعها على أذنه والقلائد التي يلبسها غريبة الشكل
وغيرها من الأشياء....
هذا هو نفس الشخص المزعج من البداية....
لم ينتبه للشرح منذ بدأت المحاضرة وحتى الآن..
كان يلعب بهاتفه تارة ويكلم من حوله تارة أخرى......
نزع السماعات عن أذنيه ووضعها بجيبه مع هاتفه ثم قال وهو ينظر للجميع:
- يا أهلاً، كيف يمكنني أن أساعدكم، (وأكمل بابتسامة):
هل تريدون أن تستمتعوا بوقتكم مثلي،
(وبسخرية أكمل): لا بأس بذلك، الخطوة سهلة جداً،
ما عليكم إلا أن تفعلوا ما يحلوا لكم وأنظروا ماذا سيحدث بعدها،
نصيحة مني جربوا....
انتقلت أنظاره إليها ليجدها تربع ذراعيها أمام صدرها
وتميل رأسها قليلاً وهي تبتسم له....
كانت هذه الابتسامة من نوعٍ آخر، فهمَ ما تريده منه فسأل بحزنٍ مصطنع:
- ما رأيك، هل هناك مزعجٌ ومغرور آخر غيرك هنا..... ( وأكملت بسخرية):
ولا أعلم على ماذا، هل حقاً تظن نفسك شيئاً ذا قيمة؟!
- عفواً.... تتساءلين على ماذا أنا مغرور! يبدو أنك لا ترين جيداً.
جميع الطلاب كانوا مستمعين لهذه المناوشة أمامهم....
تارة ينظرون لكروس وتارة لذلك المزعج.
- أتعلم ماذا أرى أمامي.. (وأكملت بسخرية): أرى أمامي حشرة مزعجة...
(وتحولت نبرتها بسرعة للجدية): والآن أخرج لا أريد تضييع الوقت بسبب شخص مثلك.
- كنت أريد الخروج على أي حال لأنني مللت ...
(وأكمل بسخرية أكبر وهو يبتسم): وآسفٌ على تضييع وقتكِ الثمين...
(وأكمل وهو يحرك حاجبيه للأعلى): ولكن لا تصدقي.
ترجل عن كرسيه وحمل كتابه وأعاد إخراج هاتفه وسماعاته ووضعها بأذنه
وتحرك بغرور ليسير من جوارها... ابتسم وقال:
أدار وجهه وتحرك ليصل للباب، فتحه وخرج وقبل أن يغلق الباب سمعها تقول:
- غدا سيكون هناك اختبار لما شرحته اليوم
ومن يرسب سيعيد المادة مرة أخرى.
أغلق الباب خلفه وذهب....
كان بالفعل قد سمع كل شيءٍ في المحاضرة،
صحيح أنه كان يضع سماعته في أذنه لكنه لم يكن يستمع لشيء خلالها..
فقط يريد إحداث الإزعاج والفوضى كما هي عادته..
********************************
- أريدك أن تأتي لأخذي من الجامعة ولا تتأخر جيو..
بمجرد أن أغلقت الهاتف حتى فتح الباب وظهر منه جيو..
- كنت أتوقع أنك ستطلبين مني هذا الطلب.
- جيد أنك تفكر فقد ظننت أن عقلك قد جمد من برودك ولن يعمل جيداً.
لم يعلق على كلامها السابق وقال:
- ليس بعد..... اجلس وانتظر حتى أنهي ما بين يدي.
تنهد بهدوء وجلس على الأريكة بالقرب من النافذة وأخرج هاتفه وبدأ يعبث به،
لم يأتِ حقاً للسبب الذي زعمه بل بسبب أشياء أخرى هو وحده يعلم ما هي.
كانت أوليفيا توقع على بعض الأوراق حتى سمعت طرقاً على الباب
فسمحت للطارق بالدخول.....
دخلت من كانت تطرق الباب وأغلقته خلفها فقالت أوليفيا:
- مرحبا كروس، كيف كان يومك؟
- في الواقع لا، أريد أن أطلع على أوراق الطلاب.
- حسناً اجلسي حتى أحضرها، أو... جيو هلا أحضرت لي ملف طلاب السنة الأخيرة من الخزانة الأولى.
انتبهت كروس لوجود ذلك الـ جيو عندما دخلت ولكنها لم تهتم....
ترجل جيو من مكانه وأحضر الملف لوالدته ووضعه أمامها
وقبل أن يتحرك قالت أوليفيا وهي تشير إليه:
- كروس هذا ابني جيوفينتوس....... جيو هذه كروستافيا المعلمة الجديدة هنا
يال هذا التعارف بينهما!!
عاد جيو إلى مكانه أما كروس فقد جلست
وبدأت تنظر إلى الملفات بين يديها حتى وجدت المطلوب....
رأت صورة ذلك المزعج ففتحت ملفه وبدأت تقرأ بياناته فقالت بصوت خافت:
- هذا المزعج اسمه ناير إذاً..
كانت تحرك رأسها وهي تقرأ بياناته كلها فتنهدت بعدها بهدوء وقالت:
- حسناً، جيد، لا بد أن أقابل أمثاله....
قالتها أوليفيا وهي تنظر لــ كروس فأجابت عليها:
- يبدو أنك تعرفت على المزعج ناير.
- أجل وقد طردته من المحاضرة.
- طردته من المحاضرة؟! لم يجرأ أحد على فعل ذلك.
أكملت كروس النظر إلى الملفات الأخرى بغير اهتمام،
فقط تقلبها لتعلم الأسماء فقط فهي لديها قدرة قوية على الحفظ،
ترى صور وأسماء الطلاب جميعاً لكنها لا تقرأ عنهم شيئاً
فما همها قراءة بياناته هو ذلك الــ ناير فقط،
عليها أن تعلم كل شيء عنه لتعلم كيف يجب أن تعامله... قالت:
- لقد كان يلعب بهاتفه، وقد طلبت منه الخروج من القاعة وفعل،
غداً سيكون لديهم اختبار لما شرحته اليوم ومن يرسب سيعيد المادة.
- أحسنتِ .. أثبتِ سيطرتكِ وكفاءتك من أول يوم...
- هذه هي الإدارة الناجحة...
- هذا صحيح.. كم أتمنى أن يفهم الجميع كلامك.
نظر جيو لأمه بأطراف عينيه عندما تكلمت وهو يعلم أنها تتكلم عنه...
ترجل من مكانه وقال ببرود يجمد الجليد:
- أنا ذاهب متى ما أردت العودة يمكنك أن تتصلي بالسائق.
خرج وأغلق الباب خلفه بهدوء....
وفي داخل المكتب قالت أوليفيا:
أعادت كروس الملف وبعدها تحركت لتصل للباب وقالت:
- سيدة أوليفيا أنا ذاهبة الآن هل تريدين شيئاً؟
- لا داعي للرسميات عندما نكون وحدنا وشكراً لك عزيزتي فقط اعتني بنفسك
فذاك الــ ناير ليس سهلاً خاصة أن كبرياءه جرح لذا سيحاول أذيتكِ.
- لا تقلقي علي.... أراك غداً.
خرجت كروس من المكتب وتوجهت إلى الخارج.....
كانت تسير حتى مرت من ساحة الجامعة....
رأت ناير هناك مع بعض الطلاب الذين هم من أمثاله....
لاحظت نظراته إليها المليئة بالتحدي فبادلته النظر بنظرة اللامبالاة وأكملت سيرها....
قالت في نفسها: (ذلك الأحمق يتحداني إذاً، سأريه من أنا،
لم يسبق لي أن انهزمت أمام أحد فكيف لذلك الهر أن يهزمني، يبدو أن الأيام القادمة ستكون مثيرة جداً).
*****************************
(في ذات اليوم الساعة الحادية عشر مساءً)
- إذا رأيته أخبريه أن يأتي لغرفتي.
ذهبت الخادمة في طريقها وأوليفيا ذهبت لغرفتها....
أصبحت الساعة تشير للواحدة بعد منتصف الليل....
قلقت أوليفيا على جيو فهي تعلم أن ابنها عندما يكون هكذا
فهو يكون في أوج غضبه
ويقدم على فعل شيء مجنون حتى لو أظهر عكس ذلك...
اتصلت به مراراً لكن هاتفه مقفل، جلست في الصالة تنتظر قدومه...
تنتظر وتنتظر لتمضي ساعة أخرى وحينها..
دخل من الباب بهدوء واتجه بسرعة إلى غرفته بالطابق الثاني
بعدما رأى والدته في الصالة.... صعد السلالم فلحقت به وقالت:
- جيو انتظر أريد أن أحدثك.
أكمل سيره إلى غرفته فتح الباب ودخل وأغلقه خلفه...
جلس على سريره فدخلت والدته وقالت:
- أرجوكِ أخرجي من الغرفة... أريد النوم.
- أنا شابٌ في السادسة والعشرين ولا أظن أنني مجبر على إخبار أحد عن مكاني.
أجاب عليها بصوت بارد بعد أن وقف أمامها:
- وأنا قلت لكِ بأنني لست مجبراً على القول.
- لماذا خرجت من مكتبي بهذه الطريقة.
- كي لا أستمع لكلام يزعجني.
- وهل أزعجتُك بحديثي؟ هل لأنها أفضل منك غضبت وذهبت...
- لقد مللت من كلامك، لا شأن لأحدٍ بي هل تفهمين..
- اسمع جيو.. أنا حتى الآن لا أتدخل بتصرفاتك وأنت بالمقابل تعاملني وكأنني لست والدتك...... هل أخطأت بشيء معك.
- لا لم تخطئي بشيء فقط دائماً أستمع لإهاناتك لي وأبقى صامتاً...
يكفي ما حدث سابقاً بسببك، ألا يكفي أنكِ........
ولم يكمل كلامه إلا وقد أطبقت يد أوليفيا بقوة على وجهه....
نظر لوالدته التي كانت تنظر إليه بغضب....
حرك رأسه كأنه يقول حسناً...
- بالتأكيد، كلانا لا نطيق بعضنا منذ زمنٍ طويل...
وخرج من القصر دون أي كلمة إضافية....
توجه حيث سيارته السوداء وهو يكاد ينفجر من غضبه...
جلس بداخلها وشرع بالقيادة بجنون وابتعد عن القصر كثيراً وكان يردد بذهنه:
(سأصفي حسابي معكم وخاصة أمي العزيزة... الأيام ستشهد على ذلك فقط انتظروا....)
- أقسم بأنني سوف أنتقم....
الأسئلة
1. ما رأيكم بالفصل؟
2. أي آراء أو انتقادات؟
3. ما هي الصورة التي تكونت لكم عن الرواية؟
4. توقعاتكم للفصول القادمة؟